للبلوغ، عموماً، سواء عند الفتيات أو الفتيان، بأنه مرحلة انتقال من مرحلة الطفولة الى مرحلة المراهقة. وفي هذه المرحلة تحدث تغييرات عديدة لدى الفتيات تشمل التغييرات الهرمونية والنفسية والمزاجية، وما شابهها.
ولإضفاء المزيد على هذه المرحلة من حياة الفتيات كان هذا الحوار مع الدكتورة نادية حمزة كابلي، استشارية طب النساء والولادة، ورئيسة قسم التدريب والتعليم بمستشفى الملك عبدالعزيز، ومركز الأورام بجدة في المملكة العربية السعودية.
• ماذا تعني مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟
إن مرحلة البلوغ هذه هي مرحلة انتقالية من مرحلة الطفولة الى مرحلة النضج. وفي هذه المرحلة تحدث تغييرات عدة ابرزها:
1. تغييرات عضوية (جسدية)، مثل زيادة نمو الجسم, نمو الثديين، ومن ثم ظهور الحيض.
2. تغييرات فسيولوجية (في وظائف الأعضاء).
3. تغييرات نفسية.
4. تغييرات اجتماعية (العلاقة بالآخرين أفراداً وجماعات).
5. يتم البلوغ العضوي في بداية حدوث الدورة الشهرية.
• ما هي التغيرات التي تحدث في سلوكيات ومزاج الفتاة في هذا العمر؟ وما هي الأسباب وراء ذلك؟
• تعاني نسبة 45 – 90 في المئة من الفتيات من آلام الدورة الشهرية، ويشكو بعض الفتيات من احتقان شديد في الثديين وانتفاخ في البطن قبل نزول الدورة الشهرية بأيام، ويستمر الاحتقان اثناء الدورة ويقل مع انتهاء نزول دم الدورة الشهرية، وهذا الاحتقان يسبب آلاما مزعجة.
كما قد يعاني بعض الفتيات من اضطراب المزاج، وربما زيادة العصبية وضعف عام، وهذا متعارف عليه طبيا بمتلازمة اجهاد ما قبل الدورة الشهرية، ويختلف من فتاة لأخرى ومن امرأة لأخرى، وقد يصاحبه ضعف ملحوظ في الأداء الدراسي والعملي. ويلاحظ هنا زيادة في شكوى الامهات والمعلمات من تكرار الغياب.
• الدورة الشهرية حدث مهم في حياة كل فتاة: فمتى تبدأ الدورة؟ وكيف؟ وما هي الأعراض المصاحبة لها؟ وما هو دور الأسرة في تهيئة الفتاة لهذا الحدث؟
• تبدأ الدورة الشهرية بين السن 10 و16 سنة. والدورة الشهرية في الحقيقة "سيمفونية" في غاية الروعة والدقة, حددت بمواقيت وهرمونات وتفاعلات عديدة لتكون النتيجة النهائية هذه "الهرمونات" التي تفرز من المخ وتؤثر في الغدة النخامية وبالتالي تتحكم في الهرمونات التي تؤثر في المبيضين، ما ينتج منه بويضة كل شهر، بالإضافة الى تأثيرها في الرحم الحاضن الذي يستعد لاستقبال البويضة ببناء طبقة من الغدد والشعيرات الدموية. تسقط الطبقة المبطنة للرحم اذا لم تلقح البويضة ويتخلص منها الرحم بما يسمى دماء الدورة الشهرية. اذن، فهي عبارة عن نزول كمية من الدم من المهبل نتيجة انفصال الغشاء المخاطي المبطن لجدار الرحم من الداخل لمدة تراوح بين 3 و5 ايام, بصورة دورية منتظمة كل 21-35 يوما (المتوسط كل 28 يوماً). وقد تقل هذه المدة أو تزيد حسب طبيعة كل أنثى, وتستمر الدورة الشهرية حتى ينشغل الرحم بالحمل والأمومة، او حتى بلوغ المرأة سن الخمسين.
وقد تصاحب الدورة الشهرية بعض الآلام قبل نزولها، وبعده. وفي كثير من الأحيان تكون هذه الآلام خفيفة، ومن دون أسباب مرضية في 90 في المئة من السيدات. وفي حالات قليلة جدا تكون مؤشرا إلى حالات مرضية معينة.
اما عن دور الاسرة فهو في غاية الأهمية لما تحتاجه الفتاة من دعم نفسي وتفهم عميق لهذه المرحلة الحساسة. ففي البداية لا بد أن نشرح للفتاة أنها كبرت، وبأنها ستمر بمرحلة انتقالية لتصبح بعدها فتاة ناضجة. وعلى الأم ان تجلس مع ابنتها جلسة هادئة، يفضل ان تكون منفردة وبخصوصية تامة، لتشرح لها ما هو البلوغ، وتحاول تسهيل الموضوع وتبسيطه لها، حتى لا تَرْهَبُهُ وتخافُه. كما ان عليها ان تشرح لابنتها بأن جميع الفتيات والنساء تمران بهذه المرحلة وتأتيهن جميعا الدورة الشهرية. وكذلك عليها ان تتحدث معها عن التغيرات التي ستطرأ على جسمها من بروز صدرها إلى ظهور الشعر في المناطق المختلفة من جسمها.
وأنسب طريقة لاستقبال الدورة الشهرية أن تعتبر أيام الدورة أياماً عادية، لأنها ما هي إلا عملية فسيولوجية، وليست مرضاً، وهي لا تمنع الرياضة والاستحمام ولا تمنع الاستمتاع بأي انشطة تقوم بها الفتاة اوالمرأة في حياتها اليومية.
اعراض واضطرابات
• ما هي أهم الاضطرابات التي قد تواجهها الفتاة في بداية حدوث الدورة؟
• إن بعض الفتيات يتحولن إلى شخصيات مختلفة، مرة في كل شهر، حيث يزددن غضباً وتوتراً وتزداد حدة انفعالاتهن، بالاضافة الى اضطراب المزاج والاكتئاب والارق وآلام الظهر والصداع. وهذا يسميه الاختصاصيون بأعراض ما قبل الدورة الشهرية، وتحدث بسبب تغييرات في كيمياء الجسم واحتباس السوائل فيه بالاضافة الى:
1. آلام تحدث قبل واثناء الدورة الشهرية، التي تأتي في صورة تقلّصات أسفل البطن وأسفل الظهر، تكون مصحوبة أحيانا بالشعور بالغثيان والقيء وتغير في الشهية، ويحدث هذا الألم لساعات قليلة قبل بداية الدورة، وينتهي غالبا بنزول الدم.
2. كما قد يلاحظ بعض النساء زيادة مؤقتة في الوزن، وتورّم في الساقين والوجه وجفون العينين.
3. الرغبة الملحة في تناول الحلويات لا سيما الشوكولاته.
4. تكون البشرة في هذه الفترة حساسة وأكثر عرضة لظهور البقع والطفح وهذه من المشاكل الشائعة والتي تؤرق الفتيات في هذه المرحلة من العمر.
• كيف نساعد الفتيات على تفادي هذه الأعراض أو التخفيف منها؟
ليس هناك وسيلة لتحسين هذه الحالة إلا باتباع نظام غذائي معين يتضمن:
1. الإقلال من تناول الملح والدهون والسكريات، بتناول أغذية غنية بالألياف والنشويات مثل الفواكه والبقول.
2. تناول الوجبات في مواعيدها، والتركيز على الوجبات الخفيفة كل ساعتين الى ثلاث ساعات.
3. التقليل او التوقف عن تناول مادة الكافيين (الشاي والقهوة والمشروبات الغازية) قبل موعد الدورة الشهرية على الاقل.
4. أخذ قسط من الراحة، وهو من أبرز العلاجات التي تساعد الفتاة على السيطرة على انفعالاتها. (ممارسة اليوغا والاسترخاء).
5. المحافظة على النظافة الشخصية أثناء الدورة، وذلك بالاغتسال يوميا طوال فترة الدورة بالماء الدافئ.
6. ولتخفيف الآلام، يمكن وضع قطعة مبللة بماء دافئ على البطن او استعمال الاكياس المملوءة بالماء الدافئ (القربة).
7. تدليك عضلات البطن واسفل الظهر، او القيام ببعض التمارين الرياضية الخفيفة.
8. استعمال بعض المسكنات عند بداية حدوث الآلام.
9. شاي الأعشاب مثل (المرامية أو القصعين)، او البقدونس، أو أوراق الفراولة، أو السحلب، أو أزهار البابونج، والقرفة، او المشروبات الدافئة الاخرى مثل مغلي النعناع واليانسون والحلبة كأعشاب طبيعية لتخفيف الآلام.
10. تشجيع الفتيات وجميع النساء على ممارسة الرياضة وخصوصاً رياضة المشي والركض الخفيف في الهواء الطلق لما له من اثر كبير في تنشيط الدورة الدموية والتخلص من الوزن الزائد، بل وتنشيط مناعة الجسم ككل ضد الامراض وفوق كل ذلك تحسين المزاج والحالة النفسية للجميع وخصوصاً النساء من جميع الاعمار.
• علاج الأعراض
ما هو العلاج الذي قد يصفه الطبيب للنساء والفتيات اللاتي يعانين من اعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية؟
إن العلاج يختلف بحسب العرض المسيطر:
1. فإذا كان العرض المسيطر هو آلام، فتنفع في العلاج مضادات الالتهاب مثل مركبات الاسبرين والبروفين والبونستان وغيرها.
2. وإذا كان العرض المسيطر هو الاكتئاب والبكاء، فالعلاج الأنسب هو مضادات الاكتئاب والقلق.
3. في حال كانت الأعراض شديدة وغير مستجيبة للعلاج التقليدي وخصوصاً إذا ترافقت مع نزف غزيرة قد تنفع هنا الأدوية المانعة للحمل في تخفيف شدة الأعراض.
ما هي اسباب البلوغ المبكر لدى الفتيات؟
• إن "توقيت البلوغ" في النساء تحكمه مجموعة معقدة من العمليات البيولوجية، فيرتبط عادة وزن الجسم عند الإناث بالبلوغ المبكر لدى الفتيات اللائي يبدأن دورتهن الشهرية بمجرد أن يصل الوزن إلى نحو 38 كيلوغراماً. فالفتيات زائدات الوزن يكن أكثر عرضة لبداية بلوغ مبكر, بالاضافة الى العوامل الوراثية. فمثلا قد ترث النساء في بعض العائلات قابلية وراثية مشتركة لزيادة الوزن والبلوغ المبكر.
ومعروف ان الفتيات في المناطق الحارة يبلغن اصغر من نظيراتهن في المناطق الباردة بمدة تصل الى سنتين. ويحذر العلماء من تزايد معدلات البدانة في الطفولة لأنها تؤدي إلى بلوغ الفتيات وهن في أعمار مبكرة. وبالعكس فإن جهود منع أو تقليل بدانة الطفولة ستساعد في تفادي البلوغ المبكر. وهنا من المفيد التأكيد على الالتزام بالعادات الغذائية السليمة.
ما هي أسباب تأخر نزول الحيض؟
هناك أسباب كثيرة ومتعددة نذكر منها هنا ما يلي:
1. أسباب تشريحية (أسباب خلقية): ويكون السبب في هذه الحالة وجود غشاء بكارة مصمت خال من الثقوب الطبيعية التي تسمح بمرور دم الحيض.
2. أسباب هرمونية: ويحدث ذلك نتيجة إصابة إحدى الغدد الصماء (الغدة النخامية وغدة الهيبوثلامس، الغدة الدرقية، المبيضين) بأورام أو التهابات.
3. أسباب مرضية مزمنة: مثل داء السكري، هبوط القلب، السل الرئوي، الفشل الكلوي المزمن.
4. أسباب غذائية: مثل سوء التغذية المزمن.
5. أسباب عصبية ونفسية: مثل الحرمان العاطفي (فقدان أحد الأبوين أو كليهما إما بالطلاق أو الوفاة).
6. فقدان الشهية العصبي (ويؤدي ذلك إلى إصابة الفتاة بنحافة شديدة)، ضمور بعض أجزاء الجهاز العصبي المركزي.
7. يجب التأكيد على اتباع نظام غذائي صحي وتجنب الدهون والسكريات مع التركيز على تناول الفواكه والخضار الطازجة والالتزام بالتمارين البدنية للمساعدة على حفظ توازن الجسم صحيا وذهنيا.