الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله الأطهار الأبرار إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا موضوع جليل وخطير يحتاج إلى بيان وتوضيح، ولا بد هنا من وقفات أقف فيها لأبين في إجمال ما يخفى على كثير من المسلمين اليوم:
أولاً: شمولية المنهج الإسلامي:
موضوع يثير شجون قلوب الصالحين، ويحيك بنفوس الغيورين، ويؤرق مضاجع المربين والمصلحين، ويوجع قلوب الآباء والأمهات الصالحين، ماذا تعني هذه الكلمات، وماذا وراء هذه المصطلحات (الثقافة الجنسية)، وماذا يريد أصحابها حقاً من هذه الأمة الإسلامية العريقة في سموها، المرتفعة في أدبها، النبيلة في أخلاقها، العزيزة بكتابها ونبيها صلى الله عليه وسلم.
إن الأمة الإسلامية شهدت في هذه الآونة الأخيرة من الزمان ، كما كبيراً وهائلاً من المصطلحات، وزحفاً مهدداً بعظمها وخطرها وشدة تأثيرها على المجتمعات، والمتأمل بنظرة فاحصة، وعين بصيرة بالتاريخ والمذاهب الحديثة، يرى أن دولة الإسلام قامت منذ أربعة عشر قرناً ونصف تقريباً من الزمان.
نعم قامة دولة الإسلام وفق منهج الله تعالى الذي صاغه لها، وضعه منهاجاً وتشريعاً كاملاً وشاملاً لها، منهج لا يوصف بشيء غير أنه منهج الله ودينه وشريعته كما قال تعالى:" إن الدين عند الله الإسلام"، وهذا المنهج منهج رباني بالدرجة الأولى ، لأنه منهج الله الخالق، ومنهج واضح لا لبس فيه ولا غموض ، لأنه طريق إلى المصير البشري في الدار الآخرة، إما إلى جنة النعيم، وإما إلى دار الجحيم.
ومنهج صالح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض والكون وما فيه، فليس فيه من قصور أو خلل، أو جهل أو زل، كلا..إنما هو منهج صالح لجميع الأعصار والأزمان والبلدان.
وهذا المنهج الرباني منهج شامل كامل، فليس فيه تقصير ولا إبهام، ولا عيب ولا نقصان، كلا.. إنما هو منهج شامل لجميع البشرية كلها، شمول عقدي إيماني، وشمول عاطفي وجداني، وشمول تشريعي وأخلاقي.
إنه الشمول الكامل الذي يحكم كل شؤون الحياة البشرية والإنسانية، وهذا الشمول نابع من كون أن الله تعالى هو خالق الإنسان سبحانه:" ولقد خلقنا الإنسان…الآية"، وهو سبحانه أعلم بهذا المخلوق البشري أو غيره، وهو سبحانه أعلم بما يفسده وما يصلحه:"ألا يعلم من خلق وهو الطيف الخبير"، ومن ثم فقد صاغ الله تعالى في منهجه الشمولية الكاملة التي تظم لهذا الإنسان شؤون حياته كلها، فالإنسان عبد لله تعالى ، مأمور بأمره سبحانه وتعالى، فلا يتحرك حركة في الحياة إلا والله تعالى قد صاغ له منهجاً ربانياً ونبوياً من عنده لينظم له أمره وشأنه.
وهذا يدخل فيه مأكل الإنسان ومشربه، ومنامه وملبسه، وحربه وسلمه، ونومه ويقظته، وقيامه لله وعبادته، وحياته وموته، ورضاه وغضبه، وجدانه وعاطفته، وفرحه وحزنه، وسروره وغمه، حتى علاقته بربه، وعلاقته بخلقه..وهكذا ، شمول كامل، ومنهج واضح:" قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
وهذا الإنسان البشري كما بينا لم يترك لنفسه ولا لهواه ولا لعقله كلا.."أيحسب الإنسان أن يترك سدى"، بل إن الله تعالى هذب غرائزه ، وضع لها ضوابط وشرائع تصلحها" الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى"، ومن ثم فالشهوات والغرائز المودعة في الإنسان ما تركها الله هكذا، بل إن الله تعالى بشرعه المنزل في كتابه وعلى لسان رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ومن سبقه من الأنبياء والرسل، جعل لهذه الشهوات والغرائز البشرية طريقاً ومتنفساً، وتهذيباً وتريبة وإصلاحاً، وتوجيهاً وصيانة وإكراماً،فالطعام والشراب له آداب، والنوم والمشي له آداب، والملبس وغيره له آداب.
ثانياً: العلاقة بين الرجل و في منهج الإسلام:
وكذلك العلاقة الغريزية بين الرجل و والالتقاء بها له آداب وآداب، والمتأمل في هذا الأمر، في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله، يرى الكثير والكثير في سورة البقرة وهي أطول سور القرآن على الإطلاق، وفي سورة النساء كذلك، وفي سورة الأحزاب، وفي سورة النور، وفي سورة الطلاق وغيرها من سور القرآن، وكذلك كتب السنة والسيرة، كالبخاري ومسلم والمسانيد والسن، وكتاب زاد المعاد وغيرها، المتأمل في كل ذلك يجد فيها كما الشريعة وسموها، في بيان العلاقة بين الرجال والنساء، وآداب هذه العلاقة الحميمية ، في أوجز لفظ، وأبلغ بيان، وأعف أسلوب، وأليق حوار.
إن الإسلام صاغ للمرأة مع الرجل قواعد جليلة كبرى حفاظاً عليها من عبث العابثين ، وشهوات المغرضين والغاوين فمما شرع الإسلام :
أولاً: أمر المسلمة بالقرار في بيتها .
ثانياً: منع الاختلاط عند الخروج .
ثالثاً: منع الدخول عليهن والاختلاء بهن .
رابعاً : حرم سفرها من غير محرم .
خامساً : أمرها بلبس الحجاب والاحتشام عند الخروج من بيتها وقرارها للحاجة والضرورة والعلم والبيع والشراء ، وحرم عليها التبرج والعري والسفور ، وإظهار الزينة والمفاتن .
سادساً : أمرهن بغض البصر عن الرجال إلا من ضرورة شرعية ، وكذلك أمر الرجال بالعفة وغض البصر عن المحرم من النظر إلى النساء . إلى غير ذلك من قواعد صيانتها والمحافظة عليها من لوث الجاهليات البشرية، والشهوات المحرمة الجامحة في النفوس الدنيئة الضعيفة.
هذا من جانب عام كبير، أما العلاقة الخاصة بين وزوجها، فلها قواعد أخرى، وآداب وأخلاق بينها الله في كتابه حتى أن الله تعالى عبر عن لقاء الرجل بزوجته، واجتماعهما معاً ، بأعف بيان، وأوجز أسلوب، وأبلغ عبارة كما قال تعالى:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" وقال تعالى:" هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" إنها لغة الحياء ، ولغة الأدب والعفة والطهارة، ولغة الكناية والصيانة.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته تسأله عن التطهر، فقال لها تتبعي أثر الدم، فألحت عليه في زيادة البيان، لكنه علم الدنيا الحياء والعفة حتى في الكلام والبيان، فأخذتها زوجته رضي الله عنها تعلمها ذلك.
والخوف على الأولاد والذرية من أن يلحقهم الشيطان بعبث، أو يلحقهم نوع من البحث والاطلاع عما بين الأولاد وبعضهم، أمر رسول الله بالتفريق بين الأولاد في المضاجع إن بلغوا سن العاشرة بقوله صلى الله عليه وسلم:"وفرقوا بينهم في المضاجع"، وهكذا آداب وعفة وصيانة.
والنبي صلى الله عليه وسلم قبل زوجاته وهو صائم لأنه أملك لإربه، وأصون لنفسه وعبادته، ويصرح بحبه لعائشة رضي الله عنها، والنصوص في هذا الباب كثيرة ومشهورة.
المقصود إذاً: أن الإسلام بمنهجه الشامل الكامل هذب الغرائز، وضبط الشهوات، ولم يقف الإسلام يوماً حائلاً بين الإنسان وشهواته وغرائزه إلا فيما يعود عليه حقاً بالضر والإفساد، في دينه ودنياه، وفي معاشه ومعاده.
حتى أن الإسلام شرع الصيام، وغض البصر، والاستئذان، وستر الحرمات، ولبس الحجاب، وعدم الاختلاط بين الرجال والنساء، والزواج، والتعدد مع العدل، صيانة وتهذيباً لهذه الشهوة والغريزة.
كما شرع للمرأة أحكاماً خاصة بها في شؤونها كالحيض والنفاس وما شابه ذلك، وكل هذه التشريعات الربانية والنبوية، يحيطها سياج كبير، من الآداب والتعف، والحفظ والصيانة، والحياء والطهارة، فليس فيها تبذل أو تقبح في لفظ أو عبارة، أو كلمة أو إشارة، ولكنه منهج تربوي رباني، كامل شمولي.
ثالثاً: غفلة المسلمين وانقلاب الغرب:
بهذا المنهج قامت أمة الإسلام ودولته، طيلة هذه القرون ، وتربت عليه الأجيال، وتخرجت في رحابه الأبطال، وقامت حضارة سامية من الآداب والأخلاق، وبناء شامخ من العلم النافع، والتقدم البشري نحو بشرية ربانية صالحة.
قامت بهذا المنهج في حين أن أوربا، ظلت طيلة هذه القرون ترتع في الظلمات والتيه والضلال، وترتع في حمأ مذموم من التخلف والانفصال، لكن من سن الله الجارية أن من قصر في حمل منهج الله المنزل، وشريعته الكاملة، أن يتأخر عنه النصر، أو يحجب عنه الهدى، أو يغلب من عدوه ويغزى في عقر داره، إنها السن الربانية التي لا تحابي أحداً من المخلوقات كائناً من كان.
فانقلبت الدائرة بتفريط الأمة الإسلامية في منهج الله، والركون إلى زخارف ومتاع الحياة الدنيا، من الأموال والتجارات والنساء، فقامت دولة الكفر من سباتها ، تلهث وراء التقدم الإسلامي، الذي أبهرها، وتسرق من علومه التي أدهشتها، وتأخذ من فكرها الذي أذهلها.
فتحولت مسيرة القيادة من دولة الإسلام صاحبة الحق والعدل، إلى دولة الكفر:"وتلك الأيام نداولها بين الناس"، فبدأ الغرب كله في العصر الحديث في لمح البصر، يحث الخطى نحو التقدم المادي، وسبب ذلك أنه لما قام من غفلته، وجد أن حملة الدين عندهم لم يقدموا للحياة الإنسانية عندهم شيئاً يذكر، واكتفوا بالوعظ البارد، والبيان الهزيل للدين في المعابد والكنائس، ومن ثم قالوا إن سبب هذا التخلف الطويل يرجع إلى هذا الدين وإلى هؤلاء الأحبار والرهبان سواء بسواء.
فنشأ التمرد على الكنيسة، وعلى أحكامها وشريعتها، فقامت حركات ومذاهب تنادي بنبذ تعاليم الأديان والتمرد عليها لأنها سبب التخلف والرجوع، فقامت المذاهب العلمانية وغيرها بالحرب والانفصال بين الدين والحياة.
ومع تطور النظريات البشرية العلمانية والإلحادية بعيداً عن تعاليم الكنيسة والدين، أصبحت هناك قناعات بل ونظريات تنادي بالحرية المطلقة من كل قيد أو أدب أو تعليم ديني وكنسي.
ثم بدأ الغرب صراعه الطويل مع الإسلام وأهل الإسلام، ومن ثم نشأت الحملات العسكرية والصليبية على العالم الإسلامي ، لتنهب ثرواته ومقدراته وخيراته، وتشفي أحقادها وضغائنها من هذا الدين وأهله.
ولكن مع مرور الزمان والوقت لم يلبث هؤلاء حتى قاموا بإنشاء حرب من نوع جديد، والتي سميت بالغزو الثقافي والفكري للعالم الإسلامي، لتسميم وتجفيف منابع الإسلام وأخلاقه وآدابه في حياة الإنسان المسلم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
حتى خرجت علينا جملة هائلة من المصطلحات والأفكار والحروب الثقافية والفكرية، والتي تهدد كيان المجتمع الإسلامي، وتخلخل بينته، وتفك أوصاله، وتقلب أفكاره واتجاهاته، ما بين مصطلحات كالحرية – التي تعني انفلات الإنسان من كل قيود وآداب وأخلاق – ، والتقدم والتطور والتنوير، ومصطلحات وقضايا أخرى للمرأة تعبث بدينها وأخلاقها سائر شؤونها، كحرية ، وسياسة ، وقضايا ، وحقوق ، وظلم ، والقضايا الصحية والجنسية وهكذا دواليك..
وهم بالأصل هذه قضاياهم هم ، ومشاكلهم هم ، لأن المسلمة ما سمعنا يوماً أن لها عندنا في الإسلام قضية ولا مشكلة، ولكن التقليد الأعمى ، والتبعية العمياء خلف الغرب اليوم، خدعت كثيراً من أمة الإسلام، فصاروا خلف القوم يلهثون، ويحثون الخطى نحو الغرب لعلهم يفلحون، فدخلت علينا قضايا الغرب ومشاكلهم، ودخلت علينا حربهم وغزوهم، ودخل علينا مكرهم وخداعهم:"لتبعن سن من قبلكم حذو القذة بالقذة…حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".
رابعاً: الثقافة الجنسية غزو ثقافي وفكري وأخلاقي:
ومن أخطر هذه المصطلحات المستغربة، الوافدة إلينا ما يسمى(بالثقافة الجنسية)، وهذا مصطلح ربما شابه كثير من الغموض، والذي نجحوا به كثيراً في إغراء السفهاء، ومن لا علم يعصمه، ولا دين يهديه، أغروه بمثل هذا النوع الخبيث من العبارات والمصطلحات.
إن الإسلام كما أشرت بداية الكلام وتأصيلاً له، ما ترك شيئاً إلا وبينه وهذبه، ولكن هؤلاء يريدون أن ينحرفوا بالبشرية بعيداً بعيداً..عن وحي الله وشريعته، وعن فطرة الإنسان السوية المستقيمة، وأن يتملقوا البشرية التائهة اليوم في حيائها وأخلاقها، وأن يضلوا الأجيال المسلمة المقبلة عن غايتها ورسالتها الربانية الهادية..
وسؤال يتردد كثيراً على قلب المرء..هل نحن بحاجة إلى ثقافة جنسية مزعومة..؟؟
وهل هي من ضرورات إصلاح المجتمع..المعاصر اليوم..؟؟
وهل تلك القرون كانت في غفلة عنها حتى نفهمها نحن في هذا الزمان..؟؟
الجواب: نقول فيه ونأسف بشدة: إنه مكر خبيث لإفساد المجتمع المسلم، نعم، إن المسلمين اليوم في غفلة كبرى:
أولاً: في غفلة عن فهم حقيقة الإسلام وطريقة تطبيقه كما كانت من قبل.
ثانياً: وفي غفلة عن عدوهم وما يكيد لهم من مكر وخبث وعداء ديني وتربوي وأخلاقي وسياسي وعسكري واقتصادي..إلخ.
ثالثاً: وفي غفلة أيضاً عن غايتهم وأهدافهم التي خلقوا من أجلها..بل وفي غفلة عن آخرتهم..
نعم هناك بعض التقصير في فهم هذه القضايا، نعم هناك خلل في بيانها بمنهج الإسلام وآدابه وعفته.
نعم هناك تجهيل للمسلين عن مكر وخبث، لكن الأمر لا يستدعي أن نأخذ كل ما عند الغرب ، ما دام يتصادم مع منهجنا وعقيدتنا ومصطلحاتنا الإسلامية السامية.
وإني لا زلت متعجباً من يوم أن قرعت أذناي هذه الكلمات الخبيثة -الثقافة الجنسية- ودعني أسميها – ثقافة الانحلال – لأن الحيوانات والأنعام تعرف ذلك جيداً، يعرف ذكر الحيوانات والبهائم كيف يأتي أنثاه، فكيف بمخلوق كرمه الله تعالى، إني أعلم أنها لم تنبت في أرض الإسلام، ولم ترتوي من معينه العف الطاهر، ولكنها نبت في أرض حل بها الانحراف عن الأخلاق والدين والقيم البشرية، وانجرفت بها عواصف الانفلات والتميع والانحلال الأخلاقي والاجتماعي، وإن ألبسوها ثوباً باسم الإسلام ، وأن الأمر مطلوب شرعاً، وجاء في القرآن والسنة، وجاء في الأخلاق والقيم..
نعم جاءت في كتاب الله وسنة رسوله..، لكن..بأسلوب عف،..وأدب جم،..وعبارة مهذبة،..وبلاغة عالية،..وطهارة راقية..لكنها لم تتبذل وتعرى من أدب الإنسان وفطرته،..ومن حياء الإنسان وعفته..فأين الثرى من الثريا..؟؟؟
آسف قلبي: أن تجد كتباً بأسماء إسلامية تحت هذا العنوان، وآسف قلبي أن تجد مجلات وصحفاً ومواقع متخصصة في هذا الباب، بلا حياء أو أدب أو عفة أو خلق..
حتى قرأت مرة وأنا أقلب في بحثي عن شيء ما،..في أحد المنتديات ..أدب وفن التعري عند الزوج..فقلت وهل في الإسلام مصطلح التعري حتى يكون له نصيب من الأدب..؟؟
إن التعري والعري من مصطلحات قاموس الشيطان وأتباعه وأعوانه، كما أخبرنا الله في كتابه:" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ "(الأعراف26)، وقال تعالى:" يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ "(الأعراف27).
فهل نحن في حاجة ماسة حقاً لمثل هذه الثقافة الدخيلة..؟؟، وهل نحن في حاجة أيضاً لأن تصير مادة مستقلة تدرس على شباب وفتيات المسلمين بلا حياء أو خلق أو خجل..؟؟
لئن حدث هذا فهو الإنذار حقاً بعقاب معجل من الله، وهو النذير حقاً بهلاك المجتمع المسلم، وانحرافه نحو الهاوية وما أدراك ما هيه نار حامية..
إن العلاقة بين الرجل و في الحلال الطيب بينها الله في كتابه وسنة رسوله، لكنها تدخل جملة وتفصيلاً بعيداً عن فتنة القلوب، وإثارة الشهوات والغرائز، في آداب الحياة الزوجية، وفي حق الزوج والزوجة، لأن الحياة ليست مجرد متعة فراش، ولكنها الأخلاق والمودة والرحمة..
إن المخطات التي تتخذ في أوكار الصهيونية, والماسونية, والصليبية, والشيوعية.. كلها تستهدف إفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق الخمر, والجنس, وإطلاق العنان للغرائز والشهوات, والجري وراء المظاهر, والتقليد الأعمى… و عند هؤلاء هي أول الأهداف في هذه الدعوة الإباحية, والميدان الماكر, فهي العنصر الضعيف العاطفي الذي ينساق وراء الدعاية والفتنة بلا روية ولا تفكير, وهي ذات الفعالية الكبيرة, والتأثير المباشر في إفساد الأخلاق..
<b><font face="traditional arabic">يقول كبير من كبراء الماسونية الفجرة: «يجب علينا أن نكسب , فأي يوم مدت إلينا أيديها, فزنا بالحرام, وتبد جيش المنتصرين للدين».b r ويقول أحد أقطاب المستعمرين: «كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع, فأغرقوها في حب المادة والشهوات».
وجاء في «بروتوكولات حكماء صهيون» ما يلي: «يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا, إن «فرويد» منا, وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس, لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس, ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية, وعندئذ تنهار أخلاقه…».
ومن وراء هذه القوى المعادية, والتخطيط المدمر.. اليهود فهم الذين آلو على أنفسهم أن يتبنوا كل باطل من الآراء الفكرية في مجال ما وراء الطبيعة, وفي مجال الأخلاق, وفي مجال تحطيم القيم الدينية غير اليهودية, ليفسدوا العالم في عقيدته وفكره وأخلاقه.
وليتمكنوا من وراء ذلك من قيادته, واستعباده, والسيطرة عليه, ولقد أعلن اليهود في –بروتوكولاتهم- أنهم يعملون جاهدين لإفساد الضمائر البشرية عن طريق, التشكيك في الأخلاق والعقائد, ويعملون جاهدين لإفساد العقول عن طريق تزيف الحق, وترويج الباطل, ويتبنون شخصيات إبليسية ماكرة خبيثة تدعو إلى هدم العقيدة الدينية تارة, وهدم الأخلاق تارة أخرى.
بل وقد وصل الأمر باليهود أن رسموا لإفساد الإنسانية منهجًا, أخذوا في تنفيذه عن طريق وسائل الإعلام, ودور النشر, وعن طريق المسرح والسينما, والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وعن طريق كل عميل خائن, وكاتب مأجور, لتم لهم القيادة الفكرية, والنفسية, والفلسفية في العالم كله, فعلينا أن نعلم أن التخنفس في شبابنا, والفجور في نساءنا, وانتشار الخمر, والعهر, والقمار, والميوعة في بلادنا.. هو من مخطات اليهود.(تربية الأولاد:عبد الله علوان).
خامساً: واجب الأمة الإسلامية اليوم:
إن الأمر جد خطير، ولكننا مع ذلك كله، لا نلقي بالتبعة على أعدائنا لنخرج منها نحن بيد بيضاء..، كلا..بل إن التبعة الثقيلة علينا اليوم.
– فعلى أهل العلم والدعاة أن يبينوا للناس شريعة الله المنزلة، ومنهج الله في كتابه وسنة رسوله كما أسلفنا، وعليهم أن يأخذوا بأيدي الناس إلى شريعة الإسلام وآدابه وأخلاقه، وأن يلقنوا شباب المسلمين خصوصاً آداب الإسلام وتعاليم الإسلام في جميع شؤون الحياة.
– كما أن على المؤسسات التربوية والتعليمية في بلاد المسلمين، أن تتجه اتجاهاً جدياً نحو تربية إسلامية طاهرة نظيفة، لا تحتوي على إخلال بالأدب الإسلامي، ولا الخلق النبوي، ولا بالمجتمع المسلم، ولا تنحرف بالشباب المسلم وراء التطلع إلى العورات والحرمات، ولا العبث بالأخلاق والأعراض تحت مسمى – الحرية – الثقافة الجنسية – التقدم – إلى غير ذلك.
– كما أن على ولاة الأمر دور كبير في صيانة الأعراض والحرمات للمسلين، فلا يفتحوا الأبواب أمام كل دخيل وعميل، وكل مستغرب وغريب، ليقتحم بيوتنا، ويهدم أخلاقنا، ويميع عقيدتنا، ويعبث بمناهجنا في وسائل التعليم والإعلام وغيرها، مما كان له التأثير الأكبر على أجيال المسلمين..
– كما أن على الآباء والأمهات والأسر المسلمة دور كبير في تربية إسلامية أرقى، وبناء ثقافي أوعى، وتعليم نبوي أفضل، فلا تغيب عنهم آداب وأخلاق واجبات الإسلام التربوية في جميع مراحل أعمار الأولاد والفتيات، ولا تغيب عنهم برامج التربية الصحيحة ، ولا مصطلحات الإسلام العفيفة الطاهرة..، كما لا ينسوا أن يحذروا أولادهم من فتنة التقليد الأعمى للغرب والكفار، والتحذير من خطر الفتن والوقوع في الحرمات..ونسأل الله العصمة من الفتن.
إننا لسنا بحاجة إلى ثقافة – جنسية – لأن عندنا في منهجنا الإسلامي كل ضمانات البناء والتهذيب، ولأن منهجنا منزل من عند الله تعالى ليس فيه نقص ولا خلل ولا قصور، حتى نتعلم من الغرب فنون العلاقة بين الرجل و بلا ضوابط ولا أخلاق.
ولسنا بحاجة إليها لأن عندنا نحن المسلمين الرصيد الأكبر والكامل من أخلاق النبوة وآدابها في كل شؤون الحياة.
إن الغرب والشرق اليوم يلهثون وراء أدوية وعلاجات تشفيهم مما لحقهم من أدواء وأمراض، حلت بهم يوم أن انساقوا خلف شهوات ونزواتهم يركضون، فهم يعانون من الزهري، والسيلان المنوي، وأشدها فتكاً الإيدز..ويبحثون لها عن شفاء لكن الشفاء في منهج الله وحده..
ولسنا بحاجة إليها.. لكننا بحاجة إلى أن نعود إلى منهج الله الإسلام، لنفهمه فهماً صحيحاً، ونطبقه تطبيقاً صحيحاً، فعندها نعلم يقيناً أن الله تعالى ما شرع لنا إلا طريق سعادتنا وهدايتنا في الدنيا والآخرة.."فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً، ونحشره يوم القيامة أعمى"..
نعم لسنا بحاجة إلى ثقافات تغزوا أخلاقنا وعقائدنا وآدابنا وشبابنا وفتياتنا…ولكنها السن..نعم ..إنها السن
أما بعد:
فهذا موضوع جليل وخطير يحتاج إلى بيان وتوضيح، ولا بد هنا من وقفات أقف فيها لأبين في إجمال ما يخفى على كثير من المسلمين اليوم:
أولاً: شمولية المنهج الإسلامي:
موضوع يثير شجون قلوب الصالحين، ويحيك بنفوس الغيورين، ويؤرق مضاجع المربين والمصلحين، ويوجع قلوب الآباء والأمهات الصالحين، ماذا تعني هذه الكلمات، وماذا وراء هذه المصطلحات (الثقافة الجنسية)، وماذا يريد أصحابها حقاً من هذه الأمة الإسلامية العريقة في سموها، المرتفعة في أدبها، النبيلة في أخلاقها، العزيزة بكتابها ونبيها صلى الله عليه وسلم.
إن الأمة الإسلامية شهدت في هذه الآونة الأخيرة من الزمان ، كما كبيراً وهائلاً من المصطلحات، وزحفاً مهدداً بعظمها وخطرها وشدة تأثيرها على المجتمعات، والمتأمل بنظرة فاحصة، وعين بصيرة بالتاريخ والمذاهب الحديثة، يرى أن دولة الإسلام قامت منذ أربعة عشر قرناً ونصف تقريباً من الزمان.
نعم قامة دولة الإسلام وفق منهج الله تعالى الذي صاغه لها، وضعه منهاجاً وتشريعاً كاملاً وشاملاً لها، منهج لا يوصف بشيء غير أنه منهج الله ودينه وشريعته كما قال تعالى:" إن الدين عند الله الإسلام"، وهذا المنهج منهج رباني بالدرجة الأولى ، لأنه منهج الله الخالق، ومنهج واضح لا لبس فيه ولا غموض ، لأنه طريق إلى المصير البشري في الدار الآخرة، إما إلى جنة النعيم، وإما إلى دار الجحيم.
ومنهج صالح لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض والكون وما فيه، فليس فيه من قصور أو خلل، أو جهل أو زل، كلا..إنما هو منهج صالح لجميع الأعصار والأزمان والبلدان.
وهذا المنهج الرباني منهج شامل كامل، فليس فيه تقصير ولا إبهام، ولا عيب ولا نقصان، كلا.. إنما هو منهج شامل لجميع البشرية كلها، شمول عقدي إيماني، وشمول عاطفي وجداني، وشمول تشريعي وأخلاقي.
إنه الشمول الكامل الذي يحكم كل شؤون الحياة البشرية والإنسانية، وهذا الشمول نابع من كون أن الله تعالى هو خالق الإنسان سبحانه:" ولقد خلقنا الإنسان…الآية"، وهو سبحانه أعلم بهذا المخلوق البشري أو غيره، وهو سبحانه أعلم بما يفسده وما يصلحه:"ألا يعلم من خلق وهو الطيف الخبير"، ومن ثم فقد صاغ الله تعالى في منهجه الشمولية الكاملة التي تظم لهذا الإنسان شؤون حياته كلها، فالإنسان عبد لله تعالى ، مأمور بأمره سبحانه وتعالى، فلا يتحرك حركة في الحياة إلا والله تعالى قد صاغ له منهجاً ربانياً ونبوياً من عنده لينظم له أمره وشأنه.
وهذا يدخل فيه مأكل الإنسان ومشربه، ومنامه وملبسه، وحربه وسلمه، ونومه ويقظته، وقيامه لله وعبادته، وحياته وموته، ورضاه وغضبه، وجدانه وعاطفته، وفرحه وحزنه، وسروره وغمه، حتى علاقته بربه، وعلاقته بخلقه..وهكذا ، شمول كامل، ومنهج واضح:" قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
وهذا الإنسان البشري كما بينا لم يترك لنفسه ولا لهواه ولا لعقله كلا.."أيحسب الإنسان أن يترك سدى"، بل إن الله تعالى هذب غرائزه ، وضع لها ضوابط وشرائع تصلحها" الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى"، ومن ثم فالشهوات والغرائز المودعة في الإنسان ما تركها الله هكذا، بل إن الله تعالى بشرعه المنزل في كتابه وعلى لسان رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ومن سبقه من الأنبياء والرسل، جعل لهذه الشهوات والغرائز البشرية طريقاً ومتنفساً، وتهذيباً وتريبة وإصلاحاً، وتوجيهاً وصيانة وإكراماً،فالطعام والشراب له آداب، والنوم والمشي له آداب، والملبس وغيره له آداب.
ثانياً: العلاقة بين الرجل و في منهج الإسلام:
وكذلك العلاقة الغريزية بين الرجل و والالتقاء بها له آداب وآداب، والمتأمل في هذا الأمر، في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله، يرى الكثير والكثير في سورة البقرة وهي أطول سور القرآن على الإطلاق، وفي سورة النساء كذلك، وفي سورة الأحزاب، وفي سورة النور، وفي سورة الطلاق وغيرها من سور القرآن، وكذلك كتب السنة والسيرة، كالبخاري ومسلم والمسانيد والسن، وكتاب زاد المعاد وغيرها، المتأمل في كل ذلك يجد فيها كما الشريعة وسموها، في بيان العلاقة بين الرجال والنساء، وآداب هذه العلاقة الحميمية ، في أوجز لفظ، وأبلغ بيان، وأعف أسلوب، وأليق حوار.
إن الإسلام صاغ للمرأة مع الرجل قواعد جليلة كبرى حفاظاً عليها من عبث العابثين ، وشهوات المغرضين والغاوين فمما شرع الإسلام :
أولاً: أمر المسلمة بالقرار في بيتها .
ثانياً: منع الاختلاط عند الخروج .
ثالثاً: منع الدخول عليهن والاختلاء بهن .
رابعاً : حرم سفرها من غير محرم .
خامساً : أمرها بلبس الحجاب والاحتشام عند الخروج من بيتها وقرارها للحاجة والضرورة والعلم والبيع والشراء ، وحرم عليها التبرج والعري والسفور ، وإظهار الزينة والمفاتن .
سادساً : أمرهن بغض البصر عن الرجال إلا من ضرورة شرعية ، وكذلك أمر الرجال بالعفة وغض البصر عن المحرم من النظر إلى النساء . إلى غير ذلك من قواعد صيانتها والمحافظة عليها من لوث الجاهليات البشرية، والشهوات المحرمة الجامحة في النفوس الدنيئة الضعيفة.
هذا من جانب عام كبير، أما العلاقة الخاصة بين وزوجها، فلها قواعد أخرى، وآداب وأخلاق بينها الله في كتابه حتى أن الله تعالى عبر عن لقاء الرجل بزوجته، واجتماعهما معاً ، بأعف بيان، وأوجز أسلوب، وأبلغ عبارة كما قال تعالى:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" وقال تعالى:" هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" إنها لغة الحياء ، ولغة الأدب والعفة والطهارة، ولغة الكناية والصيانة.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته تسأله عن التطهر، فقال لها تتبعي أثر الدم، فألحت عليه في زيادة البيان، لكنه علم الدنيا الحياء والعفة حتى في الكلام والبيان، فأخذتها زوجته رضي الله عنها تعلمها ذلك.
والخوف على الأولاد والذرية من أن يلحقهم الشيطان بعبث، أو يلحقهم نوع من البحث والاطلاع عما بين الأولاد وبعضهم، أمر رسول الله بالتفريق بين الأولاد في المضاجع إن بلغوا سن العاشرة بقوله صلى الله عليه وسلم:"وفرقوا بينهم في المضاجع"، وهكذا آداب وعفة وصيانة.
والنبي صلى الله عليه وسلم قبل زوجاته وهو صائم لأنه أملك لإربه، وأصون لنفسه وعبادته، ويصرح بحبه لعائشة رضي الله عنها، والنصوص في هذا الباب كثيرة ومشهورة.
المقصود إذاً: أن الإسلام بمنهجه الشامل الكامل هذب الغرائز، وضبط الشهوات، ولم يقف الإسلام يوماً حائلاً بين الإنسان وشهواته وغرائزه إلا فيما يعود عليه حقاً بالضر والإفساد، في دينه ودنياه، وفي معاشه ومعاده.
حتى أن الإسلام شرع الصيام، وغض البصر، والاستئذان، وستر الحرمات، ولبس الحجاب، وعدم الاختلاط بين الرجال والنساء، والزواج، والتعدد مع العدل، صيانة وتهذيباً لهذه الشهوة والغريزة.
كما شرع للمرأة أحكاماً خاصة بها في شؤونها كالحيض والنفاس وما شابه ذلك، وكل هذه التشريعات الربانية والنبوية، يحيطها سياج كبير، من الآداب والتعف، والحفظ والصيانة، والحياء والطهارة، فليس فيها تبذل أو تقبح في لفظ أو عبارة، أو كلمة أو إشارة، ولكنه منهج تربوي رباني، كامل شمولي.
ثالثاً: غفلة المسلمين وانقلاب الغرب:
بهذا المنهج قامت أمة الإسلام ودولته، طيلة هذه القرون ، وتربت عليه الأجيال، وتخرجت في رحابه الأبطال، وقامت حضارة سامية من الآداب والأخلاق، وبناء شامخ من العلم النافع، والتقدم البشري نحو بشرية ربانية صالحة.
قامت بهذا المنهج في حين أن أوربا، ظلت طيلة هذه القرون ترتع في الظلمات والتيه والضلال، وترتع في حمأ مذموم من التخلف والانفصال، لكن من سن الله الجارية أن من قصر في حمل منهج الله المنزل، وشريعته الكاملة، أن يتأخر عنه النصر، أو يحجب عنه الهدى، أو يغلب من عدوه ويغزى في عقر داره، إنها السن الربانية التي لا تحابي أحداً من المخلوقات كائناً من كان.
فانقلبت الدائرة بتفريط الأمة الإسلامية في منهج الله، والركون إلى زخارف ومتاع الحياة الدنيا، من الأموال والتجارات والنساء، فقامت دولة الكفر من سباتها ، تلهث وراء التقدم الإسلامي، الذي أبهرها، وتسرق من علومه التي أدهشتها، وتأخذ من فكرها الذي أذهلها.
فتحولت مسيرة القيادة من دولة الإسلام صاحبة الحق والعدل، إلى دولة الكفر:"وتلك الأيام نداولها بين الناس"، فبدأ الغرب كله في العصر الحديث في لمح البصر، يحث الخطى نحو التقدم المادي، وسبب ذلك أنه لما قام من غفلته، وجد أن حملة الدين عندهم لم يقدموا للحياة الإنسانية عندهم شيئاً يذكر، واكتفوا بالوعظ البارد، والبيان الهزيل للدين في المعابد والكنائس، ومن ثم قالوا إن سبب هذا التخلف الطويل يرجع إلى هذا الدين وإلى هؤلاء الأحبار والرهبان سواء بسواء.
فنشأ التمرد على الكنيسة، وعلى أحكامها وشريعتها، فقامت حركات ومذاهب تنادي بنبذ تعاليم الأديان والتمرد عليها لأنها سبب التخلف والرجوع، فقامت المذاهب العلمانية وغيرها بالحرب والانفصال بين الدين والحياة.
ومع تطور النظريات البشرية العلمانية والإلحادية بعيداً عن تعاليم الكنيسة والدين، أصبحت هناك قناعات بل ونظريات تنادي بالحرية المطلقة من كل قيد أو أدب أو تعليم ديني وكنسي.
ثم بدأ الغرب صراعه الطويل مع الإسلام وأهل الإسلام، ومن ثم نشأت الحملات العسكرية والصليبية على العالم الإسلامي ، لتنهب ثرواته ومقدراته وخيراته، وتشفي أحقادها وضغائنها من هذا الدين وأهله.
ولكن مع مرور الزمان والوقت لم يلبث هؤلاء حتى قاموا بإنشاء حرب من نوع جديد، والتي سميت بالغزو الثقافي والفكري للعالم الإسلامي، لتسميم وتجفيف منابع الإسلام وأخلاقه وآدابه في حياة الإنسان المسلم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
حتى خرجت علينا جملة هائلة من المصطلحات والأفكار والحروب الثقافية والفكرية، والتي تهدد كيان المجتمع الإسلامي، وتخلخل بينته، وتفك أوصاله، وتقلب أفكاره واتجاهاته، ما بين مصطلحات كالحرية – التي تعني انفلات الإنسان من كل قيود وآداب وأخلاق – ، والتقدم والتطور والتنوير، ومصطلحات وقضايا أخرى للمرأة تعبث بدينها وأخلاقها سائر شؤونها، كحرية ، وسياسة ، وقضايا ، وحقوق ، وظلم ، والقضايا الصحية والجنسية وهكذا دواليك..
وهم بالأصل هذه قضاياهم هم ، ومشاكلهم هم ، لأن المسلمة ما سمعنا يوماً أن لها عندنا في الإسلام قضية ولا مشكلة، ولكن التقليد الأعمى ، والتبعية العمياء خلف الغرب اليوم، خدعت كثيراً من أمة الإسلام، فصاروا خلف القوم يلهثون، ويحثون الخطى نحو الغرب لعلهم يفلحون، فدخلت علينا قضايا الغرب ومشاكلهم، ودخلت علينا حربهم وغزوهم، ودخل علينا مكرهم وخداعهم:"لتبعن سن من قبلكم حذو القذة بالقذة…حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".
رابعاً: الثقافة الجنسية غزو ثقافي وفكري وأخلاقي:
ومن أخطر هذه المصطلحات المستغربة، الوافدة إلينا ما يسمى(بالثقافة الجنسية)، وهذا مصطلح ربما شابه كثير من الغموض، والذي نجحوا به كثيراً في إغراء السفهاء، ومن لا علم يعصمه، ولا دين يهديه، أغروه بمثل هذا النوع الخبيث من العبارات والمصطلحات.
إن الإسلام كما أشرت بداية الكلام وتأصيلاً له، ما ترك شيئاً إلا وبينه وهذبه، ولكن هؤلاء يريدون أن ينحرفوا بالبشرية بعيداً بعيداً..عن وحي الله وشريعته، وعن فطرة الإنسان السوية المستقيمة، وأن يتملقوا البشرية التائهة اليوم في حيائها وأخلاقها، وأن يضلوا الأجيال المسلمة المقبلة عن غايتها ورسالتها الربانية الهادية..
وسؤال يتردد كثيراً على قلب المرء..هل نحن بحاجة إلى ثقافة جنسية مزعومة..؟؟
وهل هي من ضرورات إصلاح المجتمع..المعاصر اليوم..؟؟
وهل تلك القرون كانت في غفلة عنها حتى نفهمها نحن في هذا الزمان..؟؟
الجواب: نقول فيه ونأسف بشدة: إنه مكر خبيث لإفساد المجتمع المسلم، نعم، إن المسلمين اليوم في غفلة كبرى:
أولاً: في غفلة عن فهم حقيقة الإسلام وطريقة تطبيقه كما كانت من قبل.
ثانياً: وفي غفلة عن عدوهم وما يكيد لهم من مكر وخبث وعداء ديني وتربوي وأخلاقي وسياسي وعسكري واقتصادي..إلخ.
ثالثاً: وفي غفلة أيضاً عن غايتهم وأهدافهم التي خلقوا من أجلها..بل وفي غفلة عن آخرتهم..
نعم هناك بعض التقصير في فهم هذه القضايا، نعم هناك خلل في بيانها بمنهج الإسلام وآدابه وعفته.
نعم هناك تجهيل للمسلين عن مكر وخبث، لكن الأمر لا يستدعي أن نأخذ كل ما عند الغرب ، ما دام يتصادم مع منهجنا وعقيدتنا ومصطلحاتنا الإسلامية السامية.
وإني لا زلت متعجباً من يوم أن قرعت أذناي هذه الكلمات الخبيثة -الثقافة الجنسية- ودعني أسميها – ثقافة الانحلال – لأن الحيوانات والأنعام تعرف ذلك جيداً، يعرف ذكر الحيوانات والبهائم كيف يأتي أنثاه، فكيف بمخلوق كرمه الله تعالى، إني أعلم أنها لم تنبت في أرض الإسلام، ولم ترتوي من معينه العف الطاهر، ولكنها نبت في أرض حل بها الانحراف عن الأخلاق والدين والقيم البشرية، وانجرفت بها عواصف الانفلات والتميع والانحلال الأخلاقي والاجتماعي، وإن ألبسوها ثوباً باسم الإسلام ، وأن الأمر مطلوب شرعاً، وجاء في القرآن والسنة، وجاء في الأخلاق والقيم..
نعم جاءت في كتاب الله وسنة رسوله..، لكن..بأسلوب عف،..وأدب جم،..وعبارة مهذبة،..وبلاغة عالية،..وطهارة راقية..لكنها لم تتبذل وتعرى من أدب الإنسان وفطرته،..ومن حياء الإنسان وعفته..فأين الثرى من الثريا..؟؟؟
آسف قلبي: أن تجد كتباً بأسماء إسلامية تحت هذا العنوان، وآسف قلبي أن تجد مجلات وصحفاً ومواقع متخصصة في هذا الباب، بلا حياء أو أدب أو عفة أو خلق..
حتى قرأت مرة وأنا أقلب في بحثي عن شيء ما،..في أحد المنتديات ..أدب وفن التعري عند الزوج..فقلت وهل في الإسلام مصطلح التعري حتى يكون له نصيب من الأدب..؟؟
إن التعري والعري من مصطلحات قاموس الشيطان وأتباعه وأعوانه، كما أخبرنا الله في كتابه:" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ "(الأعراف26)، وقال تعالى:" يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ "(الأعراف27).
فهل نحن في حاجة ماسة حقاً لمثل هذه الثقافة الدخيلة..؟؟، وهل نحن في حاجة أيضاً لأن تصير مادة مستقلة تدرس على شباب وفتيات المسلمين بلا حياء أو خلق أو خجل..؟؟
لئن حدث هذا فهو الإنذار حقاً بعقاب معجل من الله، وهو النذير حقاً بهلاك المجتمع المسلم، وانحرافه نحو الهاوية وما أدراك ما هيه نار حامية..
إن العلاقة بين الرجل و في الحلال الطيب بينها الله في كتابه وسنة رسوله، لكنها تدخل جملة وتفصيلاً بعيداً عن فتنة القلوب، وإثارة الشهوات والغرائز، في آداب الحياة الزوجية، وفي حق الزوج والزوجة، لأن الحياة ليست مجرد متعة فراش، ولكنها الأخلاق والمودة والرحمة..
إن المخطات التي تتخذ في أوكار الصهيونية, والماسونية, والصليبية, والشيوعية.. كلها تستهدف إفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق الخمر, والجنس, وإطلاق العنان للغرائز والشهوات, والجري وراء المظاهر, والتقليد الأعمى… و عند هؤلاء هي أول الأهداف في هذه الدعوة الإباحية, والميدان الماكر, فهي العنصر الضعيف العاطفي الذي ينساق وراء الدعاية والفتنة بلا روية ولا تفكير, وهي ذات الفعالية الكبيرة, والتأثير المباشر في إفساد الأخلاق..
<b><font face="traditional arabic">يقول كبير من كبراء الماسونية الفجرة: «يجب علينا أن نكسب , فأي يوم مدت إلينا أيديها, فزنا بالحرام, وتبد جيش المنتصرين للدين».b r ويقول أحد أقطاب المستعمرين: «كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع, فأغرقوها في حب المادة والشهوات».
وجاء في «بروتوكولات حكماء صهيون» ما يلي: «يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا, إن «فرويد» منا, وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس, لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس, ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية, وعندئذ تنهار أخلاقه…».
ومن وراء هذه القوى المعادية, والتخطيط المدمر.. اليهود فهم الذين آلو على أنفسهم أن يتبنوا كل باطل من الآراء الفكرية في مجال ما وراء الطبيعة, وفي مجال الأخلاق, وفي مجال تحطيم القيم الدينية غير اليهودية, ليفسدوا العالم في عقيدته وفكره وأخلاقه.
وليتمكنوا من وراء ذلك من قيادته, واستعباده, والسيطرة عليه, ولقد أعلن اليهود في –بروتوكولاتهم- أنهم يعملون جاهدين لإفساد الضمائر البشرية عن طريق, التشكيك في الأخلاق والعقائد, ويعملون جاهدين لإفساد العقول عن طريق تزيف الحق, وترويج الباطل, ويتبنون شخصيات إبليسية ماكرة خبيثة تدعو إلى هدم العقيدة الدينية تارة, وهدم الأخلاق تارة أخرى.
بل وقد وصل الأمر باليهود أن رسموا لإفساد الإنسانية منهجًا, أخذوا في تنفيذه عن طريق وسائل الإعلام, ودور النشر, وعن طريق المسرح والسينما, والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وعن طريق كل عميل خائن, وكاتب مأجور, لتم لهم القيادة الفكرية, والنفسية, والفلسفية في العالم كله, فعلينا أن نعلم أن التخنفس في شبابنا, والفجور في نساءنا, وانتشار الخمر, والعهر, والقمار, والميوعة في بلادنا.. هو من مخطات اليهود.(تربية الأولاد:عبد الله علوان).
خامساً: واجب الأمة الإسلامية اليوم:
إن الأمر جد خطير، ولكننا مع ذلك كله، لا نلقي بالتبعة على أعدائنا لنخرج منها نحن بيد بيضاء..، كلا..بل إن التبعة الثقيلة علينا اليوم.
– فعلى أهل العلم والدعاة أن يبينوا للناس شريعة الله المنزلة، ومنهج الله في كتابه وسنة رسوله كما أسلفنا، وعليهم أن يأخذوا بأيدي الناس إلى شريعة الإسلام وآدابه وأخلاقه، وأن يلقنوا شباب المسلمين خصوصاً آداب الإسلام وتعاليم الإسلام في جميع شؤون الحياة.
– كما أن على المؤسسات التربوية والتعليمية في بلاد المسلمين، أن تتجه اتجاهاً جدياً نحو تربية إسلامية طاهرة نظيفة، لا تحتوي على إخلال بالأدب الإسلامي، ولا الخلق النبوي، ولا بالمجتمع المسلم، ولا تنحرف بالشباب المسلم وراء التطلع إلى العورات والحرمات، ولا العبث بالأخلاق والأعراض تحت مسمى – الحرية – الثقافة الجنسية – التقدم – إلى غير ذلك.
– كما أن على ولاة الأمر دور كبير في صيانة الأعراض والحرمات للمسلين، فلا يفتحوا الأبواب أمام كل دخيل وعميل، وكل مستغرب وغريب، ليقتحم بيوتنا، ويهدم أخلاقنا، ويميع عقيدتنا، ويعبث بمناهجنا في وسائل التعليم والإعلام وغيرها، مما كان له التأثير الأكبر على أجيال المسلمين..
– كما أن على الآباء والأمهات والأسر المسلمة دور كبير في تربية إسلامية أرقى، وبناء ثقافي أوعى، وتعليم نبوي أفضل، فلا تغيب عنهم آداب وأخلاق واجبات الإسلام التربوية في جميع مراحل أعمار الأولاد والفتيات، ولا تغيب عنهم برامج التربية الصحيحة ، ولا مصطلحات الإسلام العفيفة الطاهرة..، كما لا ينسوا أن يحذروا أولادهم من فتنة التقليد الأعمى للغرب والكفار، والتحذير من خطر الفتن والوقوع في الحرمات..ونسأل الله العصمة من الفتن.
إننا لسنا بحاجة إلى ثقافة – جنسية – لأن عندنا في منهجنا الإسلامي كل ضمانات البناء والتهذيب، ولأن منهجنا منزل من عند الله تعالى ليس فيه نقص ولا خلل ولا قصور، حتى نتعلم من الغرب فنون العلاقة بين الرجل و بلا ضوابط ولا أخلاق.
ولسنا بحاجة إليها لأن عندنا نحن المسلمين الرصيد الأكبر والكامل من أخلاق النبوة وآدابها في كل شؤون الحياة.
إن الغرب والشرق اليوم يلهثون وراء أدوية وعلاجات تشفيهم مما لحقهم من أدواء وأمراض، حلت بهم يوم أن انساقوا خلف شهوات ونزواتهم يركضون، فهم يعانون من الزهري، والسيلان المنوي، وأشدها فتكاً الإيدز..ويبحثون لها عن شفاء لكن الشفاء في منهج الله وحده..
ولسنا بحاجة إليها.. لكننا بحاجة إلى أن نعود إلى منهج الله الإسلام، لنفهمه فهماً صحيحاً، ونطبقه تطبيقاً صحيحاً، فعندها نعلم يقيناً أن الله تعالى ما شرع لنا إلا طريق سعادتنا وهدايتنا في الدنيا والآخرة.."فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً، ونحشره يوم القيامة أعمى"..
نعم لسنا بحاجة إلى ثقافات تغزوا أخلاقنا وعقائدنا وآدابنا وشبابنا وفتياتنا…ولكنها السن..نعم ..إنها السن
منقول
ماشاء الله عليكى
مثقفة يا بنتى الله اكبر عليكى
ههههههههههههههه
الله يسعدك يا جميل
مثقفة يا بنتى الله اكبر عليكى
ههههههههههههههه
الله يسعدك يا جميل
هههههههههه
منورة ياعشوقة
منور بوجودك يا حبيبتى يا ام جينا ههههههههه
جزاكي الله كل خير