يصبح للفرح أقدام تركض تتسلق الجبال و الوديان تهبط إلى كل مدينة ومنزل لتغمر الصدور بالبهجة و السرور.
قطعت تأملي الهادىء حين تناهى إلى سمعي زقزقة العصافير و هي تصغي إلى لحن الحياة ,كنت آنذاك واقفة تحت جذع شجرة وكأن قدماي ترغماني على الوقوف في جو كان كل شي فيه يموج بالخضرة والحياة , هنا أشجار الجوز و الوز و الرمان و هناك أشجار اليمون المثقل بالثمار, حضور طبيعي طاغ جعل الدم يسيقظ في عروقي و ذاكرتي روزنامة الأيام الماضية , ينتابني شعور بأن الطبيعة بجمالها يجب أن أرسمها بلوحة أحتفظ بها كذكرى , أضع عليها توقيعي فرسمتها بعد أن أخذت أناملي فيها شيئاًعجيباً ينقل الإنسان من عالمه المادي إلى عالم روحي سام بعيد, يبهج و يسعد و كأنه نعيم خالد .
في هذه الاسترسالة الساحرة من استرسالات الفكر و الرسم سرى إلى نفسي عبق منعش يتقدم نحوي بخفة فانتبهت من حلم جميل إلى حلم أجمل , و من رؤى أخاذه إلى رؤى تفوقها أخذاً وسحراً, رنت عيناي إلى هذا الساحر الفتان الذي ملأ البصر و أعجب الفؤاد و إذا بي أرقب النهر أمتع الطرف و أترك لنفسي العنان لتسرح في أجواء الفكر الفسيح و تغور حتى أعمق أعماق مياهه العذبة….إلى القاع و قد امتزج صوته بحفيف الأغصان تحركها نسمات معطرة بشذا زهور البيلسان .
علقت روحي وبصري به فلم أعدانظر غيره و كأني اقرأ فيه اسم بلدي , عرفت به موطني , ابتسمت له ابتسامة تفوق ابتسامة البشر , رددت له التحية بلغة الروح و الشوق قائلة :يا نهراً جرف كل شيءفي طريقه لك مني ألف سلام ….
تعال بهدوء و صمت لا تأت مصحوباً بالصخب ,
تعال بسلوك ينسجم مع نمط حياتي التي دامت أعواماً طويلة دون ضجيج ,
تعال في واحدة من لحظاتي العادية حين يكون القلم بيدي و الأوراق بجانبي ,
تعال ليلاً ونهاراً , في جميع الفصول ,
أنت من سميتك أمير المواسم و الأمطار يكفيني أني لا أضطر طلب الماء من أحد.
انقل منزلي عند حافتيك , لأضع ذاكرتي على سطحك , أجلس عندك , ألقي رداء العمل , أتمد على سريرك الهادىء , أمتلىء بصوتك القادم لحناً يوقظ من جديد كل ما بداخلي , أتعرف لنور أيامي بعذوبة كعذوبة ماءك على الظمأ ,أعانق الصمت , أتدحرج على صخورك نقطة بشرية , قطرة ماء , أخلع نسيج الجسد ونفسي قريبة من مرح طفولتي بلعبها وهذيانها , أرسمك لوحة أنت رسمتني بها فتوحدنا معاً.
آه ما أجملك يا صديقي لم أكن أتصورك في مثل هذا الجلال وهذه الروعة و ما يدهشني بك هذا التحول من ماء إلى روح.
أنت ….أنت أيها العابر من هنا أعرني حبة رمل منك فهي من الوطن و دعني أرحل بها دون جواز سفر ,ها أناليوم أبحث
فيك عن شيء غير الذي أقرأه في الصحف العالمية , أهرب من زخرفة الكلام فكم تمنيت لونقطع طريق الجدل بالعمل ونمضي …نمضي بلا مقدمات فما جدوى أن نرصف الحرف فوق الحرف ونحشو الكتب و الصحف بكلمات كثيرة بلا هدف.
وحدك من يكسوني حنيناً , يأخذني تدريجياً إلى تضاريس الوطن و وحده الأدب يغريني بالكتابة أولد و يولد مني ولا يستطيع أن يفرقنا أحد ,استبدل بقلمي سيفاً وبحروفي رصاصة قاتلة كحبي لك بعد أن اكتشفت قصتي معك , أما اليوم و قد غمرني الحب بلقياك رفعت جبهتي للشمس و قد ملكني سلطان الطبيعة , شعرت في قلبي دنيا جديدة لم أشعر بها من قبل ,ها أنا الآن أصبحت الكلمة والوطن.
ربي يعطيك الف عاآآآآآآآآفية غلاآآآآآآتى
ع كلماآآآآآآآآآتك الرآآآآآآآآائعة واحساآآآآآآآآسك الراآآآآآآآآقي
دوؤوؤم هالتميز ياآآ رب
اتمنى لروحك السعادة
دمتى ودآآآآآآآآام قلمك
تقبلي طلتي
آبار