التصنيفات
منوعات

الحوض

ثانيًا: الحوض

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في «العقيدة الواسطية»( ).
«وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ، ماؤه أشد بياضًا من البن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر، وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا».اه.
وهذا الذي أجمله شيخ الإسلام ابن تيمية دلَّت عليه نصوص كثيرة بما يوجب الإيمان به إيمانًا قاطعًا.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: والأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيًا ( ).
وقد عُني بطرقها الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه «النهاية»( ).
واستوفى تخريج تلك الطرق وزيادة عليها الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري»( ) عن أكثر من خمسين صحابيًا، قال: «ولكثير من هؤلاء الصحابة في ذلك زيادة على الحديث الواحد، وأحاديثهم بعضها في مطلق ذكر الحوض، وفي صفته بعضُها، وفيمن يَرِدُ عليه بعضُها، وفيمن يدفع عنه بعضها».
كما عني بطرق أحاديث الحوض الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الرقاق من «صحيحه»، وبوَّب على ذلك بقوله: باب في الحوض، وقول الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1].
ونحن نورد هنا ما تيسر من تلك الأحاديث مع بعض الفوائد:
في «صحيح مسلم» عن أنس بن مالك قال: بينا رسول الله بين أظهرنا في المسجد إذا أغفى إغفاءةً ثم رفع رأسه متبسمًا، قلنا: ما أضحك يا رسول الله! قال: «لقد أنزلت عليَّ آنفًا سورة» فقرأ:
{بِسْمِ الَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [سورة الكوثر]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثر؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم في السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدث بعدك»( ).
والمعنى في هذا الحديث – كما ذكر شارح «الطحاوية» – أن نهر الكوثر – وهو ممتد من الجنة – يشخب – أي يسيل – منه ميزابان ليصبا في الحوض والذي هو في العرصات( ).
وفي «جامع الترمذي»( ) بسند حسن، عن أنس بن مالك قال: سألت رسول الله أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل إن شاء الله»، قلت: فأين أطلبك؟ قال: «أول ما تطلبني على الصراط»، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: «فاطلبني عند الميزان»، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطيء هذه الثلاثة مواطن».
قال القرطبي في «المفهم»( ) وكأنه لا يفارق أصحابه، ولا أمته في تلك الشدائد سعيًا في تخليصهم منها، وشفقة عليهم، جزاه الله خير ما جزى نبيًّا عن أمته ، ولا حال بيننا وبينه في تلك المواطن.
وفي «صحيح البخاري»( ) عن عبد الله بن عمرو، قال النبي : «حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من البن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدًا».
وفي رواية الإمام أحمد: «حوضي كما بين عدن وعَمَّان أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، أكوابه مثل نجوم السماء» الحديث صحه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وغيره( ).
وفي «صحيح مسلم»( ) عن أبي ذر الغفاري قال: قلت: يا رسول الله! ما آنية الحوض؟ قال: «والذي نفس محمد بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في اليلة المظلمة المصحية، آنيةُ الجنة، من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه، يشخب فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله، ما بين عمان إلى أيلة( )، وماؤها أشد بياضًا من البن، وأحلى من العسل».
وفي «صحيح البخاري» و «مسلم» والسياق له عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «تَرِدُ عليَّ أمتي الحوض وأنا أذُودُ الناس عنه، كما يذود الرجلُ إبلَ الرجلِ عن إبلهِ، قالوا: يا نبي الله! تعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيمًا ليست لأحدٍ غيركم، تردون غرًا محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم، فلا يصلون، فأقول: يا رب! هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك»( ).
قال شارح «الطحاوية»( ) الإمام ابن أبي العز الحنفي: «والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض: أنه حوضٌ عظيم، وموردٌ كريم، يُمَدُّ من شراب الجنة، من نهر الكوثر الذي هو أشد بياضًا من البن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه، وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر».اه.
وها هنا تنبيه إلى أن ما جاء من اختلاف الألفاظ في تقدير أبعاد الحوض هو اختلاف زماني راجع إلى نوع السير الذي قدر به الزمن هل هو سير سريع أم بطيء( ).
وبالنسبة لمكان الحوض من أرض الحساب يقول الحافظ القرطبي في «التذكرة»: «ولا يخطر بالك أو يذهب وهمك إلى أن الحوض يكون على وجه هذه الأرض، وإنما يكون وجوده في الأرض المبدلة على مساحة هذه الأقطار، أو في المواضع التي تكون بدلاً من هذه المواضع في هذه الأرض، وهي أرض بيضاء كالفضة، لم يسفك فيها دم، ولم يظلم على ظهرها أحد قط. كما تقدم، تطهر لنزول الجبار جل جلاله لفصل القضاء».اه( ).
وهل يكون الحوض قبل الصراط أم بعده؟
وهل هو قبل الميزان أم بعده؟
رجَّح القرطبي في «التذكرة» تبعًا لغيره، أن الحوض يكون قبل الميزان ثم الميزان ثم الصراط.
قال: والمعنى: يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشًا من قبورهم، فهم أحوج ما يكونون لري عطشهم.
واختار العلامة ابن القيم القول بأن الحوض قبل الصراط وبعده، وقال: إذا كان الحوض بهذا الطول والسعة، طوله شهر وعرضه شهر، فما الذي يحيل امتداده إلى وراء الجسر، فيرده المؤمنون قبل الصراط وبعده( ).
وها هنا مسألة أخرى هي:
هل لأحدٍ من الأنبياء غير نبينا حوض يوم القيامة؟
بيان ذلك فيما يلي:
روى الترمذي( ) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة، قال: قال رسول الله :
«إن لكل نبي حوضًا ترده أُمَّتُه، وإنهم ليتباهون: أيهم أكثر واردةً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة».
قال الترمذي: حديث غريب، وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي مرسلاً، ولم يذكر فيه عن سمرة، وهو أصح( ).
وقد مال الشيخ العلامة الألباني إلى تحسينه أو تصحيحه بمجموع طرقه في «السلسلة الصحيحة»( ).
وعلَّق الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري»( ) على هذا الحديث بقوله: «إن ثبت فالمختص بنبينا الكوثر الذي يصب من مائه في حوضه، فإنه لم ينقل نظيره لغيره، وقع الامتنان عليه به في السورة المذكورة».اه.
وفي ضوء ما تقدم: نأتي الآن إلى موضع العبرة والتفكر، وهو مَنْ منا يا ترى سيرد حوضه ، ومن سيذاد عنه؟!
أما الواردون لحوضه الشاربون منه فهم أتباعه أهل السُّنَّة والأثر المقتفون لهديه، هؤلاء هم أولى الناس بنيل تلك المنقبة العظيمة.
أما من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طردًا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم أو آذى نبي الله بسب زوجاته وصحابته كالخوارج على اختلاف فرقهم وتباين ضلالهم، وخاصة الروافض أعداء سُنَّة رسول الله ، وأعداء أبي بكر وعمر وعثمان، الروافض الذين غلوا في صهر رسول الله عليٍّ وأرضاه وأحدثوا ما ينكره هو عليهم – كفى الله المسلمين شرورهم ومكائدهم -، وهكذا المعتزلة، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله، وعموم جماعات الزيغ والفساد والأهواء والابتداع( ).
اللهم انظمنا في سلك أتباع نبيك، وارزقنا من حوضه شربة نروى ونسعد بها أبدًا.
واكتب اللهم ذلك لوالدينا وذرياتنا وإخواننا المسلمين.
وصلِّ اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد.

* * *

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في «العقيدة الواسطية»( ).
«وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ، ماؤه أشد بياضًا من البن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر، وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا».اه.
وهذا الذي أجمله شيخ الإسلام ابن تيمية دلَّت عليه نصوص كثيرة بما يوجب الإيمان به إيمانًا قاطعًا.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: والأحاديث الواردة في ذكر الحوض تبلغ حد التواتر، رواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيًا ( ).
وقد عُني بطرقها الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه «النهاية»( ).
واستوفى تخريج تلك الطرق وزيادة عليها الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري»( ) عن أكثر من خمسين صحابيًا، قال: «ولكثير من هؤلاء الصحابة في ذلك زيادة على الحديث الواحد، وأحاديثهم بعضها في مطلق ذكر الحوض، وفي صفته بعضُها، وفيمن يَرِدُ عليه بعضُها، وفيمن يدفع عنه بعضها».
كما عني بطرق أحاديث الحوض الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الرقاق من «صحيحه»، وبوَّب على ذلك بقوله: باب في الحوض، وقول الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1].
ونحن نورد هنا ما تيسر من تلك الأحاديث مع بعض الفوائد:
في «صحيح مسلم» عن أنس بن مالك قال: بينا رسول الله بين أظهرنا في المسجد إذا أغفى إغفاءةً ثم رفع رأسه متبسمًا، قلنا: ما أضحك يا رسول الله! قال: «لقد أنزلت عليَّ آنفًا سورة» فقرأ:
{بِسْمِ الَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [سورة الكوثر]، ثم قال: «أتدرون ما الكوثر؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم في السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدث بعدك»( ).
والمعنى في هذا الحديث – كما ذكر شارح «الطحاوية» – أن نهر الكوثر – وهو ممتد من الجنة – يشخب – أي يسيل – منه ميزابان ليصبا في الحوض والذي هو في العرصات( ).
وفي «جامع الترمذي»( ) بسند حسن، عن أنس بن مالك قال: سألت رسول الله أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل إن شاء الله»، قلت: فأين أطلبك؟ قال: «أول ما تطلبني على الصراط»، قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: «فاطلبني عند الميزان»، قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: «فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطيء هذه الثلاثة مواطن».
قال القرطبي في «المفهم»( ) وكأنه لا يفارق أصحابه، ولا أمته في تلك الشدائد سعيًا في تخليصهم منها، وشفقة عليهم، جزاه الله خير ما جزى نبيًّا عن أمته ، ولا حال بيننا وبينه في تلك المواطن.
وفي «صحيح البخاري»( ) عن عبد الله بن عمرو، قال النبي : «حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من البن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدًا».
وفي رواية الإمام أحمد: «حوضي كما بين عدن وعَمَّان أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، أكوابه مثل نجوم السماء» الحديث صحه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وغيره( ).
وفي «صحيح مسلم»( ) عن أبي ذر الغفاري قال: قلت: يا رسول الله! ما آنية الحوض؟ قال: «والذي نفس محمد بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في اليلة المظلمة المصحية، آنيةُ الجنة، من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه، يشخب فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله، ما بين عمان إلى أيلة( )، وماؤها أشد بياضًا من البن، وأحلى من العسل».
وفي «صحيح البخاري» و «مسلم» والسياق له عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «تَرِدُ عليَّ أمتي الحوض وأنا أذُودُ الناس عنه، كما يذود الرجلُ إبلَ الرجلِ عن إبلهِ، قالوا: يا نبي الله! تعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيمًا ليست لأحدٍ غيركم، تردون غرًا محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم، فلا يصلون، فأقول: يا رب! هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك»( ).
قال شارح «الطحاوية»( ) الإمام ابن أبي العز الحنفي: «والذي يتلخص من الأحاديث الواردة في صفة الحوض: أنه حوضٌ عظيم، وموردٌ كريم، يُمَدُّ من شراب الجنة، من نهر الكوثر الذي هو أشد بياضًا من البن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحًا من المسك، وهو في غاية الاتساع، عرضه، وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر».اه.
وها هنا تنبيه إلى أن ما جاء من اختلاف الألفاظ في تقدير أبعاد الحوض هو اختلاف زماني راجع إلى نوع السير الذي قدر به الزمن هل هو سير سريع أم بطيء( ).
وبالنسبة لمكان الحوض من أرض الحساب يقول الحافظ القرطبي في «التذكرة»: «ولا يخطر بالك أو يذهب وهمك إلى أن الحوض يكون على وجه هذه الأرض، وإنما يكون وجوده في الأرض المبدلة على مساحة هذه الأقطار، أو في المواضع التي تكون بدلاً من هذه المواضع في هذه الأرض، وهي أرض بيضاء كالفضة، لم يسفك فيها دم، ولم يظلم على ظهرها أحد قط. كما تقدم، تطهر لنزول الجبار جل جلاله لفصل القضاء».اه( ).
وهل يكون الحوض قبل الصراط أم بعده؟
وهل هو قبل الميزان أم بعده؟
رجَّح القرطبي في «التذكرة» تبعًا لغيره، أن الحوض يكون قبل الميزان ثم الميزان ثم الصراط.
قال: والمعنى: يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشًا من قبورهم، فهم أحوج ما يكونون لري عطشهم.
واختار العلامة ابن القيم القول بأن الحوض قبل الصراط وبعده، وقال: إذا كان الحوض بهذا الطول والسعة، طوله شهر وعرضه شهر، فما الذي يحيل امتداده إلى وراء الجسر، فيرده المؤمنون قبل الصراط وبعده( ).
وها هنا مسألة أخرى هي:
هل لأحدٍ من الأنبياء غير نبينا حوض يوم القيامة؟
بيان ذلك فيما يلي:
روى الترمذي( ) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة، قال: قال رسول الله :
«إن لكل نبي حوضًا ترده أُمَّتُه، وإنهم ليتباهون: أيهم أكثر واردةً، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة».
قال الترمذي: حديث غريب، وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي مرسلاً، ولم يذكر فيه عن سمرة، وهو أصح( ).
وقد مال الشيخ العلامة الألباني إلى تحسينه أو تصحيحه بمجموع طرقه في «السلسلة الصحيحة»( ).
وعلَّق الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري»( ) على هذا الحديث بقوله: «إن ثبت فالمختص بنبينا الكوثر الذي يصب من مائه في حوضه، فإنه لم ينقل نظيره لغيره، وقع الامتنان عليه به في السورة المذكورة».اه.
وفي ضوء ما تقدم: نأتي الآن إلى موضع العبرة والتفكر، وهو مَنْ منا يا ترى سيرد حوضه ، ومن سيذاد عنه؟!
أما الواردون لحوضه الشاربون منه فهم أتباعه أهل السُّنَّة والأثر المقتفون لهديه، هؤلاء هم أولى الناس بنيل تلك المنقبة العظيمة.
أما من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طردًا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم أو آذى نبي الله بسب زوجاته وصحابته كالخوارج على اختلاف فرقهم وتباين ضلالهم، وخاصة الروافض أعداء سُنَّة رسول الله ، وأعداء أبي بكر وعمر وعثمان، الروافض الذين غلوا في صهر رسول الله عليٍّ وأرضاه وأحدثوا ما ينكره هو عليهم – كفى الله المسلمين شرورهم ومكائدهم -، وهكذا المعتزلة، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله، وعموم جماعات الزيغ والفساد والأهواء والابتداع( ).
اللهم انظمنا في سلك أتباع نبيك، وارزقنا من حوضه شربة نروى ونسعد بها أبدًا.
واكتب اللهم ذلك لوالدينا وذرياتنا وإخواننا المسلمين.
وصلِّ اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد.

* * *




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.