فكلما سقطت ورقة من هذه الشجرة انقضت سنة من حياة ذلك الإنسان
سميت دنيا ..؟
لتدني منزلتها عند الله وحقارتها
أوضاعها غريبة …
ليل يتبعه نهار … حياة وموت … لقاء وفراق
ضيق وفرح ..!
آمال و آلام … بزوغ وأفول …
ومعادلة بسيطة ومتساوية الأطراف :
( طفل الأمس هو شاب اليوم – هو شيخ الغد )
قال الله تعالى :"
و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء
فاختلط به نبات الأرض
فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا "
نعم هذا مثل هذه الحياة الدنيا في سرعة ذهابها واضمحلالها وقرب فنائها وزوالها …
هذه الحياة الدنيا لا راحة فيها ولا اطمئنان …
ولا ثبات فيها ولا استقرار حوادثها كثيرة وعبرها غفيرة …
دول تبنى و أخرى تزول … مدن تعمر وأخرى تدمر …
وممالك تشاد و أخرى تباد …
فرح يقتله ترح … وضحكة تخرسها دمعة …
صحيح يسقم ومريض يعافى …
وهكذا تسير عجلتها لا تقف لميلاد ولا لغياب ولا لفرح ولا لحزن …
تسير حتى يأذن الله لها بالفناء …}
ولا يملك الناس من هذه الدنيا شيئا إلا بمقدار …}
نزول المطر ونبات الزرع وصورته هشيما …}
بذلك ينتهي شريط الحياة …
ما بين ولادة وطفولة وشباب وشيخوخة ثم موت وقبر …}
يطوى سجل الإنسان بعجالة وكأنها غمضة عين أو لمحة بصر أو ومضة برق …
" اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد "
سراب خادع … وبريق لامع … ولكنها سيف قاطع … وصارم ساطع …
كم أذاقته أسى … وكم جرعت غصصا … و أذاقت مرضا …
كم أحزنت من فرح … وأبكت من مرح …
وكبرت من صبو … وشابت من صغير ؟!
سرورها مشوب بالحزن … وصفوها مشوب بالكدر …
خداعة مكارة … ساحرة غرارة …
كم هم فيها من صغير … وذل فيها من عزيز …
وترف فيها من وثير … وفقير فيها من غني ؟!
أحوالها متبدلة وشمولها متغيرة ..
يقول عليه الصلاة والسلام :
" مالي وللدنيا , ما أنا في الدنيا إلا ****ب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها "
ومن وصايا عيسى على نبينا وعليه السلام لأصحابه قال :
( الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها )
وقوله أيضا :
" من ذا الذي يبني فوق موج البحر دارا ؟! تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا "
وقيل لنوح عليه السلام:
( يا أطول الأنبياء عمرا كيف رأيت الدنيا ؟
قال : " كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر "
إنا لنفرح بالأيام نقطعها … وكل يوم مضى يدني من الأجل !!
فإن الموت الذي تخطانا الى غيرنا … سيتخطى غيرنا إلينا فلنأخذ حذرنا …
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب … متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب !!
دعونا نحاسب أنفسنا ونستلهم الدروس والعبر مما فات …
دعونا نتساءل عن يومنا كيف أمضيناه ؟!
وعن وقتنا كيف قضيناه ؟!
فإن كان مافية خيرا حمدناه وشكرنا …
وإن كان ما فيه شرا تبنا إليه واستغفرناه …
ليسأل كل واحد منا نفسه … ؟؟؟؟؟
كم صلاة فجر ضيعتها أو أخرتها ولم أصليها إلا عند الذهاب
إلى المدرسة أو العمل ؟
كم حفظت من كتاب الله وعملت به ؟
كم يوم صمته في سبيل الله ؟
كم صلة رحم قمت بزيارتها ؟
كم من غيبة كتبت علي ؟
وكم نظرة حرام سجلت علي
وكم فرصة سنحت لي لأتوب ولكني لم أتب حتى هذه اللحظة ؟
كم مرة عققت والدي ونهرتهما ؟
وكم …
وكم …
وكم …
فهلا حاسبنا أنفسنا الآن مادامت الفرصة سانحة …
والسوق مفتوحة والبضاعة قائمة ؟!!
وقفة مع حياة الإنسان
لو ألقينا نظرة خاطفة على حياة الإنسان في الدنيا لرأينا العجب العجاب …
والله إني لأعجب كثيرا ممن وهب نفسه للدنيا ونسي الآخرة وكأنه لا يؤمن بها …
مع علمه بأن المرء ليس له إلا عمر واحد … و أجل محدود …
ولن يعطى فوق أجله دقيقة واحدة ليعيشها …
ومع هذا يكابر ويتكبر ويسوف التوبة و يلهو بالمعصية
ويعيش حياة من لا يموت أبدا !!
{أخي / أختي في الله}
ألست توقن بالموت … ؟!
ألست تقرأ ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ؟!
أما تساءلت أين سيد الخلق الذي لو ترك الموت أحدا لتركه ؟!
( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون )
أين آباءك و أجدادك !! أين الملوك والأبطال ؟
أو ليس غيبهم الثرى وتساوى الملوك والصعاليك في أطباق التراب ؟!
أما لك فيهم عبرة ؟! أما لك فيهم موعظة ؟! وكفى بالموت واعظا …}
ألم تشاهد منظرا للواعظ الصامت ( القبر ) ؟!
ألم تشاهد منظرا للموطن الساكن ( القبر ) ؟
وفي الختــــام … لقد كان رسول الله عليه الصلاة يحب الفأل …
فاقتداء به لنختم يومنا هذا بالتفاؤل …
وبأن المستقبل لصالح المسلمين ونصرهم على عدوهم وتمكينهم في الأرض …
و أن النصر سيكون للإسلام وأهله طال الزمان أو قصر …}
فينبغي ألا يزيدنا مرور الأيام إلا صلاحا و إقبالا …
وتمسكا بعقيدتنا الصحيحة وثوابتنا ومبادئنا السليمة …
فهل نعتبر ونجعل أيامنا القادمة صحائف خير …
جدير بنا أن نملأها بالحسنات تلو الحسنات ؟؟!!
ولو قدر الله أن تقترف أيدينا وجوارحنا السيئات فعلينا أن نتذكر قوله تعالى :
" إن الحسنات يذهبن السيئات "