:7_1_112[1]:
، يُبدي انزعاجه الشديد منها، إلا أن ما يغيب عن ذهنه هو حقيقة علمية بسيطة، مفادها أن في أنفه، وفي الجيوب الأنفية المُلحقة به، عدداً من الغدد التي تُفرز بشكل متواصل سوائل مخاطية، والتي تُعادل كميتها اليومية ما بين ربع إلى نصف غالون يومياً
. أي ما بين حوالي لتر إلى لترين، تقريباً.
هذه هي الكمية الطبيعية لإفرازات ما يتكون في أنف أحدنا، بطريقة وكمية لا نشعر بها البتة. والسبب أن أنفنا، قادر على الاستفادة من كمية الإفرازات المخاطية الصحية هذه، دون أن تكون سبباً في إزعاجنا، ودون خروجها بشكل غير طبيعي عبر فتحات أنفنا الخارجية.
:frasha18:
والسؤال لماذا يتم إنتاج هذه الكمية الكبيرة من الإفرازات الطبيعية في الأنف؟ وما الذي يدفعها للخروج بشكل غير طبيعي من الأنف، وبطريقة تزعجنا؟
سوائل مخاطية طبيعية
الأنف هو البوابة الطبيعية الوحيدة التي من خلالها يدخل الهواء إلى الرئتين. وهو المخرج الطبيعي الوحيد لمغادر تلك الكمية من الهواء للرئتين. والرئة تحتاج إلى الهواء كي تستخلص منه الأوكسجين، اللازم لحياة كل خلايا الجسم، ولكي ترمي فيه ما تراكم في الجسم من ثاني أوكسيد الكربون. ولذا فإننا نتنفس، شهيقاً وزفيراً، بشكل متتابع، ما بين 12 إلى 18 مرة في الدقيقة الواحدة.
وتتم عملية تبادل الغازات هذه عبر جدران الحويصلات الهوائية في داخل الرئة. وجدران الحويصلات الهوائية عبارة عن طبقة رقيقة من الخلايا التي تفصل ما بين الهواء القادم مع الشهيق وبين الدم في الشعيرات الدموية.
ولكي تتم عملية تبادل الغازات بسهوله، يجب توفر عدد كاف من الحويصلات الهوائية السليمة البنية والشكل، ويجب أن تكون تلك الحويصلات الهوائية خالية ونظيفة، كما يجب أن تكون جدرانها رطبة مبللة بطبقة رقيقة جداً من الماء. وبتوفر هذه العناصر، يسهل انتقال الأوكسجين من الهواء إلى الدم، كما يسهل انتقال ثاني أكسيد الكربون من الدم إلى الهواء.
الإشكالية هي في الهواء الخارجي. الذي ليس بالضرورة نظيفاً ونقياً من الشوائب، والذي ليس بالضرورة أيضاً رطباً بما يكفي. وهنا يأتي دور الأنف، وتراكيبه وإفرازاته المخاطية، في تنقية الهواء وترطيبه. ولذا لا نعجب أن كمية ما يتم إنتاجه يومياً من السوائل المخاطية للأنف، يفوق اللتر الواحد.
وما يحصل هو أن تلك الإفرازات المخاطية تجري في الجيوب الأنفية وفي تراكيب داخل الأنف كي يترطب الهواء وينقى من الشوائب، وكذلك لكي تترطب تراكيب الأنف والجيوب الأنفية وتنقى هي الأخرى من الشوائب التي قد تتجمع فيها. ولكي يتم تطهير الأنف، والجيوب الأنفية، من الفيروسات والبكتيريا.
أسباب سيلان الأنف
من الطبيعي أن يُعاني أحدنا من سيلان في الأنف عند تعرضه لمتغيرات في البيئة أو في الحالة النفسية، مثل التعرض للهواء البارد، أو لمواد شديدة الإثارة للأنف، أو لدخان السجائر أو الحرائق، أو تناول أطعمة تحتوي على البهارات الحارة، أو شم أنواع من المنتجات الغذائية كالبصل، أو عند حصول تغيرات في هرمونات التوتر والإثارة، أو دخول جسم غريب في أحد جانبي الأنف. كما أن البكاء أو حالات زيادة إفراز الدمع، قد يبدو كزيادة في جريان السوائل عبر الأنف.
إلا أن ثمة أسباباً مرضية لحصول سيلان الأنف. ويغلب علي الأسباب تلك طابع حصول التهابات في أنسجة بطانة الأنف أو الجيوب الأنفية، مثل الالتهابات الميكروبية للأنف أو الجيوب الأنفية أو الجزء العلوي من الجهاز التنفسي. أو مثل حالات الحساسية في الأنف. أو وجود ورم في أغشية الأنف Nasal polyps أو تضخم الزوائد الأنفية adenoids، أو تعرض الأنف لإصابات الحوادث، أو كأحد الآثار الجانبية …لإصابات الحوادث، أو كأحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية، أو غيرها من الأسباب.
معالجات منزلية
تنظيف الأنف، عبر استنثار ما به للخارج، أو الشفط الذاتي الخفيف، ربماهو كل ما يلزم لحالات سيلان الأنف العادية. وللتخفيف من خروج إفرازات ثخينة ولزجة، من المفيد الحرص على الإكثار من شرب السوائل، لتعويض ما يفقده الجسم منها آنذاك ولتسهيل إفراز سوائل خفيفة القوام. وكذلك استخدام مرطبات الهواء المنزلي، خاصة في المناطق الجافة. واستخدام غسول للأنف ببخاخ من الماء المملح.
ويتناول البعض أدوية مضادة للهيستامين antihistamine لمعالجة الحالة. وهي مفيدة إذا ما تم تناولها تحت الإشراف الطبي، ولمدة محددة، لمعالجة حالات الحساسية والاحتقان، المتسببة بسيلان الأنف. وتقول الإدارة الأميركية لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في إصدارتها الخاصة بحالات سيلان الأنف لدى الأطفال أن من المُفيد للطفل ترطيب أنفه وترطيب غرفته.
وأفضل ما يُمكن فعله للطفل هو الانتظار ومراقبته عن كثب. وذلك لتبين مدى ظهور أعراض مثل السعال أو ارتفاع حرارة الجسم أو الصداع أو ألم العضلات. وبالتالي عرض الأمر على الطبيب. مع تذكر أن البدء بإعطاء الطفل مضاداً حيوياً ربما ليس هو الحل الأفضل، إلا إذا كان رأي الطبيب النصح بذلك لمعالجة التهابات مصاحبة في الجيوب الأنفية أو الأذن.
إفرازات صفراء أو خضراء
يعتقد البعض أن خروج إفرازات أنفية صفراء أو خضراء اللون، سببه الوحيد وجود التهاب بكتيري في الأنف، وهذا غير صحيح. لأن مجرد خروج إفرازات صفراء أو خضراء اللون، وغير مصحوبة بارتفاع حرارة الجسم أو ألم في الجيوب الأنفية، لا يعني بالضرورة وجود التهاب بكتيري يتطلب تناول مضاد حيوي.
ومن غير الصحيح أن ألوان الإفرازات الأنفية دليل على نوعية مسبباتها. وأفضل الأمثلة لذلك هو ما يحصل من تغيير لون الإفرازات الأنفية في حالات نزلات البرد الفيروسية. وما يحصل فيها، كما تقول نشرات الإدارة الأميركية لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، هو بدأ خروج إفرازات شفافة اللون عند الإصابة بنزلة البرد الفيروسية، كوسيلة حماية لغسل الأنف وتراكيبه من تلك الفيروسات المتسببة بالنزلة.
وبعد بضعة أيام، يتحول لون الإفرازات الشفافة إلى اللون الأبيض أو الأصفر، كنتيجة لدخول خلايا جهاز مناعة الجسم في محاولات القضاء على تجمعات الفيروسات تلك. ومع عودة نمو وتكاثر البكتيريا الطبيعية في الأنف، يبدأ تغير لون الإفرازات نحو اللون الأخضر، نظراً لوجود تلك البكتيريا في تلك الإفرازات.
وعليه فإن من الطبيعي في حالات نزلات البرد الفيروسية أن تظهر إفرازات صفراء أو خضراء، دونما أن تكون علامة على وجود التهاب بكتيري في الأنف أو الجيوب الأنفية، وبالتالي دونما حاجة وضرورة لتناول مضاد حيوي.
تداعيات محتملة لسيلان الأنف
حينما تكون أنسجة بطانة الأنف سليمة، وتكون أيضاً أنسجة بطانة الجيوب الأنفية سليمة، وخاصة فتحات الجيوب الأنفية، وحينما لا تُوجد عمليات التهابات في أي منهما، فإن الدورة الطبيعية لإنتاج تلك السوائل المخاطية وللتخلص منها، تتم دون أن نشعر.
أما في الحالات غير الطبيعية لتلك الأنسجة، فإن الإنتاج الطبيعي والدورة الطبيعية للتعامل مع تلك الإفرازات، تضطرب. وبالتالي، تظهر عدة تبعات لتلك الحالة، منها:
– المعاناة من سيلان للإفرازات المخاطية عبر فتحة الأنف، ما يُزعجنا في محاولاتنا تنظيف الأنف منها.
– المعاناة من ترشيح وتسريب تلك السوائل المخاطية إلى الحلق عبر خلفية الأنف postnasal drip ، ما يُؤدي إلى تكرار السعال وغيره من الأعراض في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، وخاصة بالليل.
– حصول سد لمجرى قناة اوستاكي، الواقعة ما بين الأنف والأذن، ما يُؤدي إلى حصول التهاب وألم في الأذن.
– حصول سد لفتحات الجيوب الأنفية، ما يُؤدي إلى احتقانها بالسوائل المخاطية، وإلى التهابها بالميكروبات.
سيلان الأنف.. ومراجعة الطبيب سيلان الأنف شيء مزعج فقط في غالب الأحوال. إلا أنه قد يكون علامة على وجود مشكلة صحية تتطلب معالجة الطبيب. وعلامات ذلك:
– استمرار الشكوى من سيلان الأنف لمدة تزيد عن أسبوعين.
– وجود واستمرار ارتفاع حرارة الجسم، مع سيلان الأنف، لأكثر من بضعة أيام.
– خروج إفراز أنفي أخضر اللون، مصحوباً بألم في بعض مناطق الوجه، مع ارتفاع في حرارة الجسم.
– خروج إفراز ذا رائحة كريهة من أحد فتحي الأنف، …من أحد فتحي الأنف، خاصة لدى الأطفال.
– خروج إفراز أنفي شفاف اللون، أو مع دم، بعيد إصابة الرأس في الحوادث.
– وجود سيلان في الأنف لدى منْ يُعانون من الربو أو انتفاخ الرئة أو منْ يتناولون أدوية لخفض مناعة الجسم.
:grin::11_1_207[1]: