و التشاور بين الزوجين يشيع روح المحبة و المودة و التفاهم، و يبعث الثقة و الطمأنينة في النفس، كما أنه يشعر كل طرف أن الطرف الآخر يحترم فكره و يقدره.
و التشاور بين الزوجين مبدأ إسلامي أصيل هدفه الوصول إلي الرضا النفسي و الشعور بالاستقرار و المعايشة الوجدانية و تقارب الأفكار، كما أنه يهدف إلي ترسيخ مفهوم الشورى عند الأبناء.
الحوار والتشاور بين الزوجين مدخل للتفاهم وتجديد الحب، والعون على تخطى المشكلات، واستمرار الحياة الزوجية، أما غيابه فهو المدخل للتخاصم والتدابر والشقاق وضياع الحب والتفاهم، كذلك غيابه يؤدى إلى كثرة الخلافات والصدامات، وفقدان الثقة بين الطرفين، وعدم الإحساس بالأمان، والقرآن الكريم يذكر التراضي والتشاور بين الزوجين في أمور إرضاع الأطفال وفطامهم فما بالنا بما هو أهم من ذلك في شؤون الحياة وأكثر دواماً وأجدر؟!
وسيرة الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ تمتلئ بحوادث ومواقف تبين سلوكه صلي الله عليه وسلم مع زوجاته، وحديثهن معه في شؤون الدنيا والدين، نذكر منها حين دخل عليه الصلاة والسلام على أم سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية وقال لها: هلك الناس..أمرتهم أن يحلقوا رؤوسهم ويتحللوا من إحرامهم فلم يفعل ذلك منهم أحد، فأشارت عليه بالرأي الذي بدد حيرته، وأخرج المسلمين من هذا الموقف العصيب، فرسول الهدى ـ صلي الله عليه وسلم ـ يستشير زوجته في قرار سياسي غاية في الأهمية ثم يأخذ بعد ذلك بمشورتها.
فالأصل في الحياة الزوجية التحاور والتشاور والتشارك، لطفاً وليناً ومودة ورحمة.
إن الحوار يبدأ في البيت بكلمة طيبة ولمسة حانية، اتفاق واختلاف، هدوء وصخب، غضب ورضا، هكذا الزواج وهكذا الحياة.
و لكن أخي الزوج.. أختي الزوجة.. التشاور الناجح له مقومات، منها: اختيار الوقت المناسب، و المكان المناسب، و عرض الموضوع المراد التشاور فيه بصوره واضحة. كذلك يساعد علي تفهم كل طرف لأسلوب الطرف الآخر في التفكير، و لا يتم التشاور بنجاح إذا لم ينصت أحد الزوجين للآخر أثناء الحديث، و الإنصات هنا ليس معناه الاستماع فقط، ولكن الإصغاء بكل الحواس مع إظهار الحاجة الشديدة لمشورة الطرف الآخر.
وعلي الزوجة أن تتجنب الأوقات غير المناسبة للتشاور مع زوجها و من هذه الأوقات: عند العودة من العمل، عند ممارسة الهواية، عند متابعة نشرة الأخبار أو قراءة الجريدة، عندما يكون الزوج وسط ضيوفه، أو أثناء حديثه عبر الهاتف، وقت نومه وفي حالة إرهاقه أو أمام أهله أو أهلها.
ولكن ماذا يحدث إذا استبد أحد الزوجين برأيه و لم يكن على قناعة بمبدأ التشاور؟
أولا : يحدث انفصالية في التفكير بين الزوجين، ومن ثم يؤدي ذلك إلي التباعد بينهما، و عدم التجانس و ضياع الحب و التفاهم.
ثانيا : كثرة الخلافات و الصدامات و فقدان الثقة بين الطرفين.
ثالثا : عدم الإحساس بالأمان و الطمأنينة من قبل الطرف المغيب عن التشاور.
رابعا : عدم الوصول إلي حل مرضي للطرفين في كثير من القضايا .
خامسا : عدم إحساس كل طرف باهتمامات الطرف الآخر.
و أخيرا ينشأ الأبناء في جو بعيد عن الشورى و التشاور، و بالتالي ينشأ مجتمع غير حر، ثم بعد ذلك نطالب بتطبيق الحرية في بلادنا ؟!