السودان القطر القارة الذي يمزج بين الثقافتين العربية والإفريقية يزخر بعادات وتقاليد متفردة قلما تتكرر. الزواج في السودان من المناسبات التي يمتد الإعداد لها لشهور طويلة تلقى فيها العروس من الرعاية ما يستحق الوقوف والتدوين، حيث تبدأ الأسرة وخاصة الأم في الاهتمام بالفتاة المقبلة على الزواج منذ فترة طويلة تحاط فيها بعناية فائقة تبدأ بمنعها عن الأشغال المنزلية والخروج من البيت إلا للضرورة القصوى، وتدخل في فترة تسمى (الحبس) الذي يبدأ معه العد التنازلي للزواج وكذلك المظاهر العملية له والتي يكون (الدخان) أولها ، ويتم الإعداد له بحفر (حفرة) عميقة بعض الشيء , تكون في العادة في طرف المنزل أو في مكان لاتصله العيون سيما الرجال , فيما يندر أن لا يعرف من هم بالمنزل أو الجيران أو حتى عابري الطريق بهذا الدخان بسبب كثافته خصوصا في الأمسيات حيث الأجواء ماتعة , وأيضا بسبب عطره الفواح وللعطر افتضاح كما يقول الشاعر ,و يوضع بداخل تلك الحفرة التي تنادى نسائيا بحفرة الدخان (زير) من الفخار أو (قُلة – الصغير من الزير-) ترص فيها أعواد من شجر الطلح والشاف التي يطوف بها الباعة على أحياء المدن , وتشعل أطرافها لينطلق منها الدخان بطريقة هادئة بيد أنها تتصاعد ، وتتجرد الفتاة من ملابسها وتجلس على حافة الحفرة على فرش من السعف البلدي خاص بهذه العملية تسمي ( نُطع )، وتغطي جسمها بقطعة كبيرة من الصوف تسمى ( الشملة )، وتجلس قرابة ساعة أو يزيد حيث يتصبب منها العرق بغزارة وتكون بذلك قد دشنت أولى الخطوات للانتقال إلى الحياة الزوجية. وهناك الكثير من الطرائف في هذه المرحلة خصوصا بين اللاتي لم يتدربن على (المعاناة ) من بنات الجيل الجديد , والدخان كان ولايزال موضوعا للشعراء وأصحاب ( المزاج ) من ذوي البديهة والنكتة, وبعد الفراغ من الدخان الذي هو أشبه بعملية ( الساونا) تدلك الفتاة جسمها بعجينة من طحين الذرة مضافا إليها قشر البرتقال والترمس المسحوق عند البعض، وتسمى هذه الخلطة العجيبة التي تتخصص فيها الحبوبات ( اللخوخة )، تمدد الفتاة هذه العجينة على جسدها الذي يكون قد دُهِن بزيت السمسم أو (الدهن) الذي هو أيضا عبارة عن تركيبة محلية, قبل الجلوس في ( حفرة الدخان )، وتستمر هذه العملية لفترة طويلة قد تمتد لشهر أو يزيد من أجل نعومة الجسم وترطيبه. تكرر فيها الفتاة البرنامج نفسه يومياً وربما بمشاركة المتزوجات اللاتي يجتمعن بناء على دعوة أهل العروس أو حتى من دون ذلك , خصوصا للجارات اللائى يجذبهن فقط ذلك العطر الفواح
وقبل الزواج بيومين تجري عملية تنظيف الجسم من آثار القشرة التي يخلفها الدخان ومن الشعر غير المرغوب فيه،و تمسح العروس جسمها بالسكر المضاف إليه قليل من الماء، ومن ثم تبدأ الخبيرة في هذا الشأن بتنظيف الجسد (بالحلاوة) التي تتكون وتعد من السكر والليمون، وقبل الزواج بيوم واحد يتم نقش الحناء بواسطة (الحنانة)، التي تتفنن في رسم أشكال غاية في الروعة والحداثة للعروس وتوليها عناية خاصة، وبعد الفراغ من حفل الزواج تخلع العروس فستان الزفاف وتلبس الزي البلدي المكون الفستان والثوب السوداني، وتبدأ صديقتها أو شقيقتها التي تسمى (الوزيرة) أي ( وزيرة العروس ) بتجهيزها فتمسح جسدها بالخمرة وتبخرها بالصندل الذي تبخر به كل ملابس العروس وترش بالعطر وتوضع في شنطة خاصة بها تحملها معها لرحلة شهر العسل ومن ثم إلى بيت الزوجية، وتعرف هذه العملية أي تدخين العروس وتعطيرها (بالكبريت)، وتتحول حتى رائحة عرقها إلى عطر من كثرة تشبيع الجسم به، وهذا بالطبع مما يساعد الزوج وبه يسعد
الالماسية لك شكري وحبي……….
ام انساب اخجلتي تواضعي……..