قصة
(( العنزيه بنت الشمال وتعشق جنوبي ))
.الساعة الواحدة بعد منتصفالليل
ليلة الجمعة
سمعت (وداد) وقع أقدام السجانة
وهي قادمة إليها
رفعت يديها
للسماء وتمتمت
(ربي.. ربي أنقذ أمي)
فتحت السجانة باب الزنزانة
وأخرجت القيود
وضعتها في يدا
وقدما (وداد)
وربت على كتفها, وقالت:
(يالله وداد..)
نظرت (وداد) لعينا السجانة,وقالت:
(ربي, أنقذ أمي)
دمعة ليست كل الدموع
سطعت على خد السجانة
نظرت (وداد) لتلك الدمعة على خدها
وهي تقول:-
(يا سواد وجهي.. يمه.. سامحيني يمه)
لم تتمالك السجانه نفسها
فأجهشت بالبكاء.
وسارت (وداد) مقيدة اليدين والقدمين
وخلفها السجانه تمسح دموعها بمنديلها.
…………….
. في منزل (وداد) كانت العائلة مجتمعة
في غرفة نوم (سعاد) والدة (وداد)
كانت أختها (سحر) واختها( رغد)
والدهم (مشاري)
بيقفون أمام سرير
(سعاد)
وهي
متمدة على السرير
تبكي
وتبكي
ومن شدة ألمها وحزنها
كانت تتقلب يمينا ويسار
وتضرب بيديها صدرها
لم يتحمل
زوجها (مشاري)
منظر زوجته
وهي تتقلب من حرقه الحزن
سحب كعب (شماغه)
ومسح دموعه
قبّل راس زوجته
وخرج من الغرفة
أنطلقت سحر
للمطبخ
وضعت ماء (مقروء) فيه
ورجعت لوالدتها تركض
قدمت الماء لوالدتها وقالت:
(يمه, أشربي العزيمة)
لم تجبها والدتها,
فقط كانت تبكي.
دخل والدهم (مشاري)
سحب الكوب من يدي
إبنته (سحر) وسكب على يده
بعض من الماء
ومسح وجهها بالماء
وقال:
(حبيبتي, تكفين ارحمي حالك)
لم تتمالك (سحر) نفسها وهي ترى تعاطف
ابيها مع والدتها
وصوته المبحوح
_وهو يتقاطر دمعا
وحزنا
فركعت جالسه واضعه
يديها على وجهها تبكي
لم تتمالك (سحر) نفسها
فخرجت من الغرفة
تبكي.
حين خرجت ورات ابناها
وابناء أختها (رغد)
واخوتها الصغار
يبكون
تحاملت على نفسها
وتمالكت أعصابها
وتصنعت الابتسامة
وقالت:
( يا شطار من فيكم يبي حلاوة)
نظرت لها ابنتها (سحايب) وقالت:
(ما ابي حلاوة, ابي اشوف دادا سعاد)
نظرت لها والدتها (سحر)
وركضت هاربه من أعينهم
الحزينة
تذرف دموعها
@.في السجن@
وقفت (وداد) أمام غرفة بها (طاولة)
وعليها
بعض الملابس
و(منشفة)
نظرت للسجانه
فقالت لها السجانه:
(ذيك ملابسك, خذي دش, والبسيها,
بعدها بنروح بالسيارة للصفاة)
فكت السجانة القيود
من قدمي ويدي
(وداد)
أخذت وداد
الملابس
وأتجهت لدورة المياة
نزعت ملابسها
وبقت تحت الماء
المنهمر من الصنبور
كان الماء باردا
لكنه لم يكن كافيا
ليطفي
حرقة قلبها الطري,
أغمضت عيناها
وبدأت الذكريات تنساب
بذاكرتها
كأنسياب
الماء على شعرها
بالاسود المسترسل الطويل
وكأنسياب الدموع
على وجنتيها الطريتين.
تذكرت عينا والدتها
حين القي القبض عليها
وتذكرت اخر زيارة
لامها
تذكرت سقوط دموع والدتها
حين سمعت (القاضي) يقول:
( القصاص)
وتذكرت عينا والدتها المبهوته
وهي تسمع كلمة القاضي,
وحين رات (القاضي)
يوقع على (صك القصاص)
صاحت والدتها:
(ذبحت بنتي, بجرة قلم ذبحتها)
وسقطت مغشيا عليها
تذكرت حين نظر فيها
والدها (مشاري)
وقال:
(الله لا يسامحك, شوفي وش سويتي في أمك)
جثت على ركبتيها بوسط
دورة المياه تبكي
وهي تتذكر
تلك الليلة
ليلة (دخلتها)
حين نظر لها
زوجها (فهد)
وابتسم ثم تقدم لها
وهو يتلمس اناملها
وساعديها
وحين لمس شعرها
الاسود المسترسل الطويل
وقال:
(وداد أكيد ما نسيتي حدا اذانك بيت اهلك)
إبتسمت لهذه الدعابة الخفيفة منه
حينها
ابتعد عنها قليلاً
ثم استدار بسرعة لها
وضع يده على الجانب الايسر من صدرها
وقال:
(لايكون نسيتي قلبك بشنطتك)
حينها قرب أذنه من صدرها
وتحسس نبضات قلبها, وقال:
(حشا موب قلب ذا طقاقة)
حينها لم تتمالك نفسها
فضحكت,
بشدة وبصوتا عالي, فكان رده
(عساها دوم ذي الضحكة) وأمسك
اطراف اناملها وهو ينظر لعيناها,
تذكرت
حين شد على يدها لتجلس على طرف
السرير
وجلس هو على كرسيا امامه
وقال:
(وداد,الناس تهدي ذهب والماس
لكن هديتي انا غير..)
حينها نهض
وسحب سجادة
من (درج) بجواره
وكشف عن مصحفين
احدهما صغير جدا
وقال:
(ذي هديتك مصحفين وسجادة)
وقدمها لها ,
ثم علق:
(ترى انا قعيطي)
وابتسمت على حركة عينيه وهو يقول ذلك.
حينها أمرها بان تقوم وتصلي
صلاة (التهجد)
وتذكرت حلاوة تلك الليلة التي
لا تنسى
حلاوتها بقفشاته وتعليقاته الطريفه
وخفة ضله.
ورقة تعامله.
بصعوبة استطاعت النهوض مرة أخرى
اغلقت صنبور الماء
وقفت قليلا استجمعت انفاسها
وفتحت صنبور الماء الساخن,
فبدأت ذكريتها
تنساب
كإنسياب
دموعها
تذكرت الليلة التي أعقبت
ليلة زواجها
حين سافرا لقضاء
شهر العسل خارج
السعودية
تذكرت كيف أن الارهاق
والتعب اضر بجسدها
وكيف أنهكها
تقلبات الجو
تذكرت حين وصلا للفندق
فلم تستطع مغادرته ثلاث اياما متتالية
بسبب الحمى,
تذكرت حين
أرتفعت درجة حرارتها
وكان هو يبل المنديل
ويضعه على جبينها
تذكرت كيف تصحى من النوم
فتجده جالسا قد أعياءه
السهر بجوارها
وحين يراها تنظر له يقول:
(يله خلصينا يالصعيدية ماذي بحما)
وحين تبتسم على طرافه تعليقه
يقول:
(الله لايحرمني من نور ضحكتك)
تذكرت حين كانت تشتد عليها الحمى
فيضع المنديل المبل على جبينها
ويقول لها:
(قمريتي, تكفين نبي نروح للمستشفى)
وحين كانت تهز راسها بالرفض,
يقول:
( يا خوافه , وربي ما يطقون ابرة.ترى هي
ما توجع شويه قد كيذا)
فتهز راسها بالرفض,
فيقول:
( ابشري امورتي, وربي ما اصلح الا اللى ترضيه)
كان كلامه لها ورقته معها
كالدواء الذي يعينها على حماها
والترياق
الذي يقوي جسدها الغض
وحين لم يعد ترياق زوجها
ينفعها
حين إرتفعت حرارة جسدها
ولم يعد المنديل يجدي نفعا لخفضها
رفعها بكلتا يديه
نزع بعض الملابس التي ترتديها
ثم حملها
ليضعها في
(البانيو)
ويغطسها في الماء البارد
حتى إنخفضت درجة حرارة جسدها
تذكرت كل الايام الحالية معه
وتذكرت اسلوبه الطريف
في التعامل مع قساوة الحياة
تذكرت حياة سعيدة قضتها بين
احضانه
كاأميرة
كما كان يناديها
ويدلعها:
(اميرتي, امورتي)
سحبت (المنشفة)
نشفت جسدها
وأرتدت ملابسها
وخرجت
وجدت السجانة تنتظرها
مدت للسجانة يديها حتى تقيدها
فنظرت لها السجانة , وقالت:
(لا, وربي, بلا أنظمة بلا تعليمات, بتروحي
كذا للصفاة, أتهني بما بقا لك من حرية)
نظرت لها (وداد) وقالت:
(حريتي, مات معه)
سقطت دمعه من عينا السجانة وقالت:
( عارفة يا وداد, كلنا حبينا, لكن مثل حبك
وتضحيتك ما نحصل,.. خسارةأني ما عرفتك الا بالسجن)
ابتسمت لها ,
أبتسامة حزن وقالت:
(قبل السجن موب يم حد اناكلها قضيتها بحضينه مشغولة فيه)
ابتسمت السجانة ومسحت بكم ملابسها دموعها
وقالت:
(ما الومك)
تقدمت السجانة وخلفها (وداد)
وأتجهن للسيارة التي ستقلهن للصفاة
حيث سيتم (قصاصها
@ في منزل (وداد)@
دخلت الغرفة (سحر) ورأت والدها
يجلس على طرف السرير
وراس والدتها على صدره
وصوت انينها يشبه
(صوت كمان)
وكأنه سيموفنية حزينة لبتهوفن
وأختها (رغد) تجلس بجوار
السرير تضع يديها على وجهها
وفي حضنها (سجادة) بيضاء
وعليها مصحفان,
ركضت باتجاه (رغد) سحبت السجادة
وشمتها , وقالت:
( ريحة وداد فيها)
رفعت والدتها راسها ونظرت لها
مدت يدها (لسحر)
فاعطت (سحر) السجادة
لامها (سعاد)
شمت سعاد السجادة , وقالت:
(وداد, يا ريحة أمي وابوي)
فتحت (رغد) احد المصحفين وقامت تتلو:
(قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا..)
أحست سعاد براحة نفسية وقالت:
( أنا لازم اروح للصفاة بكرة ابي اشوفها)
بهت (سحر) و(رغد) من طلب
والدتهما,
فجث (سحر) بين قدمي
والدتها, وقامت تقبل قدميها, وتقول:
( تكفين يمه.. الا انك تروحي)
نهضت (رغد )وضمت والدتها والمصحف بيدها
وقالت:
(يمه ارحمي حالك. صحتك ما تسمح لك)
سحب والدهم (مشاري) المصحف
وراح يتلو بصوتا حزين
انصتن له وهو يتلو
وفجأة دخل
ابناء (رغد) وابناء (سحر)
واخوتهم للغرفة
يتسابقون للسلام على (سعاد)
جميعهم يقبل راسها
وهم يبكون.
ابتسمت
(سعاد) وقالت:
(قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا..)
نهضت من سريرها
وقالت:
(وداد ما سوت شي غلط, واللى صار صار)
نظرت لزوجها
وابتسامته الحزينة
وقبلت راس زوجها
وقالت:
( لو انا مكانها سويت مثل اللى سوته)
ضحكت (رغد) ضحكة هستيرية
ودموعها تنهمر وقالت:
(تحبين ابوي.. يمه)
فاجابتها والدتها:
(الا أموت فيه)
نظر لها زوجها وقال:
(وأنا اموت في دباديبك يالدبه)
ضحك الاطفال من كلام
(مشاري)
وبدوا ينظرون (لسعاد)
ويقولون:
(دادا سعاد.. دبه سمينه.. دبه سمينه)
نهرتهم (سحر)
فاشارت (سعاد)
لها بان دعيهم, وكانت دموعها تنساب
على خديها,
وضعت راسها على صدر زوجها (مشاري)
وقالت:
(تبون تروحون للملاهي بكرة)
فاجابت, (سحايب) ابنة (سحر):
(ايوه يا دبه سعاد),
وضعت الطفلة يدها على فمها وهي تبتسم بخجل, وقالت:
( يؤ يؤ يؤ .. ايوه نبي نروح يا دادا سعاد)
ضحك الجميع من الغلطة التي
نطقت بها الطفلة,
وبعد برهة من الصمت,
قالت سعاد:
(بكرة ابي اروح انا وحبيبي لشغل وانتم
تروحون مع رغد وسحر للملاهي والا وش رايكم تروحون للثماة)
فصاحوا الاطفال:
(لا نبي نروح للثماة مكان
ماكانت تروح وداد وفهودي زمان)
اطرقت (سعاد) بنظرها تتذكر تلك الايام الحلوة التي قضوها بالثمامة مع (وداد) وزوجها
@صعدت السجانة للسيارة وسبقتها (وداد)@
وقد استوت على المقعد
وأنطلقت السيارة بإتجاه قصر الحكم حيث توجد (الصفاة).
أخذت (وداد) تتمت بلحن أغنية,
نظرت لها السجانة وقالت:
(وداد, أنتِ تغنين)
نظرت لها (وداد) بعينين دامعتين
الا أنهما تشعان بريقاً ساحراً,
وتذكرت حبيبها وزوجها (فهد)
حين كان يطلب منها أن تغني
فيتمتم هو بلحن الاغنية وتردد هي كلمات الاغنية,
نظرت بالإتجاه المعاكس للسجانة نظرت
للمباني
لانوار الشارع
للسكون المطبق على ليل الرياض,
رجعت تتمت بالاغنية,
وبعد برهه,
بدأت بموال حزين:
(هذة الحياة أذاقتنا مرارتها)
أطفاء سائق السيارة صوت الراديو
وانصت لموالها الحزين:
(هذة الدنيا أذاقتنا مرارتها
وأبدت جروحن للناس نخفيها@@1@@)
وبلحنً حزين وصوتٌ عذب
بدأت تغني:
((ذكرتني حبك وأنا اقول ناسيه
جرحت جرحك يوم قرب يطيبي…
تذكر حبيبا راح تذكر لياليه
دار الزمان وكل شمسا تغيبي
ياللي تلوم القلب بفراق غاليه
ليتك بدنيا الحب تأخذ نصيبي@@2@@))
وبدون مقدمات وبوسط الاغنية
بدأت بإسترجاع الموال لكن بصوتٌ
أكثر حزن:
((هذة الدنيا اذاقتنا مرارتها))
كانت (وداد) تجلس بجوار السجانة
وبجوار السجانة
تجلس سجينة أخرى
بعد أن توقفت (وداد) عن الغناء,
سألت السجينة السجانه عن قصة وداد
صمت السجانه ثم بدأت تروي قصة (وداد)
((وكانت وداد تنظر للمباني وتضع وجهها على النافذة))
قالت السجانة:
((كانت تركب مع زوجها بالسيارة متجهين
للمستشفى لان لها مراجعة بقسم الحوامل,
وفجاءة اصطدموا بسيارة, حادث بسيط,
وتوقف زوجها, ونزل لمعاينه السيارة,
وكذلك فعل الرجل الذي اصطدموا به
الا أنه بدا المشاجرة, حاول زوجها
حل الموضوع الا أن ذلك الرجل بدا بالضرب
والمشاجرة فبدا زوجها بالدفاع عن نفسه.
ونزلت هي لتطلب من زوجها أن يكف عن الشجار.
وحين رأت ذلك الرجل يوسع زوجها ضرباً, صرخت
مرعوبة
مرعوبة, فما كان منه الا أن رجمها بحجر
اصاب (بطنها) وكانت حاملا في شهرها الخامس
من قوة الضربه سقطت تتالم, استشاط زوجها
غضبا فبدا في معاودة الشجار الا أن الغلبة أصبحت
لذلك الرجل,, حيث عاجلة بضربة على راسه بقطعة
كبيرة من الحجارة.
وحينها سقط زوجها قتيلاً,
ونهضت مذعورة. الا أن ذلك سبب لها إجهاض
وبذلك توفي زوجها وأبنها في نفس اليوم
واللحظة))
سكت السجانة وقالت:
((تمطر))
نظرت السجينة وقالت:
((يا الله زيد وبارك))
ثم التفت للسجانة متشوقة لنهاية القصة,
لم تستطع السجانة إكمال القصة
فلاذت بالصمت
بقيت(وداد) على حالها تضع راسها على النافذة
وتنظر من خلالها,
مدت اصابعها تتلمس النافذة وقطرات الندى العالقة
عليها من الخارج,
ثم نطقت:
(ودك تعرفين وش صار..!)
(عليم الله ما شين لقوا بي
يا كودالعشق والنية حلالي @@3@@)
صمت, ثم فتحت النافذة
ومدت يدها للخارج
اخذت شهقيا عميقا, وقالت:
(بعد حبيبي, ما نفعني لا أكل ولا مويه,ولا حتى هوا
كنت اشوف اللي قتله بالمحكمة يضحك ويبتسم
ما كن قد صار شي..)
ولاذت بالصمت, وأدخلت يدها فكان عليها
قطرات من الماء
ومسحت بيدها خدها
فا إختلطت قطرات الماء بدموعها, وقالت:
( وفي يوم خبيت المسدس تحت عباتي ورميته
قدام القاضي..ومات,,!! )
تحركت السجينة من مقعدها
ولفت يديها خلف ظهر السجانة وضمتها
وأجهشت بالبكاء, وهي تردد:
(يا ليتني بينك وبين المضرة
من غزة الشوكة الى سكرة الموت
أو ليت شاورني القدر ولو مرة
ولبى مطالب رغبتي قبل ما افوت)
اغلقت (وداد) النافذة,
وقالت:
(ولاتزر وازرة وزر أخرى… الاية)
سحبت السجينة يديها ومدتها ليد (وداد)
وأمسكت بها, وقالت:
(عسى تلقى جنات وارفه ظليلة مع
حبيب توديه ويودك)
بحزن عميق قالت:(وداد)
(قولي, فهودي)
همست السجانة باكية:
(عسى فهودي خليلك بجنات الخلد)
في الصباح كان الجو غائماً
والارض مبلولة بالمطر
وشذى المطر يملى المكان,
كانت (سحر) و(رغد) وأخوهما
الكبير وابنائهم
للتو وصلوا (لثمامة)
حين توقفوا أنطلق الاطفال
يلعبون ويحفرون بالارض
أما الكبار فقد خيم عليهم حزنٌ عميق
وخوفٌ رهيب
فاختهم سيكون قصاصها هذا اليوم
الساعة الثامنة
والدتهم ستحضر القصاص
ويخافون عليها وعلى صحتها
تركتهم (سحر) وذهبت تمشي لوحدها
صعدت (طعس) وجلست عليه,
أخذت غصن شجر وبدأت تحرك به التربة
المبتلة,وتنظر لزوجي حمام على احد الاشجار
يغرد
كانت (وداد) كثيرا ما تجلس تحت تلك الشجرة وتغني,
و راحت (سحر)تردد الاغنية:
(الا يا حمام الورق هيضتني بغناك
تغني طرب والا تغني على شاني
الا يا هنيك بالغنا ما حدن ينهاك
تغني نهار العيد على الورق وزاني@@4@@)
سمعت (رغد) أختها (سحر)
وهي تغني فذهبت إليها,
وحين وصلت قالت لها:
(وخيتي تعرفين الاغنية التي تغنيها (وداد) دايم)
اجابتها:
(ليتك لعيني قريبة…)
فقالت (رغد):
(لا حبيبتي.. ذيك, اللى تقول: ( ذكرتني حبك)
تنحنحت (سحر) ومسحت دموعها
وألقت بالغصن الذي بيدها وبدأت تغني
وهي تنظر للساعة,
كانت الساعة السابعة وخمسٌ وخسمون دقيقة.
في تمام الساعة الثامنة بدأ (السياف)
يحد نصل سيفه
وكانت (وداد) تركع أمامه مغطاة الرأس
وجسدها ملفوف بغطاء ناصع البياض,
كانت تتمت باألحان وتجر الموال:
(هذه الدنيا…)
توقف (السياف) يستمع لموالها, وينصت.
حين توقف
رأت ذلك والدتها (سعاد)
شع في قلبها أمل بان يعدل (السياف)
عن جز رقبتها
دارت الأمال في بالها
وتخيلت أن ابنتها
ستنهض بعد أن يعفى عنها
نظرت في عين ( السياف) فرأت نظرات غريبة
في عيناه,
رأته مبهوت, ينظر في اللاشي
وكان هو يستمع لصوت (وداد)
وهي تجر الموال الحزين,
تحركت المشاعر في قلب الأم
نزلت من السيارة غير مصغية
لهتاف زوجها
وبدات تنشد قصيدتها,
بصوتٌ باكي حزين تتفطر له
القلوب
ويلين له قاسي الصخور
انشدت:
( الدمع ما بل كموم ومناديل
بل قلوب الناس وادمى حشاها
وأصعب بكاء بكى القلوب المعاليل
وش أنت يا ملح الحاجر وماها
الدمع دمع الافئدة والهماليل
من سبلت كل المحاني مداها
ضاقت وسيعات الصدور والمداهيل
بالحزن والضيقات لا واعناها
لقى عليها الهم باب ومداخيل
حتى تفرعن فالضلوع ورقاها
واخذ يرتلها على الضيق ترتيل
حتى أستوت منبر شجون وتلاها
للحشرجة وسط الصدور المواويل
والا الذيابه يوم تقنب عواها
والموت هدام الملذات والحيل
وخناق الانفس لا دنا وأعتراها من رضاها@@5@@)
أنتظر (السياف) حتى أنتهت (سعاد)
من أنشاد قصيدتها,
وحين نظر لاسفل قدميه حيث (وداد) تركع
راى جسدها يرتعش,
كانت تبكي,
وصوتها قد أختفى من شدة البكاء
شهقت شهقة عالية
وسقطت على جنبها
صرخت والدتها( سعاد)وصاحت:
(بنيتي,, وداد. يا بعد امي وابوي)
هزت (سعاد) السياج الذي يفصل بينهما
أنزل (السياف) سيفه
ثم أشار بيده للعسكري الذي بجواره
أن أدخل الأم لأبنتها,
دخلت (سعاد) لابنتها
شدت على ابنتها حتى استوت واقفة
ومن شدة لهفتها ضمت ابنتها
قبل أن ينزعوا الغطاء من على راسها
لحق والدها (مشاري) بهم ودخل لداخل السياج
كشف (السياف) عن وجه (وداد)
وكانت مقيدة,
ضمتها والدتها لصدرها
وراحت تلثمها بشفتيها
وتقبل وجنتيها
وعيونها وكل جزء بوجهها
تقبل يديها المكبلتين بالقيود
تسابق قبلها دموعها المالحة
أقترب منها والدها ( مشاري)
وكان يمسح دموعه بمؤخرة (شماغه)
نظرت له (وداد)
وقالت:
(ليتني مت يوم جبتيني يايمه, ولا تسببت على ابوي
وابكيته)
ضمها والدها لصدره وقال:
(أنتي رفعتي راسي وانا ابوك, وخذتي بثأر زوجك)
مسح بيديه دموعها وقال:
( يجيب الله الفرج يا بنيتي)
صاح صائح من بين الحضور,
(وين غرماهم, وينهم غرماهم)
تعلقت الأنظار في ذلك الرجل
الذي تتضح من وجهه علامات الهيبة
والمسؤولية
كان يلبس (بشت)
أشار رجل بيده لأبو (قاتل فهد زوج وداد)
لأبو الرجل الذي قتلته (وداد)
نظر ذلك الرجل
لأبو القتيل, وقال:
(اطلب من مليون لعشرة.. كم تبي وتعتق هالبنت)
هز (ابو القتيل) راسه ولم يجيب
أتبع الرجل كلامه:
( تبي عشرين مليون… ثلاثين.. اربعين.. اطلب.. اشر انت.. بس.. واعتق هالبنت الوفيه)
همس (ابو القتيل):
(اطلب رقبتها.. وغير رقبتها ما ابي)
رد عليه الرجل, وقال:
(عدل.. بدل.. اطلب وتمنى,, واعتق هالبنيه)
نظر (ابو القتيل) (لوداد ) وقال:
(.. ابيها زوجة لي.. وأعتقها إذا هي تبي تتزوجني.)
نظرت (وداد) والدموع تنهمر من عيني والدتها
(سعاد) ثم قالت:
(انا وداد بنت ابوي..اموت ولا اتزوج احد بعد فهودي )
نظرت لوالدها ثم لوالدتها
ثم امسكت يدا والدتها, ونظرت (لابو قتيلها)
وأنشدت:
(شمالية وعشاقي جنوبي
جنوبي وأعشقه حد الهبالي
شمالية وعذالي وشوبي
وانا اللى حاكين بي حكالي
عليم الله ما شين لقوا بي
يا كود العشق والنية حلالي
وحطوا والله دوبهم ودوبي
على عشقه أبو زيد الهلالي
وقالوا لي الهوى ما هوب بثوبي
وقلت اهواه لو هدمي سبالي
انا ما همني لو هم دروبي
هلي والناس وعماني وخوالي
انا عن واقعي ناسن غدوبي
خذا قلبي وعقلي مع خيالي
خذا كل الغلا ولد الجنوبي
وفوق الراس من الغلا يا هملالي@@6@@)
وحين أكملت قصيدتها
ركعت أمام (السياف)
و وضع والدها الغطاء على راسها
وغطى وجهها
ثم قبلها
وسار مبتعدا
ثم قبلت والدتها راسها
وهمست:
(عسى يجمعك ربي مع فهودي)
همست (وداد)
(آمين)
فأطلق السياف سيفه على عنق وداد فترق راسها عن جسدها.