هل فكرت يوما أن الملابس التى ترتديها ربما تكون خطرا على صحتك ؟ ربما لا يهم الكثيرين جودة الخامات التى صنعت منها ملابسهم بقدر ما يهمهم سعرها.. وقد تلقى الألياف الصناعية رواجا من هذه الناحية..
لكن هل تعلم أنها قد تسبب لك الحساسية والبقع الجلدية، حيث تحتوى منسوجاتها على مواد صبغية يمكن أن تؤدى إلى تهيج الجلد وحدوث اضطرابات فى الخلايا الصبغية به، إلى جانب إضافة بعض المصانع مواد مقاومة للحشرات تسبب الإكزيما، التى تحتاج فى علاجها إلى أخذ مضادات الحساسية ووضع الكريمات التى تحتوى مشتقات الكورتيزون.
حيث لا يوجد فى مصر سوى 15 شركة فقط حاصلة على معيار الجودة فى هذا المجال والمعروف بـ (الإيكو) من نحو 3000 شركة تعمل في مجال النسيج، لذلك بدأ الاتجاه لتقليل مخاطر هذه المنسوجات عن طريق الخلط بين الأنواع المختلفة من الخامات الطبيعية والصناعية للجمع بين مزايا كل منها وتقليل عيوبهما .
والخامات النسيجية المستخدمة في تصنيع الأقمشة تنقسم إلى ثلاثة أنواع من الخامات فهى:
خامات طبيعية، وخامات من ألياف صناعية، وكذلك خامات من ألياف طبيعية محورة، فبالنسبة للطبيعية تكون سليلوزية مثل القطن والكتان، أو بروتينية مثل الصوف والحرير الطبيعي وهذا النوع من الخامات يتميز بقابليته العالية لامتصاص الماء والعرق، والتهوية الجيدة، والمظهرية العالية ولكن يعانى من يرتديه من الكرمشة والتجعد ويحتاج إلى عناية خاصة في تنظيفه.
أما الخامات النسيجية من ألياف صناعية مثل البولي أيستر، والنايلون وهذه النوع من الخامات يتميز بالمتانة ويسهل الاعتناء به، أما عيوبه فهي سوء الامتصاص للماء والعرق، وقد تسبب أنواعا من حساسية الجلد والتعرض لشحنات كهروستاتيكية ضعيفة مع تهوية الملابس المصنوعة من مثل هذه الألياف. كما توجد أيضا الخامات المصنوعة من ألياف طبيعية محورة مثل الفسكوز والاسيتات.
ويقول الدكتور نبيل عبد الباسط رئيس شعبة الصناعات النسيجية بالمركز القومي للبحوث أنه بدأ الاتجاه لمحاولة الخلط بين هذه الأنواع من الخامات للجمع بين مزايا كل منها وتقليل العيوب، أو القيام بما يسمى التحوير الكيميائي، نظرا لقلة الألياف الطبيعية المطلوبة مقارنة بالزيادة السنوية للسكان.
وشدة الطلب على المنتجات المصنعة من ألياف طبيعية ولصعوبة التعامل مع الألياف الصناعية فقط لمواجهة نقص الخامات الطبيعية، ومحاولة الحصول على منتج نهائي من نسيج جيد يشمل خصائص كل من الألياف الطبيعية والصناعية مثل الحصول على نسيج مكون من القطن مع البولى إيستر أو العكس أو أي نوع آخر.
ومن العوامل التى تتوقف عليها نسبة الخلط بين المادتين ، هى درجة الحرارة والرطوبة واحتياجات المستهلكين، فالبلاد التى تتسم بارتفاع درجات الحرارة بها لابد أن تكون أقمشتها جيدة التهوية وتكون قابلة لامتصاص الماء وتحمي من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
ولكى يتم الحصول على منتج بمثل هذه المواصفات يتم إجراء معالجات كيميائية على الخامات المصنعة للحصول على المنتج النهائي، المواد الكيميائية المستخدمة يجب أن يتوافر فيها شرط التوافق البيئي من ناحية العاملين بها ودرجة تأثيرها في البيئة الخارجية من خلال أقل معدلات التلوث وأن يكون المنتج آمنا، وغير ضار بالمستهلك.
فهناك معايير بيئية دولية معمول بها في دول أوروبا ومتفق عليها وهى "إيكو 100" وهى معيار ألماني المنشأ ويشترط الحصول عليه للشركات التي ترغب في تصدير المنتج المحلى للأسواق الخارجية، لأن المنتج الذى يحمل هذه الشهادة تضمن أن المنتج النهائي المصنع يتوافق مع المعايير البيئية الصحية المطلوبة.
ويتم الحصول على هذه العلامة بتصريح خاص من مانحيها بعد المرور بعدد من الاختبارات والإجراءات الخاصة يتعرض لها المنتج وذلك كله على حساب طالب العلامة ويتم تجديد هذه العلامة سنويا لضمان الاستمرار.
ويلاحظ أنه يوجد فى مصر نحو 3000 شركة تعمل في مجال النسيج لم يحصل منها على هذه العلامة سوى 15 شركة فقط وذلك على مدار 4 سنوات من بداية التعامل معها، وتعتبر هذه النسبة ضعيفة جدا وتثير الشك في مدى سلامة وصلاحية الملابس المصنعة من مصانع لا تحمل هذه العلامة الدولية، وهذه النسبة الضئيلة أيضا تلفت النظر لحجم صادراتنا في مجال الأقمشة والتي تشير إلى أنها محدودة جدا بالرغم مما تشتهر به مصر من القطن عالي الجودة.
صحة الجلد
ويقول الدكتور محسن سليمان أستاذ الأمراض الجلدية بكلية طب قصر العينى: إن نوع الخامات التى تصنع منها المنسوجات من شأنه أن يؤثر على الجلد، فالمنسوجات القطنية تعد من أفضل المنسوجات التى تحافظ على صحة الجسم حيث إنها تحتفظ بالحرارة فهى لا تسبب حساسية.
كما أن الحرير يتميز أيضا بأنه من المنسوجات التى تتسم بسطحها الناعم، إلا أنه يمكن أن يسبب الحكة لدى الذين يعانون حساسية وراثية، وتوجد بعض المنسوجات ذات السطح الخشن مثل الصوف الذى يسبب هذه الحكة لدى البعض لذلك يفضل لمن يعانى الإكزيما الوراثية أو الحساسية الوراثية أن يتجنب ارتداء الملابس المصنوعة من هذا الصوف.
وتعد الألياف الصناعية مثل النايلون والبوليستر والتى تأتى من مشتقات البترول من المنسوجات التى تزيد معدل الحساسية بالجسم وتقلل كذلك من امتصاص العرق مما يؤدى إلى ظهور "حمو النيل" وكذلك ظهور حساسية تلامسية أو اكزيما تلامسية.
ويضيف الدكتور سليمان أن احتواء المنسوجات على مواد صبغية يمكن أن يؤدى إلى تهيج الجلد وحدوث اضطرابات فى الخلايا الصبغية التى تؤدى إلى ظهور بقع لونية به، فالملابس التى تصنع من ألوان فاتحة تساعد على انعكاس الضوء بينما التى تصنع من ألوان قاتمة مثل الأسود والكحلى يمكنها أن تمتص الضوء وتحوله إلى طاقة حرارية بالجسم تسبب حكة به.
كما أن بعض المصانع تضيف مواد حافظة مقاومة للحشرات خلال عمليات التشطيب للملابس، وهذه المواد تسبب حساسية واكزيما موضعية.
وينصح الدكتور سليمان بارتداء الأقطان والملابس ذات السطح الناعم للوقاية من الحساسية التى تبدأ بهرش وبقع حمراء والتى يمكن أن تؤدى خطورتها على الجلد إلى حويصلات مائية ولعلاج مثل هذه الحالات لابد أولا من تغيير نوع هذه الملابس والأقمشة، وأخذ مضادات الحساسية ووضع الكريمات التى تحتوى مشتقات الكورتيزون.