كل صباح يستقيظ " حمادة" على صوت عم " حمامة" الذي يأتى كل يوم إلى شارعهم ليحقق لهم أحلامهم مهما كانت كبيرة أو صغيرة . ينهض "حماده" من فراشه مسرعا نحو النافذة المطلة على الشارع … ينفض عن عينيه لُباب النوم بفركهما بقوة ثم يجلس مستمتعاً برؤية عم " حمامة" ومن حوله أطفال الشارع وأطفال الشوارع المجاورة يشترون منه أحلامهم الخضراء بقروشهم القليلة التي تعينه على شظف الحياة وتحميه هو وأطفاله الصغار من أهوال الدهر ونوائبه. وجوه الأطفال دائما بشوشة وتعلوها مسحة من الفرح العارم كلما حقق عم " حمامة" حلماً من أحلامهم ، الأطفال تستريح كثيراً لعم " حمامة " ويسعدون كثيراً بالوقت الذي يقضونه معه فهو رجل طيب القلب … نقي السريرة … ووجهه رائق وملامحه تغرف من لون طمي النيل بغير حساب. يبذل عم " حمامة" قصارى جهده في تحقيق أحلام الأطفال … في كل مرة يحقق فيها عم "حمامة" حلماً لأحد الأطفال يشعر بسعادة جارفة وفى كل مرة يعدهم بأنه سيحضر لهم المرة القادمة الكثير من المفاجآت ودائماً يفي بوعوده لهم؛ فطوال سنوات طويلة لم يتخلف عم"حمامة" عن الحضور إلى الشارع ليحقق أحلام الأطفال الصغيرة بعرائسه الممتعة التي تحكي لهم الكثير والكثير من الحكايات المشوقة التي تشنف آذانهم الرقيقة فتحكي لهم العرائس الجميلة حكايات ألف ليلة وليلة والشاطر حسن وست الحسن والجمال وأمنا الغولة وعنترة بن شداد والناصر صلاح الدين وانتصاره على الصليبيين وتحرير القدس الشريف تلك الحكاية التي يظل الأطفال يطلبونها من عم"حمامة" ومن عرائسه بمجرد أن تنتهي، فكل طفل من أطفال الشارع يرى نفسه صلاح الدين ويتمنى أن يكون في نفس قوته وشجاعته وبسالته وخاصة "حمادة" الذي يظل طول الليل يحلم بأنه يقود الجيوش ليطرد الأعداء من أرض الوطن الطاهرة. يظل "حمادة" في مكانه المفضل يطل من النافذة المطلة على الشارع مصوباً ناظريه نحو عم "حمامة" وحكاياته المدهشة ويظل هكذا حتى نهاية النهار ورحيل الشمس التي يرحل معها عم"حمامة" عائداً إلى منزله وأولاده الذين كانوا دائما موضع حسد "حماده" على أبيهم الرائع وحكاياته الجميلة حتى إنه لا ينتبه إلى دعوة أمه المستمرة لتناول الطعام الذي كان لا يتناوله إلا بعد أن يرحل عم "حمامة" عن الشارع. نبت الحلم ذات يوم في قلب "حمادة" الصغير وظل الحلم يكبر ويكبر مع الأيام ولكن كلما عزم "حمادة" على النزول لكي يحقق "حمامة" حلمه الصغير يتحسس جيبه الخالي من أي نقود ويتراجع عن النزول خوفاً من رفض عم "حمامة" أن يحقق له حلمه الكبير، على الرغم من طيبة قلب عم "حمامة" وأنه لا يحرج أي طفل ولم يفعل هذا الموقف مع أي طفل غيره ولكن خجله وحمرة خدوده البضة حالا بينه وبين النزول إلى عم "حمامة" ليحقق له حلمه وكان يواسى نفسه بأنه من الممكن أن يكون حلمه أكبر من قدرة عم "حمامة" على تحقيقه. في المساء وبعد أن يرحل عم "حمامة" عائداً إلى منزله وإلى أطفاله الصغار ينزل "حمادة" إلى الشارع ويجلس مع أصحابه يتبادلون النوادر والحكايات والأحلام التي استطاع عم "حمامة" أن يحققها لهم طيلة النهار فهذا "منصور" ابن عم" حامد البقال كان يحلم بأن يمتلك دراجة فحقق له عم "حمامة" حلمه حين قام هو وعرائسه بتمثيل مسرحية الدراجة وتخيل "منصور" معهم أنه يمتلك دراجة ولقد تحقق الحلم بالفعل عندما نجح "منصور" في اجتياز امتحان الشهادة الابتدائية حيث اشترى له أبوه دراجة صغيرة هدية نجاحه وظل "منصور" يركبها قاطعاً الشارع ذهاباً وإياباً وهو يشدو بصوته الخشن ( بابا جي أمتي … جي الساعة ستة … راكب والا ماشى … راكب بسكلتة…حمرا ولا بيضا… بيضا زي القشدة … وسعوا له السكة واضربوا له سلام … دا العساكر ورا والضباط قدام). أوقف "حمادة" "منصور" وقال له : – هل حصلت على الدراجة لأنك نجحت في الامتحان أم لأن عم "حمامة" حقق لك الحلم أولاً؟. ضحك "منصور" وقال: – عم "حمامة" لا يبيع الدراجات ولا يمتلك حتى ثمنها هو يحقق لك حلمك داخل صندوقه العجيب فقط وليس في الحقيقة. تتعالى الضحكات والصيحات بين الأصحاب الذين يستمرون في سرد النوادر والحكايات والأحلام التي يحققها لهم عم "حمامة" فيتحدث "مقار عاطف" ويقول: – أنا كان عندي حلم كبير. رد الجميع في صوت واحد: – ما هو … ما هو حلمك الكبير يا مقار؟!. رد مقار بسرعة وقال: – دائما كنت أحلم بأن أمتلك كمبيوتر في البيت فأنا أحب الكمبيوتر حباً كبيراً لأن عليه الكثير والكثير من الألعاب الشيقة والممتعة. سأله "حمادة" باندهاش: – وهل لا يوجد في الكمبيوتر إلا الألعاب الشيقة والممتعة فقط؟. رد مقار وقال له : – لا بل الكمبيوتر مفيد في أشياء كثيرة أسمع أبي وعمي دائما يتحدثان عنها ولكن أنا قلت أسباب حبي للكمبيوتر و… "حمادة" مقاطعاً: – المهم هل حقق لك عم "حمامة" حلمك الكبير هذا؟. قال مقار في هدوء عجيب : – نعم ولكنه طلب مني نقوداً أكثر من النقود التي طلبها من "منصور" لكي يحقق له حلم الدرجة. – ولماذا طلب منك يا "مقار" عم "حمامة" نقوداً أكثر مما طلب من "منصور"؟، أليست الأحلام كلها واحدة وسعرها كله واحد؟. رد "مقار" بنفس هدوئه: – قال لي عم "حمامة" إنه لكي يحقق حلمي لابد أن يعطى "فرح" النجار هذه النقود الزائدة حتى يصنع له كمبيوتر من الخشب يستخدمه في عرض مسرحية تحقق حلم الكمبيوتر مع عرائسه. قال "حمادة" بلهفة: – وهل أنت تمتلك الآن كمبيوتر يا "مقار"…؟. قال "مقار" ضاحكاً: – لقد قال لك "منصور" منذ قليل إن عم "حمامة" لا يمتلك هذه الأشياء لكي يبيعها لنا لكنه فقط يحقق لنا أحلامنا داخل صندوقه العجيب ومع ذلك فإن بابا "عاطف" وعدني بأنه سوف يشتري لي الكمبيوتر عندما أنجح العام القادم. صاحت "هدى" بعد أن انتهى "مقار" من حكايته قائلة: – إنني الوحيدة التي حقق لها عم "حمامة" حلمها على أرض الواقع. صاح الجميع في صوت واحد: – كيف؟، كيف يا هدى استطاع عم "حمامة" أن يحقق لك حلمك على أرض الواقع؟. قالت "هدى": – لقد كنت أحلم بأن يكون عندي عروسة تفتح عينيها ثم تغلقهما وتقول (بابا – ماما) مثل العروسة التي كانت تمتلكها "ريتا" ابنة زوج أمك يا "حمادة" وعندما لم يكن معي النقود التي طلبها عم "حمامة" قال لي لا أقلق فدفع النقود المتبقية من جيبه الخاص واشترى العروسة التي حلمت كثيرا بأن تكون معي حتى لا أتوسل كثيراً لريتا حتى تُلعبني معها وكانت ترفض بشدة وتغيظني بالعروسة التي معها، الآن أنا معي واحدة مثلها بالضبط ولا يوجد أحد أفضل من أحد. قال "حمادة" بحزن: – أتمنى ألا تكوني قد حزنت يا هدى من موقف ريتا أنت تعلمين أنه بعد وفاة والدي وسيطرة ذلك الغريب على منزلنا وعلى أمي لا أملك أن أصنع معه أو مع أولاده الحاقدين أي شيء. قالت هدى وهي تحاول أن تخفف من وقع الكلام والذكرى على صديقها "حمادة": – ماذا تقول يا "حمادة" أنا لا أكره أحداً ولا أكن إلا كل رحمة ومودة للجميع وبعد ما ذنبك أنت؟. كان "حمادة" ينصت بشدة لكلام أصحابه وتزيغ عيناه كلما كانت تدور بينهم سيرة زوج أمه فقد ذاق هو وأمه وإخوته الكثير من العذاب والأهوال على يد هذا الرجل القاسي القلب الغليظ المشاعر… لا يعرف من أين أتاهم؟ ولماذا اصطفاه أبوه المسكين لكي يكون صديقه الصدوق؟ فقد غزل حول أبوه المسكين خيوط شباكه العنكبوتية وسقط أبوه الطيب القلب النقي السريرة في هذا الشرك اللعين الذي نصبه له هذا الرجل حتى أغرقه في الديون وأشياء كثيرة لم يستوعبها عقله الصغير، ومن فرط ما أصاب أباه من ألاعيب هذا الماكر الذي يدعى "سمحون" وهن قلب أبيه الأبيض ومات حسرة وكمدا على ما آل إليه حاله وحال أسرته التي كانت يوماً ما سعيدة . ولم تمر أيام على وفاة أبيه حتى سارع "سمحون" بالاستيلاء على كل ما يمتلكونه: الأرض التي ورثها أبوه عن آبائه وأجداده والمنزل الذي كانوا يعيشون فيه وحتى أمه لم يرحمها واستولى عليها تحت خديعة الزواج ومصلحة الأبناء الثلاثة. أفاق "حمادة" على صوت أصحابه وهم يقولون له: – وأنت يا "حمادة" بماذا تحلم؟. ذرفت دمعة ساخنة من عيني "حمادة" رغماً عنه وهو يقول: – أنا ليس لي أحلام. ردت عليه "هدى" بسرعة وقالت : – أكيد لك حلم يا "حمادة" فكل واحد منا لكي يعيش لابد أن يكون له أحلامه التي يسعى لتحقيقها، ولكن يبدو أن حلمك كبير جداً ويصعب تحقيقه. لم يشأ "حمادة" أن يرد عليها وترك أصدقاءه وعاد مسرعاً إلى المنزل وقرر بينه وبين نفسه أنه لابد أن يحقق حلمه الكبير ولو كان تحقيقه في صندوق عم "حمامة" العجيب فقط، ورغم أن زوج أمه "سمحون" لا يعامله هو وإخوته مثلما يعامل ولديه ريتا وديفيد، ولا يعطيه مصروفه اليومي إلا أنه قرر التعاون مع إخوته حتى يحققوا حلمهم الكبير، فقرروا التخلي عن الكثير من عاداتهم اليومية حتى يستطيعوا أن يدخروا من القروش القليلة التي تمنحهم إياها أمهم خلسة حتى لا يثور عليها ذلك الرجل البغيض "سمحون"، فكان القرار الأول التخلي عن شراء الحلوى التي يحبونها كثيرا كما يجب أن يذهبوا إلى مدارسهم سيراً على الأقدام بدلا من ركوب السيارة وألا ينفقوا أي قرش من قروشهم القليلة إلا في حالات الضرورة القصوى فقط وأن يدخروا هذه القروش حتى يستطيعوا إكمال المبلغ المطلوب لعم "حمامة" حتى يحقق لهم حلمهم الكبير بطرد ذلك الرجل البغيض هو وأولاده من منزلهم حتى يستطيعوا أن ينعموا به وبحياتهم الخاصة دون وجود هؤلاء الغرباء وسطهم. مرت الأيام وراء الأيام حتى استطاع "حمادة" هو وإخوته ادخار المبلغ المطلوب لتحقيق حلمهم وكانت سعادة كبيرة تغمرهم ففي الصباح سوف يحققون حلمهم على يد عم "حمامة"… في الصباح استيقظ "حمادة" وإخوته وهرعوا مسرعين نحو النافذة حتى ينتظروا وصول عم "حمامة" ليحقق لهم الحلم ولكن مرت الساعة تلو الساعة وبعدها مرت الساعات ولم يأت عم"حمامة" … ظلوا واقفين في النافذة منتظرين وصول عم "حمامة" حتى جاء عليهم الليل وكادت الدهشة والحيرة واليأس تنال منهم حتى كان "منصور" يمر من أسفل النافذة فسألوه عن غياب عم "حمامة" العجيب فقال لهم إن عم "حمامة" مات صباح اليوم. حزن "حمادة" وإخوته حزناً شديداً على وفاة عم "حمامة" وضياع حلمهم وظلوا هكذا أياماً كانت تمر عليهم بطيئة جداً حتى كان صباح استيقظ فيه "حمادة" هو وإخوته على صوت يشبه كثيراً صوت عم "حمامة" ينادي مثله على تحقيق الأحلام للأطفال والأغرب أن معه نفس صندوق عم "حمامة" العجيب ، وعندما سألوا عنه عرفوا أن هذا الشاب اليافع هو "زغلول" الابن الأكبر لعم "حمامة" حيث قرر استكمال مسيرة أبيه في تحقيق أحلام الأطفال.. بسرعة البرق خطف "حمادة" هو وإخوته النقود التي ادخروها وهرولوا إلى الشارع لعل "زغلول" يحقق حلمهم الذي استعصى عليهم أياماً طوال
مشكورة
تسلمي حبيبتي قصة روعة
مشكورة حبيبتى على القصة الرائعة اتمنى ان تكاملى باقى القصة يا ام حبيبة(:0152: ) بحبك فى الله تسلم يدايك بلييييييييييززززززززززز :sdfsg: كاملى القصة عايزة اعرف باقى بائع الاحلام
قصــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــةممتعه تسلميـــــــــــــــــــــــــ ــــــــن يالغلا