التصنيفات
التعامل مع الزوج و العلاقة الزوجية

خُلق الصبر بين الأزواج

خُلق الصبر بين الأزواج

خلق الله تعالى لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة، غير أن العشرة الطويلة بين الأنفس، قد تعتريها صعوبات، وتكدّر صفوها مشكلات. لهذا دعا الإسلام إلى حُسن الخلق بين الزوجين.

ومن ذلك الصبر والعفو والتفاضي عن الهفوات والزلات، التي لا تخل بدين ولا مروءة.

الصبر هو مفتاح حُسن العشرة بين الزوجين، لأنه لا يوجد إنسان مبرأ من كل عيب ونقص. فالرجل قد يرى من خُلق زوجته ما لا يحب، و ربما تجد في سلوك زوجها ما لا ترضى، فإن كانت في حقيقتها أموراً محتملة، فمن الأولى الصبر عليها وغض الطرف عنها والنظر إلى غيرها من صفات حميدة وطباع إيجابية لدى الشريك، مع العمل على إصلاح نفسه وتزكيتها بأناة ورفق.

أن الأسرة، هي اللبنة الأولى في المجتمع، وبقدر ما تكون الأسرة متماسكة متآلفة يتحقق للمجتمع الاستقرار وصلاح الحال. ولذا كان الإسلام حريصاً على كيان الأسرة، ورعاها وأحاطها بمجموعة من التشريعات، التي من شأنها أن تعزز بنيانها، وتحميها من التصدع، ولتبقى الأسرة هي المحضن الدافئ لكل من الرجل و، تتحقق في ربوعها المودة والرحمة، تحقيقاً لقول الله تعلى في (سورة الروم الآية 21) (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

ومن التشريعات التي تضمن سلامة الأسرة خُلق الصبر، فالصبر خلق إسلامي نبوي قرآني، تضافرت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الحث عليه، فمنها نصوص آمرة بالصبر، ونصوص تذكر فضله وترغّب فيه، ونصوص أخرى تنهى عن ترك الصبر والوقوع في العجلة والاندفاع.

– الصبر خُلق جامع:
الصبر خُلق جامع لكثير من الفضائل، ولِما له من أهمية بالغة في حياة المسلم، فقد ذكره الله في كتابه في أكثر من سبعين موضعاً. وقد وردت في تعريف خلق الصبر اجتهادات وأقوال كثيرة، قال الجاحظ: الصبر عند الشدائد خلق مركّب من الوقار والشجاعة. وقال المناوي: الصبر قوة مقاومة الأهوال والآلام الحسية والعقلية. وقال الفيروز آبادي، وهو يعدد معاني الصبر: ربما خولف بين أسمائه، أي أسماء الصبر، بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النّفس لمصيبة سُمي صبراًَ، وإن كان في محاربة سُمي شجاعة، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتماناً، وإن كان عن فضول العيش سمي زهداً، وإن كان عن شهوة الفرج سمي عفة، وإن كان عن شهوة طعام سُمي شرف نفس، وإن كان عن إجابة داعي الغضب سمي حلماً. والاسم الجامع لذلك كله هو الصبر.

– صبر وأجر:
وإذا كان الإسلام قد حث على الصبر عموماً، فلا شك في أن الزوجين أحوج ما يكونان إلى هذا الخُلق، لأنهما يعيشان مع بعضهما ليلاً ونهاراً، وفي جميع الحالات، في الشدة والرخاء، في العسر واليسر، في الصحة والمرض، في حال إقبال النفس وسعادتها وفي حال إدبارها وتشوشها: وإذا فُقد الصبر بين الزوجين لن تستقيم لهما حال، ولن يهدأ لهما بال.

ولذا أرشد النبي الكريم(ص) الرجال قائلاً: "إن المراة خُلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".

وفي هذا إرشاد من النبي(ص) للرجل أن يصبر على زوجته، لأنه يعتري من الأمور ما يجعلها متغيرة المزاج من وقت إلى وقت، فهي لن تدوم على حال، فلابدّ للرجل أن يتفهم ذلك، وأن يكون واسع الصدر في التعامل معها.

ويرشد النبي(ص) الرجال إلى أن ينظروا إلى الجوانب الإيجابية في ، فما من رجل ولا امرأة إلا وفيه الحُسن والقبيح، وفيه الأخلاق الإيجابية، والأخلاق السلبية. فإذا كان كل من الزوجين لا ينظر إلى جانب القصور والنقص في الآخر، فسيدعوه ذلك إلى التعامل السلبي.
فعن أبي هريرة عنه قال: قال رسول الله(ص): "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر". وفي قوله عليه الصلاة والسلام: "لايفرك مؤمن" نهي للرجل عن بغضِ ، لأنه إن وجد فيها خلقاً يكرهه، فقد يجد فيها أخلاقاً كثيرة مُرضية، كأن تكون شرسةَ الخلق، لكنها ذات دين أو جميلة أو عفيفة أو رفيقةً به أو نحو ذلك.

وكما أرشد النبي(ص) الرجال بمقاله، فقد أرشدهم بحاله، فكان (ص) لطيفاً في تعامله مع أهله، فقال (ص): "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، فجعل النبي(ص) علامة خيرية الرجل أن يكون خيراً مع أهله. وقال (ص): "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله".
وفي المقابل أرشد الله تعالى إلى الصبر على زوجها، ووعدها على طاعته بالجنة، قال (ص): "إذا صلت خَمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة.

وعن الحصين بن محصن، أن عمة له أتت النبي(ص) في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي(ص): "أذات زوج أنت؟ "قالت: نعم. قال: "كيف أنت له؟" قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. فقال (ص): "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك".

وإذا تذكر الزوج والزوجة قول الله سبحانه وتعالى في (الآية 96 من سورة النحل) (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وقوله تعالى في (الآية 10 من سورة الزمر) (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، لم يتسرعا في الخصام، وتلمّس كل منهما جوانب الحسنِ في صاحبه.
فينبغي للمرأة أن تسعى إلى توفير الجو المناسب للحياة الزوجية السعيدة، وأن تخلص البيت من كل ما يمكن أن يثير النزاع والخلاف، وأن تتعاون مع زوجها على تحقيق أسباب الاستقرار والراحة.

– مقابلة الإساءة بالإحسان:
على كلٍّ من الزوجين قبل أن ينظر إلى التقصير، الذي صدر عن شريكه، أن ينظر إلى القصور الذي في ذاته، وإلى تقصيره في حق غيره. ومن الصبر المحمود أن يُصَبّر الإنسان نفسه على بعض حقوقه، فإذا أدى الزوج أو الزوجة الحقوق التي عليه للطرف الآخر، فإن عليه أن لا يبالغ في المطالبة بحقوقه، فإن الحياة الزوجة لا تقوم إلا على مبدأ التغاضي عن الهفوات، والمسامحة في ما ظهر من الزلات. فالحياة بين الزوجين ينبغي أن يغمرها التسامح والمحبة والمودة، وبذلك تحسّن العشرة.

وينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين مبنية أيضاً على مبدأ مقابلة الإساءة بالإحسان، يقول الله تعالى في (الآية 34 من سورة فصلت) (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فإذا دُفِعَت السيئة بالحسنة صار عدوك، الذي أساء إليك، صديقاً صادقاً، لأن من شأن النفوس الكريمة أنها تحب من أحسن إليها، ومن عفا عنها، ومن قابل شرها بالخير، ومنعها بالعطاء.

وأخيراً تجدر الإشارة إلى الحث على الصبر، لا يعني الوقوف بسلبية أمام الإشكالات والنزاعات الزوجية، بل ينبغي أن يترقى الزوجان في مهارات التعامل، والرقي بالذات، والسعي الجاد في معالجة القضايا التي تهدد كيان الأسرة، من خلال تدارسها وبحثها مع ذوي الاختصاص.




خليجية



حبيبتي ميرووو

خليجية




خليجية



خليجية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.