التصنيفات
منوعات

التفكير اللاإرادي

التفكير اللاإرادي

السلام عليكم
عندما يمشى الإنسان على الأرض فما عليه إلا ان يرفع قدم ويقدمها ثم يرفع الأخرى ويقدمها ويتبادل حركة الارجل أما عن الأيدى فتجد ان يدا تتقدم للأمام وأخرى للخلف والعكس و يظل الانسان هكذا فى طريقه سيرة وهذا ما نسميه بالحركة اللإرداية فهو يسير دون أن يفكر فى الماهية الديناميكية للسير.

وهكذا نجد ان الانسان قد ينحنى قليلا للأمام عندما يسلم على شخص يكبره فى السن أو الوظيفة وعندما تسأله عن سبب الإنحناء يرد عليك بكل ثقة – انا لم انحنى – فهذا الفعل لا إرادى وهو لم يشر به عن حدوثة.

وتجد الأم تهز طفلها الرضيع كى توقفه عن البكاء وفى الحقيقة الطفل لا يبكى ولكن الحركة هنا لا إرادية.

وتظل الحركات اللإرادية تسيطر على الانسان حتى نجد انه جالس فى المطعم وقد لاحظ ان كوب الماء أصبح فارغا فهو قد شرب الماء ولكن الحركة كانت لا إرادية فلم تسجل فى عقله.

والسؤال هنا من المسؤل عن حركة الإنسان اللإرادية والإجابة تتلخص فى كلمة واحد وهى (التفكر اللإرادى).

ونجد ان الفكر اللإرادى هو المحرك الاساسى لكل حياه الإنسان دون أن يشعر أحد بذلك وقل ما تجد دراسات فى هذا الشأن ونلاحظ مواقف عديدة أذكر منها.

● عندما تكون جالسا فى مكان عام وتسمع جرس تليفونك يرن فتجد أن شخص أخر يجلس بعيدا عنك قد فزع وأخرج تليفونه ونظر اليه وهو يعرف ان الجرس الذى سمعه ليس الجرس الخاص بتليفونه الشخصي.

● تجد أن الإنسان عندما يطعم طفل صغير تجده يفتح فمه مع الطفل دون أن يشعر بذلك.

● عندما تدخل مبنى معين وتضغط على الزر الخاص بالمصعد كل تنادى المصعد من مكانه فيضىء هذا الزر ويظل مصيئا حتى يأتى المصعد فلا شىء فى ذلك ولاكنك تفاجأ بشخص أخر قد أتى ووقف بجانبك وأدار أصبعة ليضغط على الزر المضىء والسؤال هنا هل تقف انت تشم الهواء ام انك منتظر المصعد وقد قمت بالضغط على الزر مسبقا ولكن الشخص الأخر تصرف بهذه الطريقة لان هناك فكر لا إرادى يقول له عندما تقف تنتظر المصعد يجب ان تضغط على هذا الزر والا لن يأتى المصعد.

● عندما تركب المصعد تجد ان الاشخاص يحيطهم الصمت وهناك تحاشى ملحوظ للنظرات فهذا بمنتهى البساطة هو محاولة الشخص للدفاع عن حدودة وعدم السماح لك بتخطى دائرته الحميمة ولكن هذا يتم دون أن يشعر احد بذلك فالمخاطبة هنا تحدث بين الأفكار وبين العقول والاحاسيس ولا تدخل للجسد فى هذا الأمر.

فلكل إنسان حدود أو مياه إقليمية لا يستطيع أحد إقتحامها فمثلا إذا كنت تجلس على شاطىء البحر وحدك تستمتع بالغروب ولا أحد غيرك على الشاطىء فإنك تتضايق إذا جاء شخص وجلس بجوارك , فهو لم يقطع هدوئك بكلامه ولكنه اقتحم مياهك الإقليمية وهذه الحدود تتمثل فى ثلاث دوائر غير مرئية تحيط بالإنسان يكون الشخص مركزها ولا يدخل فى هذه الحدود أى شخص ولكن يدخل فقط الأشخاص الذين يريدهم الإنسان نفسه وسنتحدث الآن عن تلك الدوائر :

الدائرة الأولى ( الحميمة ) :
وهى تبتعد عن جسم الانسان بحوالى نصف متر اى بإمتداد الساعد فقط ويطلق عليها علماء النفس فى دراستهم بـ (المنطقة الحميمة) ولا يسمح الانسان بدخولها لغير الأحباب وأقرب الأقرباء وعندما يحتضن شخصان بعضهما تندمج دائرتهما الحميمة ويصبح الشخصان مركزا واحدا وما يحدث فى المشاجرات ما هو إلا محاولة لإقتحام دائرة الخصم لإلغاء وجوده ونفوذه وذلك دون أن يشعر أحدهما انه يهدف لإقتحام الدائرة الحميمة ولكنة مجرد حوار عقلى بين الطرفين.

الدائرة الثانية ( الصداقة ) :
وهى تبتعد عن جسم الانسان بحوالى متر وربع المتر أى بإمتداد الذراع بأكمله وتكون للأصدقاء والجيران وزملاء العمل ومن نتعامل معهم بشكل رسمى وتسمح هذه الدائرة فقط بالمصافحة والمخاطبة وهذه الدائرة تستخدم عندما يكون أحد الشخصين أعلى إجتماعيا أو وظيفيا من الشخص الأخر الذى يحاول ألا يتعدى دائرة الشخص الأول فتجد ان الموظف لا يستطيع الاقتراب بشدة من رئيسة فى العمل وهو لا يعرف السبب ولكن الحوار هنا حوار عقلى أما العكس فهو غير صحيح فالأعلى مكانه قد يدخل (منطقة الصداقة) للأقل منه فى درجة العلو.

الدائرة الثالثة ( الإجتماعية ) :
وهى أوسع الدوائر حيث تبعد عن جسم الانسان بحوالى أربعة أمتار ويسميها العلماء بـ (المنطقة الإجتماعية) ويوجد فيها مثلا من يحيطون بنا فى حفل صغير أو من نتعامل معهم من الغرباء.

أما خارج هذه الدائرة فتسمى بـ (المنطقة العامة) وهى التى يتواجد فيها الناس حولنا فى الشارع أو السوق دون أن يثيروا أدنى إهتمام.

أما إذا إقتحم الناس دوائر الأخرين كما لو تأملنا الناس فى الحدائق وفى عربات القطار نجد أن الناس يحولون هذه الدوائر أوالحدود الوهمية إلى حدود فعلية مثل الحقائب أو الملابس أو حتى الكتب فإنهم يحيطون أنفسهم بها كما لو كانت أسلاكا شائكة وهذه الملاحظة تظهر أكثر لدى المرأة, أما إذا إقتحم الناس مناطق بعضهم لأسباب خارجة عن إرادتهم مثل التواجد فى المصعد فإنه فى هذه الحالة نجد أن الناس تحاول إيجاد حواجز شائكة مثل تحاشى إلتقاط النظرات والصمت والإطراق لأسفل أو النظر لأعلى.

أما إذا دخلنا المنزل فنجد أنه مقسم أيضا إلى دوائر ثلاث فمدخل البيت يمثل المنطقة العامة وحجرة اللإستقبال تمثل المنطقة الإجتماعية أما حجرة الطعام والمطبخ فتمثل منطقة الصداقة أما حجرة النوم فتمثل المنطقة الحميمة التى لا يدخلها إلا أقرب الأقرباء فلذلك توجد نصيحة تقول (لو سمح لك صديق جديد بدخول حجرة النوم فى أول لقاء فلا تقل له أسرار شخصية لك فغالبا هذا النوع من البشر ممن لا يحتفظون بالأسرار ولا إحساس بالخصوصية).

ويجب ان نعلم انه إذا إضطرتنا الظروف للتواجد فى مكان مزدحم فيجب علينا أن نقيم حواجز تعويضية بيننا و بين الغرباء وذلك بتحاشى النظر وإدارة الوجه والتعبير الصارم وإذا كنت فى قطار أو أى وسيلة مواصلات فيمكنك النظر من النافذة أو إستخدام الحقائب أو عقد الساعدين وإذا كنت تريد حجز مقعد فى مكتبة أو حديقة فلا تستخدم الصحف فهى أضعفها والأفضل إستخدام معطف أو أشياء شخصية أخرى وبالمناسبة هل لاحظت كيف يمكنك أن تستفز أية إمرأة ضدك وتفقد صداقتها ؟ … إفتح حقيبتها بدون إستئذان .. ستنفجر فيك كألبركان ولن يهدئها أى إعتذار .. فالأمر هنا لا يتعلق بوجود أسرار ولكن ببساطة الدفاع عن الحدود بالضبط كما فى الدول.

وإذا كنت بصدد عقد صفقة فحاول أن يتم ذلك فى منزلك أو مكتبك فيكون موقفك أقوى فى إصدار الشروط والإصرار عليها وإذا كنت بصدد طلب مكافأة أو نقل من مديرك فحاول أن يكون التناقش فى مكتبك أما إذا كنت تحاول تصفيه خلاف زوجى فأفعل ذلك فى مكان عام أو محايد لأنه اذا كان النقاش فى بيت أحد الأطراف وسط أهله ومن يؤيدوه فإن الطرف الأخر قد يضطر لتقديم تنازلات لا ترضيه مما يجعل الحل عبارة عن فتيله لقنبله موقوتة.

وأخيرا إذا كنت فى تجمع عام مزدحم فأحذر الإنسياق وراء الجماعة التى تلغى حدودك وإستقلالك حيث أن عدم الوعى بذلك قد يجرك إلى أفعال لا توافق عليها وقد تندم عليها بعد ذلك.

وكل ذلك يتم دون أن يشعر أحد بأى شىء فألموضوع بأختصار يدور حول حوارات عقلية هى أكبر من أن يفهمها الإنسان بنفسه.

منقول




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.