"كيف تعرف أنك مريض نفسي"
للدكتور "محمد عويضة" … أستاذ الطب النفسي _ جامعة الأزهر .
إضطراب الهلع
"فجأة حسيت بخوف فظيع بدون أي سبب . ودقات قلبي عالية قوي وسريعة
وصدري وجعني ونفسي بقى صعب وجاتني فكرة إني هاموت"
"وانا بحس بالخوف كل مرة أنوي الخروج . وأحس بقبضة في معدتي
وأترعب إن نوبه تانية تيجي لي أو تحصل حاجة وحشة".
إذا حسيت بهذه الأعراض عزيزي القاريء , فأنت تعاني من إضطراب أو نوبات الهلع .
فنوبات الهلع تأتي فجائية . وهي عبارة عن إحساس مفاجيء بالرعب بدون أي إنذار مسبق .
وهذه النوبات تحدث في أي وقت حتى أثناء النوم . ويعتقد أثناءها الفرد أنه يعاني من نوبه قلبية
أو أنه على وشك الموت . وذلك مع سرعة في دقات القلب , ودوخه مع تنميل في اليدين والأصابع ,
عرق ونوبات من السخونة الداخلية ورعشه , وأألام بالصدر , صعوبة التنفس مع إحساس بفقدران السيطرة .
وتلك النوبات عادة قصيرة المدة تستغرق أقل من عشر دقائق . وبعض الأعرض قد تستغرق أكثر
من ذلك . وتتكرر النوبات مرات عديدة في اليوم الواحد .
وإذا حدثت النوبة أثناء قيادة سيارة أو أثناء التسوق في محل مزدحم أو أثناء ركوب أسانسير
فقد يتبع ذلك خوف غير منطقي من تلك المواقف ويبدأ الفرد في تجنب تلك المواقف . وبالتالي
فتجنب المواقف والقلق من حدوث نوبة هلع أخرى قد يصل لدرجة أن مجرد التفكير في الإشتراك
في الأنشطة (الأفعال) السابقة (قيادة السيارة , التسوق , ركوب الأسانسير) قد يسبب حدوث
نوبة فعلية . وإن لم يعالج فهذا قد يؤدي بالفرد المصاب بإضطراب الهلع أن يصبح غير قادر على قيادة
سيارة بل وغير قادر على الخروج من المنزل . (مكونا إعاقة نفسية) مؤثراً بشده على أدائه الوظيفي
والإجتماعي .
إذا حدثت النوبات لطفل في سن الدراسة فأنها تؤدي لتدهور في درجاته المدرسية
ويسعى لتجنب المدرسة بكل الحجج والطرق الممكنة .
وأعراض إضطراب الهلع تتشابه مع النوبات القلبية لذلك نرى كثير من هؤلاء المرضى في عيادات
أمراض القلب اعتقادا من المرضى بأنهم عندهم مرض بالقلب . وعندما يصارحهم طبيب القلب
بأن قلبهم سليم _ بعد رسم القلب وغيره _ لا يوجد به أي مرض . يكونون قليلي الأقتناع (نظرا
لما يحسونه ويشعرون به).
والمشكلة إذا أكتشف المريض أنه يعاني من تدلي في الصمام المترالي , ورغم شرح الأطباء
للمرضى أن هذه الحالة (أي حالة وجود تدلي في الصمام المترالي) موجودة في عدد كبير
من البشر (حوالي 70% من الناس). ولا تمثل أي مشكلة . بل ولا أهمية لها على الإطلاق .
فأن عدم إقتناع المرضى يزداد ويكون دافعا لهم لترك بيبهم والذهاب لطبيب أخر . ويستمر
هذا اللف على الأطباء , إلى أن يجدوا طبيبا يتقي الله ويقول لهم : أن قلبهم سليم وهذا التدلي
لا أهمية له ولا علاقة له بحالتهم . وأن مايشعرون به حقيقي ولكنه ليس مرضا في القلب وإنما
مرض نفسي يتطلب الذهاب لطبيب نفسي لأخذ علاج متخصص . وعندها فقط ينتهي ذهابهم
من طبيب قلب لأخر (مع ما يتكلفون من مصاريف كشف وأشعات ورسومات قلب بالمجهود
وغيره وتحاليل معملية وغيرها).
وإذا حدثت نوبات الهلع أثناء النوم فأنها تسمعى نوبات هلع ليلية . مما يؤدي إلى أستيقا الفرد
فجأة في حالة من الخوف والرعب المفاجيء بدون أي سبب مسبق . وذلك مع الأعراض الأخرى
لنوبة الهلع (وهو ما تختلف فيه عن حالة فقدان التنفس أثناء النوم).
نوبات الهلع قد تحدث في الأطفال ولكنها تختلف عن الكبار في أنها بدون مكون معرفي أي فكرة
أن الفرد هايموت .
وهذه النوبات ليست خطيرة من الناحية العضوية ولا تهدد حياة المريض ولكنها قد تسبب
إعاقة نفسية خطيرة (عدم الخروج من المنزل) مما يهدد بل ويشل أنشطة الفرد اليوميه
وأدائه لأدواره الوظيفية والإجتماعية .
يتردد المرضى المصابين بالهلع على غرف الأستقبال والطواريء بالمستشفيات . وحوالي 25%
ممن يترددون على غرف الطواريء بالمستشفيات وهم يعانون من ألم بالصدر فأنهم في الحقيقة
مصابين بإضطراب الهلع .
وإذا قال طبيب القلب للمريض أنك لاتعاني من مرض بالقلب وإنما هي نوبات تحدث من دماغك
فذلك قد يعطي المريض انطباعا خاطئا بأنه ليست هناك مشكلة حقيقية تستدعي العلاج
المتخصص وإنهم لا بد أن يتغلبوا على تلك النوبات بأنفسهم وأن العلاج أما غير ممكن أو
غير ضروري . وإنما يجب على المحيطين بالفرد أثناء النوبة أن يطمئنوه بكل الطرق بأن
مايحدث له غير مهدد لحياته ويمكن علاجه مع تقديرهم لحالة الخوف والرعب الذي
يشعر بها .
أسباب إضطراب الهلع :
بعض المصابين بإضطراب الهلع لديهم مايسمى بحساسية القلق . وحساسية القلق
تعني ميل الفرد للخوف من أحاسيس القلق الجسدية مثل ألم الصدر . حيث تعني تلك
الأحاسيس توقع حدوث مضاعفات مثل أن قلبه سيتوقف .
وقد يكون الفرد قد تعرض في طفولته لإنتهاك جنسي من شخص أكبر وأقوى منه مما
أشعره بعدم القدرة على التحكم فيما يحدث له . وأثبتت الدراسات أن إضطراب الهلع
يحدث بسبب نقص في مادة كيميائية في المخ تسى السيروتونين .
العلاج :
علاج نفسي عبارة عن العلاج المعرفي السلوكي . حيث يهدف إلى تعرف
وتقليل المرضى لأفكارهم غير المنطقية والتي تعزز من إحتمال حدوث نوبة . مع
تمارين الأسترخاء مع التعرض التدريجي للمواقف التي تجنبها المريض سابقاً
(مثل قيادة السيارة والتسوق وركوب الأسانسير). علماً بأن الخليط من العلاج
النفسي والدوائي هو الأفضل .
يجب تجنب شرب القهوة , الكحوليات لأنها تسبب حدوث نوبات .
يفضل الإشتراك في أنشطة مثل : الأيروبيك , اليوجا وعلى الأقل المشي .