إعلم أنّ الأرض كانت شَمساً في بدء تكوينها وهي جرم ملتهب تنبعث منها غازات تملأفضاءها ، ولَمّا انتهت حياتها برد وجهُها فاستحالت أرضاً ، ثمّ انفجرت فصارت تسعقطع وأخذت تدور حول شمسٍ جديدة. وليس المراد هما البحث عن الأرض بل البحث عنالسماوات الغازيّة وسنشرح فيما بعد عن تكوين الأرض على التفصيل ، فإذا عرفتَ أنّالأرضَ كانت ملتهبة علمتَ أنّ كلّ جرمٍ ملتهب يخرج منه سنان ودخان أي غازات ، ولاتزال الغازات تنبعث من الأرض حتّى يومِنا
هذا وأكثر خروجِها يكونُ من البراكينوآبار النفط ، وتخرج أيضاً من الينابيع مع المياه المعدنيّة ، وإليك ما جاء في بعضالصحف عن الغازات :
" الغاز الطبيعي : يُقدَّر الغاز المنبعث من مدينة (فندلي) بولاية (أوهايو) من أمريكا في كلّ بوم ستّون مليون من الأقدام المكعّبة ، ومن غيرهامن المدن المجاورة أربعون مليون ، وأكثر هذا الغاز يستخدم في الأعمال النافعة بدلالوقود ، وحالَما شاع أمر الغاز الطبيعي أخذ الناس يتفلسفون في أصله وما يؤول إليهاستخراجه من الأرض ، فقال بعضهم : إنّ الأرض مجوّفة وجوفها مملوء بِهذا الغاز وهوعلّة تعليقها في الجو، فاستخراجه منها شديد الخطر لأنّها إذا فرغت منه تصدّعتوتحطّمت وقعت من مكانِها في السماء ." انتهى .
[ المعلّق –
الإنتاجالعالمي الكلّي للغاز الطبيعي
"بلغ الإنتاج العالمي الكلّي سنة 2000 ( 3 ,2422) بليون متر مكعّب . وبلغ نمو الإنتاج 4.3% بزيادة ملموسة عن المعدّلات السنويةلسنوات 1990-2000 "
وظلّالإنتاج العالمي الكلّي ينمو بزيادةٍ مضطردة سنةً بعد أخرى ؛ في سنة 2022 بلغ 2779.8 بليون متر مكعّب ."
"ويتوقّعأن يزداد الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي في السنوات القادمة نتيجة الاستكشافاتالجديدة والمشاريع التوسعية توقعاً للحاجت المستقبلية المتنامية ."
" ويتوقّعازدياد استهلاك الغاز الطبيعي في عموم العالم من 100 تريليون قدم مكعب في 2022 إلى 163 تريليون قدم مكعب في 2030 ."
انتهى ]
فالسماوات الغازيّة منشؤها من الأرض وهي تملأ فضاءها وكذلك الكواكب السيّارةكلٌّ منها له سبع طبقات غازيّة ، قال الله تعالى في سورة الطلاق {اللَّهُ الَّذِيخَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُبَيْنَهُنَّ} والمعنى : الله الذي خلق سبع طبقات أثيريّة في قديم الزمان ثمّ خلقالأرض وخلق من الأرض سبع طبقات غازيّة .
والطبقات الغازيّة هي الزرقة التي نراهافي السماء ، وأمّا الطبقات الأثيريّة فلا نراها لأنّ الأثير لا تراه المخلوقاتالمادّية ولكن تراه المخلوقات الروحانية .
فمنشأ السماوات الغازيّة من الأرضوذلك لَمّا كانت شمساً ملتهبة وكان خروج الغازات منها على هيئة دخان إلاّ أنّه خليطمن سبعة غازات ، ومن المعلوم أنّ الغازات منها الثقيل والخفيف فأخذت تنفصل بعضها عنالبعض ، لأنّ الثقيل ينزل إلى أسفل والخفيف يرتفع إلى أعلى فصارت سبع طبقات ،فالطبقة الأولى هي غاز الأوزون وتبعد عنّا بمسافة 25 ميلاً [راجع كتاب (الكيمياء منخلال أنبوبة اختبار) تأليف هارن ، الفصل الثالث صحيفة 30 ] ثمّ تليها طبقات منغازات أخرى كثاني أوكسيد الكبريت والهيدروجين والهليوم وغير ذلك من الغازات الخفيفة، وهذا على التقدير ولا يمكننا معرفة تلك الغازات على الصحة حيث أنّنا على الأرضوالغازات في السماء .
والدليل على أنّ السماء غازيّة قوله تعالى في سورة السجدةأو فصلت {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَاوَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوكَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءأَمْرَهَا إلخ } فقوله تعالى {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} يعني سماء الأرض {وَهِيَ دُخَانٌ} يعني الدخان الذي خرج من الأرض وهو خليطٌ من سبعة غازات {فَقَالَلَهَا} أي للسماء {وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا} إلى قوّة الجاذبية {طَوْعًا أَوكَرْهًاقَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ} أي فصلهنّ وجعلهنّ {سَبْعَسَمَاوَاتٍ} يعني فصل ذلك الدخان وجزّأه حتّى صار منه سبع طبقات {فِي يَوْمَيْنِ} أي في مدّة ألفَي سنة من سنيّ الدنيا ؛ لأنّ اليوم الواحد من أيّام الآخرة مقابلألف سنة من سنيِّنا كقوله تعالى في سورة الحج {وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَكَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}.
وقال تعالى في سورة البقرة {هُو الَّذِيخَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءفَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُو بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي سوّاهنّ سبعطبقات غازيّة بعد أن كانت طبقة واحدة من دخان .
فالسماوات الغازيّة يأتي ذكرهافي القرآن على ثلاثة أنواع :
1. فتارةً يأتي ذكرها مع الأرض إلاّ أنّه لا يجمعبينهما واو عطف بل كلمة أخرى تفصل بينهما كقوله تعالى في سورة مريم {تَكَادُالسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُهَدًّا} فالسماوات هنا يريد بِها الطبقات الغازيّة لأنّه فصل بين كلمة "السماوات" وبين كلمة "الأرض" بثلاث كلمات وهي قوله {يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ} ثمّ ذكرالأرض ، وقال أيضاً في سورة لقمان {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍتَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ..إلخ } فالسماوات هنا يريد بِها الطبقات الغازيّة لأنّه فصل بين ذكر "السماوات" وذِكر "الأرض" بخمس كلمات وهنّ قوله {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي} ثمّذكرَ "الأرض" . وقال تعالى في سورة لقمان أيضاً {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْنِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ..إلخ} فإنّه تعالى فصل بيت ذكر "السماوات" وذِكر "الأرض" بكلمتين وهما قوله {وَمَا فِي} .
2. وأمّا القسم الثاني فإنّه يأتيذكرها بعد ذكر الأرض ، كقوله تعالى في سورة طه {تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَالْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى} ، فالسماوات يريد بِها الطبقات الغازيّة حيثجاء ذكرها بعد ذكر "الأرض" ، وقال تعالى في سورة فاطر{قُلْ أَرَأَيْتُمْشُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَالْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ .. إلخ} فالسماوات هنا يريد بِهاالطبقات الغازيّة لأنّه جاء ذكرها بعد ذكر "الأرض" ، وقال تعالى في سورة الزمر {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَالْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىعَمَّا يُشْرِكُونَ} فهكذا كلّ ذكرٍ للسماوت في القرآن يأتي بعد ذكر الأرض فإنّهتعالى يريد به الطبقات الغازيّة .
3. وأمّا القسم الثالث فإنّه يأتي ذكرها وحدهابلا ذكرٍ للأرض معها ، ومثال ذلك قوله تعالى في سورة المؤمنون {وَلَقَدْ خَلَقْنَافَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} فالطرائقيريد بِها الطبقات الغازيّة ومن سكنَها وهم الجنّ . وعلى هذا النهج يأتي ذكرالسماوات الغازيّة في القرآن . هذا إذا كان على الجمع بلفظة "سماوات" ، وأمّا إذاجاء ذكرها على الإفراد بلفظة "سماء" فإنّه تعالى يريد بِها الطبقات الغازيّة أوالفضاء سواءً أكانت مقرونة بذكر الأرض أو غير مقرونة ، ولا فرق أيضاً أن يأتي ذكر "السماء" قبل ذكر "الأرض" أو بعدها ، في الحالتين يريد بِها الطبقات الغازيّة ولكنبشرط أن يكون على الإفراد ، ومثال ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء {يَوْمَ نَطْوِيالسَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ..إلخ } فالسماء هنا يريد بِها الطبقاتالغازيّة ، وقال تعالى في سورة يونس {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءوَالأَرْضِ .. إلخ } ، وقال تعالى في سورة غافر{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُالْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء .. إلخ } فالسماء هنا يريد بِها الطبقاتالغازيّة .
ولربّ سائلٍ يسأل فيقول : إذا كانت الغازات تنفصل عن بعضها البعضوتكون طبقات ، فإنّ الهواء خليط من عدّة غازات وأهَمّها الأوكسجين والنتروجين فكيفلا تنفصل هذه الغازات على مرّ السنين وتكون طبقات ؟
<FONT face="Times New Roman">وللجواب على ذلك نقول : إنّذلك ناتج عن الرياح المحرّكة لَها ، ولولا الرياح وتحريكها لتلك الغازات لأخذتتنفصل عن بعضِها وأصبحت طبقات ، فالطبقات الغازيّة التي سبق الكلام عنها تكون فوقطبقة الأوكسجين أي فوق الهواء ولا توجد هناك رياح لتحريك تلك الغازات وخلط بعضِهابعض ، ومثال ذلك المياه : فالجاري منها يكون عكراً والراكد منها يكون صافياً . قالالله تعالى في سورة البقرة {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِبَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فبيّن سبحانه أنّالسحاب يكون بين السماء والأرض ، فالسماء موقعها من السحاب فصاعداً ، وأمّا الهواء[COLOR=#311a52]فموقعه من السحاب فنازلاً ، فالرياح تابعة للأرض وليس للسما[/COLR] lang=-FTcor#0size5ءDIV
التصنيفات
السماوات الغازية ~":
السماوات الغازية
م/ن