التصنيفات
منتدى اسلامي

القلب . والحاسة السادسة

القلب … والحاسة السادسةإن الله وهب للإنسان حواس ليتعرف بها على ما حوله من أشياء كحاسة البصر والسمع واللمس وهناك حاسة الذوق للأكل والشرب وكذلك حاسة الشم للأنف , يقول الله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) الإسراء (36) , فالسمع والبصر من النعم العظيمة والحواس التي لها تأثير وأهمية في حياة الإنسان فلا يستغنى عنهما لمكانتهما ولدورهما العظيم في رصد واستقبال العالم الخارجي المحيط بهذا الجسد .
وأضيف لتلك الحواس حاسة سادسة لحواس الإنسان وهي حاسة القلب التي ذكرت في الآية الكريمة بالفؤاد , والقلب بذاته يملك حاسة مستقلة خاصة به يتواصل بها مع غير المحسوسات والموجودات حوله والتي عادة لا يتعرف بها إلا بالحواس الخمس أي أنه بحاسة القلب يستشعر حدوث أشياء ووقوع أمور تقع غالبا بما يلهمه الله من أحساس وليس هذا من علم الغيب ولكنه يعتمد على معطيات كثيرة يقيس بها القلب ثم يتوقع حصول هذا الأمر بعد التفكر في تلك المعطيات , وهو الذي يسمونه بالتوقعات , وهذه التوقعات هي من أعمال القلب التي تبنى على فرضيات كثيرة غالبا تتحقق وتظهر تلك التوقعات نتائجها .
إن القلب مليء بالمشاعر فهو يحب ويكره وينجذب إلى أشخاص وينفر من آخرين ويفرح للمفرحات ويبكي ويتألم للمصائب , ويقبل القلب التآلف مع الآخرين لينسجم ويتداخل معهم يقول الله عز وجل ( وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ) الأنفال (63) , فهذا القلب محطة عظيمة للمشاعر وتتزاحم فيه مشاعر الولاء والحب والبغض في الله وحب الله ورسوله والمؤمنون وغيرها من محبة , فهو محط نظر الله , فقد روى مسلم في صحيحه عن ابي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم , ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " , فعلى المسلم أن يحذر من أن ينظر الله إلى قلبه وهو غاش لهذا الدين , فصفحات قلبك هي شاشة ينكشف فيها كل مستور , وإن الله يعلم السر وأخفى فاستحي من الله إن كنت مسلما أن تضمر شرا للإسلام والمسلمين.
إن القلب هو أمير هذا الجسد وإذا صلحت تلك المضغة صلح باقي الجسد وإذا فسدت فسد حال هذا الجسد , فهو موطن الخير إذا صلح وموطن الشر إذا فسد , فإن الفتن تعرض على القلب عودا , عودا , كما جاء في الحديث , فإن قبلها أصبح مظلما لا ينكر منكرا ولا يعرف معروفا , وإن ردها وأنكرها أشرق هذا القلب وكان موطن هداية وصلاح , والمداخل على هذا القلب هي الحواس الخمس وأعظمها السمع والبصر ولكن حاسة القلب هي الرابط لتلك الحواس وتأتي في أهميتها قبل مرتبة السمع والبصر وهو التفكر فيما حوله من آيات والتعرف على عواقب الأمور والنظر في مسائل الاعتقاد والبحث عن الحق , وهذه الأمور من أعمال القلب فهو القادر على تحسس الخير في الأشياء بالتدبر والتفكر والسؤال والبحث والتقصي حتى يصل إلى الهداية يقول الله عز وجل ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) الحج (46) , وقد يتسأل متسائل هل العقل في القلب حتى يعقل آيات الله ويتدبر أوامر الله ؟ , فنقول إن التعقل الذي يقوم به القلب إنما أريد به التفكر والتدبر في الحقائق وتقليب الأمور بعد النظر في الأشياء والسماع حتى يتبين له الحق فيها وهذا معنى العقل ولا يقصد من ذلك أن الدماغ في القلب , ولكن للقلب حاسة يتحسس بها الأمور وقد تفوق حاسة البصر وحاسة السمع بكثير , ولكن إذا طمست حاسة القلب أختل البصر وذهب السمع فانعدم التواصل وأغلق العقل عن الفهم والتدبر , يقول الله عز وجل ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والأنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها أولائك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) الأعراف (179) , فالقلب إذا أظلم أصبح لا يفقه وكتب من الغافلين , وبتعطل حاسة القلب فإن حاسة السمع والبصر تتعطل فلا يرى الحقائق ولا يسمع البينات فتراه يرد كل دليل وكل أية بسبب تعطل القلب وموت الإحساس فيه فأصبح لا يقوم بدوره كما ينبغي .
وفي المقابل ترى قلب المؤمن الحي يستجيب لكل بينة من البينات ويقبل كل دليل واضح ويأتمر بكل أمر من أوامر الله لأن حاسة القلب تعمل بكفائه تامة و بكل طاقتها وتستفيد من تلك الحواس الأخرى للتعرف على كل ما يجري خارج محيط هذا الجسد وما حوله من مخلوقات وتتفكر في ما هذه الحياة الدنيا من عبر وآيات يقول الله عز وجل ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ) الأنفال (2) , فقلب المؤمن إذا سمع ذكر الله خشعت جوارحه وخاف عقاب الله وطلب مرضاته فازداد أيمانا على إيمانه وتوكل عليه حق التوكل , ولا يكون هذا من قلب غافل لا يحسب العواقب .
لذلك القلب الغافل قد تعطل عن عمله فلا يحس بما حوله ولا يعقل ولا يتدبر ما أمره الله به يقول الله تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) محمد (24) , أي أن تلك القلوب قد غلفت ولفت بأقفال فلا ينفذ إليها الحق , فترى الدعاة الصالحين أثناء المناظرات في واد والضالين في واد أخر , فترى الداعية يستشهد بكتاب الله وهذا يستشهد بكلام البشر وهذا يأتي بكلام الأنبياء وذلك يأتي بكلام الزنادقة والفلاسفة وغيرهم من الكفار , فلا ترى الكافر يقبل الحق بسبب أن قلبه مغلفا لكثرة ألران التي عليه حتى أنغلق القلب فلا يستوعب شيئا , فبعد هذا الإغلاق أضر بحاسة السمع والبصر فلا يسمع خيرا ولا يبصر صلاحا , يقول الله عز وجل ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) المطففين ( 14) .
إنا نشاهد أحيانا داعية الخير وهو يحاور بعض الضالين عن الحق و يبذل قصارى جهده بالدليل والحجة ويتلمس له كل طريقة من أجل أن يبسط له الأمور حتى يصل به إلى الحق , ثم تجد هذا الداعية بعد أن بذل هذا الجهد في حيرة من تخبط خصمه وعدم قبول هذا التائه الحق والحق جلي ظاهر , فتراه يتعجب , ولكن الصالحين غفلوا عن أمر مهم في مناظرة هؤلاء أن قلوب هؤلاء مغلقة فلا تعي ما تقول بسبب الكبر الذي ملئت به , وكأنك تتكلم بلغة غير مفهومة وقد صرحوا و قالوا بأنفسهم واعترفوا بذلك يقول الله عز وجل ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي أذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ) فصلت (5) , وهذا وصف دقيق للحالة التي يعيش فيها الكافر أثناء غفلته بسبب ظلام القلب فإن الأذن يصيبها شيء كالصمم كأنما سدت أذنه بشيء من القطن فحيل بينها وبين السماع وحجب عن بصره فكأن بينه وبين الحق الذي يبذله هذا الداعية ستار فلا يراه وهذا من عجائب الأمور , فلذلك المؤمنون يدعون ربهم فيقولون قال الله تعالى ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) العمران (8) .
ومن رحمة الله أنه لا يجتمع في قلب واحد مشاعر متضادة فلا يكون ولاء وخيانة في وقت واحد لجهة واحدة ولا حب وكره ولا ميل ونفرة , فلا تجتمع الأضداد في قلب واحد لعقيدة واحدة , فإما أن توالي هذا الدين أو أن تعاديه يقول الله عز وجل ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) الأحزاب (4) , أي أن القلب يجتمع ويتفق على مشاعر واحدة ويتخلى عن ضده متى آمن بأحدها ولا يجتمع في قلب إنسان عقيدتان أبدا ومن قال ذلك فقد كذب القرآن وادعى باطلا , فهو إما مع الحق أو مع الباطل ولا يتظاهر أنه أحيانا مع هؤلاء ومرة مع هؤلاء إلا المنافق ولكن في حقيقة ألأمر أن المنافق يميل ميلا كاملا في قلبه مع الباطل ولكن يظهر ميلا كاذبا على لسانه خشية الملامة و العقوبة من الناس , يقول الله عز وجل ( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون ) العمران ( 167) , أي أن قلوبهم المريضة تعتقد خلاف ما يظهر على ألسنتها ولكن لا يخفى على الله شيء , وقلب المنافق مستقر على الكفر ولكن يدفعه ظاهرا بالكذب .
إن على المسلم أن يطهر قلبه من النفاق والخيانة ويجعل ما يقدم خالصا لوجه الله الكريم فالذي تستطيع أن تخفيه عن الناس فإنه ظاهر مكشوف على صفحات قلبك والله مطلع عليه فإن كان خالصا له قبله وبارك فيه وأنزل فيه السكينة والهدى وإن كان لغيره تركك لغيره , فلا تذهب حياتك سدى فتصبح من الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا , فإن الوقت قصير والتدارك يومئذ عسير ولا منجد لك مما صنعت ولا نصير والله بأعمالك ناقد بصير … والحمد لله رب العلمين .[/color]



مشكورة اختى جزاكى الله خيرا



شكرلكم



خليجيةخليجيةخليجيةخليجيةخليجية
مدائن.. من.. الشكر ..وجنآئن.. الجوري
لهـذآ..الطرح..الأكثر..من..رآآ ئع
صآحب..الحضور..المتميز
والع ـطآء..الرآقي
دآآمت..إطلالتكـ..في..منتدآآن ا
ودي..و..وردي
لكـً
خليجية



شكرلكم



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.