التصنيفات
منوعات

ماذا علمني محمد – صلى الله عليه وسلم – من الهجرة ؟

ماذا علمني محمد – صلى الله عليه وسلم – من الهجرة ؟

الحديث عن القادة شيء ممتع ويبعث على الرغبة في مواصلة القراءة والإستمتاع حتى آخر كلمة, لكن الحديث عن محمد – صلى الله عليه وسلم – فهو شيء آخر, ويبعث على الفرح والسرور النفسي, ويزيدك طمأنينة وراحة بال.
ما أحب أن أتحدث به في مقالي المتواضع أمام حبيبي محمد – صلى الله عليه وسلم – هو الشيء اليسير أمام عبقريته الفذة في القيادة, ولماذا لا نقتدي به فعلاً ؟ إن كنا نعتقد بأنه القدوة الفعلية والعملية لنا في مسيرة حياتنا, لماذا ندّعي الحب الخالص والمجرد لرسولنا الكريم بينما لا تلامس سيرته حياتنا, وهي بعيدة كثيراً عن الروح التي علمنا إياها في سيرته العطرة.

ما أود التركيز عليه هو أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – النموذج التطبيقي لنا في حياتنا القصيرة التي نعيشها, وهو القدوة لنا في نجاحنا الحقيقي في هذه الحياة, فإذا ما أردنا التطوّر فهو من سيعرفنا الطريق, وإذا ما أردنا أن نعيش كما يحب الله, فعلينا أن نسير على خطاه, وأن نحبه كما علمنا عندما قال للفاروق عمر : " ومن نفسك يا عمر, فقال الفاروق : ومن نفسي يا رسول الله ".

علمني حبيبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أن أكون واقعياً :
فمعرفة الواقع الذي تعيشه هو بداية الطريق للنجاح, عندما قرر محمد – صلى الله عليه وسلم – أن لا فائدة من الدعوة في مكة, اتخذ قرار الهجرة, لأنه يعلم يقيناً أن الدولة لن تقوم من دون أن يأمن أصحابه من غدر أعدائهم, فيستريحوا قليلاً من الأذى لينظروا لبناء الدولة التي سيشع نورها على العالمين, كان رسول البشرية يدرك ذلك جيداً, وإنما اتخذ الأسباب الدنيوية في الدعوة في بيئة يغلب على طابعها الإحتكام للسلاح كحل وحيد لحل مشاكلهم, فلم يكن من المجدي أن يقوم بمزيد من المحاولة, بعد أن عرض نفسه على الوفود الكثيرة التي كانت تحج لبيت الله الحرام, طمعاً في النصرة, وبعدما سافر للطائف لنفس الغرض فلقي من الأذى النفسي والمادي ما لا يحتمله إلا الرجال العظماء, وذاك هو محمد – صلى الله عليه وسلم-.

ما نتعلمه من ذلك ليكون لنا درساً عملياً هو أن نعرف أين نقف الآن؟ وإلى أيّ وجهة نسير؟ وما هي رؤيتنا للحياة التي ننشدها؟ عندما ندرس مواقفنا ندرك مدى الفجوة العميقة بين ما نريد أن نحقق, وأين نقف الآن مما نريد, فليس النجاح بالتمني ولكن هو المحاولة والمحاولة والمحاولة حتى نحسن من أداء ما نقوم به, فأن تخطأ وتقع على الأرض, لا يعد خطأً في حدّ ذاته, لأنك بذلك ستكون قد تعلمت أن هناك طرقاً لا تصلح لنسلكها, وإنما الطامة الكبرى أن لا نتقبل الخطأ ونتخذه شماعة للتوقف عن التقدم, والتوقف عن معرفة ما الذي نريده.

علمني حبيبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أن قيمة المشروع أكبر من قيمة العواطف :
إذ أن الفكرة أكبر من العواطف, كان رسول الإنسانية يدرك أن قرار الإبتعاد عن مكة, فيه من الظلم الكثير لمشاعره ومشاعر أصحابه, لكنه مؤمن بفكرته وعازم على أن يدافع عنها أو يهلك دونها, فلم يكن للعواطف متسع أمام مفارقة الديار والأهل, فهو القائد ذو البصيرة النافذة, عليه أن يبحث عن موطيء قدم له ولأصحابه, ليتمكن من بناء الدولة, حتى لو على حساب مشاعره.

علمنا محمد – صلى الله عليه وسلم – أن ندافع عن أفكارنا, وعن ما نعتقد, فما قيمة الإنسان إذا عاش في عباءة الآخرين, يتكلم كما يتكلمون, وينفعل كما ينفعلون, هكذا, وبدون أدنى قوة داخلية تدفعه للتوقف ليكون غيره, إلا أن يكون إمّعة مع نفسه ومجتمعه, فما قيمة المرء إن كان لا يحسن قيمة العيش مع نفسه ومجتمعه, وما الذي تطمح لتغييره في إنسان مغيّب عن واقعه, لا يملك أحلاماً يدافع عنها, ولا فكرة يضحي من أجلها, وما أعنيه أننا جميعاً لدينا مشاريع فليس من العدل أن نقتلها في مهدها, ونجلس بلا فكرة تراودنا أو أحلام نعشقها.

علمني حبيبي محمد – الله عليه وسلم – أن للقائد خيارات متعددة :
فليس من العدل إذا أوصدت الأبواب أمامك أن لا تفكر في خيارات أخرى, وهذا ما فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قرر الذهاب للطائف لعله أن يجد النصرة منهم, وهذه حكمة منه, وعندما أوصدت الأبواب لتبليغ دعوته, كان عليه التفكير ملياً في خيارات أخرى, لينقذ بها دعوته وأصحابه الكرام, فذهب للطائف لكنه صلى الله عليه وسلم لم يجد آذاناً صاغية ولا قلوباً تتلمس الحق, فعاد مرة أخرى لمكة مستجيراً بمشرك, وعندما أرسل سيدنا مصعب بن العمير مع ستة من الأنصار للمدينة, كان هدفه استشراف الأرض الجديدة ومدى ملائمتها لتكون منطلقاً للدعوة وبناء الدولة.

وهكذا هي الحياة, إذا لم تكن مرناً في تفاصيلها, فلن تجد باباً يفتح أمامك, فهناك من يحدد مسبقاً أن طريقته في فهم الإسلام هي الطريقة المثلى ليقتدي بها الناس, فيأخذهم بالإكراه مرة وبالتعنيف مرات, من دون أن يعلم أن رسولنا الكريم, لم يكن ليوصد باباً للتعريف بالحق, ولم تكن خياراته تنفذ في سبيل إيصال هذا الحق للناس, حتى مع من خالفوه في الدين فما بالك بمن خالفوه في الرأي, لا توصد أبواب الخير, فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لخلقه.




جزاكى الله كل خير وجعلة فى ميزان حسناتك



التصنيفات
منتدى اسلامي

الهجرة النبوية المباركة ح كم باهرة ، ودروس عظيمة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله..
عندما هاجر رسولنا الكريم ، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ؛ إنما كانت تلك الهجرة لأعلاء كلمة الحق ، ووضع الحد الفاصل بين الحق والباطل ..

وقد كان يعلِمَ ، من أوَّل يومٍ في الدَّعوة الإسلاميَّة المبارَكة ، أنَّه سيَخرُج من بلده مُهاجِرًا..؛ ففي حديثه مع ورقة بن نَوفَل عندما اصطَحبَتْه زوجُه خديجة – رضِي الله عنها – إلى ابن عمِّها، عندها قال له ورقة:
(.. هذا النامُوسُ الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتَنِي فيها جَذَعًا، ليتَنِي أكون حيًّا إذ يُخرِجك قومُك، فقال رسول الله : (.. وَمُخرِجِيَّ هم ؟!..)، قال: نعم، لم يأتِ رجلٌ قطُّ بمثْل ما جئتَ به إلا عُودِي، وإنْ يُدرِكْني يومُك أنصُرْكَ نصرًا مُؤزَّرًا، ومن ساعَتِها عَلِمَ النبي أنَّ طريقه غير ممهَّد ، بل ومحفوفٌ بالمخاطر والمهالك، وأنَّه مُخرَجٌ من مكَّة حَتمًا لا مَحالة ..!!
وكان حَرِيصًا أشدَّ الحِرص على نشر رسالته ، وهِدايَة قومِه ، لذلك استَعمَل شتى الصور، والأساليب .. بالحكمة والموعظة الحسَنَة.. ولكن ، وبعد أن أشتد الأذى ، على قومُه بكُلِّ أنواع الإيذاء ، وكل ذلك لإخماد نور رسالته ، والقَضاء على دعوَتِه في مَهدِها، وتمثَّل هذا الإيذاء بنوعَيْه: بالكلام والفعل.
ففي الكلام قالوا عنه: "ساحر وشاعر ومجنون"، ومنه: "لَمَّا نزلَتْ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾الشعراء: 214،
أمَّا بالفعل: فقد روى البخاري من حديث عُروَة بن الزُّبير، قال: (.. سألتُ ابنَ عمرو بنِ العاص: أخبِرنِي بأشد شيءٍ صنَعَه المشركون بالنبيِّ قال: بينما النبيُّ يُصلِّي في حِجرِ الكَعبة، إذ أقبلَ عُقبَةُ بن أبي مُعَيط، فوَضَع ثوبَه في عُنُقِه، فخَنقَه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكرٍ حتى أخَذ بمنكبه، ودفَعَه عن النبيِّ قال: ﴿ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ… ﴾ غافر28 أي : أتقتلون رجلاً من أجل أنه قال ربي الله وعمل بما قال، روى البخاري في صحيحه بينما رسول الله يصلي بفناء الكعبة ، إذا أقبل «عقبة بن أبي معيط»، فأخذ بمنكب الرسول ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل «أبوبكر» رضي الله عنه فأخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي ثم قرأ قوله تعالى في سورة غافر آية 28 (..أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَّقُولَ رَبِّي اللهُ..).. ومن أواخِر المَكِيدات الفعليَّة في مكَّة اتِّفاقُهم على قَتلِه في فِراشِه وهو ما حَكاه أهل السِّيَر؛ حيث اجتَمَع رجالٌ من قريش ذاتَ يومٍ وتشاكَوْا وتشاوَرُوا في أمر النبيِّ ، وانتَهَى بهم الأمرُ إلى قتْله فاقتَرَح عليهم أشقى القوم أبو جَهل بن هِشام أنْ يَأخُذوا من كلِّ قبيلةٍ شابًّا فتيًّا جليدًا نسيبًا، ثم يعطوا كلَّ شابٍّ منهم سيفًا فيَضرِبوه ضَربةَ رجلٍ واحدٍ، فيتفرَّق دمُه بين القبائل فلا يقدر بنو عبد مَناف على حَربِهم جميعًا، فنَجَّاه الله منهم بمنِّه وكرَمِه .
وبعد كل هذهِ المحن العصيبة من قريشاً ، وعدم تقبُّل مكَّة للإسلام قرر الهجرة .. فبحَثَ عن مكانٍ آخَريكون أكثر استِعدادًا لقبول دعوته، فكان هذا المكان هو يَثرِب ..
الهجرة وضَرُورة إقامة الدَّولة الإسلاميَّة:
عنذما رأي النبيُّ أنَّه مكلَّفٌ بنشر رسالةٍ عالميَّة ، تطلَّع إلى لتَحقِيق ذلك ، وقد استَشعَر مسؤوليَّة قولِ الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾ المائدة: 67، وقوله:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾سبأ: 28، من أجْل هذا أحسَّ النبيُّ أنَّ تحقيق رسالته لا تَأتِي إلاَّ من خِلال نِظامٍ سياسيٍّ وكيانٍ اجتماعيٍّ يَحمِيها نظامٌ عسكري في مَوطِنٍ أمين أو بالأَحرَى من خِلال دولةٍ تَكفُل لهذه الدَّعوة حَقَّ الانتشار والذُّيوع، وتَحمِي أتباعها وتُؤمِّنهم؛ ومن ثَمَّ تطلَّعَ النبيُّ إلى تَحقِيق ذلك، فتحرَّك سريعاً للخروج إلى مكانٍ جديد يَصلُح أن يكون كدَولةٍ إسلامية مهمة لإعلان شأن الدِّين، وللحصول على الحريَّة الكاملة لعِبادة الله وطاعَتِه..
أهداف الهجرة النبويَّة إلى المدينة..
مما لاشك فيه أن الهجرة النبوية هي ذلك الحدث العظيم الذي غيّر مجرى التاريخ وحوّل مسيرة الحياة، حيث تم بناء أسس ودعائم الدولة الإسلامية على يد رسول الله وصحابته الكرام رضوان الله عليهم آجمعين
*- فقد كان أوَّل وأهمُّ أهداف الهجرة النبويَّة إلى المدينة هي:إقامة الدولة الإسلاميَّة والمجتمع الإسلامي، دولة تُظِلُّ تحتَ لوائها كُلَّ مَن آمَن بالله تعالى ، ويكون فيها فَرْدًا صالحًا يَعبُدُ ربَّه دون خَوْفٍ .. بمجتمعاً إسلامياً جديد" ، يختَلِف في جميع مَراحِل الحياة عن المجتمع الجاهلي، ويكون ممثِّلاً للدَّعوة الإسلاميَّة التي عانَى لها المسلمون ألوانًا من النَّكال والعَذاب طِيلَة عشر سَنوات ..
نَتائج وآثار الهجرة النبويَّة المُبارَكة..
*-تَرسِيخ مَبدَأ الأُخُوَّة بين المُهاجِرين والأنصار، وقد ترسَّخ هذا المبدأ في نُفُوسهم حتى إنَّ أحدَهم لَيَطلُبُ من أخيه أنْ يُقاسِمَه في ماله وأزواجِه..! *-القَضاء التامُّ على الإِحَن والأضْغان الذي كان في الصُّدور من قِبَلِ القَبائِل لبعضها، وتَوحِيدها تحت رايةٍ واحِدةٍ هي راية " لا إله إلا الله محمد رسول الله".. وبجانب تلك المزايا ، من نتأجها أنها جاءت بإعلان وثيقة مفصلة .. فيها تشريعات تنظيمية وإدارية ومالية كتبت على عهد النبي ، كما أرسى فيها قواعد مجتمع جديد وأمة إسلامية جديدة بإقامة الوحدة العقدية والسياسية والنظامية بين المسلمين وغير المسلمين.. و ضبطت العلاقة بين أبناء المجتمع المدني الواحد بالعدل والمساواة ..
وتمتع الجميع على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وأديانهم بالحقوق والحريات بأنواعها، مثل: أ. حرية العقيدة، : ( للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم ). ب. كرامة الإنسان مقدرة، : ( وأن ذمة المسلمين واحدة يجير عليهم أدناهم ). ج. واجب حماية رعايا الدولة ورد العدوان عنهم، : ( وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم ).
تلك كانت أهم أسباب ودَواعِي ونَتائج وآثار الهجرة النبويَّة المُبارَكة – على صاحِبِها أفضَلُ الصَّلاة والسَّلام.. استخلاص الدروس والعبر والمبادئ ، التي يجب أن نتعلمها ونطبقها في حياتنا من الهجرة النبوية :
*- ترسيخ القيمة العظيمة للأمانة في الإسلام، *- أهمية اختيار الصديق ودور الصحبة الصالحة في نجاح المسلم في حياته وقدرته على نصرة دينه ، *- ترسيخ الفدائية وروح الشجاعة بالنفوس ، فالمسلم بطل وفدائي ولا يهاب الموت في سبيل الله .. *- الأخذ بالأسباب والتخطيط الجيد والإعداد المدروس ، بجانب التوكل على الله والاعتصام به .
الهجرة هى المعنى الحقيقي للنصر:
الهجرة سميت نصراً رغم أنه لم تسيل قطرة من الدم، ولم تلتق فيها السيوف، وهذا اتساع لأفق النصر في حياة أهل التوحيد والعقيدة..!! فالثبات على المبدأ نصر، والالتزام بالحق نصر، والوصول للأهداف سواء مرحلية أو كلية نصر..!! الهجرة كانت هى ، القوة في الثقة بالله، والثبات على مبادئ الدعوة والدين، والتضحية في سبيل الله ،..!!
هكذا يجب أن ننظر إلى الهجرة ، فلولا الهجرة لما كانت الدولة، ولم تكن حضارة إسلامية أضحت مناراً للعالم كله وعاش في ظلها الملايين من البشر والعشرات من الشعوب في أسعد عصور عرفها التاريخ ..
حقاً كانت الهجرة النبوية المباركة للحق ، وفي سبيله ، ولهذا كتب لسيرتها الذكر والخلود .
قال تعالى : (.. إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ..) التوبة 40.
فالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ..(




شكرلك



بوووركتي



شكرا للمرور العطر



التصنيفات
سيرة النبي وزوجاته والصحابة

مِن إلهامات الهجرة:

كتبه/ أحمد فريد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لماذا أرخ المسلمون تاريخهم بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يؤرخوا بغزوة بدر الكبرى؛ أول انتصار في الإسلام، أو بفتح مكة، أو بغير ذلك من المناسبات الحاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية؟
إنما كان ذلك كذلك؛ لأن بالهجرة تكوَّن النظام السياسي، وتأسست الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وهذا يدل على أن الإسلام لا يُكتفى فيه بتنفيذ العبادات الفردية: كالصلاة، والصيام، والحج والعمرة، ولكنه يهدف إلى إقامة نظام كامل متكامل محكوم بشرع الله -عز وجل-، فليس فيه: "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، ولكن الإسلام يتحكم في كل شئون الحياة: السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، فبالهجرة تكون الكيان الإسلامي للعمل المتكامل.
وما أذِن في الجهاد إلا بعد الهجرة، وقتل كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق اليهوديين كان بعد الهجرة، بعد أن صار للإسلام دولة، وللإسلام شوكة.
ومِن إلهامات الهجرة: أن الداعية إذا أجدبت أرضه فينبغي عليه أن يبحث عن أرض جديدة خصبة؛ فقد ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة وهو يعلم أنها أحب أرض إلى الله، وأحب أرض الله إليه -صلى الله عليه وسلم-.
ومن إلهامات الهجرة: الأخذ بالأسباب الممكنة، فقد استأجر النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً خريتًا، وسار في طريق خلاف طريق المدينة حتى ينتهي الطلب، وغير ذلك من الأسباب التي أخذ بها..
وإن قال قائل: لماذا لم يهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هاجر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيقول: من أراد أن تثكله أمه أو يتيتم ولده فليلقني خلف هذا الوادي؟
الجواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسوة، والناس فيهم القوي مثل عمر -رضي الله عنه-، ومنهم: الضعيف، ولكن عمر -رضي الله عنه- شخص واحد يتصرف بحسب قوة إيمانه وجرأته.
بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- تمت سنة إخوانه الأنبياء؛ ولذلك قال له ورقة بن نوفل -رضي الله عنه-: "يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ" (متفق عليه).
قال محب الدين الخطيب -رحمه الله-:
"عَنْ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: جِئْتُ بِأَخِي أَبِي مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ عَلَى الْهِجْرَةِ. قَالَ: (قَدْ مَضَتْ الْهِجْرَةُ بِأَهْلِهَا) قُلْتُ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: (عَلَى الإِسْلامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ) (متفق عليه).
وفي البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ)، وفي لفظ ابن حبان: (المهاجر من هجر السيئات).
فإلى الهجرة أيها المسلمون..
إلى هجرة الخطايا والذنوب..
إلى هجر ما يخالف أنظمة الإسلام في بيوتنا وما نقوم به من أعمالنا..
إلى هجر الضعف والبطالة والإهمال والترف والكذب والرياء، ووضع الأشياء في غير موضعها



تسلم يدك ع الموضوع
جعله الله بميزان حسناتك
ليس جديد عليكى فديما مميزه
نستفيد الكثير منكى
بأنتظار جديدك