رغم أن أناقة المنزل لا تكتمل إلا بلمسة المرأة التي لها خصوصيتها في العناية به وبنظافته والاهتمام بمكوناته وأركانه كافة، إلا أن بعض النساء لا يجدن ضيرا أن يقوم الرجل بمساعدتهن وتقديم العون لهن في شؤون المنزل.
وطالما بحثت العشرينية هلا حسان عن مثل هذا الأمر في أن يمد لها زوجها يد العون في ترتيب منزلها، وخصوصا أنها امرأة عاملة وربة بيت وأم لطفلين.
تستهجن هلا من طبيعة زوجها وعدم اكتراثه لحجم المسؤولية وتعاونه معها في البيت، التي تقع على كاهلها، فتقضي الساعات الثماني الأولى من يومها، وهي في العمل، ومن ثم تعود إلى المنزل، لتحمل همومها في ترتيب المنزل والطبخ وتربية الأولاد، "أخرج للعمل ليس لإضاعة الوقت أو للتسلية، بل للمشاركة في التزامات البيت وتحمل ولو جزء بسيط من نفقاته".
ولم يقتصر الأمر على تجاهل زوجها للعبء الذي يلقى عليها، بل يتعدى ذلك إلى تصرفاته الانفعالية عن طريق الصراخ والعصبية، عند عدم تلبية احتياجاته بأكملها، وكأنها "ماكينة كهربائية"، حسب وصفها لتلك الحالة التي تعانيها.
وتقول "إنني في كثير من الأحيان أطلب من زوجي المساعدة، ولكن من دون جدوى، ما يزيد من حالة التوتر التي أعاني منها"، ولكنها في الوقت نفسه تتحدث بامتعاظ من تلك التصرفات التي يقوم بها، تقول "عندما أقصر في القيام بأحد الواجبات تجاهه أو تجاه أبنائي، فإن حالة من التوتر تسود أجواء المنزل، ويلقي اللوم علي، ويشعرني بالذنب، بأنني مقصرة وغير كفؤة".
وترى الثلاثينية وفاء ملحس أن عدم مشاركة الزوج لزوجته العاملة، ولعب دور المشاهد فقط في الحياة الأسرية، يعد إجحافا بحق الزوجة، وعبئا عليها في المنزل لا تستطيع تحمله بمفردها، "فالزوج كما يتطلع إلى مشاطرة زوجته الأعباء المادية معه، فهي أيضا تستحق منه المساعدة حتى ولو القليل منها"، كما تقول.
وتستنكر ملحس تلك المعاملة التي تتسم بالعصبية والنرفزة عند تأخر الزوجة عن القيام بأي عمل منزلي، حتى وإن كان الأمر لا يستحق تلك العصبية، مشيرة إلى أنها في بعض الأحيان لا تحتمل "أنانيته وإجحافه"، وتقوم بالرد عليه معبرة عن رفضها لمثل هذا الوضع.
وترى أنه من غير المقبول أن يجبر الزوج زوجته على العمل خارج المنزل وداخله بدون الاهتمام بنوعية هذا العمل، "فعندما أضيق ذرعا بالعمل، أبدأ بالاحتجاج متحدثة عن التعب والمعاناة، ولكنه يبدأ بتبرير هروبه من المسؤوليات بالصراخ ويصبغ الحديث وينهيه كالعادة"، وفقا لقولها.
ويجد الأربعيني سيف الزعبي أنه ليس من العدل أن تمضي المرأة عمرها وشبابها في تنظيف السجاد وتلميع الزجاج والجري خلف الغبار، لتصبح هذه الأمور هي شغلها الشاغل، مشيرا إلى أن لذلك أكبر الأثر على صحتها ولياقتها ومستوى تفكيرها وثقافتها.
يقول الزعبي "أنا متزوج منذ خمسة عشر عاما ومن وقتها زوجتي عاملة، ولم أتركها تعمل وحدها قط، سواء كان ذلك في العمل المنزلي، أو حتى بتربية أبنائي في حدود استطاعتي، وإنني أفتخر بمشاركتي زوجتي في العمل، فذلك لا يقلل من قيمتي أو حتى رجولتي، بل على العكس تماما، فإنني أرى الابتسامة والشعور بالرضا في عيني زوجتي".
ويتابع "إن المرأة العاملة، لو توفر لها الزوج المتعاون، تستطيع أن تربي أبناءها وتدير أعمالها المنزلية بطريقة أكثر وعيا".
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، لابد من تفاهم الزوجين حول هذا الموضوع والتعاون لسد الفراغ الذي يتسبب به غياب الزوجة عن المنزل "فقيام الزوج ببعض الأعمال المنزلية وتدريس الأولاد لابد منه للمحافظة على الاستقرار الأسري واستبدال أجواء المشاحنات بأجواء الألفة والمودة"، وفق الزعبي.
العمل في المنزل نمط ذكوري مكتسب من قبل المجتمع، لاسيما أن هناك بعض الأشخاص الذين ما يزالون مقولبين في "النمطية الذكورية" ويرفضون كسر تلك النمطية، وفق اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة.
وعلى الزوج، بحسب الحباشنة، أن يساعد زوجته العاملة التي تقضي وقتا طويلا في العمل خارج المنزل للمساعدة في النفقات، لذا لابد من التخلص من "التنميط الذكوري" و"الجندري" الذي يعطي صحة وحيوية لعلاقات الأفراد.
علم الاجتماع ينظر الى غرس القيم النبيلة بين أفراد الأسرة جميعا، من خلال التعاون والتكاتف لإنجاح المسيرة الزوجية، وفق ما يراه اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، الذي يشير إلى أن الزوج الذي يرفض مساعدة زوجته العاملة في ما يستطيع في المنزل هو "زوج غير متعاون"، لاسيما أن المرأة العاملة يقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات، بعد أن تغيرت نظرة المجتمع نحو مساعدة الزوج لزوجته.
ويشير الخزاعي إلى وجود تقدم ملحوظ للمرأة في الجانب المهني، خصوصا وأن مشاركتها ملموسة في الجانب الاقتصادي، إضافة الى دورها في تخفيف الأعباء المادية الموجودة.
ويجد أن نطرة الرجل إلى المرأة تغيرت؛ إذ إن التوجه الآن نحو "المرأة الشريكة العاملة المتعلمة"، الأمر الذي أدى الى تغيير النظرة اليها، خصوصا وأن معظم الأعمال التي ترتادها لا تتطابق مع وقت الزوج، فقد يأتي الزوج إلى المنزل قبل زوجته بساعة، أو ربما أكثر، الشيء الذي أصبح مقبولا من قبل الأزواج.
ويبين أن رفض بعض الأزواج المساعدة يكون بحجة أن ذلك ينتقص من رجولته، مع أن ذلك أمر خاطئ، مشيرا الى أن التعاون المشترك من أهم مقومات الزواج الناجح.
في حين يجد الاستشاري الأسري أحمد عبدالله، أن مساعدة الزوج لزوجته العاملة، مسألة خاضعة لإرادة الزوجين معا، وفي تقسيم الوقت بناء على موافقة الرجل على وظيفة المرأة، والموافقة على العمل تعني أن الزوجة ستقضي بعض الوقت خارج المنزل، الأمر الذي يزيد من المسؤولية الملقاة على عاتقها، يرافقها نوع من التوتر والشعور بعدم قدرتها على القيام بكل مهامها لضيق الوقت.
ويرى عبدالله أن رفض بعض الرجال مشاركة المرأة في الأعمال المنزلية يكون على أساس رفضه للمبدأ انطلاقا من "نظرته الذكورية"، وأن الأعمال المنزلية ليست من اختصاصه، وكذلك "عدم معرفته بالأعمال المنزلية"، ولكن يمكن للزوجة إشراكه في الحياة الزوجية من خلال إيكال بعض المهام اليه، وبهذه الطريقة يعطي نموذجا صحيحا وإيجابيا لإيجاد علاقة زوجية صحية في المستقبل
التصنيفات
أزواج يفضلونها زوجة عاملة ويرفضون مساعدتها في المنزل
أزواج يفضلونها زوجة عاملة ويرفضون مساعدتها في المنزل
انا بشوف انو الزوج لابد يساعد زوجته في واجباتهم المنزلية سواء كانت عاملة اولا.يسلموووو