ان مفهوم الرضا الوظيفي من الموضوعات التي نالت اهتمام الباحثين، وحظي بدراسات عديدة ، لانه بشكل احد الاسباب او الدوافع المهمة للاداء الوظيفي المتميز ، وان عدم الرضا قد يؤدي فضلا عن انخفاض الانتاج الى بعض الاضطرابات او المشكلات النفسية ، وقد يتأثر الرضا الوظيفي بعاملين اساسين هما : الفرد نفسه ، والبيئة المحيطة به ، فالفرد نفسه من خلال شعوره بتقويم الاخرين له وعلاقاته واستجاباته لمتطلبات العمل ، اما البيئة فتشمل العوامل الخارجية التي تقع في بيئة الموظف ويمكن ان تؤثر فيه وتؤدي به الى الاستجابة من نمط معين ، وعليه فان الفرد بخصائصه النفسية ، والبيئية بمتغيراتها، عاملان متفاعلان في تشكيل مستوى الرضا الوظيفي أو درجته ( عوض ، 1988 ، ص 110 ـ 111 ) .
في حين هناك اتجاه اخر يقول ان الرضا الوظيفي وعدم الرضا الوظيفي يتشكل من خلال التفاعل بين العناصر المتصلة بالعمل نفسه (Instrinsic Elements) والعناصر الخارجية التي تتعلق بالعمل (Extrinsic Elements) وتشمل العناصر المتصلة بالعمل الدافعية والمهارة والمعرفة ونوع العمل والمسؤولية ، بينما تشمل العناصر الخارجية الاجور والعلاقات الانسانية والاشراف والاجراءات الادارية وظروف العمل(Steers and Porter , 1983 , p . 484 )
واشار " فيرات ، 1981 " Ferrat من خلال استعراضه لعدد كبير من الرسائل الجامعية والمقالات التي نُشرت في الرضا الوظيفي ، الى ان هناك نوعين من المؤثرات في الرضا الوظيفي ، هما الظروف والاحداث التي تشمل مقدار العمل المطلوب والانشطة التي يتضمنها والاجر ، والعوامل التي تشمل الزملاء والمشرفين والعملاء (Ferrat , 1981 , p 99 ) .
ويكاد يتفق الكثير من الباحثين على ان العوامل المهمة التي تؤثر في الرضا الوظيفي هي عوامل ذاتية وتشمل قدرات العاملين ومهاراتهم وخبراتهم ودافعيتهم ، وعوامل تنظيمية مثل اشباع الحاجات والعلاقة بالرؤساء والزملاء وطبيعة النظام ، وعوامل بيئية مثل البيئة التي تقع فيها المؤسسة البيئة التي ينتمي اليها الفرد ، وطبيعة الثقافة السائدة ( عبد الخالق ، 982 ، ص 22 ـ 37 ) ؛ (Weiss, etal , 1987 , p . 88) .
ولقد تعددت الاتجاهات التي حاولت تفسير الرضا الوظيفي ، فهناك اتجاه العلاقات الانسانية الذي يفترض ان الرضا الوظيفي هو المحرك الرئيس للدافعية ، وهناك المدخل القائم على نتائج النظريات السلوكية ، الذي يفترض ان الدافعية تتاثر بالخبرات السابقة للثواب والعقاب ، وهناك مدخلاً ثالثاً هو وليد دراسات علم النفس المعرفي الذي يفترض ان الدافعية هي نتاج تفاعل متغيرات وعمليات نفسية كامنة في داخل الفرد (Weiss, etal , 1984 , p 310) ، اذ يرى الاتجاه الانساني ان شعور الفرد بالسعادة وبأشباع حاجاته في العمل يؤديان الى الشعور بالرضا الوظيفي ، وقد قدم ماسلو (Maslow) توضيحا للحاجات الانسانية وتدرجها في الاشباع ، واكد ان الفرد اذا شعر باشباع هذه الحاجات في وظيفته ، فانه بشعر بالرضا عنها (Maslow, 1970 , p , 28 -29 ) ، في حين يؤكد الاتجاه السلوكي ان الرضا الوظيفي يتأثر بالخبرات السابقة للثواب والعقاب في استجاباته لمتطلبات العمل ، اذ كلما حصل على ثواب سواء مادي او معنوي كلما ارتفع مستوى الرضا الوظيفي عنده ، وكلما حصل على عقاب ادى الى انخفاض هذا المستوى ، اما الاتجاه المعرفي فيؤكد اهمية ادراك الفرد للعوامل المؤثر في العمل ، وكلما كانت هذه المدركات ايجابية كلما ساهمت في الرضا الوظيفي في حين اذا كانت سلبية ادت الى انخفاض الرضا الوظيفي (William , 1965 , p 311 – 312) .
ومما تقدم يبدو ان هناك عوامل عديدة تؤثر في الرضا الوظيفي ، يمكن تقسيمها على عوامل شخصية وعوامل مهنية ، فعوامل الشخصية تشمل الصفات الجسمية والصحية والقدرات والاستعدادات والسمات الوجدانية او الانفعالية للفرد والرغبة في العمل ، حيث ان أي مهنة تتطلب في الفرد ان يمتهنها صفات خاصة ، تؤهله لاداء متطلباتها (بدر،1980 ، ص88) ( عوض،1988، ص17ـ23) ( ابو النيل ومصطفى ، 1985 ، ص 522 ) .
اما العوامل المهنية فتشمل ظروف العمل وطبيعته من حيث الجهد الذي يبذله الفرد فيه ، وعدد ساعاته والاجازات وطبيعة العمل ان كان حيويا او رتيبا ، وتشمل ايضا فرص الترقي والتقدم في العمل ومكانة المهنة وعلاقتة برؤسائه وزملائه ( نشواتي ، 1985 ، ص 268 ) (مرسي ، 1984 ، ص 254 ـ 255 ) (عوض ،1988 ، ص 11 ـ 14 ) (ارجايل ، 1993 ، ص 46 ، 57 ) .
من خلال ما تقدم ان الرضا الوظيفي يتأثر بمقدار اشباع الحاجات كما جاء به الاتجاه الانساني ، وبمقدار ما يحصل عليه الفرد في وظيفته من ثواب وعقاب كما جاء في الاتجاه السلوكي ، وبمستوى وطبيعة ادراكه لمهنته ومتطلباتها وما ينعكس ذلك على حالته النفسية كما جاء به الاتجاه المعرفي ،
د.علي حسين هاشم
جامعة القادسية
بانتظار جديدك
تقبلى مرورى
كوكب الشرق
جزاك الله خيرا
بانتظار جديدك تقبلى مرورى كوكب الشرق |
شكرا لمرورك اختي