التصنيفات
منوعات

الطفل والتلفزيون وجدل العلاقة بينهما

خليجية

«يتسمّر سمير أمام الشاشة ويكاد يلتصق بها فور عودته من المدرسة، و لايتركها إلا بعد الصراخ والمشادات مع والدته».
يتفق اختصاصيو علم نفس الطفل على أن مضار التلفزيون أكثر من منافعه على الطفل، خصوصًا الطفل الذي يجلس لساعات طويلة يشاهد من دون أن يتفاعل بل يكون مجرّد متلقٍ.
ولكن الجدل الدائر حول تأثير التلفزيون على الأطفال لا يزال يتأرجح بين الإيجاب والسلب.
فالبرامج التي يعرضها صندوق الفرجة العصري تسحر الكبير قبل الصغير.
وغالباً ما نسمع أماً تشكو طفلها المتسمرّ أمام الشاشة ليلاً نهاراً غير آبه بما يدور حوله في عالم الواقع. وتلوم أم أخرى التلفزيون الذي يعلّم طفلها التصرّفات العنيفة.
وتبدو لوائح شكاوى الأهل من التلفزيون لا تنتهي. وأحيانًا لا يدرك الأهل أي موقف يتخذّونه: هل يسمحون ويغضون النظر عن ساعات جلوس طفلهم أمام الشاشة أم يمنعونه؟
ولكن يبقى للتلفزيون سحره الخاص بالنسبة إلى الطفل، فكيف يجدر بالأهل التعامل مع الطفل؟ أسئلة يطرحها الأهل والاختصاصيون يجيبون.

– لماذا ينجذب الطفل للتلفزيون أكثر من السينما؟
توفر الصور المعروضة على الشاشة للطفل لحظات غير واقعية. والتلفزيون يعزز هذه الظاهرة. في السينما هناك بداية ونهاية وشريط لأحداث ينتهي خلال مدة محددة.
كما أن الذهاب إلى السينما ترافقه طقوس معينة، صالة مظلمة، وشاشة عملاقة وحضور كبير في الصالة… والطفل يدرك أنه يعيش لحظة خارجة عنه، محددة بالزمن والمساحة.
فيما يوفر التلفزيون للطفل أمورًا كثيرة لا توفرها السينما، فهو في متناوله ساعة يشاء والصور فيه لا تنتهي ومشاهدته لا تحتاج إلى طقوس. كل هذا يعزز انجذاب الطفل إلى التلفزيون أكثر من السينما.

– ما هي التأثيرات التي تنتجها الصور على الطفل؟
قبل الثالثة أو الرابعة ينجذب الطفل إلى الصور وما فيها من حركة، فهو ينجذب بأحلام اليقظة التي يراها تكرج أمامه على الشاشة، وتطلب منه جهدًا لمتابعتها، ولكن تطوّر حاسة النظر يكون على حساب بقية الحواس، وتحديدًا تطوير قدراته النفس- حركية Psychomotor .
وبين الرابعة والسابعة يظهر التماهي، فيكون الطفل غير قادر بعد على التمييز بين الواقع والخيال، فيتماهى مع بعض الشخصيات لخدمة توظيفها في إثراء خياله.
وبعد السابعة يصبح في إمكانه مقارنة الصور المعروضة بالواقع. في هذه السن يكتسب مفهوم الوقت والمساحة، مما يجعله مؤهلاً لتطوير قدرة النقد لديه. وبالتالي صار في إمكانه إختيار البرامج أو السلسة المفضّلة لديه. وتكتمل قدراته وتتبلور بين العاشرة والحادية عشرة.
في هذه السن يبدأ عدم اكتراثه بالتلفزيون، ويحول اهتماماته إلى ألعاب الفيديو، ويصبح لمحتوى الصورة أهمية كبرى.
ففي الألعاب الإلكترونية التي يتماهى الطفل بشخصياتها يفضل الطفل الشخصيات التي تدغدغ أناه أي Ego.
فالبطل القوي جدًا بالنسبة إلى الصبي نجم يغذي لديه رغبة جذب البنت إليه. لذا ففي هذه السن خصوصًا على الأهل التحقق من اختيارات أبنائهم للبرامج التلفزيونية.

– في أي سن يمكن السماح للطفل بمشاهدة التلفزيون وحده؟
يتفق الاختصاصيون على أن التلفزيون ليس جليس أطفال، فهناك بعض الأمهات اللواتي يجدن التلفزيون طريقة للتخلّص من إزعاجه أو طلباته، فساعتان من التلفزيون بالنسبة إليهن هما ساعتان من السلام، مما يؤدي إلى أن تصبح التربية صعبة، لأنه من أجل منع الطفل من متابعة التلفزيون ينشأ شجار.
وغالباً ما يتحوّل هؤلاء الأطفال إلى أطفال بدينين واتكاليين، «ماما لي اجلبي ماء، ماما ألبسيني» وإذا قالت الأم تعال يجيبها أريد أن آكل وأنا أشاهد التلفزيون أو ألبس … أي أن التلفزيون يشغل كل وقته ويحل محل كل الأمور الأخرى.
وبدءًا من السابعة يمكن الطفل مشاهدة التلفزيون وحده، ولكن في الوقت نفسه على الأهل إرشاده في اختياره البرامج ومساعدته في وصف ما يحدث على الشاشة وتحفيزه على إبداء رأيه في الأحداث ونقدها.
فهذه قاعدة أساسية لمشاهدة التلفزيون، خصوصًا الطفل دون السبع سنوات الذي لا يستطيع أن يضع لنفسه حدودًا.

– هل التلفزيون في غرفة نوم الطفل خطر أم لا؟
من المؤكد أنه مضرّ جدًا، فتوافر التلفزيون في غرفة نوم الطفل يقلّص فرصه في إيجاد اهتمامات أخرى تساعده في التطور الفكري والجسدي، إذ لا يجوز أن يكون التلفزيون وسيلة الترفيه الوحيدة للطفل.

– لماذا يحب الطفل المسلسل أو البرامج التي ليس فيها مضمون؟
من حق الأهل أن يمنعوا طفلهم من مشاهدة بعض البرامج، ولكن عليهم أن يدركوا أن البرنامج الذي بحسب رأيهم يبدو سخيفًا ليس كذلك بالنسبة إلى الطفل.
لذا فقبل منع الطفل من مشاهدة برنامج يحبه عليهم أن يشاهدوه معه ويشجعوه على التعبير عما يعجبه فيه ويسمحوا له بشرح وجهة نظره، وبدورهم عليهم أن يشرحوا له ما لا يعجبهم في هذا البرنامج، فمنع الطفل من مشاهدة برنامج بالقول له «هذا برنامج سخيف» غير مجدٍ. إبداء وجهة النظر ومناقشتها يساعدان الطفل في بناء حكمه الخاص.

– هل يجب تجنّب التلفزيون قبل الذهاب إلى المدرسة؟
إذا كان الطفل يستيقظ باكرًا جدًا ولديه وقت كافٍ للتحضير للذهاب إلى المدرسة لمَ لا؟ ولكن بالنسبة إلى الطفل الصغير الأفضل تجنبه، فبعض الأمهات يعطينه وجبته الصباحية وهو يشاهد التلفزيون، ويباغتنه إذا صح التعبير في نقله إلى المدرسة بسرعة، حيث يجد نفسه فجأة في الصف.
فالأهل لم يعطوه الوسيلة التي تجعله يقدر الإنتقال من البيت إلى المدرسة، أي أن الأم لم تجلس معه لتحدّثه عن ذهابه إلى المدرسة ولم تسمح له بالتعبير عما يقلقه أو ربما عن حماسته، بل جعلت التلفزيون وسيلة لتمويه هذا الإنتقال ليدرك فجأة في الصف غياب والدته مما قد يشعره بنقص عاطفي.

– ما تأثير الإعلانات في الطفل المشاهد؟
تتنافس الشركات المنتجة لكل ما يتعلّق بالطفل، ولا سيما شركات الألعاب، على عرض إعلاناتها خلال البرامج الخاصة بالطفل، فتدغدغ أحلامه وأمانيه بالحصول على ما يعرض عليه وبالتالي يطالب أهله بشرائها.
وبين الثالثة والرابعة يتعرّف إلى هذه الإعلانات، وبدءًا من السابعة والثامنة يدرك أن ما تعرضه موجه إليه، وبالتالي يريد الحصول عليه.
هنا دور الأم مهم جدًا في التحدّث إلى طفلها عن الهدف من هذه الإعلانات وأن ليس كل ما يراه على الشاشة يمكنه الحصول عليه.




شكرا لروعة الطرح



يسلمو موضوع رائع
سلمت اناملك



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.