الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وبه تم الدين وتم كل ما يثبت ويقوي الدين
بعث ليتمم مكارم الاخلاق ليزداد هذا الدين الخالد ثباتا وقوة
إنَّما بعثتُ لأتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ
الراوي: – المحدث: ابن العربي – المصدر: العواصم من القواصم – الصفحة أو الرقم: 30
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ولعل من ا هم هذه الاخلاق ارتباطا بالدين وذهابها يذهب بالدين هو خلق الامانة التي اخذت اشد شئ في الدين
انها ذلك الحمل الثقيل الذي ابت السموات والارض والجبال على قوتهم حمله وحملها الانسان فظلم نفسه بجهله
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)
(72) سورة الأحزاب
فما هي الامانة
كل ما يوكل الينا فنحن مسؤولون عنه وهو امانة عندنا
والامانة نوعان نوع اوكله الله الينا
ونوع اوكله الناس الينا
فودائع الله كثيرة لا تعد ولا تحصى فله الحمد والمنة
فالاسلام وتعاليمه وواجباته والعبادات التي امرنا بها امانة فلنقوم بها على الوجه الاكمل
والاولاد والاموال والحواس والجسم امانة فلا نستعملها الا فيما يرضى به عنا خالقنا ومودعها
قال تعالى :
" يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٧﴾ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌۭ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجْرٌ عَظِيمٌۭ ﴿٢٨﴾ "
الأنفال 27 – 28
والعقل والقول امانة فلا ندبر ولا ننطق الا بامانة وصدق
وودائع الناس واسرارهم امانة ويجب رد الودائع الى اهلها
فقد امرنا سبحانه وتعالى برد الامانات الى اهلها
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)
النساء58
وامرنا بها صلى الله عليه وسلم
أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني – المصدر: تخريج مشكاة المصابيح – الصفحة أو الرقم: 2791
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وكما امرنا بحفظ الودائع والاموال امرنا بحفظ الاسرار
إذا حدث الرجل بًالحديث ثم التفت فهي أمانة
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 7529
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ولقد اختار سبحانه وتعالى رسله الكرام عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام ممن يتصف بالامانة
فهذا سيد البشر عليه الصلاو والسلام كان معروفا بالصادق الامين
وهذا موسى علي السلام يوصف بالقوي الامين ،
( قَالَتْ إِحْدَىٰهُمَا يَـٰٓأَبَتِ ٱسْتَـْٔجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَـْٔجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلْأَمِينُ ﴿٢٦﴾)
القصص 26
وهذا يوسف عليه السلام أكرم مثال على الأمانة حين رشح نفسه لإدارة شئون المال بنبوته وعلمه قال الله عز وجل :
" قَالَ ٱجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلْأَرْضِ ۖ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌۭ ﴿٥٥﴾ "
يوسف 55
وكذلك باقي الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام
و أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة ، فقال تعالى:
{وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ }
[المعارج: 32].
فما هي عاقبة ترك الامانة
عدم محبة الله له
قال تعالى:
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًۭا ﴿١٠٧﴾}
[النساء: 107].
انها احد صفات النفاق
آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان . وفي رواية : إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر
الراوي: سهل بن حنيف المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 1750
خلاصة حكم المحدث: صحيح
خائن الأمانة سوف يعذب بسببها في النار،
لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الهيثمي – المصدر: مجمع الزوائد – الصفحة أو الرقم: 2/68
خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح
ولا تقوم الساعة الا على شرار الخلق وهم الذين ضاعت فيهم الامانة
بينما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مجلسٍ يُحدِّثُ القومَ، جاءه أعرابيٌّ فقال : متى الساعةُ ؟ . فمضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحدِّثُ، فقال بعضُ القومِ : سمِع ما قال فكَرِه ما قال . وقال بعضُهم : بل لم يَسمَعْ . حتى إذ قضى حديثَه قال : أينَ – أراه – السائلُ عن الساعةِ . قال : ها أنا يا رسولَ اللهِ، قال : فإذا ضُيِّعَتِ الأمانةُ فانتظِرِ الساعةَ . قال : كيف إضاعتُها ؟ قال : إذا وُسِّد الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظِرِ الساعةَ .
الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حجر العسقلاني – المصدر: تخريج مشكاة المصابيح – الصفحة أو الرقم: 2/423
خلاصة حكم المحدث: [حسن كما قال في المقدمة]
فلنتمسك جميعا بهذا الخلق العظيم ولنسال الله ان يعيننا على ذلك
واستودع الله دينكم واماناتكم وخواتيم اعمالكم
ونستودع عند الله شهادتنا انه لا اله الا هو العزيز الحكيم ونساله ان يردها الينا يوم القيامة
ويدخلنا بها جناته التي وعدنا بها
السؤال :
ما هي الأمانة التي عرضها الله سبحانه وتعالي علي السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا
الجواب :
الحمد لله
عرض الله تعالى طاعته وفرائضه وحدوده على السموات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت ، وإن ضيعت عوقبت ، فأبت حملها إشفاقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا .
هذا هو تفسير قول الله عز وجل : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب / 72 .
وتفسير الأمانة بالتكاليف الشرعية هو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم وابن زيد وأكثر المفسرين .
راجع : "تفسير الطبري" (20 /336- 340) – "تفسير ابن كثير" (6 / 488-489) – "الجامع لأحكام القرآن" (14 /252- 253) – "فتح القدير" (4/437) .
قال قتادة : الأمانة : الدين والفرائض والحدود .
وقيل : بل عنى بالأمانة في هذا الموضع : أمانات الناس .
وقال بعضهم : الغسل من الجنابة .
وقال زيد بن أسلم : الأمانة ثلاثة : الصلاة ، والصوم ، والاغتسال من الجنابة .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها ، بل هي متفقة وراجعة إلى أنها التكليف ، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها ، وهو أنه إن قام بذلك أثيب ، وإن تركها عُوقِبَ ، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه ، إلا مَنْ وفق اللَّهُ " انتهى
"تفسير ابن كثير" (6 / 489) .
وقال الطبري رحمه الله :
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا: إنه عُنِي بالأمانة في هذا الموضع: جميع معاني الأمانات في الدين وأمانات الناس وذلك أن الله لم يخص بقوله : (عَرَضْنَا الأمَانَةَ) بعض معاني الأمانات لما وصفنا" انتهى . "تفسير الطبري" (20 / 342) .
وقال القرطبي رحمه الله :
" الأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال ، وهو قول الجمهور " انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (14 / 252)
وقال السعدي رحمه الله :
" جميع ما أوجبه الله على عبده أمانة ، على العبد حفظها بالقيام التام بها ، وكذلك يدخل في ذلك أمانات الآدميين ، كأمانات الأموال والأسرار ونحوهما ، فعلى العبد مراعاة الأمرين ، وأداء الأمانتين ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 547) .
وقال الشنقيطي رحمه الله :
" ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه عرض الأمانة ، وهي التكاليف مع ما يتبعها من ثواب وعقاب على السماوات والأرض والجبال ، وأنهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، أي : خفن من عواقب حملها أن ينشأ لهن من ذلك عذاب الله وسخطه ، وهذا العرض والإباء والإشفاق كله حق ، وقد خلق الله للسماوات والأرض والجبال إدراكا يعلمه هو جل وعلا ، ونحن لا بعلمه ، وبذلك الإدراك أدركت عرض الأمانة عليها ، وأبت وأشفقت ، أي : خافت " انتهى . "أضواء البيان" (36 / 139) .
والخلاصة :
أن الأمانة المذكورة في هذه الآية الكريمة ، والتي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، وحملها الإنسان ، هي التكاليف الشرعية ، سواء في ذلك حقوق الله تعالى ، وحقوق عباده ، فمن أدى حق الله وحق عباده أثيب ، ومن فرط في حق الله وحق عباده استحق العقاب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ame][/align]