اختلاف الكائنات وتباينها تبايناً له ارتباط وثيق بمعيشة الكائن
الحي نفسه ومحيطه وشكله ومن أطرف انواع هذا الاختلاف تفاوت
الكائنات الحية في أعمارها.
فقد لوحظ مثلاً ان بعض انواع الاشجار تعمر طويلاً بحيث لا يعد
عمر الانسان شيئاً بالنسبة لها ومن الغريب حقاً ان يبلغ عمر هذه
الاشجار آلاف السنين بينما يلاحظ ان أقصر الاحياء عمراً يوجد بين
النباتات ايضاً حيت ان كثيراً من انواع الصبير لا تعيش ازهارها الا
ساعات قلائل كما ان زهرات القمح لا تعمر اكثر من ساعتين في
الغالب وفي كوينز لاند باستراليا يزعم ان شجرة من اشجار
(الزامية الكبرى) وهي نوع من أنواع السايكاسيات المنتصبة ذات
المخاريط الكبيرة يقدر عمرها باثني عشر الف سنة على الأقل برغم
ان ارتفاعها لا يتجاوز العشرين قدماً غير ان هذا الزعم لا يمكن
اثباته كما ان الاشجار الثعبانية المشهورة في جزر الكناري (لا أور
توفا) كان يعتقد الكثيرون بأن عمرها يبلغ ستة آلاف سنة على
الاقل على الرغم من أن احداً لم يحاول عد حلقات النمو السنوية
فيها ليثبت هذا الأدعاء.
على ان الشجرة المعمرة بحق هي شجرة السرو الجبارة الموجودة
في ساحة الكنيسة في احدى قرى المكسيك الجنوبية المسماة سانتا
ماريا ديل تولي فهذه شجرة ضخمة جداً يبلغ طول محيطها (165)
قدماً كما يبلغ ارتفاعها (150) قدماً فقط بينما يبلغ ارتفاع عدد من
اشجار السكوايا في كاليفورنيا اكثر من هذا بكثير في الوقت الذي لا
يتجاوز طول محيط الاشجار التي تعمر ثلاثة او اربعة آلاف سنة
منها الـ (36) قدماً ومع ان عمر شجرة السرو هذه يضيع في
مجاهل التأريخ المكسيكي فانه يبلغ الخمسة آلاف سنة على وجه
التأكيد اما اشجار السكوايا فأن أقصى عمر بلغته استناداً الى العد
الذي اجري على حلقات النمو السنوية فيها هو اربعة آلاف سنة
وهناك اشجار اخرى لا تزال في دور النمو يبلغ عمرها الآن ثلاثة
آلاف سنة والحقيقة ان شجرة السكوايا التي يبلغ عمرها الف سنة
يمكن ان تعد من الاشجار الفتية نسبة.
واذا انتقلنا الى عالم الحيوان نجد ان سلاحف جزر الغالاباغوس
وسيشل البرية تعد في مقدمة الحيوانات المعمرة فقد يبلغ عمر
بعضها مئتي سنة غير ان عمرها الاعتيادي يتراوح بين المئة
والمئة والخمسين سنة ومن المعروف ان احدى السلاحف البرية هذه
عاشت في جزيرة مور بشيوس من سنة 1766 الى سنة 1918
حين قتلت في حادث وقع لها وعمرها 152 سنة وتعيش سلاحف
البحر الابيض المتوسط عمراً طويلاً ايضاً، حيث لوحظ من السجلات
الاكيدة ان احداها هلكت بعد ان بلغت المئة والخامسة والعشرين من
عمرها كما لوحظ ان الغيالم الصندوقية الصغيرة في حجمها تصل
في عمرها الى الـ (125) سنة احياناً.
اما الحيوانات اللبونة من الجرذان الصغيرة الى الحيتان الضخمة فلا
يعيش منها اكثر مما يعيش الانسان الا الفيلة بعضاً اذ تدل سجلات
شركة بومبي برما التجارية على ان 9% فقط من سبعة عشر الف
فيل التي تستخدمها الشركة في اعمالها يبلغ عمرها بين 55 و 65 سنة قبل ان تهلك وان 2% من عدد الفيلة المذكورة تتجاوز
في عمرها حد الخامسة والستين ولقد عرف عن عدد غير قليل من
الفيلة التي تجاوزت اعمارها حد الخمسين سنة في حدائق الحيوان
اذ بلغ احدها في احدى حدائق الحيوان الامريكية الخامسة والثمانين
من العمر عندما هلك واذا قدر للحصان ان يبلغ الشيخوخة فقد يلي
الفيل في طول عمره بالنسبة لسائر اللبائن حيث تدل السجلات على
ان عدداً من الخيول المعروفة بلغت الخمسين من عمرها كما تدل
على ان احدها جاوز ذلك الحد بلغ الثانية والستين وهي حالة شاذة.
ومن المعروف كذلك في حدائق الحيوان ان حماراً عمر 47 سنة
وان حيواناً وحيد القرن بلغ الاربعين وان عدداً من الدببة بلغت
اعماراً بين الثلاثين والرابعة والثلاثين وان حيواناً من آكلات النمل
الشائكة بلغ الثانية والاربعين وان احد القرود الشمبانزي بلغ
السادسة والعشرين وقد عرف عن احد الكلاب انه بلغ الرابعة
والثلاثين من العمر غير ان ذلك يعده العلماء أمراً شاذاً فالكلاب لا
تتجاوز العشرين في عمرها إلا في النادر والثامنة عشرة يعد عمراً
مديداً للكلاب الأليفة على ان المعروف عن القطط انها تعمر اكثر من
ذلك حيث هناك حوادث معلومة اكيدة بلغ فيها عمر بعض القطط
التاسعة والثلاثين والحادية والثلاثين والسابعة والعشرين الى جانب
وجود حوادث كثيرة اخرى جاوزت فيها القطط العشرين من عمرها.