التصنيفات
منوعات

أبناؤنا وعشر ذي الحجة 2022 تعامل ابنائنا مع الاشهر المباركه احدث موضة

إن نظرةً في واقع الكثير من الآباء والأمهات تُنبئك عن جهل كبير بفضائل ربط الطفل بالأوقات الفاضلة، ومن أكبر الأدلَّة على ذلك الغفلةُ عن اغتنام الأطفال لعشر ذي الحجة مع ما فيها من الأجر العظيم؛ مما يؤدِّي بهم إلى الحرمان.

والأمر الذي يحتاج إلى وقفة تأمُّل:
التباينُ الكبير بين كون الناس لا يهتمُّون بجعل أطفالهم يستشعرون فضل عشر ذي الحجة مع أنها أفضل أيام الدنيا، ولا يذكِّرونهم بفضل العمل الصالح فيها، وبين واقع الناس وحالهم مع شهر رمضان، ورغم أن هذه الأيام أعظم من أيام رمضان والعمل فيها أفضل، إلا أنه لا يحصل فيها من الاهتمام والعناية، حتى لو كان شيئًا يسيرًا مما يحصل في رمضان من النشاط للأطفال وتحفيزهم على العمل الصالح، ولا غرو أن رمضان تميَّز بميزات جعلته بتلك المكانة، ومن أعظمها تصفيد الشياطين؛ مما يكون له أعظم الأثر في نشاط الناس في العبادة، بينما في هذه العشر لا يكون هذا التصفيد إلا أنه يجب على كل مربٍّ أن يَقِفَ وقفة جادَّة مع نفسه؛ حتى يربط الطفل بهذه الأيام الفاضلة.

• • • • •

الاستعداد ليوم عرفة:
أولى لقاءاتنا كانت مع الأخت نوره محمد، معلمة في مدارس تحفيظ القرآن، بدأنا بسؤالها عن الطرق التي تتَّخذها لربط أطفالها بالعشر من ذي الحجة، فأجابت: أبدأ مع أطفالي قبل دخول عشر من ذي الحجة بربطهم نفسيًّا؛ حيث أقول لهم: إني سأنهي أعمالي وأتفرَّغ لهذه العشر حتى لا يفوتني فضلها، وأذكِّرهم بفضل يوم عرفة، وأن الله ميَّزه على غيره بأنه يوم أكمل الله به الدين وأتمَّه، وأن إكمال الدين في ذلك اليوم حصل؛ لأن المسلمين لم يكونوا قد حجوا حجة الإسلام من قبلُ، فكمُل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام، كما أبيِّن لهم أن صيام هذا اليوم يكفِّر سنتين كما بيَّن ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – وأحرِّضهم على صيام ذلك اليوم، وأجعل الإفطار على سفرة جماعية؛ حتى يستشعروا أن لهذا اليوم مزية وفضلاً.

بالفن والرسم حققت آمالي:
ثم شاركتنا الإجابة أمُّ ود ياسر فقالت: حيث إني أحب الرسم والأعمال الفنية فقد ربطت أطفالي بهذه العشر عن طريق عمل بعض الأعمال الفنية؛ مثل: مجسَّم مصغَّر للكعبة والجمرات، وبعض الرسوم، ثم أشرح لهم معناها وفضلها؛ لأُشعرهم بأن هذا الشهر ليس كغيره، وبذلك حقَّقت آمالي في ربط أبنائي بهذه العشر.

خيمة العشر:
كما شاركتنا أمُّ يعقوب ماجد قائلة: أمَّا أنا فأعمل خيمة لأطفالي في غرفة نومهم عبارة عن أقمشة بيضاء، تسمَّى خيمة الحج، أضع فيها مجموعةً من قصص الأنبياء، وخاصة قصة سيدنا إسماعيل – عليه السلام – ومصاحف، وكتبًا عن الحج، ونجلس داخل هذه الخيمة بشكلٍ يومي أيام العشر فأقص عليهم القصص، وأشرح لهم مناسك الحج بشكل مبسَّط،كما أبين لهم فوائد الذكر والتكبير، وقراءة القرآن الكريم، وأرسِّخ لديهم فضل هذه الأيام، وأنوِّع بذلك حتى لا يمَلُّوا، وبذلك أجعل أبنائي يعيشون أجواءً خاصة في هذه الأيام المباركة، خاصة وأنهم يفرحون بهذه الخيمة فرحًا شديدًا.

مدرسة عظيمة لكل طفل:
شاركتنا التحقيقَ أمُّ محمد الغامدي فبدأت حديثها قائلة: إني أحرص أشدَّ الحرص على يوم النحر فأوضح لأطفالي فضل هذا اليوم، وأنه يوم الحج الأكبر، وفيه تُنحر الأضاحي، كما أني أحبِّذ إشراك الأطفال في الأضحية مع بيان الأجر المترتِّب عليها، وكيف أن الله – سبحانه وتعالى – نجَّى إسماعيل – عليه السلام – من الذبح وفداه بالكبش، وأستغلُّ هذه الفترة لغرس القِيَم السامية التي في قصَّة إسماعيل – عليه السلام – من برٍّ للوالدين، وتوكُّل على الله، وصدق، ويقين بالله؛ ليتحلَّى الطفل بها، فإن هذه الأيام مدرسة عظيمة لكل طفل.

إحياء سنة مهجورة:
أمُّ محمد الحياني: يجب تعويد الطفل على التكبير في هذه الأيام، وبيان أنها من السنن المهجورة، وأنه بتكبيره في هذه الأيام فإنه يكسب أجرَ إحياء سنة مهجورة من سنن النبي – صلى الله عليه وسلم.

تطبيق عملي للحج:
سناء مشرفة رياض أطفال: نحن نربط الأطفال بهذه الشعيرة العظيمة عن طريق عمل تطبيق الحج بصورة مبسَّطة مع الطفل، فنجعل أركانًا في المدرسة، وفي كل ركن نضع مَنسكًا من مناسك الحج مصغَّرًا ونجعل الأطفال يتنقَّلون بينها ويتعرَّفون عليها، وهم يلبسون ملابس الحج، وبذلك يعيش الأطفال مع هذه المناسك، مما يكون له الأثر العظيم في تعليمهم ومحبتهم لهذا المنسك، وقد وقفت بنفسي على ذلك الأثر في طلابي.

الحج في قلوب أطفالي:
أمُّ عبدالعزيز أنس: لقد ربطتُ أبنائي بالحج، وجعلته في قلوبهم رغم صِغَر سنِّهم، وذلك عن طريق التلفاز، فعند مشاهدة أبنائي للمناسك أبدأ بشرحها، وتوضيح أجرها وفضلها، كما أني أشتري لهم القصص التي تحوي على صُوَر توضيحية لمناسك الحج؛ لتثبت المعلومات لديهم، وتتشرَّب قلوبهم حبَّ هذه الفريضة.

أميِّز شهر ذي الحجة:
أحد المشاركات قالت صاحبتُها: عوَّدت أطفالي على مكانة هذا الشهر عن طريق شرح فضل العبادات، وأظهرتُ لهم القدوةَ في زيادة ممارستي للعبادة أمامهم، كما أعدُّ لهم الشهور، ثم أميِّز شهر ذي الحجة عن غيره عن طريق تلوين شهر ذي الحجة، كما أحكي لهم عن شعائر الحج؛ وبذلك ينشَؤون على أن هذا الشهر له قدسية لا يحملها شهر غيره.

دَيْدَن السلف الصالح مع أبنائهم:
وقد شاركَنا المستشارُ الأسري والتربوي الشيخ عادل بن سعد الخوفي مشكورًا فقال: جاء عن ابنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مسؤول عَنْهُ: مَاذَا أَدَّبْتَهُ؟ وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ"[1] ، وقال بعض العلماء: "اللَّهَ – سُبْحَانَهُ – يَسْأَل الْوَالِدَ عَنْ وَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْل أَنْ يَسْأَل الْوَلَدَ عَنْ وَالِدِهِ"[2] .

لقد كان دَيدَنُ السلف الصالح في تربيتهم لأولادهم بناء معتقدهم، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتحصينهم ضدَّ الشهوات والشبهات، وتأهيلهم للأعمال الجليلة، والواجبات الشرعية، والسلوكيات الحميدة، وقد وردت النصوص في تأكيد ذلك وبيانه، جاء عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَت: "أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِى حَوْلَ الْمَدِينَةِ: ((مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ))، فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ – وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ"[3].

هكذا كانوا، وهكذا ينبغي أن نكون مع أطفالنا في خير أيام الدنيا؛ عشر ذي الحجة، يقول – صلى الله عليه وسلم -: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة))، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء))[4].

وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثِروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))[5].

قال الإمام ابن حجر: "الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ، سَوَاءٌ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لاَ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِهِ؛ لاجْتِمَاعِ الْفَضْلَيْنِ فِيهِ"[6].

فهل ترى من النَّجابة في شيء أن نُفوِّتَ أيامًا عظيمة كهذه الأيام، دون أن ننقش من آثارها على أولادنا، فيشبّ أحدهم وقد اعتاد القيام بشعائر الإسلام، وتمرَّس على واجباته ومستحبَّاته، ونشأ وقد وقَرَ في قلبه عظمة ما نُعظِّمه، وصارت أعظم الأشياء عنده ما نعتقده، متين المعتقد، سليم القلب، طاهر اللسان، شابًّا صالحًا، وعضوًا نافعًا في المجتمع؟!

إننا لنُحَقِّقَ هذه الخِصال مع أطفالنا في أعظم الأيام عند الله، ينبغي أن تكون لنا خُطوات أسرية إيمانية مدروسة، نستجلبُ بها رحمة الكريم المنَّان، ونؤكِّد فيها التقارُب معهم، ونرسم أهدافًا سامية يسعى الجميع إلى تحقيقها في دنياه لعمارة آخرته وبنائها.

الخطوة الأولى (لفت الانتباه):
وذلك بطباعة حديث الإمام البخاري، وحديث الإمام أحمد، وقول الإمام ابن حجر – رحمهم الله – التي ذُكِرَت مطلع هذا المقال، بصورة واضحة، وتعليقها في غرفة الجلوس، أو في مكان بارز في البيت؛ ليتمكن الجميع من قراءتها، ولو أمكن إعلان جائزة مناسبة لِمَن يحفظها من أفراد الأسرة، لكان هذا جميلاً.

الخطوة الثانية (التهيئة النفسية):
حيث تجتمع الأسرة في حلقة حول الأب، أو غيره من أفراد الأسرة؛ لبيان عظمة هذه الأيام العشر، فقد ذكرها الله – تعالى – في كتابه : {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1- 2][7] ، وجاءت الأحاديث وأقوال السلف في فضلها[8]، وأنها أعظم أيام الدنيا، وقد حثَّ نبينا الكريم – صلى الله عليه وسلم – على العمل الصالح فيها، وأمر بكثرة التهليل والتكبير، ثم فيها يوم عرفة، ويوم النحر، واجتمعت فيها أمهات العبادة: الحج، والصدقة، والصيام، والصلاة[9].
يتم عرض هذا كله بأسلوب مشوِّق يتناسب مع الفئة العمرية لأفراد الأسرة، وبمزيد من المراعاة لفُهُوم الأطفال فيها.

الخطوة الثالثة: التعرُّف على أَعْمال العَشر:
دلَّت النصوص من الكتاب والسنَّة وأقوال أهل العلم على استحباب الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه العشر، ومن ذلك:
أولاً: أداء الصلوات المفروضة على وجهها الأكمل، بأدائها على وقتها، والتبكير لها، وإتمام ركوعها وسجودها، وتحقيق خشوعها؛ فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: "سَأَلْتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: ((الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا))"[10].
ثانيًا: التقرُّب إلى الله بالإكثار من قراءة القرآن،
والصدقات، وإعانة المحتاجين، والتوبة والاستغفار، وصلاة النوافل، وأداء السنن الرواتب، وصلاة الضحى، والوتر، وقيام الليل، فقد جاء عن سعيد بن جبير قال: "لا تطفئوا سُرُجكم ليالي العشر"[11] ، كناية عن القراءة والقيام.
ثالثًا: صيام ما تيسَّر من أيام هذه العشر،
فهو داخل في جنس الأعمال الصالحة، وآكَدها صيام يوم عرفة لغير الحاجِّ؛ قال – صلى الله عليه وسلم -: ((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ))[12].
رابعًا: الإكثار من التهليل، والتكبير،
والتحميد؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((فأكثِروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))[13]، كما أنه يستحب التكبير المطلق في البيت، والسوق، والعمل، إلا ما دلَّت النصوص على كراهة الذكر فيه؛ قال – تعالى -: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، وصفته: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)[14] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}: أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا"[15].
خامسًا: ومن أعظم الأعمال في هذه العشر:
حج بيت الله الحرام وقصد بيته؛ لأداء المناسك لمن تيسَّر له، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[16]، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه))[17].
سادسًا: ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر المباركة ذبح الأضاحي تقرُّبًا لله؛
فإنه – صلى الله عليه وسلم – ضحَّى بكبشين أملَحَين أقرَنَين ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجله على صِفَاحِهِما"[18] .

الخطوة الرابعة: الجانب التطبيقي التربوي:
1- تشجيع الأطفال على حفظ الذِّكر المطلق في أيام العشر،
وكذا حفظ شيء من نصوص فضائل الأعمال فيها، من خلال إعلان مسابقة لذلك وجوائز حسِّية ومعنوية، فإن لذلك أثره الكبير في صياغة عقلية الطفل واهتماماته في المستقبل، قال إبراهيم بن أدهم: "قال لي أبي: يا بنيَّ، اطلب الحديث، فكلما سمعت حديثًا وحفظتَه فلك درهم؛ فطلبت الحديث على هذا"[19].
2- اعتياد الصغير للعبادة سببٌ في محبَّتها وإلفها،
فتكون سهلة ميسورة حين كِبَره، كيف وهو يرى والديه جعلا أعمال العشر برامج تطبيقية عملية في حياتهما، يذكِّران بالصلاة على وقتها، ويُرَدِّدان على مسمعه كلمات الأذان، ويُرَطِّبان أسماعه بترداد التكبير المطلق، ويصطحبانه لإيصال الصدقات وإعانة المحتاجين، يُعَرِّفانه بالسنن الرواتب وأجورها، ويُعوِّدانه صيام جزء – ولو يسيرًا جدًّا – من اليوم.
3- الجلسات الحوارية الأسرية الهادئة لها أثرها البالغ في حياة الطفل،
ولو كانت إحداها في شرح معاني مفردات التهليل والتحميد والتكبير، وشيء من دلالات أسماء الله وصفاته، وبيان الحكمة من الصلاة، والصوم، وإعانة المحتاجين، وأثر أيام العشر ويوم عرفة على العباد – لكان في ذلك ترسيخ لمحبة الله – سبحانه – وتعظيمه، وتوقيره، وقدره حق قدره، وترسيخ محبة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسبب في أن ترتبط نفس الطفل بمولاه – سبحانه – وتنمو روحه وتَسْلَمُ فِطرتُه، ويبقى مستظِلاًّ بظلِّها، يعيش معناها في كِبَره شيئًا فشيئًا.
4- استثمار المزايا العظيمة التي ذكرها – صلى الله عليه وسلم – للعمل الصالح في هذه الأيام العشر؛ لتبيان أن الله جعلها أمام عبيده ليتقرَّبوا إليه، فتزيد حسناتهم، وتحط سيئاتهم، فيفوزوا بجنة عرضها السموات والأرض، كما أنها تدلُّ على محبة الله لعباده المؤمنين، وأن قَدْرَ الموَحِّد عند الله عظيم؛ فلا يجوز تخويفه، أو رفع السلاح في وجهه، أو التنابُز معه بالألقاب الفاحشة؛ فقد نظر ابن عمر – رضي الله عنه – يومًا إلى الكعبة فقال: "ما أعظمَك وأعظمَ حرمتكِ، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك!"[20] .
5- في الأضحية إحياءٌ لسنة أبينا إبراهيم –
عليه السلام – وفيها تذكيرٌ بقصَّة الفداء والتضحية والتقرُّب إلى الله، وفيها هدي نبينا – صلى الله عليه وسلم – يوم العيد، وحين إلقاء الوالدين على أطفالهم قصة نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل، حيث أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يسمَّى بعيد الأضحى، يذبح فيه المسلمون الذبائح تقرُّبًا إلى الله، وتخليدًا لهذه الذكرى – تبقى هذه القصة مؤثرة في عقولهم ووجدانهم، يعيشون حياة أبطالها، يستمعون بشغفٍ إليها، ويتقمَّصون ما فيها من حِكَم أو دلالات، وينسجون لنفوسهم خيالات واسعة بين أحداثها، فيؤمنوا بما دلَّت عليه، وتفتح لهم ملكة التفكير للتعبير والإبداع النافع.

أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض،
أمانة في أعناقنا، يتعلَّمون خلال سِنِي حياتهم مَعَنا ما يُعينهم على القيام بأدوارهم المستقبلية؛ تارة بالتقليد والمحاكاة، وتارة بالمحاولة والخطأ، وتارة بما اعتادوا عليه، فإنه من المعروف أن الطفل يتأثَّر بوالديه، وهذا الأثر يبقى لفترة طويلة، قد تمتدُّ طوال عمره، وقِيَم الوالدين والإخوة تنتقل للأطفال بصورة مباشرة بحسب مجريات الحياة اليومية ومستجدَّاتها؛ ولذا فعلى الوالدين إشباع أطفالهم بمنظومة قِيمية، ومعرفية، وروحانية، ومهارية، تجعلهم مؤمنين بربهم، صالحين في أنفسهم، بَنَّائين في مجتمعهم.
منقول




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.