يقول ابن القيم في كتاب الفوائد : قال سليمان عليه السلام: تعلمنا مما تعلم الناس، ومما لم يتعلم الناس، فما وجدنا كتقوى الله، فإذا أردت أن توصي حبيبك أو ابنك أو صاحبك أو جارك فأوصه بتقوى الله.
ويقول ابن تيميه : ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها، قال تعالى: ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ))، هذه وصية الله التي أوصى بها في كتابه، وهكذا الرسول صلى الله عليه
وسلم، أوصى بها في السنة).
وكما قال ابن تيمية : ( وصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن فقال: (يا معاذ ، اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) ، وهذا الحديث حسن رواه الترمذي وغيره.
ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [تقوى الله هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل].
فمن لم يخف الله فليس بمتقٍ، والعمل بالتنزيل أي: بالكتاب والسنة، والرضا بالقليل من الدنيا والاستعداد ليوم الممات.
وعرفها بعض علماء السنة، فقالوا: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية.
يقول أحد السلف: أنا أنظر كل يوم في المرآة إلى وجهي هل أسود من الخطايا أم لا.
وهو من التابعين الكبار.
ويقول أبو سليمان الداراني : والله إني أحياناً أعصي الله فأجد ذلك في خلق دابتي وخلق امرأتي.
حتى الدابة لا توافقه.
ولكن من المعصوم منا؟
لا أحد.
وعند مسلم في الصحيح مرفوعاً: (والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) .
وعند الترمذي بسند حسن: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) ، فكلنا أهل خطيئة، ومن قال بأنه ما أذنب قط فقد كذب على الله.
يقول ابن تيمية : والذنب كالختم على العبد مكتوب عليه أن يذنب لكن ليستغفر ويعود إلى الله.
فلما علم عليه الصلاة والسلام أن العبد سوف يخطئ ويذنب لا محالة قال: (وأتبع السيئة الحسنة) فإذا فعلت سيئة فافعل حسنة: ((إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)).
جاء شيخ كبير فوق ين من عمره، فقال: [يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فدلني على شيء أتشبث به].
فماذا تتوقع أن يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم؟
هل يقول: عليك بقيام الليل؟
هل يقول: عليك بالجهاد في أفغانستان !
لا.. بل قال: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله) .
وجاءه أبو سعيد الخدري ، وإذا هو قوي البنية يسأله الوصية. فقال له صلى الله عليه وسلم: (عليك بالجهاد في سبيل الله) .
وقال صلى الله عليه وسلم لـأبي أمامة : (عليك بالصيام) .
وقال لـأبي الدرداء : (لا تغضب) .
وجاءه رجل من أهل اليمن يريد الجهاد، قال صلى الله عليه وسلم: (أعندك من والديك أحد ؟
قال: نعم.
قال: ففيهما فجاهد) .
قال ابن الجوزي في صفة الصفوة : رأى أحد العباد عصفوراً يقبل بقطعة لحم كل يوم ويدخل بها في نخلة، فعجب؛ لأن العصفور في العادة لا يعشعش في النخلة.
قال: فتسلقت النخلة فرأيت فيها حية عمياء، كلما اقترب العصفور أحدث لها صوتاً فتفتح فمها فيضع اللحم في فمها ويعود.
فمن الذي علم العصفور أن يعطي الحية رزقها؟
إنه الواحد الأحد: ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)).
فأرجح المكاسب عند ابن تيمية هو: التوكل على الله والثقة بكفايته وحسن الظن به،
ثم أتى بالحديث القدسي عن الله: (يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته . فاستهدوني أهدكم . يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته .
فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته . فاستكسوني أكسكم . يا عبادي ! إنكم تخطئون
بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا . فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني . ولن
تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم . كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم .
ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . كانوا على أفجر قلب رجل واحد .
ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . قاموا في صعيد واحد فسألوني
. فأعطيت كل إنسان مسألته . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي ! إنما هي
أعمالكم أحصيها لكم . ثم أوفيكم إياها . فمن وجد خيرا فليحمد الله . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .
وفي رواية : " إني حرمت على نفسي الظلم وعلى عبادي . فلا تظالموا )
منقوووووووووووووووول