إن انقطاع الحيض الدائم والطبيعي (غير الناتج عن أمراض) هو عبارة عن عملية بيولوجية طبيعية، تحدث للنساء ما بين سن 45 الى 55 عاماً وقد سجلت حالات وصلت فيها المرأة سن انقطاع الحيض في عمر مبكرة (35 عاماً)، أو متأخرة (60 عاماً). يذكر أن نتائج دراسة صدرت العام الماضي بينت أن 2 بالمئة من النساء يصلن سن انقطاع الحيض في سن الأربعين. وقد تؤدي الأعراض النفسية والعضوية التي ترافق سن انقطاع الحيض الى اضطراب النوم وضعف حيوية ونشاط المرأة، والحزن والفقدان.
وأريد أن أنوه هنا، الى أن وصول المرأة الى سن انقطاع الحيض لا يعني بداية النهاية، فما زال هنالك سنوات طويلة عليها أن تتكيف معها. كذلك فإن الوصول الى هذا السن لا يضع حداً لأنوثة المرأة ولنشاطها الجنسي، وعلى النقيض، فإن العديد من النساء يرحبن بانقطاع الحيض الذي يحررهن من عناء الحيض نفسه من جهة، ومن الإنجاب من جهة أخرى.
أسباب انقطاع الحيض الدائم
هنالك عدة أسباب تؤدي الى انقطاع الحيض الدائم، وهي:
انخفاض مستوى الهرمونات الأنثوية: عندما تصل المرأة نهاية الثلاثينيات من عمرها، ينخفض انتاج المبيضين للهرمونات التناسلية: الأستروجين Estrogen والبروجسترون Progesterone.
ومن المعروف أن هذه الهرمونات تنظم الدورة الشهرية. وفي نهاية الثلاثينيات يبدأ انتاج البويضات بالانخفاض تدريجياً. كذلك فإن إفراز هرمون البروجسترون بعد الإباضة ينخفض. ومن المعروف أن هذا الهرمون يجهز جسم المرأة للحمل. لذلك نرى أن خصوبة المرأة بدأت بالانخفاض بسبب هذه التغييرات والتأثيرات الهرمونية.
وخلال المرحلة الانتقالية، والتي تسمى "المرحلة ما قبل انقطاع الحيض" Perimenopause (سيأتي شرحها لاحقاً) يلاحظ بأنه إضافة الى انخفاض هرمون الاستروجين، ارتفاع مستوى هرمون حاث الجريبات (Follicle Stimulating Hormone (FSH وهرمون اللوتنة (Luteinizing Hormone (LH والتي تفرز من قبل الفص الأمامي للغدة النخامية (Pituitary Gland).
وهذه التغيرات الهرمونية تصبح أكثر حدة في الأربعينيات، وقد تصبح الدورة الشهرية أطول أو أقصر عن المعتاد، غزيرة أو شحيحة، الى أن يقف المبيضين عن انتاج البويضات، وبالتالي تلاشي وغياب الدورة الشهرية.
استئصال الرحم: استئصال الرحم لوحده (دون استئصال المبيضين)، لا يؤدي الى وصول المرأة سن اليأس (سن الأمان). فمع أن الحيض يتوقف إلا أن المبيضين يواصلان انتاج البويضات وهرموني الأستروجين والبروجسترون.
أما في حال استئصال الرحم والمبيضين معاً، فإن ذلك يؤدي الى وصول المرأة الى سن اليأس دون مرورها بالمرحلة الانتقالية، وهذا يؤدي الى العلامات والأعراض المميزة لسن الأمان.
قصور المبيضين الأولي: نحو واحد بالمئة من النساء يصلن الى انقطاع الحيض الدائم قبل سن 40 عاماً. وقد يكون سبب ذلك فشل (قصور) المبيضين الأولي Primary Ovarian Insufficiency والذي يتمثل بعدم مقدرة المبيضين على انتاج المستوى الطبيعي للهرمونات الأنثوية. ومع أن السبب لهذا الفشل ما زال غير معروفاً حتى يومنا هذا، غير أنه يعتقد أن للعامل الجيني (المورثات) وللأمراض ذاتية المناعة Autoimmune دوراً في ذلك.
المعالجة الكيميائية والإشعاعية: يصاب العديد من النساء اللواتي يتلقين العلاج للسرطان بالمواد الكيميائية أو بالأشعة بالأعراض الكلاسيكية لسن انقطاع الحيض خلال فترة العلاج، أو حتى بعد ستة أشهر من انتهاء هذا العلاج.
من الناحية العملية لا تصل المرأة الى سن انقطاع الحيض الا بعد سنة من غياب الحيض الأخير، وعادة يكون معدل ذلك في سن 51 عاماً من عمرها.
غير أن علامات واعراض سن انقطاع الحيض غالباً ما تظهر قبل ذلك بكثير، لذلك قسم العلماء سن انقطاع الحيض الى مرحلتين، هما: "المرحلة قبل سن انقطاع الحيض" Perimenopause و "المرحلة بعد انقطاع الحيض" Postmenopause.
مرحلة ما قبل انقطاع الحيض
هذه هي المرحلة الانتقالية للوصول الى سن انقطاع الحيض، وتحديداً الى الحيض الأخير في حياة المرأة. وعادة تبدأ هذه المرحلة بفترة زمنية تتراوح من سنتين الى خمس سنوات قبل الوصول لسن انقطاع الحيض (متوسط العمر 47,5 سنة). وهي عبارة عن جزء من عملية التقدم في السن الطبيعية والدالة على نهاية سن الخصوبة والإنجاب.
وفي هذه المرحلة يصبح الحيض غير منتظم بسبب ارتفاع وانخفاض الهرمونات الأنثوية (التناسلية). فيلاحظ مخبرياً ابتداء انخفاض مستوى هرمون الأستروجين وارتفاع مستوى هرموني FSH و LH. فنرى أن المرأة بدأت تعاني من أعراض سن انقطاع الحيض مبكراً (مع أن الحيض ما زال يحدث عندها). فتبدأ بالمعاناة من توهجات ساخنة Hot Flashes وأرق وصعوبة الخصوبة (الإنجاب).
إذاً أستطيع القول أنه في سن الأربعينيات قد تبدأ المرأة بملاحظة علامات وأعراض سن انقطاع الحيض الوشيك. وقد سجلت حالات لاحظت فيها النساء هذه التغييرات في منتصف الثلاثينيات من أعمارهن.
ومن أهم الأعراض والعلامات لهذه المرحلة، هي: عدم انتظام الدورة الشهرية، انخفاض الخصوبة، جفاف المهبل، توهجات ساخنة، اضطراب النوم، تقلبات المزاج، صداع ودوار وألم في المفاصل ومنطقة الظهر السفلي، وقد تعاني المرأة من تورم الكاحل (القدم)، نقص كثافة شعر فروة الرأس، جفاف الجلد وهزل الثديين.
التغيرات المزاجية (النفسية): يعاني البعض من النساء من تقلبات في المزاج Mood تتراوح بين القلق والاكتئاب والفزع والوسواس القهري والإضطراب ثنائي القطب Bipolar Disorder. وفي حالات نادرة جداً قد تصاب المرأة بالفصام Schizophrenia.
الاكتئاب: مع أن معظم النساء ينتقلن الى سن انقطاع الحيض دون المعاناة من مشاكل نفسية، الا أنه يقدر بأن نحو 21 بالمئة منهن يصبن بالاكتئاب. وقد أشارت الدراسات العديدة الى زيادة نسبة إمكانية الإصابة بالاكتئاب في المرحلة ما قبل سن انقطاع الحيض، مقارنة مع الفترة ما بعد سن انقطاع الحيض (حيث تقل امكانية الإصابة بالاكتئاب).
وقد أشارت الدراسات الى أن النساء اللواتي عانين في حياتهن قبل الفترة ما قبل سن انقطاع الحيض من الاكتئاب، يكن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في فترة ما قبل انقطاع الحيض مقارنة مع النساء اللواتي لا يوجد لهن ماض حافل بالمشاكل النفسية.
ويعود سبب إصابة بعض النساء بالاكتئاب خلال هذه الفترة الى هبوط نسبة هرمون الأستروجين في أجسامهن. إذ من المعروف أن هذا الهرمون يزيد من فعالية مادتي السيروتونين Serotonin والنورأدرينالين Noradrenalin، ونقصه يؤدي الى هبوط فعالية هاتين المادتين، وبالتالي حدوث الاكتئاب (إذ من المعروف أن أحد أسباب الاكتئاب بشكل عام هو عوز السروتونين والنورأدرينالين). وقد لا يكون الاكتئاب متعلقاً بالتغييرات الهرمونية التي تمر بها المرأة في هذا السن، بل قد يكون سببه التغييرات الاجتماعية التي تحدث في هذا السن، مثل: ضغوطات العمل، أو الاعتناء بالأشخاص من كبار السن، مثل الوالدين أو أحدهما، زواج الأولاد وخروجهم من البيت، وبقاء المرأة مع زوجها (أو لوحدها) في بيت خال، وهذا يؤدي الى الشعور بالوحدة.
ومن أهم أعراض وعلامات الاكتئاب: مزاج متدني وعدم التمتع والاهتمام بملذات الحياة اليومية، وفقدان أو زيادة الشهية للأكل، نقصان أو زيادة وزن الجسم، أرق أو فرط النوم، الشعور بالذنب وملامة الذات، شعور المرأة بأن لا قيمة لها، ارهاق وتعب، بطء في التفكير وعدم التركيز وتردد في اتخاذ القرارات، التفكير في الموت أو الانتحار هياج أو خمول حركي ونفسي.
اضطراب النوم: يعاني من 41 الى 51 بالمئة من النساء خلال فترة ما قبل انقطاع الحيض من الأرق Insomnia. وقد يكون لذلك علاقة باضطراب المزاج مثل: القلق Anxiety والكرب Stress والتوتر Tension والاكتئاب. أو قد يكون سبب الأرق معاناة المرأة من التوهجات الساخنة والتعرق أثناء النوم.
وقد أشارت الدراسات الى أن اضطراب النوم خلال فترة ما قبل انقطاع الحيض له علاقة بنقص هرمون الأستروجين، إذ أن هذا الهرمون يحسن من نوعية النوم. كذلك فإن ارتفاع نسبة هرمون LH يؤدي الى تدني نوعية النوم من خلال آلية تنظيم الحرارة في الجسم، وهذا يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية Core Body Temperature (التي تقاس عن طريق فتحة الشرج فقط).
ومع التقدم في العمر ترتفع معدلات الإصابة بنوبات انقطاع النفس أثناء النوم Sleep Apnea. إذ يرتفع معدل الإصابة بها من 6.5 بالمئة لدى النساء من الفئة العمرية 31 الى 39 سنة ليصل الى 16 بالمئة في سن 51 عاماً. ومع أن أسباب ذلك غير معروفة، غير أن بعض الدراسات تشير الى أن زيادة وزن جسم المرأة (البدانة) في مرحلة ما بعد سن انقطاع الحيض له علاقة مباشرة بمعاناتها من انقطاع النفس أثناء النوم. كما أن انخفاض مستوى هرمون البروجسترون يؤدي الى حدوث نوبات انقطاع النفس أثناء النوم، وذلك لأن هذا الهرمون يحث ويحفز عملية التنفس. اضافة الى ما جاء سابقاً، فإن مستوى هرموني النمو والميلاتونين Melatonin ينخفضان في سن ما بعد انقطاع الحيض، ولهذا الانخفاض تأثيره السلبي على عملية النوم.
الوسواس القهري: قد تعاني المرأة خلال سن انقطاع الحيض من الوسواس القهري. أما في حال كونها تعاني أصلاً منه فإن أعراض الوسواس تزداد شدة عن ما كانت عليه. وقد أشارت الدراسات الى أن ذلك عائداً الى التغييرات الهرمونية أثناء هذه الفترة.
نوبات الفزع: إن نوبات الفزع Panic Attacks شائعة جداً أثناء فترة ما قبل انقطاع الحيض. وقد يكون الفزع ظاهرة جديدة تعاني منها المرأة، أو قد تزداد شدة في حال كونها موجودة قبل الوصول الى مرحلة ما قبل انقطاع الحيض. ومن أهم أعراض الفزع: تسارع دقات القلب، ضيق النفس، التعرق والدوار.
الاضطراب ثنائي القطب: يتميز الاضطراب ذو القطبين بفترات من الاكتئاب الذهاني Psychotic Depression يعقبها فترات من الهوس Mania (مزاج من الفرح الشديد) وهكذا دواليك. وقد أشارت الدراسات الى أنه خلال فترة ما قبل انقطاع الحيض، تشتد وتكثر فترات الاكتئاب مقارنة مع فترات الهوس لدى النساء المصابات أصلاً بالاضطراب ذو القطبين.
2- عدم انتظام الدورة الشهرية: كلما أصبحت الإباضة Ovulation أكثر اضطراباً وأكثر شذوذاً، تصبح الفترات بين الدوارت الشهرية إما أطول أو أقصر. ويصبح الحيض إما شحيحاً أو غزيراً. وقد تتغيب بعض الدورات (وقد سجلت حالات توقف فيها الحيض دون أعراض من دون سابق إنذار).
3- التوهجات الساخنة: نحو 65 الى 75 بالمئة من النساء يعانين من التوهجات الساخنة خلال فترة ما قبل انقطاع الحيض. وتتمثل الصورة السريرية لذلك باحمرار الوجه والصدر والشعور بالسخونة في هاتين المنطقتين والتعرق (خاصة ليلاً)، تسارع دقات القلب، ارهاق ودوار واحساس بالتنمل على الجلد.
وتتفاوت التوهجات في عدد مرات حدوثها خلال اليوم، اذ قد تعاني المرأة من عدة توهجات يومياً، أو من عدد قليل اسبوعياً. وقد يحدث التعرق خلال النهار والليل أو في ساعات النوم فقط، وبالتالي يبلل الفراش. وتدوم التوهجات من بضع دقائق الى نصف ساعة وتؤدي السخونة والتعرق ليلاً الى معاناة المرأة من الأرق. ويعزو العلماء حدوث أعراض التوهجات الساخنة الى توسع الشرايين تحت الجلد Vasomotor Symptoms.
4- التغيرات في المهبل والمثانة: يؤدي هبوط مستوى الأستروجين الى فقدان المهبل لمرونته، كذلك فإن غشاؤه المخاطي يفقد ليونته وتزلقة ويصبح جافاً نوعاً ما، وهذا يجعل الجماع الجنسي مؤلك. كذلك فإن هبوط مستوى الأستروجين يجعل المرأة عرضة للالتهابات المهبلية والبولية كما أن فقدان الأنسجة لتوترها ومرونتها بصورةعامة يؤدي الى عدم التحكم في البول.
5- انخفاض الخصوبة: بما أن الإباضة تصبح غير منتظمة تقل إمكانية المرأة على الحمل. ومع ذلك فإنه طالما الدورة الشهرية تحدث فإن امكانية الحمل تبقى قائمة.
6- الرغبة الجنسية: خلال فترة ما قبل سن انقطاع الحيض قد تقل الرغبة والإثارة الجنسية عند بعض النساء وقد يكون سببه انخفاض مستوى الهرمونات الأنثوية. غير أن معظم النساء النشيطات جنسياً قبل سن انقطاع الحيض يحافظن على هذا النشاط خلال هذه الفترة وحتى بعد سن انقطاع الحيض.
7- فقدان كثافة العظام: مع انخفاض نسبة الأستروجين، تبدأ كثافة العظام بالانخفاض، وترتفع امكانية الإصابة بهشاشة العظام Osteoporosis.
8- تغيير في مستوى الكولسترول: انخفاض مستوى الأستروجين قد يؤدي الى زيادة نسبة الكولسترول السيء LDL والذي يساهم في خطر الإصابة بأمراض الشرايين والقلب. وفي نفس الوقت تنخفض نسبة الكولسترول الجيد HDL مع التقدم في السن، وهذا أيضاً يعرض المرأة للإصابة بأمراض الشرايين والقلب.
9- الصداع: قد يؤدي انخفاض مستوى هرمون الأستروجين الى معاناة المرأة من الصداع. فقد أشارت الدراسات الى أنه في مرحلة ما قبل انقطاع الحيض قد يصبح الصداع ظاهرة أكثر وأشد حدوثاً، وذلك لأن مستوى هرمونات الأنوثة يتذبذب ما بين الانخفاض والارتفاع بالتناوب، ما يؤدي الى إصابة المرأة بالصداع.
مرحلة ما بعد انقطاع الحيض
في حال مرور 12 شهراً عن آخر دورة شهرية، نستطيع القول أن المرأة قد وصلت سن انقطاع الحيض ودخلت مرحلة ما بعد انقطاع الحيض الدائم، حيث يقل انتاج المبيضين لهرمون الأستروجين لدرجة ملحوظة جداً، بينما ينعدم انتاجهما لهرمون البروجسترون كلياً، ويقف انتاجهما للبويضات.
المضاعفات
بعد انقطاع الحيض الدائم قد تنشأ عدة مضاعفات طبية مزمنة، أهمها:
أمراض الجهاز الدوري: يؤدي الانخفاض الملحوظ في مستوى هرمون الأستروجين الى خطر إصابة المرأة بأمراض الجهاز الدوري (القلب والأوعية الدموية). إذ تعتبر أمراض القلب السبب الرئيسي لموت النساء (والرجال) في سن الكبر. لذلك هنالك الكثير الذي تستطيع المرأة فعله لتجنب الإصابة بأمراض القلب، وهي: التوقف عن تدخين التبغ، المحافظة على ضغط الدم الشرياني في حدود المستويات الطبيعية، ممارسة الرياضة البدنية، والتقيد بحمية قليلة الدهنيات المشبعة والإكثار من تناول الفواكه والخضروات والحنطة الكاملة (الخبز الأسمر).
هشاشة العظام: خلال السنوات الأولى بعد انقطاع الجيض الدائم، قد تقل كثافة العظام بمعدل سريع، وبذلك ترتفع امكانية الإصابة بهشاشة العظام. مما يجعل العظام هشة وسريعة الانكسار. وأكثر العظام تعرضاً للإنكسار هي: عظام الورك Hip، والمعصم Wrist والعمود الفقري. لذلك على المرأة أن تتناول كمية كافية من الكالسيوم وفيتامين "D" (1200 مليغرام من الكالسيوم و 800 وحدة من فيتامين "D" يومياً).
عدم التحكم بالبول: بعد سن انقطاع الحيض يفقد الرحم والإحليل Urethra مرونتهما، مما يؤدي الى الحاجة الملحة والمفاجئة للتبول وبشكل متكرر. وقد يؤدي ذلك بالتالي الى عدم المقدرة على السيطرة على البول. وقد يؤدي السعال والضحك أو رفع أشياء ثقيلة الى سيولة البول لاإرادياً.
البدانة: الكثير من النساء يزدن بالوزن أثناء فترة ما قبل الحيض وبعدها. لذلك يجب التحكم بتناول الطعام واتباع حمية صحية وممارسة الرياضة البدنية. وهنالك دلائل قوية على أن البدانة بعد سن انقطاع الحيض تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي.
النقرس: في أغلب الأحيان تصاب النساء بمرض النقرس Gout بعد سن انقطاع الحيض.
ومن المعروف أن الرجال يصابون بهذا المرض أكثر من النساء، وفي عمر أقل من النساء (عادة ما بين 35 الى 45 سنة)، وذلك لأن مستوى حامض اليورك Uric Acid عند الرجال أعلى منه عند النساء في هذه السن. غير أنه بعد سن انقطاع الحيض تتساوى نسبة هذا الحامض عند الجنسين.
يذكر أن النقرس يحدث عندما ترتفع نسبة حامض اليورك في الدم، ما يؤدي الى تكوين بلورات وتراكمها داخل المفاصل.
التشخيص
إن العلامات الكلاسيكية لفترة ما قبل انقطاع الحيض (توهجات ساخنة، عدم انتظام الدورة، تقلب المزاج…) كافية للدلالة على أن المرأة في المرحلة الانتقالية (مرحلة التغيير) للوصلو الى سن انقطاع الحيض.
أما في حال عدم وضوح هذه العلامات، فمن الممكن التأكيد في ذلك بفحص مستوى الهرمونات التالية في الدم: هرموني FSH و LH فقد تكون مستوياتهم مرتفعة في هذا السن، وهرمون الأستروجين (Estradiol) فقد يكون مستواه منخفضاً عن المستوى الطبيعي.
وفي كثير من الأحيان يلجأ الأطباء الى فحص مستوى الهرمون الحاث للغدة الدرقية TSH، إذ أن قصور الغدة الدرقية Hypothyroidism شائع الانتشار بين النساء ويؤدي الى أعراض وعلامات مشابه لأعراض وعلامات سن انقطاع الحيض.
العلاج
سن انقطاع الحيض بحد ذاته ليس بحاجة لعلاج، لأنه كما ذكرنا سابقاً، فإنه عبارة عن عملية بيولوجية – فسيولوجية طبيعية، غير أن العلاج يتمثل بالتخفيف من الأعراض والعلامات المزعجة للمرأة (التي ترافق هذا السن) الى حين تخطيها لهذه المرحلة الانتقالية واختفاء الأعراض تلقائياً لا محالة.
هذا وقد يتطلب الأمر أحياناً معالجة المضاعفات الصحية التي قد تحدث بعد انقطاع الحيض وهبوط هرمون الأستروجين.
ويقسم العلاج الى أسلوبين علاجيين، أولهما العلاج بالأدوية وثانيهما تغيير نمط الحياة، إضافة الى منح المرأة الحب والحنان والدعم المعنوي.
العلاج بالأدوية
العلاج الهرموني: حتى يومنا هذا يعتبر العلاج بالأستروجين العقار الأمثل للسيطرة على التوهجات الساخنة التي ترافق سن انقطاع الحيض. وعادة يعطى الحد الأدنى لهذا الهرمون.
العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب: إن الأدوية المضادة للاكتئاب فعالة في معالجة التوهجات الساخنة من جهة والاكتئاب من جهة أخرى (21 بالمئة من النساء يصبن بالإكتئاب في سن انقطاع الحيض).
ومن المضادات المفضل استعمالها في هذا المجال: Venlafaxine واسمه التجاري Effexor وعقار Fluoxetine وأسماؤه التجارية Prozac و Flutine و Prizma، كذلك من الممكن اعطاء عقار Paroxetine واسماؤه التجارية Paxxet و Seroxate..
العلاج بالأدوية المضادة للصرع: عادة يستخدم عقار Gabapentin واسمه التجاري Neurontin لعلاج نوبات التشنجات الصرعية أو للتخفيف من الألم المصاحب للحزام الناري، كذلك فإنه يستخدم في علاج عدة أنواع من الأوجاع.
وقد تبين أنه فعال في التخفيف من أعراض التوهجات الساخنة وخاصة للنساء اللواتي يعانين من أعراض التوهج ليلاً.
الأستروجين المهبلي: للتغلب على جفاف المهبل من الممكن استخدام هرمون الأستروجين الموضعي، والذي يكون على شكل تحاميل مهبلية، أو مرهم أو على شكل حلقة توضع في نهاية القناة المهبلية. ويقوم الغشاء المخاطي للمهبل بامتصاص هذا الهرمون والذي يؤدي الى التخلص من الجفاف اضافة الى التخلص من الإزعاج وعدم الراحة أثناء الجماع الجنسي.
تغيير نمط الحياة
للقضاء على التوهجات الساخنة من الممكن تخفيف الثياب والملابس كذلك استخدام المروحة والمكيف الهوائي. استخدمي لباس ليلي مصنوع من القطن وغطاء فراش مصنوع أيضاً من القطن لكي يمتص العرق، وتناولي المشروبات الباردة وأكثري من تناول السوائل، إذ أنها تساعد في التخفيف من التوهجات الساخنة، ومن جفاف الجلد والمهبل، والتخلص من الصداع. ويجب الابتعاد عن تناول الأطعمة كثيرة التوابل والاذعة وعدم تناول القهوة والشاي والمشروبات الروحية (الكحول).
كذلك يجب عدم تدخين التبغ، إذ أنه يزيد من حدة التوهجات الساخنة ويعرض المرأة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وهشاشة العظام والسرطان.
ومن الممكن تعلم فن الاسترخاء Relaxation قبل الذهاب للنوم، إذ أن ذلك يساعد على التخلص من الأرق والتوهجات الساخنة والاكتئاب والقلق. ويجب تجنب المنبهات قبل النوم مثل: القهوة والشاي..
كذلك من الممكن استخدام المراهم المزلقة للتخفيف من جفاف المهبل، مثل الفازلين ومرهم k-y، اضافة الى ممارسة التمارين الرياضية لتقوية عضلات أرضية حوض المرأة للتغلب على ظاهرة عدم التحكم بالبول.
وأخيراً على الزوج والأهل دعم المرأة المقبلة على سن انقطاع الحيض وتفهم أسباب تقلبات المزاج والأعراض الجسدية التي تمر بها،وذلك بمنحها الحب والحنان.