التصنيفات
منوعات

الشرور الأربعة المذكورة في سورة الفلق .

خليجية

المقدمة:
سورة الفلق سورة لم يُر مثلها كما عبر عن ذلك النبي صلى الله عليه

وسلم، هي والسورة التي تليها"سورة الناس" فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَال:َ قَالَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ أَرَ أَوْ لَمْ يُرَ

مِثْلَهُنَّ يَعْنِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ"

وحيث مدحها عليه السلام بهذه الكلمات؛ فمعنى ذلك أننا أمام كنوز ضخمة، وذخائر حية، وأسلحة قوية، في مواجهة شرور الحياة ومصاعبها وشدائدها والكائدين فيها، والماكرين، والحاسدين، والسحرة المشعوذين الدجالين، يعني ذلك: أننا أمام أخطار كبيرة تؤثر في مسيرة الحياة، وتنعكس على الإنسان حيث تؤدي هذه الشرور التي ذُكرت في السورة الكريمة إلى الوفاة في بعض الأحيان، والجنون وفقدان الذاكرة وحالات صرع في أحيانٍ أخرى، فهي وأختها(سورة الناس) آيات بينات تذكر الداء والدواء..

وكان عليه الصلاة والسلام يوليهما عناية خاصة؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:

"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ

حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا"

" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ "

لا بد من الصراحة في إعلان الحقيقة الكبرى، وهي أن الإنسان مخلوق

ضعيف، مفتقر إلى الله سبحانه في كل أحواله يقول خالقنا سبحانه:"يَاأَيُّهَا

النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "{فاطر:15}،

ولذلك دفعه خوفه من الأشياء، وخشيته من الأخطار، إلى التعوذ

والاستعانة بالجن، والسحر، والأصنام، والأنداد والشركاء، ويظن أنّ

هذه الأشياء قادرة على حمايته، وتوفير الأمن والطمأنينة له، وهو واهم في

ذلك؛ "يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ

يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ

الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ"{الحج:73}،

والحقيقة الكبرى
التي طلبها رب الفلق من نبيه عليه السلام أن يعلنها على

الملأ ويقولها بملء فيه أنه: إذا كنتم أيها الناس، أيها الكفار، أيها

المشركون، يا ضعاف الإيمان، تستعيذون بالشركاء و بالأنداد ،

وبالسحرة و الكهنة و الجن وما أشبه، فإني
" أعوذ برب الفلق"

والاستعاذة معناها:
كما جاء في لسان العرب: "عاذ به يَعُوذُ عَوْذاً وعِياذاً

ومَعاذاً: لاذ به ولجأَ إِليه واعتصم.

يقال: عَوَّذْت فلاناً بالله وأَسمائه وبالمُعَوِّذتين إِذا قلت أُعِيذك بالله وأَسمائه من

كل ذي شر وكل داء وحاسد وحَيْنٍ" .

"فالاستعاذة حالة نفسية ، قوامها الخشية من الخطر ، و الثقة بمن يستعاذ به ،

و هي إلى ذلك ممارسة عملية بابتغاء مرضاة من نستعيذ به ،

و هي – فوق ذلك – الثقة بأنه وحده القادر على درء الخطر ، و إنقاذ
الإنسان ."

أما الفلق
فقد اختلفوا فيه اختلافا كبيرا ،

فمن قائل : أنه بئر في جهنم تحترق جهنم بناره .

إلى قائل : بأنه الصبح ، أو الخلق، أو ما اطمأن من الأرض ، أو الجبال و

الصخور.
قال ابن جرير: "والصواب القول الأول إنه فلق الصبح وهذا هو الصحيح وهو

اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى"

قال المفسرون: سبب تخصيص الصبح بالتعوذ أن انبثاق نور الصبح بعد شدة

الظلمة، كالمثل لمجيء الفرج بعد الشدة، فكما أن الإِنسان يكون

منتظراً لطلوع الصباح، فكذلك الخائف يترقب مجيء النجاح.

أنواع الشرور المذكورة والمستعاذ منها في السورة الكريمة:

الأول:الشر العام
: ويشمل الشرور البارزة والخفية:

"من شر ما خلق":
" أي من شر خلقه إطلاقا وإجمالا . وللخلائق شرور

في حالات اتصال بعضها بعض . كما أن لها خيرا ونفعا في حالات

أخرى . والاستعاذة بالله هنا من شرها ليبقى خيرها . والله الذي خلقها

قادر على توجيهها وتدبير الحالات التي يتضح فيها خيرها لا شرها ! "

و " قال بعض الأفاضل: هو عام لكل شر في الدنيا والآخرة وشر

الإنس والجن والشياطين وشر السباع والهوام وشر النار وشر الذنوب

والهوى وشر النفس وشر العمل وظاهره تعميم ما خلق بحيث يشمل نفس

المستعيذ"
ولقد" زود الله كل حي بما يجعله يختار جانب الخير ، و يحاذر جانب

الشر من نفسه و من الخلق المحيط به ، و الإنسان بدوره مزود بالوحي و

العقل و الغريزة لكي يتجنب الشر و الاستعاذة بالله صورة من صور

الحذر من الشرور"

ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ من أشياء كثيرة،

نذكر منها مثلاً: ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ

عَذَابِ الْقَبْر،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّال،ِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا

وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا

أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ! فَقَال:"َ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ

فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ "

وكان الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يلتجئون و يعتصمون

ويستجيرون بالله من أنواع الشرور المختلفة؛ فهذا إبراهيم عليه السلام

يطلب من ربه أن يبعده وأبنائه من شر عبادة الأصنام، التي أضلت الكثير

من البشر"وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن

نَّعْبُدَ الاَصْنَامَ" {إبراهيم:35}

وهذا يوسف عليه السلام يلتجئ إلى الله من شر مكر النساء اللواتي

أردن به الكيد والوقوع فيما يسخط الخالق" قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ

مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ وَأَكُن مِنَ

الْجَاهِلِينَ" { يوسف:33} وغير ذلك

الشر الثاني: "غاسق إذا وقب"

قالوا :"الغسق: شدة الظلام ،

و الغاسق : هو الليل أو من يتحرك في جوفه،

والوقب : الدخول،

قال ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، والضحاك، والحسن، وقتادة،

أنه الليل إذا أقبل بظلامه" والمقصود هنا – غالبا هو الليل وما فيه .

الليل حين يتدفق فيغمر البسيطة . والليل حينئذ مخوف بذاته . فضلا على

ما يثيره من توقع للمجهول الخافي من كل شيء:من وحش مفترس يهجم .

ومتلص فاتك يقتحم . وعدو مخادع يتمكن . وحشرة سامة

ومن ظاهر وخاف يدب ويثب , في الغاسق إذا وقب !"

قال الرازي: "وإِنما أُمر أن يتعوذ من شر الليل، لأن في الليل تخرج السباع

من آجامها، والهوام من مكانها، ويهجم السارقُ والمكابر، ويقع

الحريق، ويقل فيه الغوث"

ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام
المسلم أن يمشي في الليل وحده:فعن

ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ:" لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنْ الْوِحْدَةِ؛ مَا سَرَى رَاكِبٌ بِلَيْلٍ يَعْنِي

وَحْدَه ُ"

الشر الثالث"النفاثات في العقد"

والنفاثات: "السواحر الساعيات بالأذى عن طريق خداع الحواس , وخداع

الأعصاب , والإيحاء إلى النفوس والتأثير والمشاعر . وهن يعقدن العقد في

نحو خيط أو منديل وينفثن فيها كتقليد من تقاليد السحر والإيحاء !

والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء ; ولا ينشئ حقيقة جديدة لها .

ولكنه يخيل للحواس والمشاعر بما يريده الساحر ."19

وقد شنّ الإسلام على السحر حرباً ضروساً لا هوادة فيها، يقول تعالى

فيمن يتعلمون السحر: "ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم"{ البقر102}.

وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم السحر من كبائر الذنوب الموبقات،

التي تهلك الأمم قبل الأفراد، وتردي أصحابها في الدنيا قبل الآخرة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" اجْتَنِبُوا

السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ

وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ

،وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ."20

"وقد اعتبر بعض فقهاء الإسلام السحر كفرا، أو مؤديا إلى الكفر،

وذهب بعضهم إلى وجوب قتل الساحر تطهيرا للمجتع من شره.

وكما حرم الإسلام على المسلم الذهاب إلى العرافين لسؤالهم عن

الغيوب والأسرار حرم عليه أن يلجأ إلى السحر أو السحرة لعلاج مرض

ابتلي به، أو حل مشكلة استعصت عليه،

فهذا ما برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، قال: "ليس منا من تطير

أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له".

فالحرمة هنا ليست على الساحر وحده وإنما هي تشمل كل مؤمن

بسحره مشجع له، مصدق لما يقول.

وتشتد الحرمة وتفحش إذا كان السحر يستعمل في أغراض هي نفسها

محرمة، كالتفريق بين المرء وزوجه، والإضرار البدني، وغير ذلك مما

يعرف في بيئة السحارين. "

فإن السحر داء خفي ومستر يحتاج إلى علاج خاص

وهذا العلاج ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: ما يُتَّقى به السحر قبل وقوعه ومن ذلك:

أولاً: تجديد الإيمان في النفوس كلما أنس المرء من نفسه ضعفا،

والالتجاء إلى الله كلما خاف المرء على نفسه عدوا، ومن يركن إلى

الله فإنما يأوي إلى ركن شديد، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.ومن

لوازم الإيمان الاستمساك بشرع الله أمرا ونهيا علانية وسرا، و القيام بجميع

الواجبات، وترك جميع المحرَّمات، والتوبة من جميع السيِّئات والإِكثار من

قراءة القرآن الكريم بحيث يجعل له ورداً منه كل يومٍ.

ثانيا: نشر العلم بقضايا العقيدة والحرص على سلامتها، وبيان ما يخدشها

وتعميم الوعي بمخاطر السحر والشعوذة، وتحذير الناس منها بمختلف

وسائل الإعلام وتوسيع دائرة الوعي بمدارس البنين والبنات، وبالطرق

المناسبة واستخدام المحاضرة والندوة والمطوية أسلوبا من أساليب التوعية عن

هذه الأدواء.

ثالثاً: إصلاح البيوت وعمارتها بالذكر والصلاة وتلاوة القرآن، فهل نحصن

بيوتنا ونحفظ أنفسنا وأولادنا وأهلينا بذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن..

مع استبعاد كل ما يجمع الشياطين من الصور والكلاب والغناء ونحوها

من المنكرات الأخرى. ذلكم لمن رام النجاة في الدنيا والآخرة.

رابعاً: أكل سبع تمراتٍ على الرِّيق صباحاً إِذا أمكن، لقوله عليه الصلاة

والسلام: "
من اصطبح بسبع تمرات عجوةً لم يضُرُّهُ ذلك اليوم سُمٌّ ولا سحرٌ"
خامساً: أما الحصن الحصين والسبب الوافي المنيع _ بإذن الله _ من كل

سوء ومكروه، فهو المحافظة على الأوراد الشرعية في الصباح والمساء،

وهي صالحة للاستشفاء قبل وقوع السحر أو بعد وقوعه، وكيف لا؟

وهي الأدوية الإلهية كما يسميها ابن القيم رحمه الله، ومع مسيس

حاجة الإنسان لهذه الأذكار فما أكثر ما يقع التفريط فيها!

ومن ذلك:

"بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو

السميع العليم"ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء ،

وقراءة آية الكرسيِّ دبر كلِّ صلاةٍ وعند النوم، وفي الصباح والمساء

، وقراءة "قل هو الله أحدٌ" والمعوِّذتين ثلاث مراتٍ في الصباح والمساء

وعند النوم وقول "لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو

على كل شيء قديرٌ مائة مرةٍ كل يوم"

،والمحافظة على أذكار الصباح والمساء،

والأذكار أدبار الصلوات،

وأذكار النوم، والاستيقاظ منه،

وأذكار دخول المنزل والخروج منه،

وأذكار الرُّكوب،

وأذكار دخول المسجد والخروج منه،

ودعاء دخول الخلاء والخروج منه،

ودعاء من رأى مُبتلىً، وغير ذلك

ولا شكَّ أنَّ المحافظة على ذلك من الأسباب التي تمنع الإِصابة بالسِّحر،

والعين، والجانِّ بإذن الله تعالى وهي أيضاً من أعظم العلاجات بعد الإصابة

بهذه الآفات وغيرها.

القسم الثاني: علاج السحر بعد وقوعه وهو أنواعٌ:

النوع الأول: استخراجه وإبطاله إذا عُلم مكانه بالطرق المباحة شرعاً

وهذا من أبلغ ما يُعالج به المسحور.29

النوع الثاني: الرُّقية الشرعية:

من القرآن الكريم: تقرأ سورة الفاتحة، وآية الكرسيِّ، والآيتين

الأخيرتين من سورة البقرة، وسورة الإِخلاص، والمعوِّذتين ثلاث مراتٍ أو

أكثر مع النفث ومسح الوجع باليد اليمنى.30

التعوذات والرُّقى والدعوات الجامعة:من السنة النبوية :

" أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يشفيك (سبع مرات) 31.

يضع المريض يده على الذي يُؤلمه من جسده ويقول: "بسم الله" ثلاث مراتٍ،

ويقول: "أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر (سبع مراتٍ)" 32

."اللهم ربَّ الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إِلا شفاؤك

شفاءً ولا يُغادر سقماً" 33 .

" أعوذ بكلمات الله التامات من كلِّ شيطانٍ وهامَّهٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ"

."بسم الله أرقيك من كل شيءٍ يُؤذيك ومن شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين

حاسدة الله يشفيك بسم الله أرقيك" .

وهذه التعوذات، والدَّعوات، والرُّقى وغيرها مما صح عن النبي صلى الله عليه

وسلم يعالج بها من السحر، والعين، ومسِّ الجان، وجميع الأمراض، فإِنها

رُقىً جامعةٌ نافعةٌ بإِذن الله تعالى.

الاستفراغ بالحجامة في المحلِّ أو العضو الذي ظهر أثر السِّحر

عليه

النوع الرابع: الأدوية الطبيعية، فهناك أدويةٌ طبيعيةٌ نافعةٌ دلَّ عليها القرآن

الكريم والسَّنة المطهرة إذا أخذها الإِنسان بيقينٍ وصدقٍ وتوجهٍ مع

الاعتقاد أن النفع من عند الله نفع الله بها إِن شاء الله تعالى، كما إِن هناك

أدويةٌ مركبةٌ من أعشاب ونحوها، وهي مبينةٌ على التجربة فلا مانع من

الاستفادة منها شرعاً ما لم تكن حراماً.

ومن العلاجات الطبيعية النافعة بإذن الله تعالى:

العسل، والحبة السوداء، وماء زمزم، وماء السماء، وزيت الزيتون،

والاغتسال والتنظف والتطيُّب.

الشر الرابع:" حاسد إذا حسد"
يقول القرطبي:"
الحسد أول ذنب عُصى الله به في السماء، وأول ذنب عصى

به في الأرض؛ فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل، والحاسد ممقوت،

مبغوض، مطرود، ملعون"

ويقول أيضاً:"وقيل الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا ينال عند

الملائكة إلا لعنة وبغضاء، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما، ولا ينال

في الآخرة إلا حزنا واحتراقا، ولا ينال من الله إلا بعدا"

وجاء في مختار الصحاح :الحسد:" أن تتمنى زوال نعمة المحسود إليك،

وبابه دخل، وقال الأخفش: وبعضهم يقول يحسِده بالكسر حسداً

بفتحتين وحسده على الشيء، وحسده الشيء بمعنى و تحاسد القوم وقوم

حسدة كحامل وحملة. "قال الثعالبي:" وقوله تعالى: "وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا

حَسَدَ " قال قتادة: مِنْ شَرِّ عَيْنِهِ ونَفْسِهِ، يريد ب «النَّفْس»:
السعْيَ الخَبِيثَ، وقال الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ:
ذكَر اللَّه تعالى الشُّرُور في هذه السُّورة، ثم

ختمها بالحَسَدِ؛ ليعلم أنَّه أخسُّ الطَبائع."

ولعل من أنواع الحسد الشديدة الخطورة "العين"؛ فقد قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ٍ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "الْعَيْنُ

حَقٌّ" 41

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:َ" الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ

شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ .."،

و عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ" 43

أما علاج الإصابة بالعين فأقسام:

القسم الأول: قبل الإصابة وهو أنواع:

التحصُّن وتحصين من يُخاف عليه بالأذكار، والدَّعوات، والتعوُّذات

المشروعة كما في القسم الأول من علاج السحر. وأن يدعو من يخشى

أو يخاف الإِصابة بعينه – إِذا رأى من نفسه أو ماله أو ولده أو أخيه أو غير

ذلك مما يُعجبه – بالبركة "ما شاء الله لا قوة إِلا بالله اللهم بارك عليه"

لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذا رأى أحدكم من أخيه ما يُعجبه فليدع

له بالبركة" .

وكذلك ستر محاسن من يُخاف عليه العين.

القسم الثاني: بعد الإِصابة بالعين وهو أنواع:

إِذا عُرف العائن أُمر أن يتوضَّأ ثم يغتسل منه المصاب بالعين.

الإِكثار من قراءة "قل هو الله أحد" والمعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية

الكرسيِّ، وخواتيم سورة البقرة، والأدعية المشروعة في الرُّقية

مع النَّفث ومسح موضع الألم باليد اليمنى كما ذكرنا في علاج السحر.

القسم الثالث: عمل الأسباب التي تدفع عين الحاسد وهي كالتالي:

الاستعاذة بالله من شره. وتقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه سبحانه "احفظ

الله يحفظك"
والصبر على الحاسد والعفو عنه فلا يُقاتله، ولا يشكوه، ولا يُحدث نفسه

بأذاه.
و التَّوكُّل على الله فمن يتوكَّل على الله فهو حسبه.

ولا يخافُ الحاسد ولا يملأُ قلبه بالفكر فيه وهذا من أنفع الأدوية.

و الإِقبال على الله والإِخلاص له وطلب مرضاته سبحانه.

و التوبة من الذنوب لأنها تُسلِّط على الإِنسان أعداءه "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ

مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"[الشورى: 30].

و الصدقة والإِحسان ما أمكن فإِن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء والعين

وشرِّ الحاسد.

وإِطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إِليه فكلَّما ازداد لك

أذى وشراً وبغياً وحسداً ازدت إليه إِحساناً وله نصيحةً وعليه شفقةً وهذا

لا يُوفَّق له إِلا من عظم حظُّه من الله.

وتجريد التوحيد وإِخلاصه للعزي الحكيم الذي لا يضرُّ شيءٌ ولا

ينفع إِلا بإِذنه سبحانه وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب،

فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين.

فهذه عشرة أسباب يندفع بها شرُّ الحاسد والعائن والساحر .

صيد الفوائد

</B></I>منقول