غزوة أحد
الأخذ بالثأر
في يوم بدر قتل عدد كبير من كفار قريش وساداتهم ، فما رجع أبو سفيان والجيش المهزوم ذهب إليه مجموعة ممن قتل
آباؤهم و أبناؤهم و إخوانهم في غزوة بدر ، وقالوا لأبي سفيان : لابد أن نأخذ ثأرنا من محمد و أصحابه ، وننفق
علي هذه الحرب من القافلة الناجية .
واتفقت قريش علي إعلان حرب شرسة وقوية ضد المسلمين تشفي قلوبهم وأخذت فى الاستعداد لهذه الحرب وفتحت الباب
للمشاركة فى هذه الحرب للقبائل الأخري وأغرتهم بالأموال تشجيعاً لهم .
جيش الكفار يتحرك
بعد مرور سنة من الإستعدادات تحرك جيش الكفار بقيادة أبي سفيان بن حرب وخالد بن الوليد ويعاونة عكرمة بن أبي جهل
ومعهم النساء .
الإستخبارات الإسلامية
كان العباس بن عبد المطلب يراقب تحركات قريش ، فلما تحرك الجيش أرسل معاونيه إلي النبي صلي الله عليه وسلم فعلم
الرسول بما حدث وأمر بكتمان الأمر وتبادل الرأي مع قادة المهاجرين والأنصار .
إعلان حالة الاستعداد
أصبحت المدينة فى حالة استعداد واستنفار عام ، وتم توزيع مجموعات حراسة علي مداخل المدينة ومخارجها ومجموعات
أخري لاكتشاف تحركات العدو .
جيش قريش علي أبواب المدينة
فى يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة ثلاث للهجرة وصل جيش قريش ونزل قريباً من جبل أحد شمال المدينة وعسكر
هناك .
مجلس شوري الحرب للمسلمين
جمع الرسول صلي الله عليه وسلم قادة المسلمين وأخبرهم بموقع قريش ثم ذكر رأيه إلي صحابته بعدم الخروج من المدينة
وان يتحصنوا بها ، وإذا دخل المشركون المدينة حاربهم المسلمون فى الشوارع ، والنساء والأطفال من فوق أسطح المنازل
بما يربك صف المشركين ، لكن شباب المسلمين وجماعة ممن فاته الخروج يوم بدر أشاروا علي النبي صلي الله عليه وسلم
بالخروج وقالوا : يارسول الله ، كنا نتمني هذا اليوم وندعوا الله .
واستقر الرأي علي الخروج ، ولبس النبي صلي الله عليه وسلم لأمة الحرب _ الدرع _ فشعر المسلمون أنهم استكرهوا
رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الخروج ، فقالوا: يارسول الله استكرهناك .؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم
ماكان لنبي إذا لبس لأمته _ درعه _ أن يضعها حتي يحكم الله بينه وبين عدوة .
تقسيم الجيش
قام النبي صلي الله عليه وسلم بتقسيم الجيش إلي ثلاث كتائب :
1- كتيبة المهاجرين لواءها مع مصعب بن عمير
2- كتيبة الأوس لواءها مع أسيد بن حضير
3- كتيبة الخزرج لواءها مع الحباب بن المنذر
وكان تعداد الجيش الإسلامي ألف مقاتل فى أول الأمر وبدأ الجيش فى السير وفى الطريق وجد الرسول صلي الله عليه وسلم
مجموعة من غير المسلمين فسأل عنهم فأخبر أنهم يهود من حلفاء الخزرج يرغبون فى القتال ضد المشركين ، فسأل
صلي الله عليه وسلم : هل أسلموا .؟ فقالوا:لا ، فرفض أن يستعين بأهل الكفر علي أهل الشرك .
موقف المنافقين من الحرب
عسكر النبي صلي الله عليه وسلم بالجيش فى مكان بين أحد والمدينة حتي صلاة الفجر وصلي الفجر وهنا تمرد عبدالله بن
أبي المنافق وانسحب بثلث الجيش وهو يقول : علي أي شئ نقاتل ولم يأخذ برئينا فى الشوري وكاد أن يحدث فتنة
فى الجيش ولكن الله أفشل الفتنة وخيب سعيه .
لم يتبق من الجيش سوي سبعمائة مقاتل وواصل النبي صلي الله عليه وسلم بهم السير نحو العدو وكان معسكر المشركين
يمنع الوصول إلي احد ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : من يعرف طريقاً لا يمر بنا عليهم .؟ فقال أبو خيثمة :
أنا وسلك طريق يمر بالمزارع تارك جيش المشركين إلي الغرب .
وعسكر الجيش الإسلامي مستقبلاً المدينة وجاعلاً ظهره إلي هضاب جبل أحد وعلي هذا صار جيش العدو فاصلاً بين المسلمين
والمدينة .
خطة الجيش الإسلامي
صف الرسول صلي الله عليه وسلم الرماة وجهزهم وجعل عبدالله بن جبير قائداً عليهم وقال لهم : إن رأيتمونا نقتل فلا
تنصرونا حتي أرسل إليكم وإن رأيتمونا هزمنا القوم فلا تنزلوا من الجبل حتي أرسل إليكم .
ووقفوا علي جبل الرماة جنوب شرق المعسكر علي بعد 150 متر من قيادة الجيش وكان دور الرماة هو رمي المشركين
بالنبال حتي لا يأتوا المسلمين من خلفهم .
أما بقية الجيش فجعل علي الميمنة : المنذر بن عمرو .
وعلي الميسرة : الزبير بن العوام .
ومقدمة الجيش : مجموعة من شجعان المسلمين
وكانت خطة حكيمة ودقيقة لو نفذت بهذه الكيفية
وتم إعداد الجيش فى صباح يوم السبت 17 من شهر شوال 3 هجرية
أبو دجانة وسيف الرسول صلي الله عليه وسلم
بعدما أعد الرسول صلي الله عليه وسلم أمور الجيش بدأ يبث روح البسالة والحماسة فى أصحابه وأخرج سيفه ونادي في
أصحابه:من يأخذ هذا السيف بحقه .؟ فقال إليه مجموعة منهم أبو دجانة وقال ماحق هذا السيف يارسول الله .؟
قال :أن تضرب به وجوه العدو حتي تنحني .. قال : أنا آخذ بحقه يارسول الله ، فأعطاه إياه
وكان أبو دجانة رجل شجاع وكانت له عصابة حمراء يعتصب بها إذا علم أنه سيقاتل وليس العصابة وجعل يختال ويتباهي
بين الصفوف .
وبدأت المعركة
اقتربت ساعة القتال واقترب الجيشان وبدأ أول مراحل القتال وهذا هو طلحة العبدري أقوي فرسان المشركين يدعو من يبارزه
وهو راكب علي جمل فخرج إليه حواري رسول الله صلي الله عليه وسلم الزبير بن العوام ولم يمهله وقفز علي جمله
وألقاه علي الأرض وقتله ولما رأي النبي صلي الله عليه وسلم ذلك كبر وكبر المسلمون وأثني علي الزبير .
ثم اشتعلت نيران المعركة واشتد القتال فى كل مكان من أرض المعركة وقتل شجعان المسلمين حاملي المشركين كلهم حتي
وقع لواءهم علي الأرض ولم يحمله أحد .
أبو دجانة يأخذ بحق السيف
دخل أبو دجانة المعركة لابساً عصابته الحمراء ومعه سيف رسول الله صلي الله عليه وسلم وأخذ يقتل كل من يقابله من
المشركين ويضرب صفوفهم حتي وصل إلي قائدة النسوه وهو لا يعرفها ، وكاد أن يقتلها لأنها تحارب المسلمين ، ولكن
إكراماً لسيف رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يقتلها وكانت هي هند بنت عتبة .
شهادة حمزة أسد الله
يقول قاتل حمزة وحشي بن حرب : رأيت حمزة يضرب الناس ضرباً شديداً مايقابلة أحد إلا قتله وأنا مختبئ وراء شجرة
أو حجر أخشي أن يراني وكانت معي حربتي فلما رأيته مشغول بقتال رميته بحربتي من الخلف فقتل أسد الله وأسد رسول
الله صلي الله عليه وسلم .
جيش المشركين ينهزم
ظلت جبهة التوحيد مسيطرة علي المعركة فى كل مواقعها وأخذت صفوف المشركين فى التقهقر والانهزام والعجز فى صد
هجوم المسلمين مع الفارق فى العدد والسلاح ، وكانت هزيمة لا شك فيها للمشركين لولا نزول الرماة من علي الجبل وتركهم
لأوامر رسول الله صلي الله عليه وسلم الصريحة لهم بعدم النزول مهما كان السبب إلا بأمر منه صلي الله عليه وسلم
ولكن الأغلبية منهم نزلوا ليأخذوا نصيبهم من الغنيمة فكانت المصيبة .
خالد بن الوليد يعيد المشركين إلي المعركة
انتهز خالد بن الوليد فرصة نزول الرماة من علي الجبل فاستدار بسرعة وصعد إلي الرماة وقتل عبدالله بن جبير ومن معه
ثم انقض علي المسلمين من الخلف ونادي علي المشركين فاجتمعوا وارتفع لواء المشركين مرة أخري وأحيط بالمسلمين من
الأمام والخلف وحدث ارتباك شديد فى صفوف المسلمين وسادت الفوضي وبينما هم كذلك إذ سمعوا من ينادي ويقول : إن
محمد قد قتل ، فانهارت الروح المعنوية فتوقف بعضهم عن القتال وألقوا أسلحتهم ومر بهم أنس بن النضر وقال لهم :
ماذا تنتظرون .؟ قالوا : مات رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال لهم : قوموا فموتوا علي ما مات عليه نبيكم ،
فأعاد فيهم الروح مرة أخري وجعل يقاتل المشركين .
المشركين يريدون قتل النبي صلي الله عليه وسلم
فى هذا الجو كانت هناك معركة عنيفة حول الرسول صلي الله عليه وسلم ولم يكن معه سوي تسعة من المسلمين فمال إليه
المشركون بجمع كبير فقاتل هؤلاء التسعة بقوة وفداء وحب لرسولهم صلي الله عليه وسلم حتي قتل سبعة منهم وكان من
بينهم عمارة بن يزيد بن السكن ولم يبق مع رسول الله صلي الله عليه وسلم غير طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص
وكانت ساعة شديدة فى حياة الرسول ، فأصيب صلي الله عليه وسلم فى رباعيته وشج فى وجهه وضرب علي كتفه فقال
رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون .
إلا أن البطلين سعد وطلحة قاما ببطولة عظيمة نادرة وقاتلا ببسالة منقطعة النظير ولم يتركا فرصة للمشركين للوصول إلي
رسول الله صلي الله عليه وسلم ويدعو النبي صلي الله عليه وسلم لسعد ويقول : ارم سعد فداك أبي وأمي ، أما طلحة
فظل يقاتل الواحد بعد الآخر حتي قطعت أصابعه وظل يقاتل ويدافع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي رد الله
المشركين عن رسوله فبشره رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال : وجبت ياطلحة أي الجنه .
وكان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال : ذلك يوم كله لطلحة .
الصحابة حول رسول الله صلي الله عليه وسلم
انتبه المسلمون لما يحدث حول الرسول صلي الله عليه وسلم فسارعوا إليه وفى مقدمتهم أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح
وغيرهم من الصحابة وأم عمارة نسيبة بنت كعب وحمل اللواء علي بن أبي طالب بعد مقتل مصعب بن عمير بعد
مادافع عن راية الإسلام ورسول الإسلام ويقوم الرسول صلي الله عليه وسلم بشق الطريق إلي صفوف جيشة المحاصر حتي
رأي ذلك المسلمون ففرحوا بنجاة نبيهم ولاذوا بالفرار إليه وتجمعوا حوله وأخذ النبي صلي الله عليه وسلم فى انسحاب منظم ليعيد ترتيب
الصفوف مرة أخري فانتبه المشركون لهذا الانسحاب فهجموا بشدة علي المسلمين إلا أنهم فشلوا أمام شجاعة أبطال الإسلام .
وأثناء القتال العنيف استطاع المسلمون الوصول إلي مكان مأمون ونجحت سياسة الرسول وفشل خالد بن الوليد ولما دخل الرسول صلي الله
عليه وسلم الشعب أدركه الكافر أبي بن خلف وهو يقول : أين محمد لانجوت إن نجا .؟ فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم الحربة
وضربة بها فرجع أبي إلي قريش وهو يقول : قتلني محمد ويقولون له : ليس بك شئ ، فيقول : لو بصق علي لقتلني ، فمات عدو
الله .
الهجوم الأخير
اغتاظ المشركون مما فعله المسلمون بترتيب صفوفهم وصعدوا من مقر قيادتهم فشنوا هجوم آخر علي المسلمين وصعدوا إلي جبل أعلي
المسلمين فقاتلهم عمر بن الخطاب ومجموعة من الصحابة حتي أنزلوهم من علي الجبل وكان هذا آخر هجوم للمشركين ولم يكونوا يعرفون
عن مسير النبي صلي الله عليه وسلم شئ ، فبدأوا يتهيأون للرجوع إلي مكة ولكن بعض المشركين أخذوا يشوهوا جثث الشهداء المسلمين
فيقطعون آذانهم وهذه هند بنت عتبه تمضغ كبد حمزة وآخر يقطع أنف القتلي وهذه أخلاق الكفار فى كل وقت .
الموقف الأخير
استقر الرسول صلي الله عليه وسلم فى مقره وغسلت وجهه من الدم ابنته فاطمة ثم صلي بالصحابة الظهر .
وفي هذا الوقت وقف أبو سفيان يستهزء بالمسلمين ويقول لهم : أعل هبل فرد عليه المسلمون : الله أعلي وأجل ..فقال أبو سفيان :
لنا العزي ولا عزي لكم ، فرد المسلمون بأمر من رسول الله صلي الله عليه وسلم وقالوا : الله مولانا ولا مولي لكم .
وانصرف أبو سفيان ومن معه وعليهم الحسره بعد ماعرفوا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حي ، وبعث رسول الله صلي الله عليه
وسلم علي بن أبي طالب خلفهم ، وتفقد الرسول صلي الله عليه وسلم القتلي من شهداء المسلمين فرأي حنظلة والملائكة قد غسلته وهذا
حمزة أخيه فى الرضاعة وهذا مصعب يكفن فى ثياب إذا غطت قدماه انكشفت رأسه وإن غطت رأسه انكشفت قدماه وصلي الرسول صلي
الله عليه وسلم علي شهداء المسلمين وكان عددهم سبعين شهيداً وكان قتلي المشركين اثنان وثلاثون قتيل .
النبي صلي الله عليه وسلم يدعو ربه
جمع الرسول صلي الله عليه وسلم أصحابه خلفه فى صفوف ثم يقول : اللهم لك الحمد كله اللم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما
قبضت ولا هادي لمن أضللت ولا مضل لمن هديت ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت وظل يثني علي الله ويدعوه ثم رجع الي
المدينة .
وهكذا عرف المسلمون سوء عاقبة المعصية لما وقع من الرماة وتركهم أوامر الرسول صلي الله عليه وسلم وعرفوا أيضاً عدواً آخر بين
صوف لم يكتشفوه بعد وهم المنافقين ليأخذوا الحذر منهم وعلموا أن الشهادة أعلي آيات التكريم وأعلي مراتب الأولياء ..
غزوة حنين
لما فتح الله مكة علي رسوله صلي الله عليه وسلم خضعت له قريش وخافت قبيلتي هوازن وثقيف وقالوا : قد فرغ محمد صلي الله عليه
وسلم لقتالنا فلنبدأ بقتاله قبل أن يبدأنا هو بالقتال ، وبدأو يجهزون الرجال والسلاح وأمروا عليهم مالك بن عوف ، وانضم إليه هوازن وثقيف
وبني هلال ، وكان مالك معروف بشدته وقوته فى الحروب وسداد رأيه .
فلما رأي مالك بن عوف أن يخرج الجيش ومعه النساء والأولاد والأموال حتي لايفر أحد من المعركة فيكون حافز مشجعاً لهم القتال .
علم بذلك دريد بن الصمة فسأل مالك : لم ذلك .؟ ..فقال مالك : أريد أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل ويدافع عنهم
فقال دريد : راعي غنم والله هل يرد المنهزم شئ .؟ إن كانت لك الغلبة فلا ينفعك إلا رجل يسيفه ورمحه وإن كانت عليك خسرت
أهلك ومالك .
فلم يستمع مالك لمشورة هذا الشيخ الخبير فى أمور الحرب ، بل وضع السيف علي بطنه وهددهم إن لم يطيعوه فسوف يقتل نفسه فأطعوه
وأمر مالك الجيش بالسير ومعهم النساء والأولاد والأموال حتي وصلوا إلي مكان يسمي ب وادي أوطاس بالقرب من وادي حنين ، وعسكروا
هناك …
جيش المسلمين يتجه إلي حنين
وصلت المعلومات والأخبار إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم بما استقرت علي فعله قبيلتي هوازن وثقيف فأرسل النبي صلي الله عليه
وسلم عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي حتي يخبره بخبر هوازن وثقيف ، فذهب عبدالله كما أمره النبي صلي الله عليه وسلم وعاد بسرعة
بخبر الأعداء ، ولكن عبدالله أسرع فى العودة فلم ينقل الصورة كاملة للنبي صلي الله عليه وسلم ولم يعرف أعداد المشركين وأماكنهم .
أعد رسول الله صلي الله عليه وسلم جيشاً عدده عشرة آلاف مقاتل وهم من قاموا بفتح مكة وانضم إليهم ألفان ممن أسلموا فى فتح مكة
وبدأ النبي صلي الله عليه وسلم يجهز ويعد أسلحة الجيش فأخذ من ابن عمه نوفل بن الحارث ثلاثة آلاف رمح إعارة (سلف) وطلب
من صفوان بن أمية دروعاً وأسلحة وتكفل النبي صلي الله عليه وسلم بردها له بعد المعركة .
وتحرك جيش المسلمين إلي أرض المعركة وعدده اثنا عشر ألف مقاتل ، فلما رأي بعض المسلمين ذلك قالوا: لا نهزم اليوم من قلة
ووصل الجيش إلي حنين سبقت هوازن المسلمين إلي وادي حنين واختاروا مواقعهم وانتشروا وجعلوا بعض المواقع التي يفاجئوا بها المسلمين
ورتبوا صفوفهم وجعلوا الأطفال والنساء يركبون الجمال من خلف صفوف الجيش لكي يتخيل المسلمون أن عددهم كبير فكان ذلك تخطيط
مخيف من يراه يحسب ان الجيش مائة ألف مقاتل .
وكانت خطة مالك أن يفاجئ المسلمين ويبدأ بالهجوم عليهم لإرباك صفهم وفى ذلك الوقت وصل جيش المسلمين إلي حنين ليلاً .
وبعد الفجر نزل المسلمون إلي الوادي وكان به انحدار شديد وكانت هوازن وضعت مواقع وكمائن للمسلمين وفاجئ المشركون جيش المسلمين
بوابل من السهام من كل الجهات فاضطربت صفوف المسلمين ولاذ عدد كبير من جيش المسلمين من شدة المفاجأه وفروا كل واحد يطلب
النجدة لنفسه .
وصمد الرسول صلي الله عليه وسلم وبعض الصحابة فى ميدان المعركة يتصدون لهجمات المشركين فنادي النبي صلي الله عليه وسلم
أنا النبي لا كذب أن ابن عبدالمطلب .
وأمر الرسول صلي الله عليه وسلم العباس أن ينادي علي المسلمين ويخص أصحاب البيعة بيعة الرضوان
فلما سمع المسلمون هذا النداء أقبلوا مسرعين إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم قائلين : يالبيك يالبيك فقال لهم : اقتلوا الكفار .
وتجمعت كتائب المسلمين واحدة بعد الأخري كما كانوا ، وتقاتل الفريقان قتالاً عنيفاً .
ونظر الرسول صلي الله عليه وسلم إلي ساحة القتال وقال : الآن حمي الوطيس أي القتال .
ثم أخذ صلي الله عليه وسلم حفنة من تراب الأرض فرمي بها وجوه الكافرين وقال :شاهت الوجوه .. فملأت أعينهم تراباً ولم يبق
واحد من المشركين إلا ودخل فى عينه هذا التراب ، ثم أخذ النبي صلي الله عليه وسلم حصيات فرمي بها وجوه الكفار وماهي إلا
ساعات قلائل حتي انهزم العدو هزيمة ساحقة وقتل من ثقيف عدد كبير وكانت الملائكة تقاتل مع المسلمين حتي انهزم العدو وفر هارباً .
مطاردة العدو
هرب المقاتلين من هوازن وثقيف من أرض المعركة وتركوا من وراءهم النساء والأموال فغنمها المسلمون وكانت كثيرة بلغت 24000 بعير
و40000 شاه و 4000 أوقية فضة جمعها الرسول صلي الله عليه وسلم فى مكان يسمي الجعرانة
تفرق المشركون فى أماكن شتي فأرسل النبي صلي الله عليه وسلم أبا عامر الأشعري للقضاء علي الهاربين من أوطاس فتتبعهم أبا عامر
الأشعري وقاتلهم ولكنه رمي بسهم فاستشهد ودعا له النبي صلي الله عليه وسلم .
وفر الباقي من هوازن وثقيف إلي الطائف وتحصنوا بها ولحق بهم جيش المسلمين للقضاء عليهم ولكنهم أمطروا المسلمين بوابل من السهام
من داخل القلعة فأصيب منهم مجموعة وقتل بعضهم ، فقام المسلمون بحصار من فى الحصن واستعملوا سلاح المنجنيق أي المدافع
لهدم الحصن واستمر حصار الحصن 18 يوم وحاول المسلمون اقتحامه كثيراً ولكن لم يأذن الله بفتح الحصن واضطر المسلمون إلي فك
الحصار .
ودعا النبي صلي الله عليه وسلم وقال : اللهم اهد ثقيف وأت بهم مسلمين ..
ورجع النبي صلي الله عليه وسلم إلي الجعرانة حيث جمعت الغنائم فيها ، وجاءوا إلي النبي صلي الله عليه وسلم فى الجعرانة
وفد من هوازن يطلبون أن يتجاوز عنهم ويعطيهم أولادهم ونسائهم ، ففعل النبي صلي الله عليه وسلم .
وقد أرسل النبي صلي الله عليه وسلم وهو فى الجعرانة إلي مالك بن عوف بالطائف بأنه إن جاء إليه عفا عنه وأعتق أهله وأعطاه ماله
وفوقها مائة من الإبل فجاء وأسلم .
ووزع النبي صلي الله عليه وسلم الغنائم بعد أن رفع خمسها وأعطي المؤلفة قلوبهم والذي يطمع فى إسلامهم مثل سهيل بن عمرو
ومعاوية بن سفيان وغيرهم زعماء قريش وغطفان .
ووجد الأنصار رضي الله عنهم فى أنفسهم شيئاً عندما أعطي رسول الله صلي الله عليه وسلم تلك العطايا لقريش وقبائل العرب ولم يكن
لهم منها شئ وكلمه سعد ابن عبادة رضي الله عنه فى ذلك فأمره الرسول صلي الله عليه وسلم .
أن يجمعهم فخطب فيهم بقوله : يامعشر الأنصار ، مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها فى أنفسكم ، ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي
وعلاة فأغناكم الله بي وأعداء فألف الله بين قلوبكم ..
قالوا : بل الله ورسوله أمن وأفضل ، قال : ألا تجيبوني يامعشر الأنصار ..؟ .. قالوا : وبماذا نجيبك يا رسول الله ..؟
ولله ورسوله المن والفضل ؟ قال : أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم : أتيتنا مكذباًُ فصدقناك ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك
وعائلاً فأغنيناك ، أوجدتم فى أنفسكم يامعشر الأنصار فى لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلي إسلامكم أفلا ترضون يامعشر
الأنصار أن يذهب الناس بالشاه والبعير ويرجعون برسول الله فى رحالكم ..؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار ، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ..
فبكي القوم حتي أخضلوا لحاهم وقالوا : رضينا برسول الله قسماً وحظاً ثم انصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم .
ونزلت أحداث الغزوة فى سورة التوبة ….
غزوة الأحزاب
اليهود يشعلون نار الحرب
كان الحقد يملاً قلوب اليهود علي الإسلام ورسول الإسلام ، ومازال حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق ومجموعة من كبرائهم يشجعون
قريش ويحرضوهم علي شن حرب جديدة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم .
واجتمع اليهود مع كبراء قريش وشجعوهم علي الحرب ضد الإسلام وأخبروهم أنهم سيكونون معهم ، واتفقوا أيضاً مع قبائل غطفان علي قتال
المسلمين .
اجتماع أهل الكفر
وخرج جيش قبائل غطفان ومعهم عشرة آلاف مقاتل لكي يقضوا علي قوة المسلمين .
واتجهت هذه الأحزاب إلي المدينة علي موعد اتفقوا عليه .
وتجمعت كل هذه الحشود التي تفوق كل سكان المدينة بما فيهم الأطفال والشيوخ والنساء
ولو وصلت هذه الجموع إلي المدينة فجأة لتم إبادة المسلمين كلهم ولكن قيادة المدينة وضعت يدها علي كل أطراف المؤامرة قبل أن تتحرك
هذه الجموع من مكانها .
الشوري
وعقد النبي صلي الله عليه وسلم مجلس شوري حرب مع كبار الصحابة وقادة المسلمين وبدأوا يضعون خطة لمواجهة هذا الهجوم الشامل
وقام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه وقال: يارسول الله إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا فأخذ النبي صلي
الله عليه وسلم بهذه الخطة العظيمة التي ستكون مفاجأة للعرب لأنهم لم يتعودوا علي هذا الأسلوب فى حربهم مما يجعل هذا الخندق يلغي
حساباتهم ويضعف قوتهم .
وأمر الرسول صلي الله عليه وسلم المسلمين بحفر الخندق فشمروا بقوة ونشاط لحفر هذا الخندق ، والرسول صلي الله عليه وسلم يساعدهم
فى الحفر ولما راي منهم الرسول صلي الله عليه وسلم نشاطهم وهم يحملون التراب قال :
اللهم إن العيش عيش الآخرة .. فاغفر للأنصار والمهاجرة
فرد عليه الصحابة قائلين :
نحن الذين بايعوا محمداً .. علي الجهاد مابقينا أبداً
معجزات النبي صلي الله عليه وسلم
ظل المسلمون يقومون بحفر الخندق والنبي صلي الله عليه وسلم يشرف عليهم ويشجعهم وفى ظل هذا الجو كانوا يعتصرون جوعاً وهنا
ظهرت معجزات النبي صلي الله عليه وسلم رآها جيش المسلمين الذي يتكون من ثلاثة آلاف مقاتل حين دعا جابر بن عبدالله الرسول صلي
الله عليه وسلم ومعه مجموعة صغيرة من الصحابة علي الطعام جهزه ، فقام الرسول صلي الله عليه وسلم ودعا الجيش كله لهذا الطعام
فأكلوا كلهم من الطعام ببركة رسول الله صلي الله عليه وسلم .
الله أكبر فتحت فارس
فى أثناء حفر الخندق ظهرت صخرة عظيمة لم يستطع أحد من المسلمين أن يحركها من مكانها فذهبوا إلي الرسول صلي الله عليه وسلم
ليخبرو بأمرها فقال صلي الله عليه وسلم : انا نازل ثم قام وبطنه معصوبة من شدة الجوع وأخذ المعول (الفأس) وقال: بسم الله ثم
ضربها وقال : الله اكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة ..
ثم ضرب الثانية فقطع أخري فقال :الله أكبر أعطيت فارس والله إني لأبصر قصر الداس الأبيض الآن ، ثم ضرب الثالثة فقال : الله
أكبر أعطيت مفاتيخ اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني ..
وانتهي المسلمون من حفر الخندق الذي أمن المدين شمالاً لأن المدينة كانت محاطة بثلاثة حرات الحرة هي صخور بركانية من الصعب
المرور من فوقها وجبال وبساتين وعلم النبي صلي الله عليه وسلم بخبرته العسكرية أن هذا الجيش الكبير لا يمكن أن يأتي إلا من جهة
واحدة وهي الشمال موقع الخندق وعسكر الرسول صلي الله عليه وسلم ومعه ثلاثة آلاف مقاتل يحمي ظهرهم جبل يسمي سلع والخندق أمامهم
وسيكون فاصل بينهم وبين جيش المشركين وأمن الرسول صلي الله عليه وسلم كل مداخل المدينة
صدمة المشركين
فى شهر شوال فى السنة الخامسة من الهجرة وصل جيش المشركين إلي أرض المعركة وفوجئوا بهذا الخندق الذي أفقدهم عقولهم واغتاظوا
غيظاً شديداً فلم يكن هذا الأمر فى حسبانهم وأخذ المشركون يدورون حول الخندق لعلهم يجدون نقطة ضعيفة يمرون من خلالها فلم يجدوا
إلا المسلمون علي الجبهة المقابلة يرمون كل من يحاول الإقتراب بالنبال ولكن بعض فرسان قريش رفضوا إلا أن يعبروا الخندق وهذا هو
عمرو بن ود وعكرمة بن أبي جهل ينجحون فى هذه المحاولة ويخرج لهم فرسان المسلمين ويطلب عمرو المبارزة فيقوم له علي بن أبي
طالب فلما رآه عمرو بن ود قال له : من أنت .؟ قال : ابن أبي طالب .. فقال له : ياابن أخي إن من أعمامك هو أسن
أكبر منك فإني أكره أن أريق دمك .. فقال علي : لكني والله لا أكره أن أريق دمك .. فغضب ابن ود ونزل عن فرسه
فقطع رأس الفرس وهجم علي علي ، فثار الغبار حتي غطي المقاتلين فلم يري أحد منهم حتي كبر علي فعرف المسلمون أن علي قتله
فكبروا وفر عكرمه بن أبي جهل .
وحاولت قريش المرة بعد الأخري الاقتحام أو ردم الخندق فلم يستطيعوا ذلك وكافح المسلمون حتي ردوا المشركين عن الخندق ومع استمرار
محاولات قريش انشغل المسلمون بهم حتي إنهم لم يستطيعوا أن يؤدوا الصلاة ، فدعا النبي صلي الله عليه وسلم علي المشركين .
غدر اليهود
بينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد علي جبهة المعركة كانت هناك مؤامرة تدبر ضد المسلمين بيد اليهودي حيي بن أخطب وذلك
لأنه ذهب إلي يهود بني قريظة الذين لهم عهد ومبايعة مع الرسول صلي الله عليه وسلم ويسكنون معه المدينة فشجعهم علي ان يأتوا
المسلمين من خلفهم فتحدث الكارثة وينهزم المسلمين ونجح حيي فى إقناع بني قريظة وأرسلت بنو قريظة بعض جنودها إلي الحصن الذي به
نساء المسلمين لكي يهجموا عليه ولكن وقفت بشجاعة السيدة صفية وقتلت أحدهم ، فظن اليهود أن الحصن به قوة من الجيش فلم يقربوا
الحصن مرة أخري ولكنهم أخذوا يمدون المشركين بالمساعدات واكتشف المسلمون الأمر .
ووقع المسلمون فى مأزق شديد فالعدو أمامهم وبنو قريظة من خلفهم وظهر النفاق فى جيش المسلمين وهم بعضهم بالرجوع إلي المدينة وأصبح
المسلمون فى موقف خطير .
القائد الحكيم
كان الرسول صلي الله عليه وسلم مع كل هذه الأحداث قد وقف ثابتاً ولم ييأس وقام بإرسال دوريات لتأمين المدينة وفكر فى طريقة لتفريق
تلك الأحزاب وعرض علي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة أن يصالح قبيلة غطفان علي أن يتركوا الحرب ويأخذوا ثلث ثمار المدينة ،
فلم يوافقا علي هذا الرأي وصوب رأيهم النبي صلي الله عليه وسلم .
وفى هذا الوقت أنعم الله علي رجل من غطفان بالإسلام وهو نعيم بن مسعود فجاء إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وأخبره بالإسلام
وقال : مرني بما شئت يارسول الله ..فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم : إنما انت رجل واحد فخذل عنا إذا استطعت فإن
الحرب خدعة .
وهدي الله نعيم إلي حيلة يفرق بها بين الأحزاب فذهب إلي بني قريظة وقال لهم : إن قريش وغطفان ليسوا مثلكم فهم يحاربون خارج
أرضهم إن انتصروا فازوا بالغنائم وإن أنهزموا رجعوا إلي بلادهم وتركوكم للمسلمين فخذوا منهم رهائن من كبرائهم .
وذهب إلي قريش وقال : غن اليهود قد ندموا علي نقض عهدهم مع محمد ويريدون أن يأخذوا رهائن منكم ويعطوها لمحمد وذهب لغطفان
وقال مثل ذلك .
وفي يوم السبت الخامس من شوال سنة خمسة هجرية أرسلت قريش لليهود أن يساعدوهم في الحرب ، فطلبوا رهائن من قريش فرفضت
فقالت قريش : صدق نعيم ، وقالت قريظة : صدق نعيم ووقعت الفرقة بين صفوف الأحزاب وأرسل الله علي جيوش قريش وغطفان
رياح عظيمة جعلت تخلع خيامهم ووقع الرعب فى قلوبهم وكانت ليلة شديدة البرودة .
وفى هذه الأحداث أمر الرسول صلي الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان أن يتسلل إلي جيش الأعداء ليتكشف أمرهم فوجودهم حذيفة وهم
يتهيأون للرحيل ، فرجع إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وقد رد الله الكافرين بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفي الله المؤمنين شر القتال
وصدق الله وعده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده بعدما ظل المسلمون محاصرون مايقرب من شهر وقتل من المشركين 20 ، واستشهد
من المسلمين 6 وقام الرسول صلي الله عليه وسلم بدفنهم .
وبعد هذه المعركة أصبح للمسلمين شأن آخر فى الجزيرة العربية فقد زادت قوتهم وهيبتهم وكسرت شوكة أعدائهم ، وبذلك لم تقم لمشركي
قريش قائمة بعد هذه الغزوة ، كما قال صلي الله عليه وسلم بعد إنصراف الأحزاب : اليوم نغزوهم ولا يغزوننا …
غزوة خيبر
علي بعد ثمانين ميلاً من شمال المدينة تقع مدينة كبيرة بها حصون ومزارع ، هذه المدينة هي خيبر ، أحد معاقل اليهود
فى جزيرة العرب ، وكانت مدينة خيبر مركزاً للدسائس وإثارة الحروب فى الجزيرة العربية ، فأهل خيبر هم الذين جمعوا
الأحزاب ضد المسلمين .
وقد قاموا بتشجيع بنو قريظة علي الغدر والخيانة ، ثم أخذوا فى الاتصال بالمنافقين والخارجين عن الصف الإسلامي وغطفان
وعرب البادية الجناح الثالث للأحزاب .
وكانوا أيضاً يجهزون أنفسهم لقتال المسلمين ، ووضعوا خطة لاغتيال النبي صلي الله عليه وسلم ولكن الله عز وجل أنقذ
نبيه صلي الله عليه وسلم وكانت الظروف والأحوال فى صالحهم حيث ان المسلمين كانوا مشغولين بجهات أخري فتأخرت
مواجهة المسلمين لحين الإنتهاء من مواجهة هذه القوي وعلي رأسها قريش أقوي وأعند قوة تواجه الإسلام والمسلمين .
وجاء اليوم الموعود واتفق المسلمون مع قريش علي صلح الحديبية ، وكان نتيجة ذلك أن انسحبت قريش من ميدان الحرب
متزعمة الوثنية – عبادة الأصنام – فانخفضت حدة مشاعر عباد الأصنام ضد المسلمين إلي حد كبير فى الجزيرة .
نظر المسلمون إلي مركز الدسائس والتآمر الذين يشعلون نار الفتنة فى الجزيرة وهم يهود خيبر .
النبي صلي الله عليه وسلم يستعد لغزوة خيبر
أقام رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد أن رجع من صلح الحديبية فى المدينة شهر ذي الحجة وأيام شهر المحرم ثم
خرج فى شهر المحرم السنة السابعة من الهجرة إلي خيبر .
رفض رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يخرج معه إلي خيبر إلا من خرج معه فى صلح الحديبية ، فلم يخرج الأعراب
الذين أرادوا مغانم خيبر ، واستعمل الرسول علي المدينة سباع بن عرطفة الغفاري .
اتصالات بين المنافقين واليهود
وفى هذا التوقيت أرسل رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول إلي يهود خيبر يخبرهم بقدوم جيش المسلمين لمحاربتهم
والقضاء عليهم .
وقال لهم : كونوا علي حذر ولا تخافوا من الرسول صلي الله عليه وسلم فإن عددكم وأسلحتكم كثيرة وقوة محمد قليلة
وسلاحهم قليل ، فلما علم اليهود بذلك أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق إلي غطفان لطلب المساعدة منهم لأنهم كانوا أصدقاء
يهود خيبر فتحرك معه ألف مقاتل من غطفان انضموا إلي حصون خيبر فأصبح عدد الجنود فى خيبر إحدي عشر ألف مقاتل
وسار الجيش الإسلامي إليهم يتقدمه فرقة استكشافية لتأمين الطريق بقيادة عباد بن بشر ، أثناء سير الجيش كان عامر بن
الأكوع ينشد بهذه الأبيات :
والله لولا الله مااهتدينا ..ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ..وثبت الأقدام إن لاقينا
فسمعه الرسول صلي الله عليه وقال : من هذا السائق ؟ قالوا : عامر بن الأكوع ، فقال صلي الله عليه وسلم :
رحمه الله ، فقال عمر بن الخطاب : وجبت يانبي الله ، لولا أمعتنا به . فكان من شهداء الغزوة لأن النبي إذا
استغفر لإنسان بعينه استشهد ، ومات فى سبيل الله .
جيش المسلمين علي أبواب خيبر
وصل جيش المسلمين قريباً من خيبر ، وبدأ يعسكر للمبيت لأنهم جاءوا ليلاً ، وكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أتي
قوماً ليلاً لم يهجم عليهم حتي يصبحوا ، فلما أصبحوا وصلوا الفجر واستعدوا وخرج أهل خيبر لشؤون حياتهم فى زراعة
الأرض ، فرأوا الجيش ففروا إلي حصونهم هاربين قائلين : محمد والله محمد والجيش ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم
الله أكبر ، خربت خيبر ، الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
موقع المعركة
اختار النبي صلي الله عليه وسلم مكاناً لجيش المسلمين ، فأتاه حباب بن المنذر فقال : يارسول الله ، أرأيت هذا المنزل
أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب ؟
قال صلي الله عليه وسلم : بل هو الرأي والحرب .. فقال : يارسول الله هذا المنزل قريب جداً من حصن نطاه
وكل مقاتلي خيبر فيه وهم يعلمون حالنا من وراء الحصن ونحن لا نعلم وسهامهم تصل إلينا وسهامنا لا تصل إليهم ، ولا
نأمن من نبالهم ، فأمر لنا بمكان بعيد نتخذه موقع ومعسكر لنا ، فقوافقه الرسول صلي الله عليه وسلم علي ذلك .
و دعا الرسول صلي الله عليه وسلم لما دنا من خيبر وقال : اللهم رب السموات السبع وماأظللن ، إنا لنسألك خير هذه
القرية وخير أهلها وخير ما فيه ، ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها وشر مافيها ، أقدموا بسم الله .
من يحمل الراية
جلس النبي صلي الله عليه وسلم وحوله الصحابة وقال : لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله
فتمني كل من كان حاضراً أن يكون هذا الإنسان .
وفي الصباح سأل النبي صلي الله عليه وسلم : أين علي بن أبي طالب ؟
فقالوا : يارسول الله هو يشتكي من عينيه ، فطلب النبي صلي الله عليه وسلم منهم أن يحضروه إليه ، فأتوا به ، فدعا
له النبي صلي الله عليه وسلم بصق في عينيه فشفي بإذن الله كأن لم يكن به شئ ، وأعطاه النبي صلي الله عليه وسلم
الراية فقال علي : يارسول الله ، أقاتلهم حتي يكونوا مثلنا ..؟
قال : أذهب علي رسلك حتي تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلي الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فوالله لأن
يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النعم ..
حصون خيبر
خيبر مدينة مليئة بالحصون والقلاع ولكن أقوي هذه الحصون ثمانية من حيث القوة والمنعة ، والمدينة مقسمة إلي قسمين :
قسم فيه خمسة حصون ، وهي :
1- حصن ناعم
2- حصن الصعب بن معاذ
3- حصن قلعة الزبير
4- حصن أبي
5- حصن النزار
أما القسم الثاني ففيه ثلاثة حصون فقط ، ويعرف بالكتيبة وهم : حصن القموص وحصن الوطيح وحصن السلالم .
أحداث المعركة
وبدأت المعركة ودخل المسلمون خط الدفاع الأول لليهود وهو حصن الناعم ، و دعا علي بن أبي طالب اليهود إلي الإسلام
فرفضوا دعوته لهم وخرجوا للمسلمين ومعهم قائدهم مرحب إلي ميدان المعركة ، و دعا مرحب من يبارزه من المسلمين ،
فخرج له عامر بن الأكوع واقتتلا فقتل مرحب عامر الأكوع .
فدعا مرة أخري من يخرج لمبارزته ، فخرج له أسد المسلمين علي بن أبي طالب وقال :
أنا الذي سمتني امي حيدره .. كليث غابات كريه المنظره
ثم ضرب علي رأس مرحب اليهودي فقتله علي بن أبي طالب .
فخرج ياسر أخو مرحب وهو يقول : من يبارز ؟ فخرج إليه الزبير ، فقالت أمه صفية : يقتل ابني يارسول الله ؟
فقال صلي الله عليه وسلم : بل إبنك يقتله فقتله الزبير ، ثم نشب قتال عنيف حول حصن ناعم بين المسلمين واليهود
وعجز اليهود علي كثرة عددهم وأسحلتهم علي مقاومة هجوم المسلمين ، وانهارت مقاومة المسلمين ، وانهارت مقاومة اليهود
وقتل عدد كبير من قوادهم ويئسوا من مقاومة المسلمين ، فبدأوا يتسللون من حصن الناعم إلي حصن الصعب وهو الحصن
الثاني من حيث قوة والمنعة بعد حصن الناعم .
وقام المسلمون بالهجوم عليهم بالهجوم عليهم تحت قيادة الحباب بن المنذر وفرضوا عليهم وحصاراً دام ثلاثة أيام ، وفى اليوم
الثالث دعا الرسول صلي الله عليه وسلم ربه ليفتح عليهم هذا الحصن عندما رأي التعب والإرهاق من قلة الطعام الذي ظهر
علي المسلمين .
وتم فتح حصن الصعب فى ذلك اليوم ، ووجد فيه المسلمون كميات كبيرة من الطعام ، ووجدوا فيه آلات حربية كانوا
يستعدون بها للقضاء علي المسلمين .
قلعة الزبير
هرب اليهود وتسللوا من حصن الناعم والصعب إلي قلعة الزبير أصعب القلاع والحصون وأمنعها ، ففرض الرسول صلي الله
عليه وسلم حصار ثلاثة أيام عليهم .
فجاء رجل من اليهود إلي النبي صلي الله عليه وسلم فأعلن إسلامه وقال : يا أبا القاسم ، لو أقمت شهراً هكذا لن
يتأثروا لأن القلعة يصلها الماء فهم يشربون منها ويمتنعون منك بالقلعة فاقطع عليهم مصادر المياه كي تجبرهم علي الخروج
وبالفعل قطع عنهم الرسول صلي الله عليه وسلم الماء فخرجوا وقاتلوا أشد القتال ، قتل فيه مجموعة من المسلمين وأصيب
عشرة من اليهود ، وفتح الرسول صلي الله عليه وسلم الحصن .
ثم انتقل اليهود إلي قلعة أبي وتحصنوا فيها وقام اثنان من اليهود ويطلبون المبارزة ، فخرج لهم البطل المسلم صاحب
العصابة الحمراء أبو دجانة فقتل أحدهم واقتحم القلعه واقتحم معه الجيش .
وجري قتال شديد بين اليهود والمسلمين اضطر اليهود نتيجة ذلك إلي الهروب والتسلل لحصن النزار آخر حصون النصف الأول
وأقواها ، وكان اليهود علي يقين أن المسلمين لا يستطيعون اقتحام هذه القلعة ، فوضعوا فيه نساءهم وأولادهم .
وفرض المسلمون حصاراً جديداً علي هذا الحصن المنيع وكان الحصن يقع علي جبل فلم يستطع المسلمون اقتحامه وكلما اقترب
من الحصن أحد من المسلمين وجد مقاومة من اليهود بالرشق بالنبال والحجارة .
فأحضر المسلمون الآلات الحربية التي وجدوها في حصن الناعم وبدأوا يقذفون الحصن فأوقعوا به خلل فاقتحم المسلمين الحصن
ودار قتال عنيف فى داخل الحصن فانهزم فيه اليهود هزيمة كبيرة وفر اليهود مرة أخري من الحصن وتركوا النساء والذرية
وهربوا إلي النصف الثاني .
وتجمع اليهود وتحصنوا فى حصن أبي الحقيق ، وضرب عليهم المسلمون حصاراً شديداً دام لمدة أربعة عشر يوماً واليهود
لا يخرجون .
فقام المسلمون بضرب الحصن بالمنجنيق – أي المدفع – فخاف اليهود وطلبوا الصلح ، وأرسل زعيمهم ابن أبي الحقيق إلي
النبي صلي الله عليه وسلم أن يقابله ، فوافق صلي الله عليه وسلم وتم الصلح علي حقن دماء من فى الحصون وترك
الذرية لهم ويخرجوا من خيبر ويتركوا للمسلمين كل مايملكون من أرض ومال وذهب وفضة واشترط الرسول صلي الله عليه
وسلم أن أي خيانة فى الصلح ستعرض صاحبها للقتل ، فوافقوا بذلك وتم فتح خيبر .
وعلي رغم المعاهدة التي تمت خبأ ابن أبي الحقيق مالاً كثيراً فعلم النبي صلي الله عليه وسلم بذلك وطلب المال منه فأنكر
وأخرج النبي صلي الله عليه وسلم المال وقتل ابن أبي الحقيق جزاء الخيانة والغدر وقسم الرسول صلي الله عليه وسلم
الغنائم علي المسلمين .
وفى هذه الأثناء قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة ففرح النبي صلي الله عليه وسلم بقدومه .
وتزوج النبي صلي الله عليه وسلم بالسيدة صفية وعرض اليهود علي النبي صلي الله عليه وسلم أن يعملوا أجراء فى
الأرض مقابل نصف الثمار فسمح لهم الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك بشرط أن يحق للمسلمين أن يخرجهم منها فى أي
وقت شاءوا .
واستشهد من المسلمين فى فتح خيبر ستة عشر منهم عامر ابن الأكوع ، وقتل من اليهود ثلاث وتسعون منهم كنانة بن أبي
المحقق .
بعد الغزوة جاءت زينب بنت الحارث أخت مرحب وأهدت لرسول الله صلي الله عليه وسلم شاة فأكل منها هو وأصحابه
فأخبرته الشاة أنها مسمومة فتوقف ومنع الصحابة من الأكل منها ، ولكن بشر بن البراء قد مات أثر السم وقام النبي
صلي الله عليه وسلم بترتيب الأوضاع وتأمين هذه المنطقة وتأديب الخارجين من باقي اليهود وجعلهم يدفعون الجزية عاد
الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة فى ربيع الأول السنة السابعة للهجرة …
غزوة بدر
علم المسلمون أن قافلة كبيرة يقودها أبو سفيان تحمل أموالاً كثيرة لقريش وكان يحرس القافلة ثلاثة وأربعون رجل ، فأرسل الرسول صلي الله عليه وسلم بسبس بن عمر وجمع
معلومات عن القافلة وجمع أصحابه وقال لهم : هذه عير قافلة قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها .. وخرج النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة فى يوم الثاني عشر من شهر
رمضان السنة الثانية من الهجرة وحين خرج الرسول صلي الله عليه وسلم لم يكن فى نيته قتال وإنما كان قصده قافلة قريش لأن الأموال الموجودة فى القافلة كانت أموال المسلمين
وقد استولي عليها المشركون من المسلمين فى مكة عندما أعلنوا إسلامهم وهم فى مكة .
وكلف الرسول صلي الله عليه وسلم عبدالله ابن أم مكتوم بالصلاة بالناس فى المدينة وجعل أبا لبابة أميراً علي المدينة وخرج مع النبي صلي الله عليه وسلم ثلاثمائة وأربعة عشر
من الصحابة ومعهم فرسان وسبعون بعيراً ..
أبو سفيان ينقذ القافلة
وفى هذا الوقت علم أبو سفيان خبر خروج المسلمون لاعتراض قافلته فقام بتحويل طريق سيرها إلي الساحل ، وفي نفس الوقت أرسل عمرو بن ضمضم إلي قريش لإخبارهم بذلك
لكي يسرعوا بإنقاذ القافلة فاغتاظت قريش فجمعت جيشاً خوفاً علي مصالحهم وتأديباً للمسلمين .
وأرسل لهم أبو سفيان مرة أخري أن القافلة قد نجت فلا داعي لمحاربة المسلمين ولكن قادة قريش وعلي رأسهم أبو جهل أصروا علي قتال المسلمين .
النبي صلي الله عليه وسلم يشاور أصحابه
عندما علم النبي صلي الله عليه وسلم نجاة القافلة وإصرار مشركي مكة علي القتال شاور أصحابه فوافق قادة المسلمين علي ملاقاة العدو وهذا هو المقداد بن عمرو يقول : اذهب
أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن امض ونحن معك .
وتكلم أبو بكر وعمر فاستحسن كلامهم الرسول صلي الله عليه وسلم ولكنه كان يريد أن يسمع رأي الأنصار فقال صلي الله عليه وسلم : أشيروا علي أيها الناس .
فقال سعد بن معاذ لما سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : أشيروا عليه أيها الناس ، علم أن الكلام موجه إلي الأنصار وسعد هو حامل رايتهم .
فقال : ولكأنك تريدنا يارسول الله ؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : أجل .. قال : لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك علي ذلك مواثيقنا علي المسع والطاعة فامض
يارسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخصناه معك ما تخلف منا رجل واحد ومانكره أن تلقي بنا عدونا غداً إنا لصبر فى الحرب
وصدق عند اللقاء فسر النبي بمقالة سعد لأنها ألهبت حماس الصحابة .
النبي يكتشف جيش المشركين
عندما نظم النبي صلي الله عليه وسلم جنوده وجعل اللواء الأبيض فى يد مصعب بن عمير وأعطي رايتين إلي سعد بن معاذ وعلي بن أبي طالب قام صلي الله عليه وسلم ومعه أبو
بكر يستكشف جيش المشركين فلقيا شيخ من العرب فسأله رسول الله صلي الله عليه وسلم عن جيش قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم ؟
فقال الشيخ : لا أخبركما حتي تخبراني مما أنتما ؟
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إذا أخبرتنا أخبرناك ، قال : أذاك بذاك ..؟ قال : نعم ..
وأخبر الشيخ بما يعلمه عن جيش قريش وأصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ، ثم قال الشيخ للنبي : من أين أنتم ..؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : نحن من ماء
وانصرف مسرعاً …
فعلم النبي صلي الله عليه وسلم من الرجل مكان جيش العدو ثم أرسل النبي صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص ومعهم مجموعة من الصحابة لاستكشاف
الأمر فوجدا غلامان يستسقيان لجيش قريش ، فجاءوا بهما إلي الرسول صلي الله عليه وسلم فسألهم الرسول عن جيش قريش .؟ فقالا:هم وراء هذا الكثيب أي الجبل وقال لهم
كم عددهم .؟ فقالا : لا ندري ، فقال لهم : كم يذبحون من الإبل كل يوم ..؟ قالا : يوماً تسعاً ويوماً عشرة فقال صلي الله عليه وسلم : القوم مابين التسعمائة
والألف ..
موقف الحباب بن المنذر
بعد أن جمع النبي صلي الله عليه وسلم المعلومات عن جيش العدو سارع فى الوصول لبئر بدر ليمنع المشركين من الوصول إليه ، فنزل مكان أسفل بئر الماء ، وهنا قام الحباب بن
المنذر وقال : يارسول الله أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه أو نتأخره أم هي الرأي والحرب والمكيدة؟ قال صلي الله عليه وسلم : بل هي الرأي والحرب
والمكيدة فأشار الحباب علي الرسول صلي الله عليه وسلم بمكان آخر فأخذ برأيه وانتقل إلي المكان الذي أشار به الحباب بن المنذر …
النبي صلي الله عليه وسلم فى ساحة المعركة
قام المسلمون ببناء خيمة للرسول صلي الله عليه وسلم بناء علي اقتراح سعد بن معاذ رضي الله عنه لمتابعة المعركة .
وجاء الليل فأنزل الله النوم علي المسلمين فناموا ثم استيقظوا فأنزل الله عليهم المطر فتطهروا به وثبت الله به الأرض التي يقفون عليها ثم نظم الرسول صلي الله عليه وسلم
صفوف المسلمين ، ثم أمر الصحابة برمي الأعداء إذا اقتربوا منهم ونهي أن يستخدمأحد سيفه إلي أن تتشابك الصفوف .
فلما نظم الرسول صلي الله عليه وسلم صفوف الجيش رجع إلي مركز القيادة وظل يدعو أن ينصره وأن يوفي له وعده وظل النبي يدعو ويستغيث بالله حتي أشفق عليه أبو بكر
فقال : يارسول الله كفاك فإن الله سيوفي لك ماوعك ، فقام النبي صلي الله عليه وسلم : وخرج من الخيمة ثم قبض قبضة من تراب ورماها وقال : شاهت الوجوه .
أحداث المعركة
بدأ القتال بين المسلمين والمشركين فى أول الأمر بالمبارزات الفردية فخرج من جيش المشركين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة وخرج من المسلمين حمزة
فبارز شيبة فقتله ، ثم علي بن أبي طالب فبارز الوليد فقتله ، ثم عبيدة بن الحارث فبارز عتبة فضرب كل واحد الآخر بضربة فهجم حمزة وعلي علي عتبة فقتلوه ، فلما رأي
المشركون ذلك هجموا وظلوا يرمون المشركين بالنبال حتي جاءتهم الأوامر بالهجوم من النبي صلي الله عليه وسلم .
وعند ذلك قال لهم الرسول صلي الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً ومحتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ، ثم قال وهو يشجع
الصحابة علي القتال : قوموا إلي جنة عرضها السموات والأرض فلما سمع عمير بن الحمام كلمات الرسول صلي الله عليه وسلم قال : بخٍ بخٍ .
فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : وماحملك علي هذا ..؟
قال : لا والله يارسول الله إلا رجاء أن أكون من اهلها .. قال صلي الله عليه وسلم : فإنك من أهلها ، فأخرج تمرات كانت معه وأكل منهن ثم نظر إلي التمرات وقال
لئن أنا عشت حتي آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة فرمي التمر ثم قاتل حتي قتل ونال الشهادة .
وهاهو عوف بن الحارث يسأل الرسول صلي الله عليه وسلم ويقول : يارسول الله ، مايضحك الرب من عبده .؟ قال : غمسة يده فى العدو حاسراً .. فنزع درعه وقاتل
بدونه .
الملائكة وأبليس فى المعركة
قاتل المسلمون أشد القتال وقاموا بهجوم قوي شل حركة المشركين ، وأمد الله المسلمين بملائكة كانت تقاتل فى صفوفهم وتضرب رؤوس الكافرين ولما رأي إبليس عليه لعنه الله
ذلك وقد كان هيئة إنسان يشجعهم علي القتال فر هارباً من المعركة ، فقال له المشركون إلي أين ؟ ألم تقل لنا إنك لا تفارقنا ؟ قال : إني أري ما لا ترون ، إني أخاف الله إن الله
شديد العقاب ، ثم فر حتي ألقي بنفسه فى البحر .
الهزيمة الساحقة
لم تصمد جموع الكفر والشرك أمام قوي الإيمان وضعفت ولم تقدر علي الصمود فى وجه هذا السيل من الهجمات ، ولكن الطاغية أبو جهل مازال حياً وحوله مجموعة من المشركين
وهو يشجعهم علي القتال ، ورآه المسلمون وهو يتحرك فى كل مكان علي فرسه ، وكان الموت ينتظر أن يشرب من دمه بأيدي غلامين من أبطال الإسلام فها هو معاذ بن عمرو ومعوذ
بن عفراء يبحثان عن أبي جهل فى كل مكان فى أرض المعركة لكي يقتلا من سب رسول الله صلي الله عليه وسلم ويخبرهم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه عن مكانه .
فأسرع إليه بسيفهما وضرباه حتي قتلاه ومات رأس الكفر أبو جهل وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة للمشركين ، ونصر مبين للمسلمين ، واستشهد فى هذه المعركة أربعة عشر
رجلاً من المسلمين وأما المشركون فقد لحقتهم خسائر كبيرة قتل منهم سبعون من قادتهم وأسر سبعون .
وأقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي قتلي المشركين فقال : بئس العشيرة كنتم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وخذلتموني ونصرني الناس .
وفر المشركون من ساحة المعركة وعلمت مكة نبأ الهزيمة فكانت كارثة عليهم ، وتلقي المسلمون فى المدينة نبأ النصر فكبروا وعمت البهجة والسرور واهتزت المدينة من التكبير
والتهليل والحمد لله رب العالمين .
وخرجوا ليستقبلوا الجيش المنتصر فى طريقه وشاهد المسلمون الجيش المنتصر ومعه أسري المعركة وهم مقيدين ونزلت سورة الأنفال لتحكي تفاصيل المعركة وتعلم المسلمين
الدروس المستفادة فى هذه المعركة وتدلهم علي الصفات الحميدة والأخلاق النبيلة .