✿✿ الترفيل في بحر الرمل ✿✿

لن نقتصر هنا على الحديث عن الترفيل في بحر الرمل وسأحاول أن أستعرض وجوده في غيره من أضرب البحور التي توفر مكانا له . وكان الخليل قد توقف في رصده لهذه الظاهرة عند مجزوء الكامل وحده، مع أنها لوحظت في سداسي الكامل ومنه هذا الشاهد الذي ذكره ابن القطاع والشنتريني ، وهو قوله:
ولنا تهامة والنجود وخيلنا * في كل فج لا تزال تثير غارة
لنلاحظ أولا أن الضرب هنا زاد عن العروض بسبب واحد، وهو ما يشير إلى اختلال علاقة التساوي الأبدية بين العروض والضرب، تلك العلاقة التي أسبغت اسمها على الجزء الأخير من عجز البيت فلم يعد مثل الجزء الأخير من صدره ، والضرب كما هو معروف في المعاجم، هو المثل.
ولنلاحظ ثانيا أن العروض هو الفيصل في تحديده لوزن البحر، فإن اختلف العروض في بيتين لم تجمعهما قصيدة واحدة ، بعكس الضرب فإن اختلافه لا يمنع من الجمع بين ضربين في القصيدة الواحدة ما دامت القافية تسمح بذلك.
في بحر المديد لا يجتمع العروضان الثانية والثالثة في قصيدة ولو اتفقت الأبيات في ضربها المجزوء الأبتر. وما دمنا ذكرنا بحر المديد فلنتعرف على الترفيل فيه. حكى الأخفش للعروض الثانية في المديد ضربا رابعا مجزوءا (مرفلا) شاهده:
لم يكن لي غيرها خلة * ولها ما كان غيري خليلا
لنعد إذن إلى بحر الرمل، وكان الخليل، رحمه الله، قد جعل ضربه الأول قول عبيد:
مثل سحق البرد عفى بعدك الـ*ــقطر مغناه وتأويب الشمالِ
وكان حقه أن يجعله الضرب الثالث، وهو المرفل، لتلك العروض. أما البيت الأول من الرمل فهو لا شك قول بعضهم في صدر الإسلام :
إن ليلي طال والليل قصيرُ * طال حتى ما أرى الصبح ينيرُ
والعروض والضرب فيه متفقان.
أما البحر البسيط فيمكن لنا أن نشير إلى الترفيل في مربعه بما أورده د. عمر خلوف شاهدا على بعض قوالب المجتث، وهو قول أبي شادي:
ما العيش إلا الهوى * واللهو جنب العبادة
وأما البحر السريع، فلنا أن نشكر د. خلوف على تقديمه لنا، من غير أن نسأل، هذا الشاهد على الترفيل، وهو قول ابن المعتز:
يا ليلة بالكرخ هل من مزيدِ * إن لم تدومي هكذا لي فعودي
وأما الرجز فلا شك أنه قابل بكل سهولة للترفيل
(أليس أكثر البحور حرية وقفزا على القوانين !) ، وكنت أود لو أن د. خلوف جاءنا بشاهد عليه غير مشطور ثلاثي ولا مثنى.
وأخيرا ، وليس آخرا يمكن إلحاق مخلع البسيط في كوكبة المرفلين، بهذا الضرب:
إن شواء ونشوة * وخبب البازل الأمونِ
فعروضه مستفعلن وضربه مستفعلاتن.