التأمل يساعد على الشعور بالصفاء والهدوء مما يساعدنا على الاستمتاع لأقصى درجة بكل لحظة فى حياتنا.
متى شعرت آخر مرة بالسلام الداخلى وصفاء الذهن وحب اللحظة التى تعيشينها، كل هذه الأشياء معاً؟ ربما عندما كنت تجلسين على الشاطئ تشاهدين غروب الشمس وتشعرين بهدوء وتواصل مع الطبيعة، أو ربما وأنت مسافرة بالقطار وتشاهدين من النافذة الحقول الخضراء الجميلة وتسمعين الصوت المنتظم لماكينات القطار، أو ربما أثناء الصلاة وأنت تركزين فى معنى كل كلمة تقرئينها وتشعرين بهدوء وقرب من رب العالمين.
فى كل هذه المرات، أنت كنت فى لحظات تأمل. تقول دينا فخرى – مدرسة التأمل: “يهدأ ذهنك، تشعرين باسترخاء تام، وتكونين فى حالة من التفتح الذهنى واستقبال الأفكار بسهولة. هذه المشاعر قد تكون نادرة بالنسبة للكثير منا ممن تتسم حياتهم بالسرعة والضغوط والتشتت، لكن تقول دينا أننا عندما نجعل التأمل روتين فى حياتنا، يمكننا أن نتعلم كيف نسترخى ونستمتع بكل لحظة فى حياتنا.
البداية يمكن لأى شخص أن يتأمل. فقط اختارى مكاناً هادئاً ومريحاً فى بيتك، ربما كرسى مفضل عندك أو حتى وسادة على الأرض حيث يمكنك الجلوس مربعة الساقين، وحددى وقتاً معيناً للتأمل كل يوم. تنصح دينا بوقت الفجر أو عند استيقاظك حيث أنك ستكونين منتعشة وذهنك سيكون لا زال خالياً من أى أمور أخرى قد تشغله، وهذه كما تقول دينا حالة جيدة لكى تجلسى وتركزى. يمكنك التأمل أيضاً فى المساء قبل النوم بساعة حيث توضح دينا أنها طريقة جيدة لتنقية نفسك من كل ما مر بك خلال اليوم قبل أن تذهبى للنوم. لأن التأمل يعتبر نوع من الرياضة، تأكدى من الانتظار ساعتين على الأقل بعد آخر وجبة لك قبل البدء فيه.
ما هو التأمل؟ تقول دينا: “التأمل هو التركيز على شئ واحد ويمكن أن يكون أى شئ، أى شئ هام بالنسبة للشخص المتأمل وله تأثير كبير عليه.” الفكرة أنه عند التركيز على شئ واحد، يهدأ الذهن ويسترخى. (وهذا عكس ما يعيش أغلبنا بكم كبير من الأفكار المشتتة تتسابق داخل أذهاننا.) هناك العديد من الطرق للتأمل. يمكنك أن تبدئى بثلاث دقائق فقط فى اليوم ثم يمكنك زيادة هذا الوقت تدريجياً عندما تكونين مستعدة لذلك حتى تصلى إلى نصف ساعة يومياً. إليك بعض الطرق لتجربيها:
التأمل فى النَفَس من الطرق البسيطة فى التأمل هو التركيز على النَفَس. تقول دينا أن أغلب الناس يتنفسون بشكل سطحى، فهم يأخذون أنفاساً قصيرة فقط لا تعطى للجسم ما يكفيه من الأكسجين. توضح دينا أن التنفس السليم يعنى استنشاق الهواء ليدخل البطن حيث تتمدد البطن من هذا الهواء، وتقول: “إذا تنفسنا بشكل سليم، سنهدأ بشكل تلقائى ولن نعانى من التوتر.”
بالنسبة لهذا النوع من التأمل والأنواع التى تلى أيضاً، اجلسى على كرسى أو وسادة وظهرك مستقيم حيث أن هذا الوضع يساعد على التنفس السليم. أغمضى عينيك. تنفسى الهواء ببطء وعمق لتشعرى بأن صدرك وبطنك يتمددان بالهواء، ثم أخرجى النَفَس وأنت تحسين بأن الهواء يترك جسمك وصدرك. استمرى وأنت تركزين على تنفسك. استمرى فى ذلك مادمت تشعرين براحة. التنفس يمكن أن يكون فى حد ذاته نوع من التأمل أو قد يكون طريقة للاسترخاء قبل القيام بأحد طرق التأمل الآتية.
مشاهد من الطبيعة عندما تنظرين فى الأفق وتتأملين، سيهدأ ذهنك بسبب تركيزه على هذا المنظر الواحد. ويمكنك كذلك التأمل فى أى مشهد ترتاحين له، خاصةً عناصر الطبيعة مثل وردة أو نبات. اجلسى فى المكان الذى ستتأملين فيه، استرخى بعمل تمارين التنفس السابقة، ثم ركزى كل انتباهك على الشئ الذى اخترتيه.
كلمة معينة يمكنك أيضاً التركيز على كلمة معينة وتقومين بتكرارها طوال فترة التأمل. اجلسى فى مكانك المختار، ركزى على تنفسك لكى تسترخى، ثم ابدئى بقول الكلمة التى اخترتيها. يمكنك أن تختارى أى كلمة لها معنى عميق عندك، فيمكنك أن تقولى على سبيل المثال “الله”.
الخيال المبدع تستخدم كل الحواس فى هذا النوع من التأمل. أغمضى عينيك، وابدئى فى التنفس بعمق لكى تسترخى، ثم تخيلى مكان مفضل عندك فى الطبيعة مثل حديقة جميلة أو شاطئ على سبيل المثال. شاهدى، اشعرى، واسمعى المكان بكل تفاصيله مثل الرمل تحت قدميك، صوت الأمواج، …الخ. لا توجد هناك طريقة محددة لهذا النوع من التأمل. تقول دينا: “قد يرى البعض صورة معينة فى أذهانهم، بينما قد يشعر البعض بالأحاسيس التى يشعرون بها وهم فى هذا المكان.” الفكرة هى أنه بتركيز ذهنك على مشهد هادئ، ستشعرين بالراحة والاسترخاء. ليس بالضرورة أن تتخيلى نفس المكان فى كل جلسة تأمل. قد يختار ذهنك كل مرة صورة مختلفة. تقول دينا: “اطلقى لخيالك العنان.”
كيف يمكن أن يؤثر التأمل فى حياتك أياً كانت طريقة التأمل، غالباً ما ستجدين أفكاراً تمر بذهنك تشتتك. توضح دينا قائلة: “ذهنك ليس معتاداً على التأمل وسيحاول تحويل انتباهك.” ببساطة اتركى الأفكار تمر فى ذهنك ولكن لا تقفى عندها، وعودى برفق مرة أخرى إلى حالة التأمل. بمجرد دخولك حالة التأمل، سيسترخى ذهنك، ويتفتح، ويكون على استعداد لتقبل أى شئ. لهذا السبب، الأشخاص الذين يمارسون التأمل قد يجدون أفكاراً مبدعة تأتى إلى أذهانهم فجأة، أو حتى حلول لمشاكل.
تصف دينا التأمل بأنه حالة تحول، فتقول أن التأمل يمكن أن يكون أيضاً وسيلة للتخفيف من بعض المشاعر السلبية مثل العصبية، الاكتئاب، أو الحزن، وتوضح قائلة: “التأمل يجعلك تتصلين بنفسك وكأنك تفحصينها. عندما يكون ذهنك هادئاً، ستبدئين فى التعرف على نفسك، على مثلك العليا، مبادئك، أحلامك، وطموحاتك. ستجدين نفسك لأول مرة تتعرفين على ذاتك وتحبينها.” تقول دينا أنك سترين ليس فقط الجانب الطيب فى نفسك، لكن أيضاً الجانب الذى لا ترضين عنه وهو ما تسميه دينا “جانب الظل”. تشرح دينا أنه خلال جلسة التأمل أنت تنظرين إلى جانب الظل الخاص بك، تعترفين به، وتغيرينه شيئاً فشيئاً. إن مواجهة أنفسنا تتطلب صدق وشجاعة، لذا تنصح دينا قبل أن تبدئى فى ممارسة التأمل أن تكونى حقاً مستعدة.
التأمل ليس حلاً سريعاً لجميع مشاكلك، لكن كلما استمررت فى ممارسته، ستشعرين بتغير تدريجى. على سبيل المثال، قد تصبحين أهدأ، أكثر شعوراً بالراحة، أكثر قدرة على التعامل مع الناس، أو ببساطة ستستمتعين أكثر باللحظة. هذا لأنك عندما تتأملين بانتظام، سينسحب هذا الشعور الهادئ إلى حياتك اليومية. تخلص دينا قائلة: “سيستمر معك هذا الشعور خلال اليوم. نحن نحتاج إلى هذه المشاعر الهادئة فى حياتنا حتى نستطيع أن ننجز ونتصرف بشكل إيجابى يتسم بالحب والمودة.”