"هيئة الأمر بالمعروف" اليمنية تغلق مطعمين صينيين بسبب "المنكرات"
"ملتقى للفضيلة"
مخاوف من استهداف حزب التجمع
صنعاء – جلال الشرعبي
أغلقت محكمة يمنية اليوم السبت مطعمين صينيين في العاصمة صنعاء، بعد أن أبلغت عنهما "هيئة الفضيلة" للنائب العام لبيعها الخمور، وقالت مصادر مقربة من ملاك المطاعم لـ "العربية .نت"، إن نيابة جنوب غرب الأمانة أغلقت مطعم بكين ومطعم شنغاهاي واللذين عادة ما يرتادهما أجانب وموظفو هيئات دولية وشركات نفط السبت 5-7-2008 بحضور ممثلي هيئة الفضيلة، بعد أن أصدر النائب العام أمراً بإغلاقهما، على إثر شكوى تقدم بها عدد من قادة هيئة الأمر بالمعروف باعتبارها مكاناً لـ"ممارسة المنكرات".
وتعتبر هذه أول عملية في العاصمة صنعاء لهيئة الفضيلة التي يعتبرها كثير من اليمنيين نسخة عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الهيئة التي يترأسها الشيخ عبد المجيد الزنداني بدأت ممارسة مهامها منذ أكثر من عام في محافظة الحديدة الساحلية 256 كم غرب اليمن من خلال مجموعة من الشباب يقومون بمراقبة من يصفوهم بـ"المخالفين للشريعة الإسلامية والمخلين بالآداب".
ونجحت الهيئة خلال عامها الأول بـ"فرض قانونها الخاص" على مسارات الحياة داخل مدينة الحديدة، وعلى حركة التنقل بينها وبقية محافظات الجمهورية.
وبدأت فنادق الحديدة تفرض قيوداً على استقبال المرأة دون محرم بعد مداهمات قامت بها هذه الجماعات لهم، وبالمثل تفرض شركة الرويشان للنقل الجماعي وفرزة البيجوت على النساء الراغبات في السفر من وإلى الحديدة اصطحاب محرم.
وتقول مصادر إنه بدأ سريان هذه القوانين في الشهور القليلة الماضية، بعد أن نجحت الجماعة في إحكام قبضتها على حركة «الأخلاق» في الشوارع، والتحكم بـ«واردات» و«صادرات» السجن المركزي هناك.
"ملتقى للفضيلة"
وفي سياق متصل ينوي عدد من العلماء على رأسهم الزنداني رئيس اللجنة التحضيرية للهيئة إقامة ملتقى الفضيلة منتصف الشهر الجاري (13 يوليو) للرد على الانتقادات التي وجهت لمقترحه وآخرين بتشكيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للوقوف أمام ما وصفه بـ "الهجمة الشرسة التي يتعرض لها مشروع هيئة حماية الفضيلة من قبل عدد من السياسيين والإعلاميين بهدف إفشاله".
وكانت المعارضة اليمنية ممثلة باللقاء المشترك عبرت عن استيائها عقب لقاء قادة الهيئة بالرئيس اليمني مطلع مايو الفائت، وأعلنت تخوفها من خطورة تلك الدعوة, محذرين أن الجماعات الدينية المتشددة تسعى إلى فرض نفسها وآرائها على المجتمع، لتقييد الحريات التي كفلها الدستور والقانون، وطالبوا السلطات عدم الموافقة باعتبارها مخالفة للدستور والقانون.
وحسب مراقبون، فإن مشروع الهيئة يخفي مفاجآت عديدة وسط "مخاوف بالغة" لدى بعض فئات الشارع اليمني والرأي العام، خصوصاً في المحافظات الجنوبية، إذ تشير التقارير إلى وجود أكثر من عشرين مرقصاً تعمل بموجب تراخيص رسمية في عدن.
وأكد الشيخ حمود الذارحي أحد مؤسسي الهيئة البارزين لصحيفة الوسط اليمنية المستقلة: أن "الهيئة لن تستهدف الأفراد، لكنها تستهدف مؤسسات استهدفت قيم الأمة، كما أن بعض الذين هاجموا العلماء ربما يكونون على صلة بتلك المؤسسات"، ونفى الذارحي أن تكون الدولة قد مولت اللجنة التحضيرية، مؤكداً أن التمويل جاء من أصحاب الخير.
وقال بيان صادر عن مكتب رجل الدين عبد المجيد الريمي رئيس مجلس أمناء مركز الدعوة بصنعاء -حصلت العربية نت على نسخة منه- بعد انتقادات ساقها صحفيون ضد الهيئة: "إن ما تقوم به كثير من الصحف من تهجم على الدين وأهله هذه الأيام أمر مخل بالشرع لا ينبغي السكوت عنه، وأن الاستهزاء بالله أو برسوله أو بآياته أو بعباده المؤمنين وعلى رأسهم العلماء.. كفر"، وأضاف البيان: أن "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات القطعية المعلومة في الدين بالضرورة".
وأشار أيضاً إلى أن الأمر بالمعروف هو "وظيفة العلماء، وهو أعظم واجبات الدولة، وقد أجمع علماء المسلمين على كفر من أنكره أو رفضه أو استهزأ به، وعليه فإن ما ينشر في بعض الصحف اليمنية من مقالات تنتقده أو تسخر منه هو ردة عن دين الله، وكفر من قائله وعليه أن يتوب إلى الله، إذ يمكن أن يكون جاهلاً، ومن كان عالمًا بالحكم رافضًا له يستناب، فإن تاب وإلا قتل قضاءً مرتدًا كافرًا بالله".
مخاوف من استهداف حزب التجمع
إلى ذلك خلقت الهيئة سجالاً في أوساط حزب التجمع اليمني للإصلاح، أبرز أحزاب المعارضة في البلاد، باعتبار أن القائمين على الهيئة هم قياديون فيه، وأبدى سياسيون بالحزب تخوفهم من أن الهيئة تستهدف سحب البساط من تحت أقدام "الإصلاح" (تيار الإخوان المسلمين).
ونقل عن عبده سالم عضو الدائرة السياسية في حزب الإصلاح الإسلامي، قوله إنه، لا يستبعد أن يكون حزبه "هو المستهدف من إنشاء الهيئة"، واعتبر سالم أن "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من مسئولية الدولة "، وأن حزب الإصلاح يقوم بواجب الأمر بالمعروف، خاصة فيما يتعلق بـ"المنكرات السياسية".
وقال نبيل سبيع: إن هناك مؤشرات تؤكد تحالف الرئيس صالح مع التيار المتشدد في حزب الإصلاح منها إعطاء دور للزنداني وجماعته. وهذا الدور لم ينحصر على إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والسماح لها بالعمل على الأرض وداخل المؤسسات التعليمية والشبابية الرسمية.
وأضاف: "من المؤكد أن الرئيس صالح عاد إلى هذا التحالف لعدة أسباب لا تقتصر على مواجهة الحوثيين وحركة الاحتجاجات الجنوبية فقط. هناك أيضاً الانتخابات البرلمانية القادمة والمواجهة مع الإصلاح قبلها عبر استخدام جناحه المتشدد، وأردف سبيع: "إنه خلال الأسبوعين الماضيين، تجمعت لدينا معلومات متطابقة ومؤكدة حول وجود نشاط للهيئة في عدن والعاصمة صنعاء، فيما لم نستطع التوصل إلى تأكيدات نهائية على مدى صحة معلومات حصلنا عليها وتحدث عن وجود مؤشرات لانضمام مدينة تعز إلى قائمة المدن الكبيرة التي بدأت تشهد نشاطاً ونفوذاً للهيئة داخلها".
وتابع : "المعلومات المؤكدة، التي جمعناها من عدة مصادر قانونية وصحفية إضافة إلى شهود عيان وأشخاص تعرضوا لتدخلات من قبل شباب متطرفين تابعين للهيئة، تفيد أن نشاط هذه الأخيرة بدأ داخل شارع وأحياء العاصمة في صورة رقابة وتدخلات يمارسها أفراد ملتحون (لا يخفون انتماءهم لهذا الكيان) على العابرين برفقة نساء وروّاد محلات الإنترنت"، على حد قوله
مشكورة حبيبتى على الموضوع