التصنيفات
منوعات

ملحظ دقيق في تفسيرالاية للشيخ العفاسي حفظة الله

قال الله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَالّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آل عمران:153)

ربنا يقول: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ} أي الله {غُمَّاً بِغَمٍّ} اختلف العلماء في معنى هذه وهذا يحتاج إلى مزيد تأمل:

// فمن العلماء من يقول إن معنى الآية أنكم جعلتم الغم يدبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكونكم عصيتم أمره، فعاقبكم الله – يصبح {أَثَابَكُمْ} هنا بمعنى: عاقبكم – من باب المشاكلة -فعاقبكم الله بأن دخلكم الغم أن أُشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قُتل، {فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ} فجزاء الغمّ الذي جعلتموه في قلب نبينا صلى الله عليه وسلم بتركم لمواقعكم حتى انقلب العدو عليكم عاقبكم الله بغمّ أن أشيع في أرض المعركة أن النبي صلى الله عليه وسلم قُتل فمُلأت قلوبكم غمّاً أن ظنتم أن النبي عليه الصلاة والسلام قُتل في أرض المعركة… هذا تخريج للآية.

// تخريج آخر لمعنى الآية وفيه ملحظ دقيق أن بعض العلماء يقول: {فأثابكم غماً بغمّ} بمعنى أن الغم الأول هو غم الجراح والشعور بالهزيمة وما دب في الجيش من نكال على يد العدو ثم أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قُتل وهذه في قلوب المؤمنين أشد نكاية من الأسهم والسيوف والجراح التي أصابتهم من القتل، ثم لم يلبث أن هذا الغم أُزيل وهو أنه تبيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُقتل فما دب إلى قلوبكم من سرور وفرح بأن ثبت لديكم أن النبي صلى الله عليه وسلم حيّ وأن سيوف أهل الإشراك لم تنل منه صلوات الله وسلامه عليه وأنه مازال حيّاً يذود عن دين الله ويدعو إليه، فأعقبكم ذلك فرحاً ذلكم الفرح بأن علمتم أن القول بأن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قُتل إنما هو قول مكذوب هذا الفرح بتحقق حياته صلى الله عليه وسلم أنساكم الجراح أنساكم الهزيمة أنساكم النكال وهذا عندي ملحظ دقيق جداً، وهو المعنى الراجح للآية والعلم عند الله…

فيصبح هذا من باب أن الأنفس والأجساد أحياناً تُداوى بالعلل، والله جل وعلا قادر يختار بمعنى أن الله قادر على أن يداوي أدواء المسلمين أحيانا بالداء وأحياناً بالدواء، فيكون الدواء يوم أحد بالداء، فلما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُقتل وأن ذلك القول كان مكذوباً دب الفرح إلى المسلمين وذلكم الفرح أنساهم الهزيمة أنساهم الجراح وعليه يصدق قول الله على القول الراجح: {فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ} ما فات من الغنائم وما فر من أيديكم من نصر لا يصيبكم إليه يأس وحزن وما أصابكم من جراح لا يدب إليكم منه حزن فالإنسان محكوم بقضاء الله وقدره لا يمكن له أن يخرج عن قدر الله مثقال ذرة وذلك لا يمنع الأخذ بالأسباب.

برنامج نور على نور /حلقة (غزوة أحد)[/center]

———————————————




بارك الله فيك



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.