التصنيفات
منوعات

تفسير لسورة السجدة

تفسير سورة السجدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيات 1 ـ 3

( الم *تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ *أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)

الم : الحروف فى بدايات السور كما سبق شرحه

تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين : تعنى أن القرآن ليس به شك ولا يحتمل الشك وهو منزل من الله رب الخلق جميعا
أم تقولون افتراه : ويقول الكافرون أن محمداصلى الله عليه وسلم اختلقه من عند نفسه
إنما القرآن منزل من عند الله حقا لتحذر الناس الذين لم يأت لهم من منذر من قبلك حتى يتبعوا الحق

الآيات 4 ـ 6

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ * ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )
يخبر سبحانه وتعالى أنه خالق الأشياء كلها
فخلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وبعد ذلك استوى على عرشه
والعرش يحيط بالسموات جميعا وتحته البحر المسجور الذى يحيط أيضا بالسموات وكرسى الرحمن على العرش واستوائه ليس كإستواء البشر ولا مشابهة بين الله والعباد
ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع أفلا تتذكرون : الله هو مالك الأمور جميعا والمدبر لها والقادر عليها ولا ولىّ لخلقه ولا شفيع إلا بعد إذنه
وهذا ليعلم العباد أن لا نظير له ولا رب سواه
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون : والذى يدبر أمور السموات السبع والأرضين السبع هو الله وحده ينزل أويصعد فى يوم واحد مقداره خمسين ألف سنة مما يعد البشر … ولكنه سبحانه يقطعها كلمح البصر فليس لقدرته زمن للقياس مثل البشر ولهذا قال مما تعدون .

ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم : فهو الذى يدبر الأمور جميعا وشاهد على أعمال العباد يعلم كبيرها وصغيرها وما خفى وما علن
وهو العزيز القوى الذى لا يقهر ، وهو أيضا الرحيم بعباده المؤمنين .

الآيات 7 ـ 9
( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ )

الله يخبر عن قدرته سبحانه وتعالى بأنه أتقن وأحسن كل ما خلق
وبعد أن خلق السموات والأرض شرع فى خلق الإنسان ( آدم عليه السلام ) من الطين
ثم جعله وحواء يتناسلون من ماء الرجل والمرأة الذى هو ماء حقير
ثم بعد خلق آدم من التراب المبلل فى صورة طين أحسن خلقته فجعله مستقيما سويا
ثم نفخ فيه الروح التى خلقها من قبل
وشق سمعه وبصره وعقله … فالفؤاد هو العقل
ولكن الإنسان قليل الشكر لنعمة ربه عليه ومن الشاكرين القليلون والسعيد من استعمل عقله فى الطاعة .

الآيات 10 ، 11

( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )
وقال المشركون يستبعدون وينكرون البعث :
أبعد أن نهلك فى الأرض وتتفرق أجزاء أجسادنا فيها نعود ونحيا ثانية
إنهم يكذبون بلقاء الله وبقدرته على استعادة أجسامهم

فقل لهم يا محمد ، إن ملك الموت يقبض أرواحكم الذى وكله الله بهذا العمل
ثم ترجعون إلى الله ويوم القيامة موعدكم لقيامكم من القبور للقاء الله ليحاسبكم على أفعالكم .




الآيات 12 ـ 14

(وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ *وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ *)

وهكذا يكون حال المكذبون يوم القيامة
خاشعة أبصارهم ترهقهم من الذل ناكسوا الرأس من الخجل والحياء ويقولون نحن الآن نسمع ونطيع أمرك ، فارجعنا إلى الدنيا لكى نعمل صالحا فقد أيقنا أنك الحق
ولكن الله يعلم أنهم لو رجعوا لعادوا لطغيانهم
فلو أراد الله أن يهدى لهدى الناس جميعا ولكن هذا تحذير من الله وقد سبق أن اتخذ عهدا بأن يملأ جهنم من الإنس والجن ممن عصوا وخالفوا أوامر الله
وذوقوا العذاب بما كذبتم بلقاء يوم القيامة واليوم تعاملون معاملة المنسى من جنس فعلكم وستعيشون فى العذاب مخلدين فى النار .

الآيات 15 ـ 17

(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ *فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

إن صفات المؤمنين أنهم عرضت عليهم آيات الله وأوامره أطاعوا من فورهم وشكروا الله قولا وفعلا ولا يستكبرون عن الإنقياد لطاعة الله
وهم يقومون الليل ويتركون النوم خوفا وطمعا فى رحمة الله ومغفرته وجنته
وينفقون من أموالهم فى المصارف التى حددها الله حلالا طيبا

وهؤلاء لا يعلم أحد عظمة ما جعل الله لهم من الجزاء فى الجنة ، وبما أنهم أخفوا عملهم فقد أخفى الله لهم عظيم الجزاء مما لا يخطر على قلب بشر .

الآيات 18 ـ 22

( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ *أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ *وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ)

لا يتساوى المؤمن بمن خرج على طاعة الله
فالذين آمنوا بالله ورسله وأطاعوه يدخلهم الله منازل كريمة فى الجنة جزاء بما عملوا من الطيبات
وأما من عصوا ربهم فليس لهم منزلا إلا النار خالدين فيها كلما نضجت جلودهم أعادهم الله فى النارويقال لهم ذوقوا فهذا ما كذبتم من العذاب

وليذوقوا عذابا فى الدنيا ( العذاب الأدنى ) بالمصائب والآفات وما يحل بهم وبأهل بيتهم من مصائب وكوارث
قبل عذاب الآخرة الكبير ( الأكبر ) فى الجحيم لعل من يتراجع منهم عن فعله وظلمه .
وهل هناك أكثر ظلما من التكذيب بآيات الله ورسله وكتبه وجحد بها ( أعرض عنها )
فالله ينتقم من الظالمين المجرمين أشد انتقام .

الآيات 23 ـ 24

( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ *وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت ليلة أسرى بى موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى رجلا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض ، سبط الرأس ، ورأيت مالكا خازن النار والدجال " .

وفى الآيات يقول الله عز وجل لرسوله :
لقد أرسلت موسى لبنى إسرائيل بالتوراة وجعلتها هداية لهم ، فلا تكن فى شك مما رأيت ليلة الإسراء

وكان منهم من صبروا على أوامر الله وامتنعوا عن ما يغضبه وصدقوا برسله وكان منهم أئمة يدعون إلى الحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وصبروا عن الدنيا وكان لديهم من التصديق واليقين .




الآيات 25 ـ 27

( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ *أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ *أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ)

ألم ير المكذبين كم أهلكنا قبلهم من أمم كذبوا وهم الآن يمشون فى أرضهم ويسكنون مساكنهم التى دمرناها عليهم عقابا لتكذيبهم ، وهذه آيات من الله لهم لعلهم يسمعوا أو يعقلوا
فالله يفصل بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه
ألم ينظروا فيرون لطف الله بهم وإحسانه فهو الذى سخر السحاب وساقه إليهم وإلى الأرض الجدباء وأنزله أمطارا من السماء فأحيا به تلك الأرض وأخرج الزرع منها ليأكلوا وتأكل أنعامهم .

الآيات 28 ـ 30

( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ *فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ)

ومع ذلك كله يستعجل الكفار العذاب ويتسآءلون أين ما وعد ربكم وحذرتم من العذاب والنصر علينا إن صدقتم

فقل لهم يا محمد إن النصر قريب لن ينفعهم سخط الله وغضبه عليهم فى الدنيا ، ويوم القيامة لن ينفعهم أن يؤمنوا عندما يرون العذاب

فدعك منهم وانتظر وهم منتظرون الدوائر تدور عليكم ، فسوف يحقق الله لك ما وعدك وسينصرك عليهم ، وتكون الدائرة عليهم .

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .




خليجية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.