قال السعدي في تفسيره لهذه الآية :
{ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ الَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } { 112 } سورة التوبة ( براءة )
.
كأنه قيل: من هم المؤمنون الذين لهم البشارة من الّه بدخول الجنات ونيل الكرامات؟ فقال :
هم { التَّائِبُونَ ْ} أي: الملازمون للتوبة في جميع الأوقات عن جميع السيئات.
{ الْعَابِدُونَ ْ} أي: المتصفون بالعبودية للّه، والاستمرار على طاعته من أداء الواجبات والمستحبات في كل وقت، فبذلك يكون العبد من العابدين.
{ الْحَامِدُونَ ْ} للّه في السراء والضراء، واليسر والعسر، المعترفون بما للّه عليهم من النعم الظاهرة والباطنة، المثنون على الّه بذكرها وبذكره في آناء اليل وآناء النهار.
{ السَّائِحُونَ ْ} فسرت السياحة بالصيام، أو السياحة في طلب العلم، وفسرت بسياحة القلب في معرفة الّه ومحبته، والإنابة إليه على الدوام، والصحيح أن المراد بالسياحة: السفر في القربات، كالحج، والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك.
{ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ ْ} أي: المكثرون من الصلاة، المشتملة على الركوع والسجود.
{ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ْ} ويدخل فيه جميع الواجبات والمستحبات.
{ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ْ} وهي جميع ما نهى الّه ورسوله عنه.
{ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ الَّهِ ْ} بتعلمهم حدود ما أنزل الّه على رسوله، وما يدخل في الأوامر والنواهي والأحكام، وما لا يدخل، الملازمون لها فعلا وتركا.
{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ْ} لم يذكر ما يبشرهم به، ليعم جميع ما رتب على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن.
وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم، قوة، وضعفا، وعملا بمقتضاه .
———————————————————–
كتبه : الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله –
المصدر : كتاب تيسير الكريم الرحمن
صفحة : ( 353 ) .
منقول