ستسمح الهيكلة الجديدة للتعليم العالي بتحيين برامج الجامعة الجزائرية لتندمج في محيطها الاجتماعي والاقتصادي، كما ستحسن من مردودها الداخلي والخارجي وتمد تنظيم التعليم العالي بالمرونة اللازمة وقدرة أكبر على التكيف. وتتسم هذه الهيكلة الجديدة بتوفير حرية أكبر للطالب، طالما أن المبدأ يتمثل في جعل الطالب يصل إلى أعلى مستوى تتيحه له مهاراته وقدراته الذاتية، وذلك من خلال تنويع مدروس للمسارات التعليمية.
يفرز هذا النظام مخططا عاما يسمح بتوجيه تدريجي ومضبوط من خلال تنظيم محكم للتعليم وملامح التكوين، في كل مرحلة من هذه المراحل تنظم المسارات الدراسية في شكل وحدات تعليم تجمع في سداسيات لكل مرحلة، وتتسم وحدة التعليم بكونها قابلة للاحتفاظ والتحويل، وهذا يعني أن الحصول عليها يكون نهائيا ويمكن استعماله في مسار تكويني آخر ؛ هذا الاحتفاظ وهذا التحويل يمكن من فتح معابر بين مختلف المسارات التكوينية ويخلق حركية لدى الطلبة الذين بإمكانهم متابعة الدراسة في مسار تكويني جامعي ناتج عن إختيارهم.
إن تقليص مدة التكوين العالي ستجعل منه تكوينا مستمرا ومرنا، ولذلك ينبغي تعزيز وتقوية استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في مجال التعليم العالي.
تقديم الهيكلة الجديدة:
ترتكز هذه الهيكلة الجديدة على تنظيم التعليم في ثلاثة أطوار تتوج بثلاث شهادات :
– طور أول مدته 3 سنوات بعد البكالوريا يتوج بشهادة الليسانس.
– طور ثان مدته 5 سنوات بعد البكالوريا (أي سنتين بعد شهادة الليسانس) يتوج بشهادة الماستر.
– طور ثالث مدته 8 سنوات بعد البكالوريا (أي ثلاثة سنوات بعد شهادة الماستر) يتوج بشهادة الدكتوراه.
أ- الطور الأول: شهادة الليسانس
تتم هذه المرحلة التكوينية في طورين، وتشمل تكوين قاعدي (أولي) متعدد التخصصات مدته من سداسي واحد إلى أربعة سداسيات (تعليم مشترك يمتد على سنتين)، تخصص للحصول على المبادئ الأولية للتخصصات المعنية بالشهادة وكذا معرفة مبادئ منهجية الحياة الجامعية واكتشافها، ويتبع هذا التعليم المشترك الذي يمتد على سنتين، بسنة للتخصص، يتفرع التكوين فيها إلى :
* فرع أكاديمي : يتوج بشهادة ليسانس أكاديمي، تسمح لصاحبها بمواصلة دراسات جامعية مباشرة أكثر طولا وأكثر إختصاصا (الانتقال إلى الطور الثاني : الماستر)، ويسمح بهذه الإمكانية بحسب المؤهلات المكتسبة والنتائج المحصل عليها وشروط الالتحاق.
* فرع مهني : تتوج بشهادة الليسانس مهني، التي تسمح لصحابها بالاندماج المهني المباشر في عالم الشغل وتحدد برامجها بالتشاور الوطيد مع القطاعات المشغلة (التربية الوطنية، الصحة، العدالة، الفلاحة، الصناعة، السكن والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة…إلخ).
ب- الطور الثاني: شهادة الماستر
تدوم هذه المرحلة التكوينية سنتين، ويسمح لكل طالب حاصل على شهادة ليسانس "فرع أكاديمي" تتوفر فيه شروط الإلتحاق، كما أنه يمكن مشاركة الحائزين على شهادة ليسانس "فرع مهني"، بعد فترة قصيرة يقضونها في عالم الشغل ؛ يسمح الطور الثاني بمتابعة التكوين الأساسي والحصول على تخصص، يمكّن الطالب من متابعة التكوين في الدكتوراه أو التوجه نحو نشاط مهني ؛ وينقسم إلى :
1. فرع أكاديمي : يمتاز بتحضير الطالب المعني إلى البحث العلمي ويؤهله إلى نشاط البحث في القطاع الجامعي أو الإقتصادي (ماستر باحث).
2. فرع مهني : يمتاز بالحصول على تدريب أوسع في مجال محدد، يؤهل صاحبه إلى مستويات أعلى من الأداء والتنافسية، ويبقى توجيه هذا المسار دائما مهنيا (ماستر مهني).
ج- الطور الثالث: شهادة الدكتوراه
أمام تعدد الاختصاصات، والتطور المذهل للمعارف والطابع التطبيقي للبحث، فإن التكوين في مستوى الدكتوراه الذي يدوم لمدة ثلاثة سنوات، ينبغي أن يضمن :
– تعميق المعارف في الاختصاص.
– التكوين عن طريق البحث ولصالحه (تطوير قدرات البحث، التكيف على العمل الجماعي…).
إن ما يبرر إعادة توجيه التكوين في مستوى الدكتوراه أيضا هو ظهور حرف جديدة تكون مدتها محددة أحيانا كنتيجة للتطوير التكنولوجي، وتطور الطلب يزداد شيئا فشيئا إلى التخصص النوعي والتكويني في مستوى الدكتوراه الذي ينبغي أن يبقى أولوية لدى كل مؤسسة جامعية، ويجب أن يحقق الأهداف التي وضع من أجلها ؛ ويتوج هذا التكوين بشهادة دكتوراه بعد تحضير رسالة بحث في التخصص.
معالم ومميزات الهيكلة الجديدة لتنظيم التعليم العالي :
التوجيه : يتم توجيه الحاصلين على شهادة البكالوريا الجدد إلى أحد الفروع الكبرى لتمكينهم من التعرف على الوسط الجامعي والتكيف معه (بعد أربع سداسيات)، كما أن الالتحاق بتكوين ما يجب أن يتم على أساس توجيه ملائم بعد سنتين من التعليم المشترك.
الفروع الكبرى : يضم الطور الأول مرحلتين : •مرحلة أولى مدتها سنتان، •مرحلة ثانية مدتها سنة، وتدرس في المرحلة الأولى محتويات تعليمية لفروع متقاربة يتم تجميعها في فروع كبرى بإمكانها تشكيل قاعدة مشتركة لتخصصات متعددة في السنة الثالثة، نذكر منها على سبيل المثال :
•العلوم والتكنولوجيات، •الآداب واللغات، •العلوم الإنسانية والاجتماعية، •علوم الصحة، •الحقوق، الاقتصاد والعلوم السياسية الخ…
ترتب كل المحتويات البيداغوجية التي تعني كل فرع من الفروع الكبرى وتنظيمها الزمني بكيفية تسمح في نفس الوقت بوضع :
• جذوع مشتركة تكون أطول ما يمكن سواء في مجال مضامينها أو في مجال تناغمها البيداغوجي.
• إتاحة أقصى ما يمكن من المعابر بين مختلف الفروع والتخصصات.
إن إعادة هيكلة التكوين بهذا الشكل تساعد على إعداد نظام توجيه تدريجي أكثر دقة، ويتيح للطلبة أيضا الاستفادة من مسارات متنوعة.
تنظيم التعليم : تكون الدراسة سداسية (أو سنوية حسب الحالات) وتحتوي على مواد مشتركة ومواد اختيارية في نفس الوقت، إن مثل هذا التنظيم معمول به في معظم البلدان، نظرا لمرونته التنظيمية والبيداغوجية.
التقييم والانتقال: إنّ نمط التقويم والانتقال البيداغوجيين الذي تبين أنهما أكثر مردودية ووظيفية، هو نظام الوحدات التعليمية القابلة للاحتفاظ والتحويل.
إن هذا التنظيم يسمح أيضا باحتساب الخبرات المهنية كما يسمح بحركية كبيرة جدا للطلبة (امكانية تعدد المعابر) وستمكننا هذه الهيكلة والتنظيم للتعليم عند تطبيقها، من تجاوز الصعوبات الناجمة عن تعريف المسارات المتوجة بشهادة وضبطها، وعلى سبيل المثال، نذكر:
• تثمين التكوين القصير المدى الذي يصبح شهادة ليسانس ومدتها ثلاث سنوات وفق مخطط مشترك مهما كانت الفروع والتخصصات ؛ إن تثمين مثل هذا التكوين يتطلب إعادة النظر في ترتيب هذه الشهادة في سلم الوظائف والمهن.
• استبدال شهادة الدراسات العليا (des) بشهادة تكون أكثر تحديدا وأكثر مقروئية، شهادة الليسانس أو الماستر حسب مدّة الدراسة، ويجب إعادة النظر في ترتيب شهادة الماستر في سلم المهن والوظائف.
• تسمح الهيكلة الجديدة بمواجهة الأعداد المتزايدة للطلبة وتنظيم أحسن للدراسات وتقليص الحجم الساعي الأسبوعي. ومن جهة أخرى ستسمح هذه الهيكلة نظرا لمرونتها ووظيفتها بالإنتقال هكذا من منطق "مسارات حتمية" إلى منطق " مسارات فردية " أكثر " سيولة " مع مراعاة انسجامها التكويني والتأهيلي.
• أخذ وتائر التعليم في الحسبان بكيفية أكثر دقة وتجاوز القيود الناجمة عن امتداد المقررات الدراسية على مدى سنة.
• تطوير مسعى إدماجي للتكوين الأولي والتكوين "المستمر"(استئناف الدراسة بعد التوقف عنها)،
• تشجيع التجديد البيداغوجي،
• تسهيل التوجيه وإعادة التوجيه،
• تشجيع المشاريع التكوينية المتعددة الفروع،
• التمكين من التحكم في الأدوات الضرورية بواسطة اعتماد مقررات مشتركة (الإعلام الآلي، اللغات، العلوم الاجتماعية والإنسانية…)،
• مضاعفة إمكانيات اعتماد المكتسبات بيداغوجية كانت أو مهنية.
شعب الامتياز : إن تكوين النخب مسألة أساسية في مصير كل أمّة فهي تكتسي طابعا استراتيجيا في عالم يبرز فيه أكثر فأكثر بأن العبقريات الفكرية هي العامل الحاسم في التنمية المستدامة لهذا البلد أو ذاك. وفي هذا السياق تجد شعب الامتياز مكانها الطبيعي في الهيكلة الجديدة ؛ إن الالتحاق بهذه الشعب يتم بصفة انتقائية عن طريق المسابقة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الطور الأول وتضم شعب الامتياز : – شعب المهندسين، – الدراسات التجارية، – الشعب التي يتم تعليمها في المدارس الكبرى أو في أقطاب الامتياز، – العلوم الإدارية.
مجالات (ميادين) التكوين :
الرمز ميادين ومسارات التكوين
————————————
d01 علوم وتقنيات : إلكترونيك، هندسة كهربائية وإلكترونيك، هندسة الطرائق، هندسة ميكانيكية، هندسة البيئة، هندسة صناعية، هندسة الصيانة، هندسة مدنية، هندسة معمارية، طاقوية، ري، الكتروتقني، كيمياء صناعية، محروقات وكمياء، هندسة المواد، هندسة الطرائق الصناعية، صناعة غذائية، معالجة المياه والإفرازات الصناعية، علم الطيران، تكيف وتبريد، آلية، تعدين، هندسة ريفية، أشغال عمومية، إليكتروميكانيك، نظافة وأمن، هندسة منجمية، بصريات وميكانيك الضبط، هندسة بحرية.
—————————————
d02 علوم المادّة : كيمياء، فيزياء.
————————————–
d03 رياضيات و إعلام آلي : رياضيات، إعلام آلي.
——————————————-
d04 علوم الطبيعة و الحياة : بيولوجيا، علوم فلاحية، علوم البحر، إيكولوجيا وبيئة، بيولوجيا خلوية وذرية، بيولوجيا وفيزيولوجيا عضوية، صناعة غذائية.
———————————————————-
d05 علوم الأرض و الكون : علوم الأرض، هيدروجيولوجيا، جيوفيزياء، مناجم، تهيئة.
——————————————————————
d06 علوم اقتصادية و علوم التسيير و علوم تجارية : علوم إقتصادية، علوم التسيير، علوم تجارية، أعلام آلي للتسيير، محاسبة وضرائب، تجارة دولية، علوم مالية.
———————————————————————-
d07 حقوق : علوم قانونية.
————————————————————
d08 آداب و لغات أجنبية : فرنسية، إنجليزية، ألمانية، إسبانية، روسية، إيطالية، ترجمة.
———————————————————————
d09 علوم إنسانية و اجتماعية : علوم إسلامية، علوم الإعلام والإتصال، علم المكتبات، علم الآثار، التاريخ، علم النفس، علم الإجتماع، فلسفة.
———————————————————————
d10 علوم و تقنيات النشاطات البد نية و الرياضية : رياضة، علوم وتقنيات النشاطات البدنية الرياضية.
———————————————————————
d11 فنون : فنون العرض المسرحي، فنون بلاستيكية.
————————————————————–
d12 لغة و أدب عربي : لغة وأدب عربي، نقد أدبي ومسرحي.
—————————————————–
تحيين البرامج : إن إعادة تنظيم التعليم العالي يتماشى والتوجهات العالمية المتمثلة في تنويع ملامح التكوين وتكييفها مع الحقائق التي تمليها عولمة الاقتصاد والتطور التكنولوجي والعلمي، فهكذا تترجم عولمة التعليم العالي بفضل برامج بيداغوجية يتعين مراجعتها كل عشر سنوات على الأقل، وبتكوينات تكون مدتها أقصر ما يمكن (مثل "الليسانس") وبتكوينات ذات "طابع مهني" مسهلة لحركية الأشخاص من خلال تناغم الشهادات، أضف إلى ذلك أنّ كل مسارات التكوين ستتضمن مقررات مشتركة أفقية، بات وجودها ضروريا ولا نقاش فيه مثل الإعلام الآلي واللغات الأجنبية والعلوم الاجتماعيةر؛ زيادة على ذلك، إن مسارات التكوين تمنح خاصة في السنتين الأولى والثانية مواد تعليمية "أساسية، ومواد تعليمية "للاكتشاف" وكذا مواد تعليمية في "المنهجية".
من أهم مميزات هذا النظام :
– نظام تعليم سداسي يضم وحدات تعليم أساسية و وحدات تعليم اكتشافية ووحدات التعليم مشتركة ووحدات تعليم للتخصص.
– تزود كل وحدة تعليم بقيمة في شكل وحدات قياسية.
– وحدات التعليم قابلة للاكتساب وقابلة للتحويل.
– يعتمد الترجيح على طبيعة الاختبارات وعلى أنماط المراقبة المعتمدة.
– نظام الانتقال سنوي.
– تنظم مجالات التكوين مجموعة من الفروع والتخصصات والشعب في شكل مسالك تكوين نموذجي مع إمكانية العبور بين المسالك.
زيادة على هذه الفوائد التي توفرها هيكلة التكوينات، كونها بسيطة وواضحة القراءة، وتقتصر على ثلاث شهادات، فإن النظام الجديد (ل.م.د) يرتكز على رؤية أكثر انسجاما بخصوص توفير التكوينات، تكون هذه العروض على شكل "مجالات" وتنظم في شكل مسارات نموذجية.