لابدّ للمسلم أن يعلم أهمية ارتباطه بكتاب ربّه وانكبابه على قراءته وتدبره، ذلك لأن فهم القرآن يحدث تغييراً في كيان الإنسان وانقلاباً في فكره ومنهج حياته، فلا تعجب من سرعة التغيير الذي حدث في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إسلامهم وسماعهم لكلام الله وكيف انقلبوا من أعداء للإسلام إلى جنود من جنوده يقدمون الغالي والرخيص لأجله .
ولذلك كانت حرب أعداء الله وأعداء الإسلام على القرآن، ومحاولة تشويه صورته في كيان المسلم، وتحريف تفسيره في فهم المسلم، وقصر سماعه وقراءته على المناسبات والتعازي وما شابه ذلك ليمحوا أثر كتاب الله في المسلمين ، فيبقى القرآن رسم لا معنى له كما يظنون وأقوالهم تشهد على مرادهم ،يقول كرومر عندما دخل محتلاً البلاد الإسلامية: (جئت لأمحوا ثلاثاً: الكعبة والأزهر والقرآن).
ويقول جلادستون رئيس وزراء إنكلترا :(لن تستقيم حالة الشرق ما لم يُرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطَّى به القرآن)
ومن المشهور عنه عندما كان وزيراً لمستعمرات بريطانيا عام 1895م أنه وقف يقول لزملائه وقد أمسك بقرآن في يده: ( لن تحقق بريطانيا شيئاً من غاياتها في العرب والمسلمين إلا إذا سلبتهم هذا الكتاب أولاً … أخرجوا سرَّ هذا الكتاب مما بينهم تتحطَّم جميع السدود)
إذن هم يدركون سرَّ القرآن في المسلمين وأثره في رُقيِّهم وتقدمهم، وفاعليته في فتح مدارك العقل وآفاق النفس، فأخذوا يعملون في هدم عقل المسلم ليصوغوه كما يريدون وبما أن القرآن يربي في المسلم شخصيته الفريدة والمتميزة ، ويربي فيه العزة والأنفة وعدم الخضوع للغير، بل يغرس فيه الولاء لله تعالى، فإن انحراف أبناء الإسلام لا يتم إلا بانحرافهم عن القرآن، وليتم لهم ذلك فقد مارسوا على الثقافة إرهاباً لئيماً من بدايات القرن الثامن عشر الميلادي ينشرون مغالطاتهم وشبههم، ويغرسون إلحادهم محاولين إقناعنا تارة بأن القرآن نزل لعصر النبي صلى الله عليه وسلم فقط ،وذلك لتكون لهم الهيمنة على حياتنا وعلى أدق شيء فينا داخل بيوتنا ،وهم ما يزالون يعملون في هذا السبيل ،وتارة يحرفون تفسير القرآن تحت راية التجديد والتنوير ويطبخون لهذا التجديد المصطلحات التي تشوش على عقل الشباب المسلم وتجعلهم تحت إرهاب هذه المصطلحات إذ كل من يخالفها فهو جامد متحجر.
وتارة أخرى يحرفون فهم القرآن بمسمى القراءة المعاصرة والاجتهاد