احتلت اللحوم الحمراء، ولفترة طويلة، مكانة خاصة في غذاء الأميركين، رغم تحذيرات الأطباء وخبراء التغذية من أخطار الإكثار منها. ويسعى الرجال الذين يرغبون في الحد من تناول اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة صناعيا، إلى اللجوء إلى خيارات أخرى مثل تناول السمك والدجاج. إلا أنهم ينسون واحدا من الخيارات المتواضعة المتوفرة.. ألا وهو البقول!
بقول مغذية
عندما يسمع الأميركيون كلمة البقول تتوارد إلى خواطرهم الفاصوليا أو البازلاء الخضراء ومثيلاتهما، وينسون أن هناك أنواعا من البقول التي تشمل العدس والحمص والفاصوليا الجافة بمختلف أنواعها وأشكالها، إضافة إلى الحبوب الغنية بالدهون مثل فول الصويا والفول السوداني. ولنترك الفول السوداني جانبا، ولنستعرض العناصر الغذائية الموجودة في البقول.
إن البقول، بوصفها مجموعة غذائية، مصدر جيد من البروتينات والألياف الغذائيةس، وهي لا تحتوي على الكولسترول. ورغم احتوائها على القليل من الدهون والصوديوم، فإنها توفر البوتاسيوم بغزارة، وبعضا من الكالسيوم والحديد وفيتامينات «بي». ويورد الجدول 1 محتويات البقول.
ولا يمكن للرجال أن يعيشوا على البقول فقط، إلا أنها توفر لهم الكثير من الأهداف الغذائية المهمة، ومنها: الألياف (38 غراما يوميا قبل سن ال50، و30 غراما يوميا بعده)، البروتينات (نحو 0.36 غرام لكل رطل، والرطل = 453 غراما تقريبا من الوزن، أي 65 غراما لشخص يزن 180 رطلا – أي 82 كلغم تقريبا)، والبوتاسيوم (2000 ملغم على الأقل يوميا، إلا أن على المصابين بأمراض الكلى وكذلك الأشخاص الذين يتناولون أدوية للحفاظ على البوتاسيوم في أجسامهم، تحديد تناولهم له). ويوضح الجدول 2 مساهمة البقول في تنفيذ الأهداف الغذائية اليومية المطلوبة.
البقول والصحة
لا يتطلب الأمر تناول تلال من البقول لتحقيق جبال من الفوائد! إلا أنه يبدو أن الرجال الذين يتناولون البقول بانتظام يقل لديهم خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، وأورام الأغشية المخاطية ما قبل السرطانية في القولون، كما يقل خطر سرطان البنكرياس (لدى الأشخاص البدينين).
ومن هذا المنطلق فإن البقول هي غذاء مضاد للحوم الحمراء – وينطبق هذا أيضا على مشكلات الأيض (التمثيل الغذائي) وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقد وجد تحليل لبيانات استخلصت من الاستطلاع الوطني للصحة والتغذية أن الأشخاص الذين تناولوا البقول يمتلكون وزنا أقل، وخصرا أقل طولا، وضغط دم أقل مقارنة بالآخرين الذين لا يتناولونها. ولغزارتها بالألياف الغذائية يمكن للبقول أيضا التحكم في سكر الدم ومستويات الكولسترول.
وجدت دراسة استمرت 19 سنة أجريت على 9632 رجلا وامرأة، أن الذين تناولوا البقول أربع مرات أو أكثر في الأسبوع قل لديهم بنسبة 22% خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية مقارنة بالآخرين الذين تناولوا البقول مرة واحدة في الأسبوع. كما أفادت دراسة يابانية استمرت 10 سنوات بأن البقول تحمي النساء – وليس الرجال – من السكتة الدماغية.
والبقول مواد مغذية ورخيصة، وبمقدورها أن تمنح الطعم واللون لأي طبق من أطباق الطعام، إلا أن مشكلتها الكبرى هي توليدها للغازات!
«ضريبة الغازات»
إحدى فضائل البقول هي أنها تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة التي لا يمكن لإنزيمات الأمعاء الدقيقة في الجسم البشري هضمها. ولا تتمتع هذه الكربوهيدرات بأي قيمة من حيث سعراتها الحرارية، إلا أنها مشبِعة، أي أنها تثير الشعور بالامتلاء.
بعض هذه الكربوهيدرات يساعد على خفض مستويات الكولسترول وسكر الدم، إلا أن هناك جانبا آخر لها، إذ ومع أن الإنسان لا يستطيع هضمها، فإن بمستطاع البكتريا الموجودة في أمعائه هضمها، وخلال هذه العملية تقوم البكتريا بتوليد الغازات.
ويعرف الأطباء أن البقول جيدة لصحة القلب، كما يعرف التلاميذ أيضا أنه كلما تناولوا كميات أكثر منها كلما زاد حجم الغازات لديهم.
ومن حسن الحظ أنه يمكن تخفيف الغازات بتناول البقول بكميات صغيرة وبالتدريج. وعليك أن تتناول كمية كبيرة من السوائل بعدها. وقبل أن تطهو البقول الجافة اغسلها ثم انقعها طيلة الليل أو لفترة ساعتين على الأقل، ثم اغسلها مرة ثانية ثم بدل ماءها عند غليها.
وإن ظلت الغازات مستمرة فحاول استخدام إنزيمات تؤخذ عبر الفم من دون وصفة طبية تقوم بالعمل على تحليل الكربوهيدرات قبل أن تقوم البكتريا في القولون بالتهامها.
وتوفر «ألفا – غالكتوسيدايس» (Alpha – galactosidase)، و«بينو» (Beano)، على شكل حبوب يتم تناولها عند بداية الأكل أو قطرات توضع على البقول قبل تناولها. ويمكن توظيف هذه الوسيلة عند تناول الأغذية الأخرى التي تتسبب في حدوث الغازات مثل القرنبيط أو البروكلي.
كلوا البقول
البقول تأتي بأصناف متنوعة، فمنها الفاصوليا السوداء، الفاصوليا الشبيهة بالكلية، فاصوليا «نافي – navy» و«بنتو» (pinto)، وبازلاء العين – السوداء، البازلاء الخضراء والصفراء، العدس الأحمر والأخضر، وفاصوليا «ليما» lima))، وفول الصويا، والحمص.
ويعتبر فول الصويا مصدرا ممتازا للبروتينا والحديد والكالسيوم، ويستخدم «توفو» (tofu) في الكثير من أطباق الغذاء للنباتي، إلا أن علينا أن نتذكر أن البقول المعالجة صناعيا المسوقة تجاريا مثل معلبات البقول قد تكون بديلا سيئا عن البقول الجيدة.
ويمثل تناول اللحوم بكميات أقل والبقول بكميات أكثر خطوة في الاتجاه الصحيح، ولذا فعليك أن تتوجه إلى تناول الحبوب الكاملة، البقول، الخضراوات، والفواكه أكثر، وتخف من الملح والأغذية المعالجة صناعيا، والسكر، ومنتجات الألبان الدسمة.
فول الصويا .. يقل من الإصابة بسرطان البروستاتا
يقل انتشار الإصابات بسرطان البروستاتا في قارة آسيا مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا، وبينما يستهلك فول الصويا بكثرة في آسيا فإن استهلاكه يقل في أميركا.
ولكن هناك الكثير من الفوارق بين نمط الحياة في آسيا وفي أميركا. وعلى سبيل المثال فإن استهلاك اللحوم والسمنة يغلبان في الغرب ويبدو أنهما يساهمان في حدوث المخاطر الصحية.
وقد أشارت الدراسات التي أجريت على العلاقة ما بين فول الصويا وسرطان البروستاتا إلى نتائج متفاوتة، إلا أن تحليلا ل15 دراسة منها أظهر نتائج مهمة.
وإجمالا فقد ظهر أن الاستهلاك الكبير لمنتجات فول الصويا ارتبط بخفض بنسبة 26% في خطر الإصابة بسرطان البروستاتا. إلا أن تأثير أنواع منتجات فول الصويا كان مختلفا.
وقد ارتبطت القدرة الوقائية مع تناول منتجات الصويا الغذائية غير المخمرة مثل «التوفو» (tofu) أو حليب الصويا، إلا أنه يبدو أن المنتجات المخمرة مثل «ميزو» (miso)، ونتّو (natto)، و«تمبه» (tempeh) ليست ذات فوائد.
وإضافة إلى هذا فإن دراسات المجموعات السكانية الآسيوية عموما أفادت بقدرة المنتجات على الحماية بشكل عام، ولكن هذه القدرة لم يتم إثباتها في الدراسات التي أجريت على المجموعات السكانية في الغرب. ولهذا فإن فول الصويا المتواضع هذا يوفر لنا الكثير من الغذاء الفكري للتأمل في فوائده.