د.جاسم المطوع
بسم الله الرحمن الرحيم
الإجازة الصيفية علي الأبواب وبعض العائلات تكرر نفس البرنامج الترفيهي أو السياحي كل عام ثم يشتكون في نهاية الإجازة من الملل والتكرار ، ربما هذا حال كثير من العائلات ولكن يمكننا تحويل هذه السلبية إلي ايجابية ويكون الصيف ممتعا وأنيسا ومختلفا عن كل صيف مضى إذا راعينا المعايير الأربعة التالية (الترفيه ، التجارب والخبرات ، التعلم ، الإيمان ) وهذه هي القواعد الذهبية الأربعة التي ينبغي أن نراعيها ونحن نضع خطتنا الصيفية لأبنائنا.
أولا : الترفيه فنخطط لعمل برامج ترفيهية مثل زيارة الملاهي والمدن الترفيهية والسيرك أو الاشتراك بالأندية الرياضية أو الذهاب للبحر أو المشي بين الجبال بالإضافة إلي توفير الألعاب الذكية داخل البيت ، وقد جلست مع عائلتي منذ يومين لنعرف ماذا سنفعل في المانيا لهذا العام ودخلنا علي النت واستخرجنا أكثر من 40 نشاطا ترفيهيا ورياضيا هناك.
ثانيا: التجارب والخبرات وتكون من خلال الاشتراك في أندية لتنمية المواهب والقدرات أو حضور برامج تنمية الذات أو التدريب على أعمال يدوية أو مهنية وأذكر بالمناسبة أحد الأصدقاء وظف ولده المراهق عاملا في الفندق لخدمة النزلاء وقال لي حتي يتعلم كيف يتعامل مع الناس ويخدمهم فيكتسب خبرة وتجربة جديدة في الحياة.
ثالثا : التعلم من خلال زيارة المواقع السياحية أو المتاحف أو السفر لدول جديدة أو تعلم لغة جديدة أو رياضة الغوص أو صيد السمك أو ركوب الخيل أو تعلم صنعة أو مهنة أو غيرها.
رابعا : الإيمان ويكون من خلال المحافظة على الصلاة والذكر والدعاء وجميل أن يكون لأطفالنا برنامج في الصيف مثل قراءة الأربعين النووية أو حفظ 50 حديثا نبويا أو حفظ جزء واحد من القرآن أو التسجيل في حلقة علمية أو السفر للإطلاع على أحوال المسلمين أو عمل رحلة خيرية تطوعية عائلية فيكفلون يتيما ويساهمون في تعليم الأطفال ومساعدة الفقراء ، كما نستطيع أن ندرب أطفالنا على التفكر والتأمل أثناء السفر وهذا جانب إيماني مهم جدا ، وفي هذا العام يأتي رمضان في منتصف الإجازة وهذه فرصة ذهبية إيمانية لو أحسنا استغلالها .
أيا كان البرنامج المعتمد من قبل العائلة في الصيف سواء كان في داخل البلد أو خارجه فهو مفيد لو استخدمنا هذه القواعد الأربع، وقد كان الأنبياء يستثمرون السفر ويستفيدون منه فإبراهيم عليه السلام سافر إلى مكة وترك زوجته وولده فيها فأكرمهما الله بماء زمزم وإقبال الناس عليهما ، وموسى عليه السلام سافر لمدين من أجل الأمن والعمل والزواج ، ويوسف عليه السلام سافر لمصر واستثمر خبرته وعلمه ليكون وزيرا في الدولة ، ونبينا الكريم سافر للشام قبل البعثة مرتين ، الأولى برفقة عمه والثانية من أجل التجارة وكلتا الرحلتين كانتا اضافة وخبرة وتجربة تم استثمارهما في نصرة الدين والدعوة.
إن متوسط الإجازة الصيفية ثلاثة أشهر بمعدل (90) يوما وبالساعات (2160) ساعة وبالدقائق (129600) دقيقة.
فلا يستِهن الوالدان بالساعة أو الدقيقة أو الثانية. فالإمام (ابن عقيل) رحمه الله كان حريصاً على وقته ويستثمر كل دقيقة فيه وكلما جاءه خاطر كتبه ثم جمعت خواطره في (كتابه الفنون) فأثمر (800 مجلد) وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) ، فالفراغ أصبح سمة هذا العصر حتى أطلق مصطلح (حضارة الفراغ) على حضارتنا وفي بعض المؤتمرات اهتمت المنظمات الدولية بمسألة الفراغ فقد صدر عام 1970م ميثاق الفراغ الدولي في جنيف بعد مؤتمر اجتمعت فيه 16 دولة وتأسس (الاتحاد الدولي لأوقات الفراغ) ومقره في نيويورك وقد اطلعت على دراسات كثيرة في انحراف الشباب وكانت النتائج أكثرها تشير إلى أن (الفراغ ) يعتبر من أكبر الأسباب الدافعة للانحراف.
وهذا ما أدركه الصحابة الكرام فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : إني لأبغض الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة.
ونكرر السؤال مرة أخري : ما هي خطتكم الصيفية لاستغلال أبنائكم (129600) دقيقة ؟ كما نقترح عليكم أن تقرأوا هذا المقال على أبنائكم وتكلفوهم بوضع خطة صيفية بناء على القواعد الأربع التي ذكرناها ولا بأس من أن ترسلوا لنا خطتكم بعد الانتهاء منها لننشرها ويستفيد منها القراء.
مشكوررررررة كتير
يعطيكي العافية