وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ( سورة الأعلى الآية: 3 )
مرة قسرا:
في النبات و الجماد و الحيوان و في الإنسان, و تأمل معي الأمثلة التالية:
· إن الطيور لها غريزة العودة إلى الموطن, وقد تقطع آلاف الأميال فوق البحار, ولكنها لا تضل طريقها, إن هذا الطائر يمتلك جهاز ملاحة خطير, يمكنه من الوصول إلى وجهته, و لا نعرف إلى الآن هل هذا الجهاز يعتمد على مغناطيسية الأرض, أم اتجاه الرياح, أو ربما النجوم, و قد تكون وسيلة لم نعرفها بعد, و الآن, السؤال, من الذي قدر له هذا الجهاز الذي يقوده إلى وجهته مباشرة بلا أي انحراف ؟؟؟ أإله مع الله؟؟
· وسمك "السلمون" الصغير يمضي سنوات في البحر, ثم يعود إلى نهره الخاص به, والأكثر من ذلك أنه يصعد إلى جانب النهر الذي يصب عنده النهر, عكس التيار, فما الذي يجعل السمك يرجع إلى مكان مولده بهذا التحديد, و هو لم يره مسبقا, و الآن, السؤال, من الذي قدر له هذا العلم؟ أإله مع الله؟؟
· الخاصية الشعرية في النبات, و التي لولاها لمات النبات, و بالتبعية, الحيوان و الإنسان, و الآن, السؤال, من الذي قدر فيه هذه الخاصية؟ أإله مع الله؟؟
· تقليب الإنسان في نومه, فأثناء النوم يضغط وزن الإنسان على ما تحته من عضلات و أوعية دموية فتضيق هذه الأوعية و لا تقوم بوظيفتها بالشكل المطلوب، ولكن الله تكفل بهذا الأمر نيابة عنك, قال تعالى في شان أهل الكهف: وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ .( سورة الكهف الآية : 18 ) .
و مرة اختيارا:
· وذلك من خلال منهجه "افعل و لا تفعل", و جعل الله من ثبات و استقامة نظام الكون حول الإنسان في الأمور التي لا تدخل تحت قدرته ما يشجعه على أن الذي قدر فهدى في الأمور القسريه, هو الذي قدر له المنهج "افعل و لا تفعل", و ذلك لتقبل عليه بحب لا بقهر, فهو يريدك أن تؤمن به و أنت مختار, و أن تقبل عليه و أنت محب.
· إن أردت أن تستقيم أمورك استقامة الكون من حولك, فانظر إلى ميزان الله في كونه: والسماء رفعها وضع الميزان * ألا تطغوا في الميزان * وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ( سورة الرحمن الآية: 7 – 9 ), عندها ستدرك حكمته البالغة, و ستسلم له طوعا, في كل ما أمرك به.
المصدر: حلقات تفسير القران – سورة البقرة – للشيخ الشعراوي