الحمد لله الذي أمر بالصدق ووعد الصادقين بالخير العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له – واما بعد ,,,إن الصدق بجميع أنواعه محمود.و إن الصادق محبوب إلى الله تعالى وإلى الخلق. إن الله يرفع ذكره، ويزيد أجره,وإن أبين دليل على ذلك ما يحصل من ثناء الناس على الصادقين في حياتهم وبعد مماتهم، أخبارهم مقبولة وأمانتهم موثوقة، قد أفلح الصادقون وخاب الكاذبون
– يقول الشاعر :
إن الصدق مع الله منجاة لأهله وزينة وتاج وقار لمن فاز به وإذا الأمـــور تــزاوجت فالصـدق أكرمهـا نتاجـا
الصــدق يعقـد فـوق رأس حليفـه بالصــدق تـاجـا والصـدق يقــدح زِنــدُهُ فـي كـل ناحيـة سراجـا
– ويقول آخر:
عود لسانك قول الصدق تحظ به ** * إن اللسان لما عودت معتاد
نرى ان فى هذا الزمن الاسود قد انتشر الكذب والخيانة بصورة فظيعة و لم يعد يوجد امان ولا صدق فى هذه الدنيا وقل فيها الصادق وقل فيها المخلص واصبحت الدنيا ممتلئة باناس لا يعرفون الصدق ونسوا انه اعظم واهم قيمة لابد ان يتحلى بها المسلم وانتشرت الخيانة وانتشرت الجرائم عامة بسبب الكذب فالكذب هو من اكبر الكبائر واعظمها فمن يكذب تنتظر منه اى شيء فليس بعيد عليه ان يسرق ولا بعيد عنه ان
يخون ولا بعيد عنه ان يرتكب كل المحرمات لانه كذاب يعيش بوجهين وجه زائف امام الناس يظهر فيه براءة زائفة وتقوى مصطنعة واذا خلى بنفسه استحلى محارم الله لهذا فقد نقلت لكم هذا الموضوع لكن اذكر نفسي واياكم بالصدق واهميته وعقوبة الكذاب ولكى نحذر انفسنا من الوقوع فى الكذب الذى هو من ابغض الكبائر ولا يجب ابدا ان يتصف به اى مسلم يوحد الله عزوجل يحكى أن رجلا كان يعصي الله -سبحانه- وكان فيه كثير من العيوب، فحاول أن يصلحها، فلم يستطع، فذهب إلى عالم، وطلب منه وصية يعالج بها عيوبه، فأمره العالم أن يعالج عيبًا واحدًا وهو الكذب، وأوصاه بالصدق في كل حال، وأخذ من الرجل عهدًا على ذلك، وبعد فترة أراد الرجل أن يشرب خمرًا فاشتراها وملأ كأسًا منها، وعندما رفعها إلى فمه قال: ماذا أقول للعالم إن سألني: هل شربتَ خمرًا؟ فهل أكذب عليه؟ لا، لن أشرب الخمر أبدًا.وفي اليوم التالي، أراد الرجل أن يفعل ذنبًا آخر، لكنه تذكر عهده مع العالم بالصدق. فلم يفعل ذلك الذنب، وكلما أراد الرجل أن يفعل ذنبًا امتنع عن فعله حتى لا يكذب على العالم، وبمرور الأيام تخلى الرجل عن كل عيوبه بفضل تمسكه بخلق الصدق.ويحكى أن طفلا كان كثير الكذب، سواءً في الجد أو المزاح، وفي إحدى المرات كان يسبح بجوار شاطئ البحر وتظاهر بأنه سيغرق، وظل ينادي أصحابه: أنقذوني أنقذوني.. إني أغرق. فجرى زملاؤه إليه لينقذوه فإذا به يضحك لأنه خدعهم، وفعل معهم ذلك أكثر من مرة.وفي إحدى هذه المرات ارتفع الموج، وكاد الطفل أن يغرق، فأخذ ينادي ويستنجد بأصحابه، لكنهم ظنوا أنه يكذب عليهم كعادته، فلم يلتفتوا إليه حتى جري أحد الناس نحوه وأنقذه، فقال الولد لأصحابه: لقد عاقبني الله على كذبي عليكم، ولن أكذب بعد اليوم. وبعدها لم يعد هذا الطفل إلى الكذب مرة أخري.فالمسلم لا ينظر الى الصدق كخلق فاضل يجب التخلق به بل انه ابعد من ذلك فالصدق من متممات الايمان ومكملات الاسلام اذ امر الله تعالى به واثنى على المتصفين به و المسلم الصادق يحب الصدق ويلتزمه ظاهرا وباطنا فى اقواله وافعاله اذ الصدق يهدى الى البر والبر يهدى الى الجنة والجنة اسمى غايات المسلم واقصى امانيه والكذب وهو ضد الصدق وهو يهدى الى الفجور والفجور يهدى الى النار والنار من شر ما يخافه المسلم ويتقه –
-أنواع الصدق :
– الصدق أنواع لذا يتبين لنا خطأ الكثير الذين يعتقدون أن الصدق هو في الأقوال فقط؛ بل الصواب أنه في الأقوال والأفعال والأحوال .
قال ابن القيم فالذي جاء بالصدق هو من شأنه الصدق في قوله وعمله وحاله؛ فالصدق في هذه الثلاثة:
الصدق في الأقوال: استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها .
الصدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد .
الصدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة, فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق، وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به تكون صديقيته؛ ولذلك كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ذروة سنام الصديقية سمي الصديق على الإطلاق).
ويمكن أن نوضح ما سبق بما يلي:
فالصدق في الأقوال: أنه يجب على كل عبد أن يحفظ لسانه، ولا يتكلم إلا بالصدق، والله سائله عن ذلك، قال تعالى: ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) , النور: 24. .
الصدق في الأعمال: وهو أن تستوي سريرته وعلانيته، بحيث لا يكون ظاهره خلاف باطنه . قال عبدالواحد بن زيد البصري: كان الحسن البصري إذا أمر بشيء كان أعمل الناس به، وإذا نهى عن شيء كان من أترك الناس له، ولم أر أحد قط أشبه سريرته بعلانيته منه . وقال مطرف: إذا استوت سريرة العبد وعلانيته قال الله عز وجل : هذا عبدي حقاً.
الصدق في الأحوال، وهو أعلى درجات الصدق، كالصدق في الإخلاص والخوف، والتوبة، والرجاء والزهد والحب والتوكل وغيرها، ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق، فمتى صدق المسلم في هذه الأحوال ارتفعت نفسه وعلت مكانته عند الله – عز وجل – قال تعالى( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على" حبه ذوي القربى" واليتامى" والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) , البقرة: 177، وقال تعالى إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون),
الحجرات: 15 .قال ابن القيم: ولذلك كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ذروة سنام الصديقية، سمي (الصديق) على الإطلاق والصديق أبلغ من الصدوق والصدوق أبلغ من الصادق؛ فأعلى مراتب الصدق مرتبة الصديقية وهي كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص للمرسل.
فإذا حقق المسلم هذه المراتب كان حقاً من الصديقين .
ورد الصدق في القرآن الكريم في عدة آيات فيها الحث على الصدق، وكونه ثمرة الإخلاص والتقوى، فمنها:
1- قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين), التوبة: 119, أي: كونوا مع الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقاً خالية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة..
2- وقوله تعالى: ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ), الأحزاب: 24, أي: بسبب صدقهم في أقوالهم وأحوالهم، ومعاملتهم مع الله، واستواء ظاهرهم وباطنهم.
3- وقال الله تعالى: ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا) ,المائدة: 119, أي: أن صدقهم في الدنيا ينفعهم يوم القيامة، وأن العبد لا ينفعه يوم القيامة ولا ينجيه من عذابه إلاّ الصدق .
4- وقال تعالى وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) ,يونس: 2, أي: إيماناً صادقاً بأن لهم جزاء موفور، وثواب مدخور عند ربهم بما قدموه وأسلفوه من الأعمال الصالحة الصادقة.
5- وقال تعالى والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون), الزمر: 33.
– قال ابن القيم: فلا يكفي صدقك بل لا بد من صدقك وتصديقك للصادقين؛ فكثير من الناس يصدق، ولكن يمنعه من التصديق كبر أو حسد أو غير ذلك.
6- ووصف الله نفسه به فقال سبحانه(: قل صدق الله ) ,آل عمران: 95, وقال سبحانه ومن أصدق من الله حديثا ) النساء: 87.
7- وقد قال تعالى قدم صدق), يونس: 2، وقال أيضاً لسان صدق) , مريم: 50, وقال أيضاً: (مقعد صدق) القمر: 55}.
8- قال الله تعالى: (فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم (,محمد:21
9- قال الله تعالى وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم), يونس: 2, قال ابن عباس (قدم صدق): منزل صدق بما قدموا من أعمالهم .
10- وقال تعالى وجعلنا لهم لسان صدق عليا), مريم: 50, فعن ابن عباس في قوله تعالى وجعلنا لهم لسان صدق عليا ), مريم: 50, قال: الثناء الحسن .
11- وقال تعالى( إن المتقين في جنات ونهر, في مقعد صدق), القمر: 54، 55 أي: مجلس حق لا لغو فيه، ولا تأثيم وهو الجنة.
12- وقوله وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق), الإسراء: 80, أي: اجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك، وعلى مرضاتك وذلك لتضمنها الإخلاص وموافقتها الأمر.
قال ابن القيم: ) فهذه خمسة أشياء: (مدخل الصدق)، و(مخرج الصدق)، و(لسان الصدق)، و(قدم الصدق )، و(مقعد الصدق) وحقيقة الصدق في هذه الأشياء هو: الحق الثابت المتصل بالله الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله من الأقوال والأعمال، وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة, ف( مدخل الصدق، ومخرج الصدق) أن يكون دخوله وخروجه حقاً ثابتاً بالله وفي مرضاته بالظفر بالبغية وحصول المطلوب ضد مخرج الكذب ومدخله الذي لا غاية له يوصل إليها، ولا له ساق ثابتة يقوم عليها كمخرج أعدائه يوم بدر, ومخرج الصدق كمخرجه هو وأصحابه في تلك الغزوة، وكذلك مدخله المدينة كان مدخل صدق بالله ولله وابتغاء مرضاة الله فاتصل به التأييد والظفر والنصر وإدراك ما طلبه في الدنيا والآخرة بخلاف مدخل الكذب الذي رام أعداؤه أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب فإنه لم يكن بالله ولا لله بل كان محادة لله ورسوله؛ فلم يتصل به إلاّ الخذلان والبوار، وكذلك مدخل من دخل من اليهود المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصن بني قريظة فإنه لما كان مدخل كذب أصابه معهم ما أصابهم فكل مدخل معهم ومخرج كان بالله ولله وصاحبه ضامن على الله فهو مدخل صدق ومخرج صدق، وكان بعض السلف إذا خرج من داره رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجاً لا أكون فيه ضامناً عليك يريد أن لا يكون المخرج مخرج صدق، ولذلك فسر مدخل الصدق ومخرجه بخروجه من مكة ودخوله المدينة، ولا ريب أن هذا على سبيل التمثيل فإن هذا المدخل والمخرج من أجل مداخله ومخارجه وإلاّ فمداخله كلها مداخل صدق ومخارجه مخارج صدق إذ هي لله وبالله وبأمره ولابتغاء مرضاته, وما خرج أحد من بيته ودخل سوقه أو مدخلاً آخر إلا بصدق أو بكذب فمخرج كل واحد ومدخله لا يعدو الصدق والكذب)
وورد في السنة أحاديث كثيرة في فضل الصدق منها:
1- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً . رواه البخاري ومسلم.
– قال ابن العربي: بين أن الصدق هو الأصل الذي يهدي إلى البر كله، وذلك لأن الرجل إذا تحرى الصدق لم يعص أبداً؛ لأنه إن أراد أن يشرب أو يزني أو يؤذي خاف أن يقال له زنيت أو شربت فإن سكت جر الريبة، وإن قال: لا، كذب، وإن قال: نعم، فسق، وسقطت منزلته وذهبت حرمته.
2- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" .. ,أخرجه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد..
3- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً. رواه البيهقي. قال الألباني ( حسن ), صحيح الترغيب والترهيب [3 / 6 ]
4- لما سأل هرقل ابا سفيان (رضي الله عنه): فماذا يأمركم؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم, قال ابو سفياناعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة) رواه البخاري
-5 وقيل له صلى الله عليه وسلم, من خير الناس؟ قال: (ذو القلب المخموم واللسان الصادق), رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
اتمنى ان يكون الموضوع قد نال اعجابكم
لا تنسونا بصالح دعائكم وردودكم
جزاكي الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك