لكن إذا تأملنا بدقة أكبر، وأعدنا النظر بإمعان في حياة المشاهير، ربما سيغير الكثيرون منا رأيهم، ويتنازلون طواعية عن حلم تحقيق الشهرة، لأنها ربما لا تكون بالروعة التي نتخيلها. لها مميزاتها بالطبع، لا أحد يمكنه أن ينكر هذا، لكن لها في الوقت نفسه مساويء ضخمة يعاني منها المشاهير حول العالم.
فقد يبدو لنا أن نجومنا المفضلين يستمتعون دوما بأوقاتهم، لكن هذه ليست الحقيقة للأسف، بل هي الصورة التي يحاولون توصيلها لنا من خلال وسائل الإعلام، لكن خلف الكاميرات الأمور تختلف كثيرا.
والمطلوب هو ألا نحقد على المشاهير ونتمنى لو كنا مكانهم، بل على العكس، علينا أن نقدرهم ونشعر بالإعجاب والامتنان نحو ما يقدمونه لنا كل في مجاله، لكن علينا في الوقت نفسه أن نحاول التأمل في كثير من النعم والأمور التي لا تقدر بثمن، والتي نتمتع نحن الأشخاص العاديين بها في حياتنا اليومية، وينحرم المشاهير من أبسطها. وفيما يلي سنذكر بعض هذه الأشياء:
1 – حياة خالية من النميمة (تقريبا)
إذا كنا نحن الأشخاص العاديين نشعر بالضجر في كثيرمن الأحيان بسبب الأقاويل التي يقولها الناس عنا من خلف ظهورنا، سواء كان ذلك في المدرسة أو الجامعة أو حتى في الحي الذي نعيش فيه، فما بال المشاهير المساكين الذين تكون أدق تفاصيل حياتهم متاحة يوميا على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، ومادة خصبة للنميمة والغيبة والتعليقات من كل من هب ودب، بحجة أنهم ليسوا ملك أنفسهم بل ملك جمهورهم الذي يحبهم؟!! أعتقد أنه ليس هناك من يعشق أن يكون عرضة لملايين الشائعات المغرضة التي تطارده في كل وقت وكل مكان، فهي محرجة وجارحة وتضر بحياة الإنسان الشخصية وصورته أمام الناس.
2 – الاستمتاع بدفء المنزل والأسرة والوطن
كثيرا ما نسمع عن مطربين أو ممثلين أو سياسيين أو علماء في جولات خارج بلادهم لحضور مهرجانات أو إقامة حفلات أو حضور مؤتمرات أو محادثات. وبالطبع ننبهر، ونحسدهم لاستطاعتهم التجول حول العالم والاستمتاع بأوقاتهم. لكن هل فكرنا للحظة أن هؤلاء المشاهير يضطرون للبقاء خارج منازلهم وأوطانهم وبعيدا عن أسرهم لمدة أشهر متصلة أحيانا؟ وأنهم خلال هذه الجولات الخارجية قد لا يحظون حتى بقدر كاف من الراحة والنوم؟ ألا يجعلنا هذا نشعر بنعمة كوننا أشخاصا عاديين بعيدين عن أضواء الشهرة والتزاماتها المرهقة؟
3 – الناس تتقرب منك لشخصك وليس بسبب شهرتك
كل المشاهير عندما يكتسبون صديقا أو عندما يحاول البعض التقرب منهم، يكون لديهم دائما هواجس من كون هؤلاء الناس يتقربون منهم للاستفادة من شهرتهم أو لتحقيق بعض المصالح على حسابهم، وليس بالنية الصادقة الحقيقية الخالصة. لكن الأشخاص العاديين لا توجد لديهم مثل هذه المخاوف، فالأصدقاء ينجذبون إليهم لشخصهم، وليس هناك أي احتمالات أخرى أو شبهة استغلال أو ما شابه، وهو ما يجعل المرء أكثر اطمئنانا في علاقته مع الآخرين وأكثر استمتاعا بصداقاته.
4 – الاستمتاع بالحياة
المشاهير مساكين، لأن عليهم العمل طوال الوقت ويصلون الليل بالنهار لإثبات نجاحهم وزيادة شهرتهم، فهم يعيشون في خوف دائم من اليوم الذي تنحسر عنهم فيه الأضواء، وتخفت الشهرة… من اليوم الذي يمر بجوارهم الناس في الشارع فلا يعرفونهم، ويكف الصحفيون والمصورون عن تتبعهم والسؤال عن أخبارهم، لذا فهم في سعي دائب خلف المزيد والمزيد من الشهرة والنجاح، وهو الأمر الذي يفقدهم أي فرصة للاستمتاع بحياة طبيعية يحصلون فيها على إجازات للاستجمام والاسترخاء مثل باقي البشر، ولو حدث ذلك فهي تكون إجازات قصيرة جدا لا تسمن ولا تغني من جوع، وتكون مليئة بالقلق وتتبع وسائل الإعلام ومتابعة أخبار المنافسين وغيرها من الأمور التي تكدر الصفو. لكن الأشخاص العاديين الذين يعيشون خارج دائرة الأضواء، ليس لديهم مثل هذا النوع من الحياة القاسية… يعملون بجد، لكنهم يحصلون على إجازات ممتعة كلما رغبوا في ذلك، ويستمتعون بحياتهم حتى في الأيام العادية بعد انتهاء ساعات العمل المحددة دون أن يمنعهم أي قلق أو خوف من ذلك.