التصنيفات
منتدى اسلامي

الدنيا مقبلة ومدبرة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله جل وعلا،في وصف الدنيا(إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار)غافر،وحذر سبحانه،من فتنة الأموال والأولاد،فقال تعالى(واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم)الأنفال،ونهى جل وعلا عن النظر إلى ما في أيدي الناس(ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم

زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه)طه،وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم،نظرته إلى الدنيا بقوله(مالي وللدنيا،إنما مثلي ومثل الدنيا،كمثل راكب قال في ظل شجرة، ثم راح وتركها)رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه الألباني،ولكثرة مشاغل الدنيا وأعمال الحياة حث عليه الصلاة والسلام،على

الاستعداد ليوم الرحيل والتزود للدار الآخرة،فقال(كن في الدنيا،كأنك غريب أو عابر سبيل)رواه البخاري،ومن رأى تهافت الناس على الدنيا وانكبابهم على جمع حطامها من حلال وحرام، تذكر قوله صلى الله عليه وسلم(إذا رأيت الله،عز وجل،يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج)رواه

أحمد والبيهقي،ومن تعلق بالدنيا الزائفة،وجرى في اللهث وراء المادة، فإن ذلك ربما يصرفه عن الطاعة، والعبادة، وعن تأدية الواجبات في وقتها،قال صلى الله عليه وسلم(اقتربت الساعة،ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً،ولا يزدادون من الله إلا بعداً) رواه الحاكم،أما جمع الدنيا بحلال وصرفه في حلال

فهذه،عبادة يتقرب بها إلى الله جل وعلا،أما إذا كانت من حرام، أو وضعت في حرام،فبئست الزاد إلى النار،قال عون بن عبد الله،الدنيا والآخرة في القلب،ككفتي الميزان،ما ترجح أحدهما تخف الأخرى،وقيل للحسن،يا أبا سعيد،من أشد الناس صراخاً يوم القيامة،فقال،رجل رزق نعمة؛ فاستعان بها على

معصية الله،ولا شك أن من استعان على الدنيا بالطاعة،فإنه في خير عظيم،يتصدق،وينفق، ويساهم في نشر العلم وبناء المساجد،وهذه نعمة من الله له أن وجهه لاستعمال هذا المال فيما ينفعه في آخرته،والدنيا مقبلة ومدبرة،فمن غنى إلى فقر،ومن فرح إلى ترح، لا تبقى على حال، ولا تستمر على منوال،فهذه

سنة الله في خلقه،والناس يجرون خلف سراب،سنوات معدودة وأيام معلومة،ثم تنقضي،قال عمر بن الخطاب، الزهد في الدنيا،راحة القلب والبدن،وقال الحسن،أدركت أقوامًا لا يفرحون بشيء من الدنيا أتوه،ولا يأسفون على شيء منها فاتهم،وقال الإمام أحمد،الزهد في الدنيا،قصر الأمل،والمؤمن لا ينبغي له

أن يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً فيطمئن فيها،ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه فيها على جناح سفر،ذكر ذلك يحيى بن معاذ فقال،كيف لا أحب دنيا، قدر لي فيها قوت،أكتسب به حياة، أدرك بها طاعة،أنال بها الجنة،هذا هو من يغبط في هذه الدنيا،لا أصحاب الدور والقصور،المفرطون في العبادات،والمضيعون للطاعات،وقال عبد الله بن عمر، إن الدنيا،جنة

الكافر وسجن المؤمن،وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه،كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه، فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها،إن سهام الموت صوبت إليكم، فانظروها،وحبالة الأمل قد نصبت بين أيديكم، فاحذروها،وفتن الدنيا قد

حاطت بكم من كل جانب،فاتقوها،ولا تغتروا بما أنتم فيه من حسن الحال، فإنه إلى زوال،ومقيمة إلى ارتحال،وممتدة إلى تقلص واضمحلال،فمن تفكر في عواقب الدنيا أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر،عن أنس بن عياض

قال،رأيت صفوان بن سليم،ولو قيل له،غداً القيامة ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة،عجبت لحالنا،الدنيا مولية عنا، والآخرة مقبلة علينا،ونشتغل بالمدبرة،ونعرض عن المقبلة،كأننا لن نصل إليها،ولن نحط رحالنا فيها،

والناس تتصارع وتتكالب على هذه الدنيا،يفقد البعض دينه،وينسى الكثير أبناءه،انتشرت الأحقاد،وزرعت الضغائن،وعمت البغضاء،لنرى كيف نظر الفضيل إلى هذه الدنيا

بقوله،لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدينا،قال بلال بن سعد،ليذكرنا بمآلنا ومصيرنا،يا أهل التقى،إنكم لم تخلقوا للفناء، وإنما تنقلون من دار إلى دار،كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام، ومن الأرحام إلى الدنيا،ومن الدنيا إلى

القبور،ومن القبور إلى الموقف،ومن الموقف إلى الخلود في جنة أو نار،ولذلك قال الحسن،إياكم وما شغل من الدنيا،فإن الدنيا كثيرة الاشتغال،لا يفتح رجل على نفسه باب شغل، إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب،وقال ابن

السماك،من جرعته الدنيا حلاوتها لميله إليها، جرعته الآخرة مرارتها لتجافيه عنها




جزاك الله الخير



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.