يوسف صادق من غزة: كادت الطالبة في إحدى جامعات غزة نعمة أبو هوشي أن تفقد قدرتها على المشي وبالتالي العودة إلى مقاعد دراستها الجامعية، بعدما أصابها هشاشة العظام وتورم كبير في جسدها النحيل، فيما عجز أطباء مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة، أكبر المستشفيات في القطاع، عن تشخيص مرضها وإعطائها العلاج المناسب.
تقول الطالبة نعمة أنها لم تترك باباً إلا وقرعته، حتى وصل الأمر بها للذهاب إلى أهل الدين. وأضافت لإيلاف "سمعت من إحدى النساء اللواتي أتين لزيارتي خلال مرضي، أن هناك جمعية تعنى بالأمراض والتغذية وما شابه، وذهبت إليها بمساعدة والدتي، وأكتشفوا أنني مصابة بمرض حساسية القمح أو السيلياك".
وأبتسمت نعمة وهي تتذكر لحظات عصيبة في حياتها لدرجة أنها فضلت الموت في كثير من المرات عن حياة لا تستطيع خلالها المشي. وقالت لإيلاف "العلاج يكمن في طحين يخلو من مادة الجلوتين الموجودة في القمح، فقط لا غير. إلا أن هذا الطحين الخاص ليس متوفراً في غزة".
من جانبها أكدت صفية دبو مديرة عيادات أرض الإنسان في غزة ومنسقة برنامج الغذاء والتغذية، أن تشخيص المرض هو أساس النجاح. وقالت لإيلاف "منذ فترة كبيرة ونحن نستورد الطحين الخاص من شركة إسرائيلية خاصة تنتج هذه السلعة، ونوزعها على 480 مريض في غزة مصاباً بحساسية القمح".
وأشارت دبو إلى ان الفقر في غزة أثر بشكل كبير على نوعية التغذية عند كافة الأعمار لدى المجتمع الفلسطيني، ما أدي إلى بروز عدد من الأمراض المختلفة. وقالت "سعر كيلو الطحين الخاص الخالي من الجلوتين وصل لـ 9 دولارات، وهذا السعر غالي جداً عند أسر تفتقر لطعام عادي". مشيرةً إلى ان الوراثة والبيئة يلعبان دوراً أساسياً في إنتشار المرض.
ويفتح هذا المرض، كغيره من الأمراض المختلفة، الباب واسعاً أمام عجز الأطباء الفلسطينيين عن تشخيص الأمراض غير المألوفة بالنسبة لهم. وهو ما أشتكى منه عشرات المرضى الفلسطينيين.
وأكدت نائلة كالي، إحدى السيدات الغزيات اللواتي أصابهن المرض، أنها لم تكن تعلم بهذا النوع من المرض لا هي ولا أطباء مستشفى الشفاء بغزة. وقالت لإيلاف "عانيت كثيراً جداً خلال علاجي في مستشفى الشفاء لمدة ثلاث أشهر، فلم يستطع الأطباء إكتشاف مرضي(..) ثم اخذ جسمي ينتفخ كثيراً وبدأ شعري يتساقط تماماً، حتى أنني تمنيت وفاتي وترك أطفالي الخمسة، بدلاً من أن أكون عالةً عليهم".
وأضافت كالي "ذهب إلى مستشفى المقاصد الخيرية في مدينة القدس، وهناك أصر الأطباء على تشخيص مرضي بالمنظار، وحينها عرفوا أنني مصابة بمرض حساسية القمح أو ما يسمونه "السيلياك"، ثم منعوا عني الخبز تماماً، وصرت آكل ألبان وأرز وفواكه وغيرها، حتى عدت إلى ما قبل مرضي".
وأكدت مديرة عيادات أرض الإنسان أن هناك تعاونًا تامًا بين جمعيتها ووزارة الصحة الفلسطينية في غزة من حيث التحاليل المختلفة. وقالت "نحن الآن بصدد برنامج توعية لهذا المرض لكافة سكان غزة، حيث نقوم بورشات عمل وندوات خاصة في الجمعيات والمؤسسات المختلفة المنتشرة في قطاع غزة، للتعريف عن هذا المرض".
وقالت سناء أبو شماس، أم لستة أطفال، أنها عانت كثيراً قبل أن تبدأ بتناول الطحين الخالي من الجلوتين. وأضافت لإيلاف "صرت أشكو من أعراض جانبية مختلفة أهمها وجع شديد في مفاصل جسدي، لكنني اليوم تعافيت تماماً، والحمد الله، بعد أن إكتشفوا مرضي وأعطوني الدواء المناسب".
التصنيفات
حساسية القمح مرض عجز أطباء غزة عن تشخيصه
عجز اطباء غزة عن تشخيص مرض حساسية القمح حيث تلعب الوراثة والبيئة دورًا أساسيًا في إنتشارهذا المرض
مومو