التصنيفات
منوعات

من الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية

من الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية

الوسيله الاولى : خدمة الناس وقضاء حوائجهم : جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ، والميل إلى ‏من يسعى في قضاء حاجاتها ، وأولى الناس بالكسب هم أهلك وأقرباؤك ؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :«خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي» رواه الترمذي وابن ماجه . ومنا من لا يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه : كوالديه ، وزوجته ، وأقربائه ، فتجد قلوبهم مثخنة بالضغينة عليه لتقصيره في حقهم ، وانشغاله عن أداء واجباته تجاههم .

ومن أصناف الناس الذين نحتاج لكسبهم ، ولهم الأفضلية على غيرهم الجيران ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» رواه البخاري ومسلم . وأي إكرام أكبر من دعوتهم إلى الهدى ، ولذلك ينبغي أن نتحبب إلى الجار ، فنبدأه بالسلام ، ونعوده في المرض ، ونعزيه في المصيبة ، ونهنئه في الفرح ونصفح عن زلته ، ولا نتطلع إلى عورته ونستر ما انكشف منها ، ونهتم بالإهداء إليه وزيارته وصنع المعروف معه وعدم إيذائه .

ومن أصناف الناس الذين ينبغي أن نكسبهم إلى صف الدعوة : من تقابلهم في العمل ممن هم بحاجة إليك . . فإذا كنت طبيبا فالمرضى ، وإذا كنت مدرسًا فالطلاب ، وإذا كنت موظفًا فالمراجعون . فلا بد من كسب قلوبهم من خلال تقديمك لأقصى ما تستطيعه من جهد في خدمتهم . فالوظيفة مجال خصب لكسب قلوب الناس وتبليغهم دعوة الله . .

وإنما خصصت هذه الأصناف الثلاثة من الناس ‏بالذكر ، وهم : الأهل ، أو الأقرباء ، والجيران ، ومن نلقاهم في وظائفنا لسببين هما :

كثرة اللقاء بهم ، والثاني :كثرة التقصير أو الإهمال لحقوقهم مما له الأثر السلبي في تقبلهم لما ندعوهم إليه ؛ إذن فالمسلم . . فضلا عن الداعية ينبغي أن يسع الناس كلهم بخلقه ، وتضحيته ؛ ولذلك وصفت خديجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقالت : «إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق» رواه البخاري ومسلم

‏الوسيله الثانيه: الحلم ، وكظم الغيظ : يخطئ بعض الناس أحيانًا في حقك . . يوعد ، فيخلف ، أو يتأخر ، أو يجرحك بلسانه ، فلا بد لكسبه من حلم ، وكظم ‏للغيظ ؛ لأنك صاحب هدف وغاية تريد أن تصل إليها ؛ ولذا لا بد من حسن تصرفك والله عز وجل يمتدح هذا الصنف من الدعاة ، فيقول : ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران : 134 ] .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : «كنت أمشى مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ، ثم قال : مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء» رواه البخاري ومسلم . وهذا الموقف من سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام لا يحتاج منا إلى تعليق سوى أن نقول ما قاله الحق في وصف نبيه :﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم : 4 ] .

‏الوسيله الثالثه: السماحة في المعاملة : يوجز الرسول صلى الله عليه وسلم أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس ، ويكسب ودهم وحبهم ، فيقول :«رحم الله رجلا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى» رواه البخاري . فالسماحة في البيع : ألا يكون البائع شحيحا بسلعته ، مغاليا في الربح ، فظا في معاملة الناس . والسماحة في الشراء : أن يكون المشتري سهلا مع البائع ، فلا يكثر من المساومة ؛ بل يكون كريم النفس ، وبالأخص إذا كان المشتري غنيا ، والبائع فقيرًا معدمًا .

والسماحة في الاقتضاء : أي عند طلب الرجل حقه ، أو دينه ، فإنه يطلبه برفق ولين . . وربما تجاوز عن المعسر ، أو أنظره ، وانظر كيف دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قلب هذا الرجل ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :«كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل فجاءه يتقاضاه فقال : أعطوه . فطلبوا سنه فلم يجدوا له إلا سنًا فوقها فقال : أعطوه . فقال : أوفيتني أوفى الله بك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن خياركم أحسنكم قضاء»رواه البخاري ومسلم .

ومن السماحة في المعاملة : عدم التشديد في محاسبة من قصر في حقك . فعن أنس بن مالك قال : «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، والله ما قال لي أفا قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟» رواه البخاري ومسلم .




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.