وقد خرجت من هذه المعايشات المتواصلة باكتشاف انتشار عدة أفكار تسكن عقول الزوجات العربيات وتسرق منهن السعادة الزوجية وتكتب أسماءهن "بجدارة" في قوائم التعيسات والمهددات بالمرض النفسي والجسدي.
ونبدأ بإصرار مستميت من الزوجة العربية على أن يضعها زوجها على رأس أولوياته في الحياة وأن تسبق كلا من عمله وأصحابه وهواياته وأهله، فإذا لم تظفر بذلك فإنها تسمح للإحساس القاتل بالظلم بأن يقود حياتها، وكيف لا تشعر بذلك وهي تقسم أن تضعه في أهم أولوياتها وأنها تفضل البقاء معه -في بداية الزواج بالطبع- عن أي شيء آخر، وأنها تريد أن يكونا شخصا واحدا في جسدين، وترفض أن تكون مثل قطعة الأثاث في المنزل يمكن الاستغناء عنها… وما إلى ذلك.
أنتِ أولا
ونرد –بكل ود واحترام- على كل من تفكر بهذه الصورة، ونقول: هوني على نفسك، قومي بحب نفسك حبا إيجابيا ولا تضعي أحدا غيرك على قائمة أولوياتك، واهتمي بأن يكون الوقت الذي يقضيه زوجك معك وقتا جميلا وممتعا لكما سويا، ولا تبعثريه في الشكوى من ابتعاده عنك لأنك بهذه الطريقة تدفعينه بعيدا عنك وسيشعر أنه دائما متهم بالتقصير وبأنك تحملينه ما لا يريده وتريدين السيطرة عليه وفرض أجندتك الخاصة عليه.
ونرى أن الزوجة الذكية لن تقبل بذلك وتسعد بأن لها وجودا ما في حياة زوجها وتحرضه بذكاء على زيادة هذا الوجود من خلال صحبتها اللطيفة وأنوثتها الناعمة وكلماتها الودودة، وقبل ذلك كله انشغالها عنه في غيابه وتركيزها على باقي أدوارها في الحياة سواء كأم أو ربة بيت أو امرأة عاملة أو صديقة، فإن ذلك يمنحها شعورا رائعا بالاعتزاز بالنفس، مما يجعلها ترى الحياة بصورة أكثر اتساعا ولا تختزل نفسها في دور الزوجة؛ مما يجعلها تؤدي هذا الدور بصورة أفضل لها ولزوجها أيضا ولا تكون عبئا عليه ولا تضايق نفسها بالتساؤل عن المكانة التي نشغلها لدى زوجها، فالأهم هو تحسين التعامل اليومي مع الزوج.
معاناة مؤلمة ولكن
بانفعال رهيب تتسابق الكلمات على لسان زوجة تقول: لو كان زوجي يحبني لترك لي قيادة الأسرة واحترم كلمتي كما يفعل زوج صديقتي، ويجبر أهله على احترامي والخوف من مضايقتي ولا يخبرهم بأي شيء يحدث لنا، كما يجب أن يحب أولادي أهلي أكثر مما يحبون أهل والدهم، وعلى زوجي أن يتقبل بنفس راضية إهمالي في مظهري بعد الزواج، وأن يراعي مشاعري فلا ينظر إلى أي سيدة جميلة ولا يبدي أي ملاحظات تجرحني، وعليه أن يتفهم انشغالي في تربية أبنائه وطهي طعامه وترتيب وتنظيف منزله، ولا بد أن يتحمل غضبي وصراخي أحيانا بسبب كثرة المسئوليات الملقاة على عاتقي وأن يعرف أنني كان يمكنني أن أتزوج من يفضله وأن زملائي في العمل أو الأقارب يدركون قيمتي جيدا وأنه الوحيد الذي لا يعرفها، ويكفي أنني أعطيه حقوقه الزوجية وأجعله يستمتع بهذا اللقاء و…
ونربت على هذه الزوجة وكل من توافقها في آرائها وبالتالي تتحمل معاناة مؤلمة نتمنى لها الخلاص منها. والحقيقة أن الزوجة الذكية هي التي تجعل زوجها يتحمل مسئولية الأسرة برفق وذكاء، وعندما يكون لديها رأي مخالف تطرحه في صورة تساؤل كأن تقول له: ماذا لو فكرنا على هذا النحو؟ وتطرح ما تريده ثم تترك له الخيار بعد أن توضح له باختصار شديد ودون إلحاح مزايا الرأي الذي تؤيده ثم تبدي ثقتها بأنه سيختار الأفضل للأسرة، وتتركه وتمضي أو تغير الحديث ولا تبدي تلهفا على إمضاء رأيها ولا تتشبث به حتى لا تستفزه إلى رفضه ولو من باب العناد أو إثبات أنه صاحب الكلمة الأولى في المنزل.
والزوجة السعيدة لا تقارن بين زوجها وأزواج صديقاتها أو قريباتها ولا تصدق ما تقوله صديقاتها عن تمتعهن بالسيطرة التامة على الأزواج، فمعظم هذا الحديث يكون كذبا وتتعمد فيه الصديقة إثارة غيظ الأخريات، وإن كان صادقا فإن الرجل الذي تسيطر عليه زوجته تستطيع امرأة أخرى أيضا السيطرة عليه، أو قد يلجأ إلى أخرى فرارا من زوجته حيث اعترف لنا بعض الرجال أنهن هربن من سيطرة الزوجات إلى أخريات يشعر الرجل معهن بأنه له شخصية قيادية.
والزوجة الناجحة هي التي تحرض أهل زوجها على احترامها بل الفرح بزيارتها والترحيب الحقيقي بانضمامها إليهم ولا يكون ذلك بالسيطرة أو بالتحدي ولكن يتحقق بالود والابتسامة والتعامل الذكي الذي يحترم خصوصية أهل الزوج، وتحرص على احترامهم ولا تطلعهم أيضا على أسرار بيتها وتشجع أولادها على حسن التعامل معهم فيفوز الجميع.
بدلا من الاستسلام
أما عن رغبة كثير من الزوجات في تفهم أزواجهن للتغيرات السلبية التي تطرأ على جمالهن وأجسادهن بعد الزواج فنراها رغبة "غير ذكية" حيث تقود الواحدة منهن إلى الاستسلام لضياع الجمال وذبوله المبكر والترهل البدني والهزيمة أمام البدانة، والأفضل مواجهة النفس بصراحة بأنها تستطيع الحفاظ على جمالها واسترداد رشاقتها متى أرادت ذلك بخطوات تعرفها كل النساء ويقدرن عليها بلا مشقة وأن كل ما هناك أنها فقدت الرغبة في ذلك لأنها تشعر بأنه ليست مضطرة إلى ذلك فقد تزوجت وقضي الأمر، ونرى أنها الخاسرة الكبرى من هذا الاستسلام البغيض فلن تستطيع خداع نفسها وتقبل مظهرها السيئ طويلا وستشعر بالمرارة وإن طال الوقت.
ونرفض ما تقوله الزوجة بأن انشغالها بتربية أبنائه -تقصد الزوج- وطهي طعامه وترتيب منزله، فالأذكى هو أن تقول أبنائي ومنزلي أو أبناؤنا ومنزلنا، حتى لا تنزل الزوجة بنفسها من مرتبتها كزوجة وشريكة في الحياة وأم إلى خادمة ومربية، فهذا أمر سيئ وشاع مؤخرا بعد ما تردده بعض النسوة من المطالبات بحقوق المرأة اللاتي يدركن أن ذلك يهدم الأسرة العربية، مع أنهن في حياتهن الخاصة يفعلن عكس ما يتشدقن به وهو ما لمسته عند بعضهن بعد أن عرفتهن معرفة شخصية.
أما قول الزوجة بأن الآخرين يقدرونها أكثر من زوجها، فإننا نؤكد أنه إذا تعاملت الزوجة مع زوجها كما تتعامل مع زميلها ولن نقول رئيسها في العمل فإنها ستفوز بمكاسب رائعة ستقاتل للحفاظ عليها.
أما الادعاء بأن الزوجة تمنح زوجها حقوقه الزوجية وتتفضل عليه بها ولا تستمتع هي بها فعلى الزوجة أن تطرد هذا التفكير الطارد للسعادة الزوجية وأن تستقبله بأن هذا اللقاء ممتع لهما سويا وفرصة لا تعوض لمحو أسباب الجفاء وصنع مقدمات الود والدفء والسعادة.
وصرخت في وجهي
زوجة أخرى تدافعت منها الكلمات وصرخت بوجهي تتهمني بأنني أنحاز للرجال والحقيقة أنني أحب كل الزوجات وأتمنى لهن السعادة الحقيقية وطرد الأوهام التي تحول دون تمتعهن بزواجهن، وقالت لي: من حقي أن يدللني زوجي أمام الناس وأن يجلس معي وقتا أطول بدلا من مشاهدة مباريات كرة القدم أو متابعة البرامج السياسية فهو المسئول عن إسعادي وعن نزهاتي وعن إمتاعي وأنا أقوم بواجبي نحوه، وأنا أتعامل بعنف مع زوجي حتى لا يستهين بي، وحتى يدرك الأبناء أنني صاحبة الكلمة في البيت ويحترمونني ولكنه يضايقني وينكد على حياتي وأظل طوال النهار أفكر في هذه المضايقات وأشكوه لصديقتي وأهلي…
وأهدئ من روع هذه الزوجة وأتمنى لو احتضنتها وأقول لها: لا تنخدعي بما ترينه من إشادة بعض الأزواج بزوجاتهم فمعظمهم يفعلون ذلك لتحسين صورهم وليس من أجل عيون الزوجات، كما أن نسبة غير قليلة من الأزواج الخائنين يحرصون على تدليل زوجاتهم أمام الآخرين لنفي الخيانة عن أنفسهم ولإرضاء غرور الزوجة وتعويضها عن الخيانة.
ومن واجب الزوجة على نفسها ألا تعتبر أحدا غيرها المسئول عن إسعادها، وعليها أن تفعل ذلك بكل الطرق المشروعة بالطبع، وأن تدلل زوجها بمقدار فلا إفراط ولا تفريط.
ونهمس لكل زوجة مؤكدين: لن يستطيع أحد أن يسرب النكد إلى حياتك ما لم تسمحي أنت بذلك فحياتك من صنعك وحدك، ولا تقومي بالتفكير في مضايقات زوجك لك بعد انصرافه حتى لا تشحني نفسك ضده فتكوني أكثر استعدادا للاشتعال الغاضب عند أقل تصرف عابر منه، والأفضل حصر وقت التفكير فيما ضايقك لدقائق معدودة تبدئينها بتهدئة نفسك بالتأكيد أن ما حدث ليس نهاية حياتك وليس عدوانا عليك وعلى كرامتك فهي أعز من أن يقترب أحد من النيل منها، ثم التفكير في حل هذه المشكلة بشكل هادئ وحازم والعمل على عدم تكرارها والانصراف بعد ذلك إلى شئون حياتك والامتناع التام عن الشكوى لأي صديقة، فغالبا ما تقوم الصديقات بمجاملة صديقاتهن وتضخيم إساءة الزوج بدلا من تهدئة الأمور وبذلك يتسببن في مضاعفة شعور الزوجة بالغضب وبالرثاء للذات بدلا من تنفيسه وطرده سعيا لإحلال النظرة الموضوعية مكانه.
ساحة للمعارك
أما الزوجة التي تتعامل مع زوجها بعنف حتى لا يستهين بها فإنها تحرضه على رد الصاع صاعين وبذا يتحول البيت إلى ساحة للمعارك وكأن الزواج ميدان للصراع وليس واحة للتراحم كما أرادها الخالق، وتخسر كثير من الزوجات اللاتي يفعلن ذلك من أجل الفوز باحترام الأبناء، فالحقيقة أنهن يحصلن على أبناء غير أسوياء..
وتخطئ كثير من الزوجات في حق أنفسهن عندما تتوقع الواحدة منهن من الزوج أن يتعامل معها مثلما كان يتعامل أيام الخطبة حيث تتدفق كلمات الحب منه، وتتناسى أنها كانت تتعامل معه برقة ولطف وتحرص على أن تبدو في أجمل صورة أمامه وتذكر أهله بكل ود واحترام، فإذا أرادت الزوجة أن تحصل على مزايا فترة الخطبة فلتعد هي بنفسها إلى هذه الفترة شكلا ومضمونا، والثابت أن الزوجة السعيدة هي التي تنجح في إقامة علاقة الصداقة القوية مع زوجها وتكسب ثقة أهله وحبهم ويلمس زوجها احترامها له وحرصها على تحريض الأبناء على حسن تعاملهم معه وتزيد يوميا من رصيدها لديه وتدفعه إلى الاكتفاء بها كزوجة وأنثى عن طريق التحلي بقوة الأنوثة الناعمة والتجاوب العاطفي في اللقاء الحميم وإشعاره بأنه أهم إنسان لديها دون تكليفه بأعباء إضافية، وهذه هي الزوجة الوحيدة التي رأيتها تتمتع بالسعادة الزوجية وهي التي تزداد جمالا عبر السنين وتتمتع بالرضا عن النفس والتعامل مع الزوج كشريك في الحياة تحترم اختلافه عنها وليس كشيء امتلكته وتريد تغييره فتشقي نفسها كما تفعل الكثيرات وتحرض الزوج إلى البحث عن سعادته خارج الزواج.