العلاقة الزوجية الناجحة من أهم أسباب سعادة الزوجين واستقرارهما، ومصدر خير لهما ولمجتمع من حولهما، ولذا فإنها تستحق منا أن نوليها من العناية والرعاية ما تستحقه.
ورغم أن أي علاقة بين طرفين يتحق نجاحها واستمرارها بدعم من هذين الطرفين، إلا أن المسلمة التي تعرف حق ربها وزوجها ستبقى هي الطرف الأحرص والأقدر على الارتقاء بنفسها وبأسرتها إلى الآفاق الأكثر سموًا شعورًا وسلوكًا؛ يحدوها إلى ذلك علمها بقوله تعالى: "قد أفلح من زكاها"[الشمس:9]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة مات وزوجها عنها راض دخلت الجنة"[رواه الترمذي وابن ماجه]، كما أنها تعلم أن الزوجة هي ربة البيت وملكته، ومسؤوليتها في رعايته، والعناية به، والارتقاء به- هي من ألزم واجباتها، وأكثرها أهمية، وأبعدها أثرًا في رضا ربها ومن ثم زوجها، وضمانة أكيدة لتماسك أسرتها وصلاحها، قال صلى الله عليه وسلم: "و راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها"[ متفق عليه].
ولكن إذا كنا نتحدث عن تميزٍ ما نَنشده، وسعادة أكبر، ومزيج من وهج الهناءة والتألق في علاقتنا الزوجية، فهذا يتطلب منها مزيدًا من البذل والعلم.
إذ كلنا نعلم، أو ربما يسمع، عن كثير من تلك العلاقات الزوجية التي كانت متوهجة متنعمة، فانطفأت وهجها، وكانت ممتلئة حيوية وحبورًا، فغَدتْ خالية الوفاض منهما، ذلك أن مضي الحياة الزوجية على وتيرة واحدة يولد الملل، حيث لا جديد يستحق الاهتمام، فيحصل مع مرور الوقت لدى الزوجين درجة من التشبُّع، فكل منهما عرف الآخر معرفة كاملة، فيصل الزوج إلى قناعة بعدم جدوى النقاش أو النصيحة؛ لعلمه سلفًا بحدود زوجته المعرفية، وطاقتها الثقافية، فيصبح التصلب والصمت هما سيد الموقف، ويرى الزوج أن السكوت أجدَى عليه من حديث يدرك أبعاده ومنتهاه، بل وربما انعدام جدواه، حتى ولو كان محتاجًا للرأي والمشورة، أو استلهام حلول لمشكلة تؤرقه، أو انسجام تفاعلي يلائم مستواه الثقافي المعرفي، ولا شك أن هذا الصمت سيُفسر من قبل الزوجة بتفسيرات لعل أقلها سوءًا لن يكون جيدًا في انعكاساته على راحتها النفسية، فضلاً عن تفجيره للعدي من المشاكل التي ليس لها من مسوغ معقول أو مقبول.
وليس من دواء أنجع ولا أنجح لمثل هذه الحالات إلا أن تعلو قدرة أحد الطرفين على استشراف وملامسة آفاق الطرف الآخر، وإثارة شهيته وإعجابه؛ للانطلق به إلى حيث يحب ويرضى.
أو بمعنى أخص، وهو ما يهمنا هنا، أن تثبت الزوجة أن إمكانيات التجديد والتغيير ما زالت موجودة، وأن قدرتها على الإبداع لم تَجِفّ بعدُ، ويتجسد هذا في مقدرتها على إتحاف الزوج ومفاجأته بين كل حين وآخر بتغييرٍ ما في رأيها، أو مواقفها، أو تفسيرها تجاه بعض المسائل أو الأشخاص أو العادات نحو الأفضل والأجود .
وثقي بأنك إن جربت هذا الأمر وأَشَعْتِه في حياتك الأسرية، فسوف تشعرين بأنك تولدين من جديد، وستلوح لك في الأفق طيوف عيش مختلف أكثر إشراقًا وتجديدًا، وحيوية وسعادة.
خطوات عملية لحياة أنضر وأسعد:
ولتحقي ما سبق يمكنك البدء التدريجي في الاستفادة من الإرشادات التي نوردها في النقاط التالية:
1- القراءة أفضل بداية:
قال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق"[ العلق:1 ] فالقراءة نعمة عظيمة، وهي من أعظم وسائل تكوين المعرفة الإنسانية، وأفضل طريقة لتحسين التفكير، وإمداد القارئ بأمداء لا محدودة من القدرات العقلية والروحية، ولا يتأتى هذا للزوجة المسلمة بالقراءة في مجال واحد، بل تفتح نوافذ فكرها وعقلها، لتقرأ في شتى الكتب والمجلات العلمية والأدبية والثقافية، لتُلمَّ من كل شيء بطرف، ما يوسع أفقها، وينشط ذهنها، وينمي ملكاتها، وسيكون من نافلة القول هنا التنبيه إلى أهمية تكوين مكتبة في المنزل تضم طائفة نافعة من الكتب والمجلات النافعة والمسلية في ألوان مختلفة من المعارف.
ولئن كانت القراءة المتنوعة مهمة، فإن متابعة الجديد من الأخبار والمبتكرات يعد رافدًا حيويًّا في بناء شخصية المسلمة المثقفة، فمثل هذه الأمور تشكل وعيًا أعمق، ومعرفة أكثر، وفرصة أوسع لحديث نافع وجديد، وربما مبهر، كما أنه يعد وسيلة لاكتشاف إمكانات مخبوءة لديك تستطيعين بها إسعاد الزوج، أو مَن يَهُمُّه أمرهم، وسيكون من أسباب سعادة كثير من الأزواج أن يجدوا لدى زوجاتهم المعرفة بآخر الأحداث، والقدرة على تلخيصها بشكل جيد، والوعي بمضامينها، ما ينعكس إيجابًا بمزيد من الثقة والتقدير، والشعور بالتأنق لدى الطرفين، ويمكن للزوجة أن تحق ذلك من خلال:
أ- متابعة نشرة إخبارية يوميًا قبل رجوع الزوج من العمل، وتلخيصها سواء بالكتابة أو حفظًا.
ب- متابعة بعض البرامج الثقافية الجادة والهادفة التي تتناول أحدث القضايا بأسلوب علمي، بحسب المتاح من وقتها.
ج- الاشتراك في مجلة ثقافية علمية أدبية، شهرية أو أسبوعية، أو استعارتها من بعض الصديقات أو الجيران.
د- الاطلاع على أحدث خطوط الموضة وفنون الطهي، وأحدث المبتكرات والاختراعات، والاستفادة من الملائم منها.
2– الاستفادة من التقنيات المعاصرة:
تعد القدرة على استخدام التقنيات الحديثة وتطبيقاتها إحدى أهم العلامات التي تميز الإنسان العصري عمومًا، والمثقف خاصة، وبالتالي فإن جهل الزوجة المسلمة العصرية بإمكانات وبعض استخدامات الحاسوب والإنترنت، ستكون دليلاً على تأخرها عن ركب عصرها، كيف لا وقد صار الأطفال دون السابعة قادرين على استخدام الكثير بعض هذه التقنيات، والتفاعل معها بسهولة ويسر؟!
ولست أعني بالقدرة هنا أن تتعلمي التعامل مع هذه التقنيات- أيًّا كانت- لمجرد التعرف عليها، وإمكان استخدامها فقط، بل المراد أن تتفاعلي معها في حدود المستطاع؛ للاستفدة من إمكاناتها الهائلة وقدراتها الامحدودة في تعلم كل جديد، واكتشاف كل مفيد ما أمكنك ذلك، لتنفعي نفسك وأسرتك، وتكوني مهيأة دائمًا لإفادة زوجك، أو استكمال ما يبدو لك من نقص في معارفك حول بعض القضايا أو الأحداث، فتبقي بذلك على صلة دائمة بجديد عصرك ومستجداته، مما يمنحك تألقًا مستمرًا، وتجددًا دائمًا في عيون زوجك وعقله.
وقد تعددت مراكز التدريب والتطوير والتعليم، فمهما أمكنك أن تضيفي جديدًا إلى مهاراتك وخبراتك فافعلي، ومن ذلك مثلاً:
أ- الانتظام في دورة لتعلُّم تطبيقات الكمبيوتر.
ب- الالتحاق بدورة لاكتساب مهارات التعامل مع شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، والاستفادة منها.
ج- الإلمام بلغة أجنبية سواء عن طريق الالتحاق بمعهد خاص، أو دورة ما، أو أقراص CD، أو سوى ذلك من الوسائل المتاحة.
د- متابعة الدورات التي تعنى بتربية الأولاد، وأفضل الطرق لتعليمهم، وتنمية مهاراتهم، واكتشاف قدراتهم واستثمارها.
3- الاستشارة إنارة:
مهما زادت قدرتنا على الاطلاع والقراءة والفهم، فإن نظرتنا للأمور ستبقى جزئية، وسيبقى إدراكنا لها منقوصًا لأسباب عديدة، بعضها موضوعي، لكن لكي تكون نظرتنا أشمل، وفجوة النقص أضيق، ينبغي أن نستخير، لأن العلم المطلق بما فيه المصلحة والخير هو لله وحده، كما أن علينا أن نستشير، لأن فوق كل ذي علم عليم، وصدقت الحكمة القائلة: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
ولعل هذا ما يفسر لنا سر الشعور بالحاجة الدائمة إلى من يساعدنا على تكوين رؤية أعمق وأشمل لما يجري من حولنا، أو لما يصيبنا نحن أنفسنا من حيرة، أو إحباط، أو انعدام اتزان في بعض الظروف والأحوال، وهذا في الحقيقة لا يتم بكثرة سماع الأخبار، أو القراءة، وإنما من خلال ما توفره الخبرات العميقة لدى أولئك الأشخاص الذين يتميزون بأنهم أكثر خبرة، وأعمق فكرًا، وأنضج فهمًا، وهذا ما يعني ألاَّ نكف أبدًا عن استشارة الأعلم والأكثر خبرة، خاصة فيما يتعلق بأسرار النجاح، وفيما يُشكل علينا من الأمور، ويُعين على توفير بعض المعلومات حول بعض القضايا.
4- حضور الندوات والمحاضرات:
يمثل حضور بعض الندوات أو المحاضرات المتعلقة بقضية من القضايا أو مسألة ما، أحد عوامل إزالة الغموض الذي يكتنف هذه القضية أو المسألة، ورؤية الأبعاد المختلفة لها، والعلاقات المتشابكة بينها وبين قضية أخرى، ما يشكل لعقولنا وعينا حماية من نظرة البعد الواحد، أو الاستسلام لسلطان الشائعات، أو الظن والهوى في التعامل مع هذه القضية أو تلك المسألة، وسيكون من المفيد في هذا الصد التركيز على الندوات والمحاضرات التي تولي عناية خاصة للعلاقت الزوجية، وكيفية التعامل مع الزوج، فمن غير المقبول أو المعقول أن تفقه الزوجة المُسلمة الكثير من الأمور والشؤون، ولا يكون في مقدمة ذلك وفي أولويته علاقتها الدائمة بزوجها، وأسباب نجاحها، وهي مسؤوليتها الأولى، واجبها الأول والألزم شرعًا وعُرفًا.
يعطيك آلف عافية اخ
تي علآ المَجهُود الرائِعْ ~موضوع في غايةً الاناقة و الآبداعْ … والتميز.. ومنتقى بعناية
يسلمو