بسم الله الرحمن الرحيم
كم هو جميل ورائع أن يسرع المسلم إلى بيت من بيوت الله في الأرض لتأدية فريضة
الصلاة بمجرد ارتفاع صوت المؤذن منادياً للصلاة ،
ولكن الأجمل من ذلك أن تستمر صلة العبد بربه جل وعلا حتى في غير وقت الفريضة
حينما يجتزئ الإنسان من وقته المزدحم بشؤون الحياة ومشاغلها ولو جزءاً يسيراً
يقف فيه بين يدي مولاه العظيم وخالقه الكريم ، طاهراً متطهراً ليؤدي صلاة الضحى
مبتغياً بذلك الأجر والثواب من الكريم الوهاب
ولأن لصلاة الضحى زمناً محددا يكون الناس مشغولين خلاله بأعمالهم فالموظف في وظيفته ،
والطالب في فصله ، والعامل في عمله ، والتاجر في محله ، والطبيب في عيادته ، والجندي في ثكنته ،
والمرأة في بيتها ؛ إلا أن هناك من يوفقه الله سبحانه ويسر له اغتنام بعض الشيء من وقته
لتأدية صلاة الضحى تقرباً إلى الله جل وعلا ، وطمعاً في ثوابه ، وليكون بذلك واحداً من الموفقين الذين يحرصون على إحياء شعيرة من شعائر الدين ،
ويواظب على سنة من سن المصطفى صلى الله عليه وسلم
فعن أبي الدرداء وأبي ذرِّ ( رضي الله عنهما ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" عن الله تبارك وتعالى أنه قال : ابن آدم ، اركع لي أربع ركعاتٍ من أول النهار أكفك آخره " ( رواه الترمذي ، الحديث رقم 475 ، ص 126 ) .
::
فهنيئاً لمن حافظ على صلاة الضحى ،
وهنيئاً لمن لم يشغله عنها شاغل،
وهنيئاً لمن عمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ورد في شأنها
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :
" أوصاني خليلي بثلاثٍ : صيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام "
( رواه البخاري ، الحديث رقم 1981 ، ص 319 ) .
أقل صلاة الضحى: ركعتان.
أفضلها: أربع ركعات، مثنى مثنى.
أكثرها: ثمان ركعات، وقيل اثنتا عشرة ركعة، وقيل لا حدَّ لأكثرها.
خرج البخاري في صحيحه بسنده قال:سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول:
"ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ
، فإنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات " .
وعن عائشة عند مسلم:
"كان يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء"
**********
وعن نعيم بن همار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"يقول الله سبحانه:ابن آدم، لا تعجزني من أربع ركعات من أول نهارك أكفك آخره".
**********
وعن جابر عند الطبراني في الأوسط كما قال الحافظ في الفتح:
"أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ست ركعات"،
**********
وعن أنس مرفوعاً:
"من صلى الضحى ثنتي عشرة بنى الله له بيتاً في الجنة".
الأدلة على سنية صلاة الضحى كثيرة، نذكر منها ما يأتي:
1. حديث أم هانئ السابق :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات" .
**********
2. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
"أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر".
**********
3. وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله".
**********
4. وعن عبد الله بن شقيق قال:
قلت لعائشة رضي الله عنها:
"أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه".
**********
5. وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه:
"رأى قوماً يصلون الضحى، فقال:
لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
صلاة الأوابين حين ترمض الفصال".
6. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها".
7. وفي رواية عنها: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم".
8. وقد وصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر وأبا الدرداء، كما وصى أبا هريرة رضي الله عنهم.
9. وحديث أبي هريرة السابق: "يصبح على كل سلامى.."
قال الحافظ ابن حجر(وقد جمع الحاكم الأحاديث الواردة في صلاة الضحى في جزء مفرد، وذكر لغالب هذه الأقوال مستنداً، وبلغ عدد رواة الحديث في إثباتها نحو العشرين نفساً من الصحابة).
صلاة الضحى سنة مؤكدة، وهذا مذهب الجمهور، منهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة مندوبة.
قال مؤلف سبيل السعادة المالكي عن صلاة الضحى(سنة مؤكدة عند الثلاثة ، مندوبة عند أبي حنيفة)
وقال النوي: (صلاة الضحى سنة مؤكدة).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
(وجمع ابن القيم في الهدي الأقوال في صلاة الضحى فبلغت ستة)
ملخصها
1. مستحبة.
2. لا تشرع إلا لسبب.
3. لا تستحب أصلاً.
4. يستحب فعلها تارة وتركها تارة
بحيث لا يواظب عليها، وهذه إحدى الروايات عن أحمد.
5. تستحب صلاتها والمواظبة عليها في البيوت.
6. أنها بدعة.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور أنها سنة مؤكدة، لما يأتي من الأدلة.
كان صلى الله عليه وسلم يخف فيها القراءة، مع إتمام الركوع والسجود، فهي صلاة قصيرة خفيفة،
فعن أم هاني رضي الله عنها في وصفها لصلاته لها:
" فلم أر قط أخَفًّ منها، غير أنه يتم الركوع والسجود".
وفي رواية عبد الله بن الحارث رضي الله عنه:
"لا أدري أقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده،
كل ذلك يتقارب".
قال الحافظ: (واستدل به على استحباب تخفيف صلاة الضحى، وفيه نظر،
لاحتمال أن يكون السبب فيه التفرغ لمهمات الفتح لكثرة شغله به،
وقد ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم الضحى، فطوَّل فيها أخرجه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة).
منتقول