——————————————————————————–
المبحث الأول: تعريف البدعة
البدعة ضابطها وفيمَ تكون ؟
وبعد أن عرفنا النهى عن البدع، والتحذير منها.
فما البدعة ؟ وما ضابطها، أو حدها الذى تعرف به ؟ وفيمَ تكون ؟.
1 تعريف البدعة:
البدعة لغة: الاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، أى: مخترعهما من غير مثال سابق، ويقال: ابتدع فلان بدعة، يعني: ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق، وهذا أمر بديع، يقال، في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن.
ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة، فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع، وهيئتها هي البدعة، وقد يسمى العمل المعمول على ذلك الوجه بدعة.
فمن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة.
فالبدعة في الشرع: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه.
وهذا التعريف يشمل كل ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه.
فأما ما له أصل في الشرع يدل عليه، فليس بدعة شرعا، وإن سمي بدعة لغة،
———————–
البخاري، الاعتصام، فتح الباري 13/302.
فرخص لنا بعد ذلك، أن نتزوج بالثوب، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الَّهُ لَكُمْ})1.
وروى البخاري عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لاتكلم، فقال: ما لها لا تتكلم ، قالوا: حجت مصمتة، فقال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل هذا عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت: من أنت ؟، قال: امرؤ من المهاجرين 2.
ومن أمثلتها أيضا: اختراع عبادة ما أنزل الله بها من سلطان، كصلاة الظهر مثلا بركوعين في كل ركعة، أو الصلاة بغير طهارة، أو إنكار الاحتجاج بالسنة، أو تقديم العقل على النقل وجعله أصلاً والشرع تابع، ومثل القول بارتفاع التكاليف عند الوصول إلى مرحلة معينة من التجرد، مع بقاء العقل وشرط التكليف، فلا تجب عند ذلك طاعات، ولا تحرم محرمات، وإنما الأمر على حسب الهوى والرغبات، وإشباع الشهوات، كما يزعمه بعض زعماء الطرق الصوفية.
هذه نماذج من البدع الحقيقية التي يخترعها أصحابها من عند أنفسهم.
ب- البدعة الإضافية:
وأما البدعة الإضافية، فلها جانبان:
جانب مشروع: ولكن المبتدع يُدْخِل على هذا الجانب المشروع أمراً من عند نفسه فيخرجها عن أصل مشروعيتها بعمله هذا، وأكثر البدع المنتشرة عند الناس من هذا النوع.
ومن أمثلتها: الصوم، الذّكر، الطهارة، إسباغ الوضوء على المكاره، الصلاة، هذه عبادات مشروعة أمر بها الشارع وحث عليها، فلو جاء شخص فقال: أنا أصوم قائما لا أجلس، وفي الشمس لا استظل، أو قال: أنا أصوم الدهر فلا أفطر، أو في الذكر فقال: نحن نلتزم في الذكر بكيفيات وهيئات معينة، فنذكر
———————–
1 البخاري، التفسير، فتح الباري 8/276 ح 4615، طرفاه في 5071 ، 5075.
2 البخاري، مناقب الأنصار، فتح الباري 7/147 ح 3834.:a2:
منقول
بارك الله فيكم ..