قال الله تعالى في سورة التوبة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) وإن كان كما هو معلوم أن الكذب مباح في حالات منها:
الكذب للإصلاح بين المتخاصمين، ولإدخال السعادة على الزوجة، فكثير هُم من يتغنَّى أمام زوجته وعبر الانترنت وداخل أسلاك التليفون يقوله لزوجته: حبيبتي،روح قلبي، ….
ثم عندما يدخل في الفعل الحياتي احتكاكا يوميا بزوجته، يظهر الوجه الحقيقي لها – وأقصد غير الملتزمين فيرفع صوته عليها ويعاملها معاملة ال، فأمره نافذ، وطلبه مجاب، ونظرته ثاقبة، ونبرة صوته مرعبة، وصدره ضيق، ورؤيته لنفسه فقط، وآخر ما يفكر فيه هو حبيبته التي ادَّعى حبَّها وتشدّق لسانه بعشقها، وكتب أشعارا لها …!!!!
إسلامنا علّمنا أخانا الحبيب الغالي أن كل كلمة نقولها، وكل وعد نقطعه على أنفسنا، هو إما أن يكون حجة لنا أو علينا…
تذكر أيام الخطوبة كم وعد وعدته لزوجتك، أنسيت أحلى أيام عمرك، يوم عقدت عقدا موثقا مع زوجتك (كتب الكتاب) كم مرة قلت لها أحبكِ؟… الحياة مظلمة من دونك … حياتي ليس لها طعم من غيرك …. و …. وسلسلة من الكلمات المعسولة والألفاظ التي تسيل لها الدموع فرحا، وتذوب لها الجوارح ولعا … لا تنس تلك الكلمات … ولا هذه المشاعر … لا تنس خفقات القلب … ولا تنهدات المشتاق.
ألم تكن زوجتك فترة الخطوبة أجمل امرأة في عينيك؟. ألم تكن تنسى نفسك معها؟… ألم تكن تطيل الجلوس بين يديها … تهفو دائما لرؤيتها …. تطيل الاتصال عليها …. تنتهز فرصة الوصل لها … واختلاس الزيارات لبيت أهلها … بل أجمل من بيتك بيتها….
ما الذي حدث لك وقد ظفرت بقربها… وسعدت بصحبتها .. وامتلأت عينك برؤيتها … أزهدت فيها .. أكانت مشاعرك سحابة سوداء؟ .. أم كانت كلماتك جبالا من الثلج فلما طلع عليها الشمس سالت! … اصدق مع نفسك ومعها … أنت فعلا تحبها تتمنى رؤيتها … تشتاق لمجالستها …
ما بك لو سافرت وابتعدت عنها .. لم تشعر براحة .. ولم تهنأ بنوم .. ولم تشبع من طعام .. ولم تتلذّ بحياة …
أعلم صدق حديثك أنك تحبها وتمنى قربها وتأنس بصحبتها… لكن العجب العجاب أنك تسيء معاملتها، فتؤذي مشاعرها وتحمّلها ما لا تطيق .. ولا تتقي الله فيها .. ثم بك تضربها ضربا مبرِّحا … يا أخي اتق الله فيها فهي مثل ابنتك أو أختك أو أمك أوحاضنة أولادك.. استودعتها سرك.. وأمنتها على عرضك.. أفق من غفلتك.. وانتبه من سكرتك … وعد إلى رشدك…
ودعني أذكّر نفسي وإيَّاك فافتح لي قلبك وأعرْني عقلك وامنحْني وقتك وأنا مدين لك لأدبك:
o الحبُّ قرب .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت قريبا منها تفهمها وتسمع لها.
o الحبُّ عطاء .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت معطاء لها علما وحنانا وإحسانا.
o الحبُّ إيثار .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تؤثرها على نفسك في كل شيء.
o الحبُّ دفء مشاعر .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت صادقا مفعما بالدفء العاطفي.
o الحبُّ تضحية .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تضحي براحتك لتستريح هي.
o الحبُّ عِشرة طيبة .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت طيب المعشر لين الجانب.
o الحبُّ وفاء .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت وفيًّا لها راضيا بها قانعا بعطائها.
o الحبُّ أمل .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تأمل فيها ومعها غدا مشرقا بسَّاماً.
o الحبُّ طاعة .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تعينها على الطاعة وتعبَّد لله بها.
o الحبُّ حياة .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تحيا بها ومعها حياة هنيئة سعيدة.
o الحبُّ شركة .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تشاركها أحزانها وأفراحها وقراراتك.
o الحبُّ إخلاص .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت مخلصا لها لا تبحث عن غيرها.
o الحبُّ دعوة .. فلا تقل لزوجتك أحبُّكِ إلا إذا كنت تخدم بها دعوتك وتعينها على دعوتها.
أخي الحبيب الزوج الحاني .. اعلم أن أسعد البيوت هي بيوت الصالحين.. كما أنها لا تخلو ساعاتها من طاعة بعد طاعة.. فهي أيضا لا تخلو ساعة من ساعاتها من كلمات الحب الصادق العفيف الحلال بين الزوج والزوجة.. وأحيلك إلى بيوتات النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتنظر كيف كان حبُّه لعائشة، وإخلاصه لخديجة، وفاؤه لسودة، وإنصافه لصفية، وقربه من حفصة، وخوفه على جويرية ودفء مشاعره مع الجميع وإيثاره لهن على نفسه.
اقرأ عن كلماته العذبة لزوجاته. ومشاعره الفياضة نحوهن ولم يقل لواحدة يوما أحبكِ .. لكن ما في التلميح يغني عن التصريح .. وما في حرارة الفعال يغني عن برودة المقال .. بأبي هو وأمِّي صلى الله عليه وسلم.
فيا أخي راجع نفسك وانظر إلى حالك. وأدرك نعمة ربِّك بزوجتك الصبوح الوجه. الجميلة المحيا .. العذبة الحديث.. الحمَّالة لهمومك.. الحاضنة لأولادك .. الغسَّالة لملابسك .. الخادمة لبيتك .. المخلصة في حبِّك .. الوفيَّة لعشرتك.. الصَّبورة لأفعالك .. قل لها أحبُّك بفعالك قبل أقوالك.
تمنياتي لك بعيشة هنيئة سعيدة .. وحياة بالحبِّ رغيدة .. ما أردته هو تذكيري وتذكيرك.. لندرك قبل فوات الأوان عظيم النعمة واسع الفضل والمنة.. حبيبة الدرب ورفيقة العمر ونور العين .. زوجاتنا .. أطال الله بقاءهن.. ورضي عنا وعنهن .. ورزقنا حسن العشرة لهن … اللهم آمين
وأصلِّي وأسلم على النبيِّ المعلم نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
منقول