التصنيفات
منوعات

قصة عن الصداقة مؤثرة روعة

ورقةصغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة … مكتوببها

فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ؟؟؟!… أثابك الله …

كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد…

سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟

وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ …

ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي …

أذن المؤذن لصلاةالعشاء …

توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين ، طريقةتغسيل وتكفين الميت عملياً …

وبعدها قمنا لآداء صلاة العشاء …

وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أناستبعدها ، ظننت أن المحاضرة قد انتهت …

وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخأن يجيب على الأسئلة …

عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون …

ومضىالسؤال الأول والثاني والثالث …

هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهويقرأ السؤال …

قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح …

لكن الشيخ صمتلحظة ثم عاد يتحدث …

(( جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغالأربعين ، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكيبحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعهفكانت تجري بلا انقطاع …

وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر …

ولسانه لايتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لاحول ولاقوة إلابالله …

هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً …

بكاؤه أفقدني التركيز، هتفت به بالشاب …

– إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر

التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي

ألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذاالبكاء وهذا النحيب

– نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز أليّ من أخي …

سكتورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه …

– إنه صديقالطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً فيالحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم …

– كبرنا وكبرت العلاقةبيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلةالثانوية ثم الجامعة معاً …

التحقنا بعمل واحد …

تزوجنا أختين ،وسكنا في شقتين متقابلتين …

رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنتوابن …

عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهيالأحزان عندما نلتقي …

اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة …

نذهب سوياً ونعود سوياً …

واليوم … توقفت الكلمة على شفتيهوأجهش بالبكاء …

– يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا؟؟ …

خنقتنيالعبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما ..

أخذت أردد ، سبحانالله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله …

أنتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشابيقبله …

لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننتأنه سيهلك في تلك اللحظة …

راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه …

أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه …

وبعد الصلاة توجهنابالجنازة إلى المقبرة …

أما الشاب فقد أحاط به أقاربه …

فكانتجنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً …

وعند القبروقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه …

سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو …

انصرف الجميع …

عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لايعلمه إلاالله، وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير …

وفي اليوم الثانيوبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت اتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأننيأعرفه ، ولكن أين شاهدته …

نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه …

تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً …

يا شيخ لقد كانبالأمس مع صديقه …

يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ،يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء …

انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه …

رددت بصوت مرتفع :كيف مات ؟

– عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام ،وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه ،رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون …

– إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه معرفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم فيظلي يوم لاظل إلا ظلي …

قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه …

توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة …

لقد وجدناالقبر المجاور لقبر صديقه فارغاً …

قلت في نفسي مستحيل : منذ الأمس لم تأتجنازة ، لم يحدث هذا من قبل …

أنزلناه في قبره ، وضعت يدي على الجدار الذييفصل بينهما ، وأنا أردد ، يالها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ،وجمعت القبور بينهما أمواتاً …

خرجتمن القبر ووقفت ادعو لهما : اللهم أغفرلهما وأرحمهما ، اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدقعند مليك مقتدر ، ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما …))

انتهىالشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول ، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلاالله، سبحان الله ، وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ،والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها …

وأخذت ادعو لهما بالرحمةوالمغفرة




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.