يعتبر عيد الحب من أعياد الرومان الوثنيين ،
إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان
قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا .
وهو تعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي .
( القديس فالنتين )
اسم التصق باثنين من قدامى ضحايا الكنيسة النصرانية .
قيل : انهما اثنان ، وقيل : بل هو واحد
توفي في روما إثر تعذيب القائد القوطي ( كلوديوس )
له حوالي عام 296م .
وبنيت كنيسة في روما في المكان الذي توفي فيه
عام 350م تخليدا لذكره .
ولما اعتنق الرومان النصرانية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب
السابق ذكره لكن نقلوه من مفهومه الوثني
( الحب الإلهي ) ، إلى مفهوم آخر يعبر عنه بشهداء الحب ،
ممثلا في القديس فالنتين الداعية إلى الحب والسلام
الذي استشهد في سبيل ذلك حسب زعمهم .
وسمي أيضا ( عيد العشاق )
واعتبر ( القديس فالنتين ) شفيع العشاق وراعيهم .
وكان من اعتقاداتهم الباطلة في هذا العيد
أن تكتب أسماء الفتيات اللاتي في سن الزواج
في لفافات صغيرة من الورق وتوضع في طبق على منضدة ،
ويدعى الشبان الذين يرغبون في الزواج ليخرج كل منهم ورقة ،
فيضع نفسه في خدمة صاحبة الاسم المكتوب لمدة عام
يختبر كل منهما خلق الآخر ،
ثم يتزوجان ، أو يعيدان الكرة في العام التالي يوم العيد أيضا .
وقد ثار رجال الدين النصراني على هذا التقليد ،
واعتبروه مفسدا لأخلاق الشباب والشابات
فتم إبطاله في إيطاليا التي كان مشهورا فيها ،
ثم تم إحياؤه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين
حيث انتشرت في بعض البلاد الغربية محلات
تبيع كتبا صغيرة تسمى ( كتاب الفالنتين )
فيها بعض الأشعار الغرامية
ليختار منها من أراد أن يرسل إلى محبوبته
بطاقة تهنئة وفيها مقترحات حول
كيفية كتابة الرسائل الغرامية والعاطفية .
ومما قيل في سبب هذا العيد أيضا أنه لما دخل الرومان في النصرانية
بعد ظهورها ، وحكم الرومان الإمبراطور الروماني
( كلوديوس الثاني )
في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج
لأن الزواج يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها ،
فتصدى لهذا القرار ( القديس فالنتين )
وصار يجري عقود الزواج للجند سرا ،
فعلم الإمبراطور بذلك فزج به في السجن ،
وحكم عليه بالإعدام . وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان ،
وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان
في شريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية ،
وإنما شفع له لدى النصارى ثباته على النصرانية
حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه
على أن يترك النصرانية ليعبد آلهة الرومان
ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له ،
إلا أن ( فالنتين ) رفض هذا العرض وآثر النصرانية
فنفذ فيه حكم القتل يوم 14 فبراير عام 270 ميلادي
ليلة 15 فبراير ، عيد ( لوبر كيليا ) ،
ومن يومها أطلق عليه لقب قديس .
وجاء في كتاب قصة الحضارة :
أن الكنيسة وضعت تقويماً كنيسياً
جعلت كل يوم فيه عيداً لأحد القديسين
وفي إنجلترا كان عيد القديس فالنتين
يحدد في آخر فصل الشتاء فإذا حل ذلك اليوم
على حد قولهم تزاوجت الطيور بحماسة في الغابات
ووضع الشباب الأزهار على أعتاب النوافذ
في بيوت البنات اللاتي يحبونهن .
قصة الحضارة تأليف ول ديورانت
( 15 / 23 )
وقد جعل البابا من يوم وفاة القديس فالنتين
14/فبراير/270م عيداً للحب فمن هو البابا ؟
هو الحبر الأعظم رئيس البيعة المنظور
وخليفة القديس البطرس ، فانظروا إلى هذا الحبر الأعظم
كيف شرع لهم الاحتفال بهذا العيد المبتدع في دينهم
ألا يذكرنا هذا بقوله تعالى :
( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )
التوبة / 31 ,
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم :
(أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ،
ولكنهم إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه ،
وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه )
رواه الترمذي وهو حديث حسن .
أن الأعياد في الإسلام محددة وثابتة لا تقبل الزيادة ولا النقصان ،
وهي كذلك من صلب عباداتنا يعني ذلك أنها توقيفية ،
شرعها لنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وبما أن عيد الحب يرجع إلى العهد الرومي ،
وليس الإسلامي فإن هذا يعني أنه من خصوصيات النصارى
وليس للإسلام والمسلمين فيه حظ ولا نصيب ،
فإذا كان لكل قوم عيد كما قال صلى الله عليه وسلم :
( إن لكل قوم عيداً )
رواه البخاري ومسلم ،
فهذا القول منه صلى الله عليه وسلم
يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم ،
فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به
فلا يشاركهم فيه مسلم
كما لا يشاركهم في شرعتهم و لا قبلتهم .
أن الاحتفال بعيد الحب فيه تشبه بالرومان الوثنيين
ثم بالنصارى الكتابيين فيما قلدوا فيه الرومان
وليس هو من دينهم .
وإذا كان يمنع من التشبه بالنصارى فيما هو من دينهم حقيقة
– إذا لم يكن من ديننا –
فكيف بما أحدثوه في دينهم وقلدوا فيه عباد الأوثان!!
وعموم التشبه بالكفار – وثنيين أو كتابيين – محرم ،
سواء كان التشبه في عباداتهم – وهي الأخطر –
أو في عاداتهم وسلوكياتهم ،
دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع :
فمن القرآن قول الله تعالى :
( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )
( آل عمران / 105 ) .
– ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم
( من تشبه بقوم فهو منهم )
( أخرجه أحمد 2/50 وأبو داود 4021 )
قال شيخ الإسلام :
( هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم
وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم
كما في قوله تعالى
( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )
( الاقتضاء 1/314 ) .
أن المقصود من عيد الحب في هذا الزمن
إشاعة المحبة بين الناس كلهم مؤمنهم وكافرهم ،
ولا شك في حرمة محبة الكفار ومودتهم ، قال تعالى :
( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر
يوادون من حاد الله ورسوله
ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )
( المجادلة : 22 ) ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
( فأخبر سبحانه أنه لا يوجد مؤمن يواد كافرًا ،
فمن واد الكفار فليس بمؤمن ،
والمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة )
( الاقتضاء 1/490 )
أن المحبة المقصودة في هذا العيد منذ أن أحياه النصارى
هي محبة العشق والغرام خارج إطار الزوجية ،
ونتيجة ذلك :
انتشار الزنى والفواحش ،
ولذلك حاربه رجال الدين النصراني في وقت من الأوقات
وأبطلوه ثم أعيد مرة أخرى .
وأكثر الشباب يحتفلون به لما فيه من تحقيق لشهواتهم ،
دون النظر إلى ما فيه من تقليد ومشابهة ،
فانظر معي إلى هذا البلاء ، يتوصلون إلى الكبائر
من زنا ونحوه عن طريق مشابهة النصارى فيما هو من عباداتهم
والذي يخشى أن يكون كفراً .
مما سبق عرضه يتبين موقف المسلم من هذا العيد في الأمور التالية :
أولاً : عدم الاحتفال به ، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم ،
أو الحضور معهم لما سبق من الأدلة الدالة
على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار .
ثانيا : عدم إعانة الكفار على احتفالهم ،
لأنه شعيرة من شعائر الكفر ،
فإعانتهم وإقرارهم عليه إعانة على ظهور الكفر وعلوه وإقرار به .
والمسلم يمنعه دينه من إقرار الكفر والإعانة على ظهوره وعلوه.
ثالثا : عدم إعانة من احتفل به من المسلمين ،
بل الواجب الإنكار عليهم ،
لأن احتفال المسلمين بأعياد الكفار منكر يجب إنكاره .
لا يجوز للتجار المسلمين أن يتاجروا بهدايا عيد الحب
من لباس معين أو ورود حمراء أو غير ذلك ،
كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها
لأن في قبولها إقرار لهذا العيد .
جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه